التصفيق
الخميس, 24 نوفمبر 2011 16:36

 

 عبدالله ولد محمدو ولد بيه

عرف التصفيق فيما قبل التاريخ وكان من الإشارات التي  سبقت الكلام وكانت له دلالات مغايرة للإعجاب الذي عرف به فى تاريخ البشرية وحتى يومنا هذا

فقد دلت البحوث والحفريات الأثرية  فى الحضارة المصرية القديمة على وجوده فى أجواء غناء ورقص

وهذه الصورة النمطية  للمصفقين الطفيليين عديمي المهارات كالرقص والغناء وليسوا من أهل الحظوة من مال وجاه

وكانت مشاركتهم تقتصر على التحفيز  ومع تطور البشرية ظهر جيل ثاني من المصفقين فى الحضارة اليونانية القديمة واستطاع أن يفرض أجرا له مقابل التحفيز وذلك بإندساسه فى الجمهور المشاهد للمسرحيات الرديئة فيقوم بالتصفيق لإظهار إعجابه بالعروض المسرحية والغنائية الرديئة

إلا أن الدفعة الكبرى لإمتهان فن التصفيق جاءت من نيرون طاغية روما فقد أجبر حاشيته على إبداع فنون وتقنيات التصفيق حتى يتمكنوا من مجاراة جنونه.

وانتقل التصفيق من شعب إلى آخر فقد ظهر ضمن الشعائر الدينية عند  العرب فى الجاهلية مرفوقا بالتصفير عند الطواف وفى فجر الإسلام كان المشركون يوشوشون به  على الرسول صلى الله عليه وسلم وفيهم

نزلت الآية " وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاء وَتَصْدِيَةً" الأنفال الآية 35

والمشهور عند أهل التفسير أن المكاء هو التصفير والتصدية هي التصفيق

فالتصفيق كان من سمات المشركين وحدد الإسلام لتنبيه الإمام داخل الصلاة بالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء

وقد وقف المصفقون فى وجه الدعوة الإسلامية لتشكيلها خطرا عليهم( المنافقين ) ولم تكن بلادنا إستثناء من هذا الصراع إلاأن الدعوة الإسلامية تمكنت من تحقيق إختراق فى منطقتنا فى القرن السابع ميلادي غير أن المصفقين وتماشيا مع فكرهم التشويشي فقد شوشوا  على روح الإسلام وسماحته وحقيقة التوحيد ومحاربة الشرك

وقد عانى أبناء الوطن الصادقين الجادين من سيطرة المصفقين على التوجهات العامة . 

حتى ظهور يحي بن إبراهيم الكدالي  والذي حاول التغلب عليهم فى البداية بالعلم مستعينا بعبدالله بن ياسين لكن قوة المصفقين إستعصت على الدعوة العلمية لإبن ياسين مما اضطره للهجرة إلى جزيرة تيدره ورب ضارة نافعة فقد التحق بهما الشباب ليتمكنوا من تأسيس حركة المرابطين فى القرن الحادى عشر والتى قضت على قوة المصفقين لفترة طويلة

وفي وضعية كالوضعية التى نعيشها اليوم بسبب إنتشار السلاح الليبي فى المنطقة بعد إنهيار نظام طرابلس صاحب التوجهات الأيدلوجية التصفيقية

وبعدسقوط بلاد الاندلس سنة 1492 عادت البلاد والمنطقة من جديد لتعانى من إنتشار المصفقين والفساد الناتج عنهم كماتوضح ذلك الرسالة المؤرخة فى نفس السنة من محمد بن علي اللمتوني إلى جلال الدين السيوطي يستفتيه فيها عن بعض النوازل والتي يغلب عليها صفات وتصرفات المصفقين  فقدد ورد فى الرسالة " ومنهم من حرفته أن يرمي عقله فيحعل نفسه كالمجنون فيضحك الناس به ومنهم من حرفته السؤال , ومنهم من حرفته أن يتزوج النساء الكثيرات الأموال ويعيش في رزقهن , ومنهم من حرفته أن يكون مع الامراء فيقضى للناس حوائجهم , ويعيش هناك , ومنهم من حرفته أن يعادى للناس أعداءهم ويحب لهم أحبتهم سواء كانوا على حق أوباطل..."  واستمر نفوذ المصفقين ومايسببه من تخلف حتى دخول البلاد تحت الإستعمار الفرنسي الذي عانى ضباط حملته من إرتماء المصفقين فى أحضانهم كماكتبوا فى بعض مذكراتهم مثل المقدم افرير جان

ويتضح من كل ماذكر إرتباط التصفيق بالظلم والخداع والغش والديكتاتورية وتضاده مع التقدم والعدالة والحرية.

وفى العصر الحديث للدولة الموريتانية نجح الحكام حسب بعدهم عن المصفقين ويحضرني المثل الفرنسي الشهير " يظل الطفل بريئا حتى يتعلم التصفيق"

فمن منا لايتذكر بداية الحكام بنواياهم التي تبد أ حسنة وتنتهي عادة تحت هيمنة المصفقين

ومن منا  ينسى خطاب النعمة التاريخي فى سنة 1985 للرئيس الموريتاني فى ذلك الوقت والذي أصبح عصره هو العصر الذهبي لإزدهارفكر التصفيق وتفرعه فقدكان الصفق للخصوم السياسيين حاضرا فى المعتقلات البوليسية والصفقات السياسية والإقتصادية  حسب معايير الزبونية والمحسوبية على عكس الإتفاقيات الموقعة مع البنك الدولي لتطبيق الرأسمالية كفكرإقتصادي إستبدله المصفقون بفكر عنقاوى تذكر إنجازاته ولاترى

فكما تصدى المصفقون للفكر العلمي لإبن ياسين  فإنهم هزموا الفكرالعلمي لأطروزارتي المالية والإقتصاد واستبدلت المشاريع التنموية والمؤسسات التجارية والمالية المحفزة لنموإقتصادي سليم بدكاكين رمضان والتى تحولت إلى دكاكين التضامن وظلت نموذجا للتنمية إلى يومنا وفى حملة محاربة الفساد تم إشراكها فقد تم الإعلان فى بعض المواقع الإلكترونية و  بطريقة تشبه عملية إعتقال القذافي أوصدام عن إعتقال مسير حانوت أوجفت وإنذار مسير حانوت فى أطار

وفى الإستماع إلى تفسير المصفقين إلى توسعة شبكة الطرق أخيرا, يخيل إلي أن الحديث عن طريق سريع للمطار عفوا إلى القمر,عجزت جميع الشركات الدولية عن إنجازه.

ومن العجيب أن توسعة شبكة الطرق فى نواكشوط غير مكتملة فهي بلا أرصفة ولامجارى لصرف مياه الأمطار وتفتقر إلى أدنى لوحة من لوحات إشارات المرور والعجب يزداد فى عملية تشجير حزام أخضر لمدينة نواكشوط

فكيف فشلت عملية التشجير مع وجود الأرض الخصبة والشجر والماء والتمويل لإتمام العملية

لا لسبب إلا لوجود التصفيق والمصفقين  فهم من أسباب البلاء وحبس الأمطار فهم سلالة فكر قابيل وفرعون والسامري   وخائن المسيح وابن سلول ,

 إن التصفيق هو جانب الشر فى وجدان البشرية.

 

عبدالله ولد محمدو ولدبيه

التصفيق

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox