ولد الحاج الشيخ: المنسقية "لن تزف عزيز لمحطة جديدة ينزل فيها طائرته المختطفة"
السبت, 03 أغسطس 2013 14:43

السراج : لنتحدث عن رمضان الحالي ما الذي يميزه برأيك عما سبقه من أعوام؟

الأستاذ محمد غلام ولد الجاج الشيخالأستاذ محمد غلام ولد الجاج الشيخ

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: يمكن القول إن كل لحظة من لحظات العبادة تقع في جزء من العمر يختلف عن الذي قبله، وتكتسي دلالة مغايرة أو مختلفة عن التي قبلها،وإذا أتى رمضان ضمن أحداث معينة، فتلك الأحداث تكسب رمضان جوا خصوصيا، رمضان هذا العام يأتي في ظل ميدان رابعة العدوية بما يعنيه من رمزية رابعة حيث ازدواج روح التحدي وروحانية المعرفة والتبتل وأعتقد أن هنالك لمسة خاصة في رمضان من اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والعودة إليه فهو أهل التقوى وأهل المغفرة.

السراج: هل تتذكرون رمضانكم الأول وكيف كان؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: كان رمضاني الأول الذي صمته في العاصمة نواكشوط في سنة 1985 مختلفا عما ألفته من قبل في الحوض الشرقي وخصوصا في منطقة تمبدغه، عندما كنت أرى المشقة بادية على الناس حيث يعودون من أعمالهم الشاقة في الرعي والتجارة وسائر المهن لا تكاد أقدامهم تحملهم، وقلوبهم تكاد أن تتفطر من شدة العطش، وكان الناس في تلك الفترة إذا أفطر الواحد منهم ينقض على الشرب خاصة الماء أو المذق فيشرب وفيرا حتى يسقط مغميا عليه أحيانا من شدة المشقة، ورغم ذلك كان يصوم.

ثم إن الإقبال على رمضان وملأ رياض المساجد من المصلين والعباد التالين أكثر الآن مما كان قبل، وكانت ظروف الدعوة أصعب وسبلها إلى الناس غير معبدة، وقد اختفت لحد كبير من نواكشوط مظاهر كانت سائدة في أواخر الثمانينيات حيث المطاعم تفتح أبوابها للمفطرين، وتعاطي المفطرات في الشارع كان سلوكا طبيعيا نهاية الثمانينيات وسنوات من التسعينيات

السراج: كيف كانت بدايتكم مع الفكرة الإسلامية؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: أنا نشأت في أسرة شديدة الالتزام إلى درجة اعتماد فقه الأحوطيات ولكن النقلة في حياتي كانت بعد ما قرأت ما تيسر من مكتبة الدعوة الإسلامية الحديثة  التي أضافت لي مفاهيم جديدة كالشمولية والوعي والإحساس بقضايا المسلمين وحمل فكرة واضحة ،ومنهاجا قابلا للتطبيق و للاستمرار و به تصبغ الحياة بمعالم الإسلام.

وأرى أنني مدين لمدرسة الأخوان المسلمين بما نلت من فهم وما اكتسبت من تصور فلقد نهلت من معين حسن البنا وسيد قطب ومحمد أحمد الراشد وعموم المفكرين من محمد عمارة إلى فهمي هويدي، وبعد ذلك  حاولت أن أوسع في القراءة حتى لغير الإسلاميين من المفكرين لأحصل على تصور واضح لما أرى أنه الوصفة الصحيحة لخروج الأمة من أمراض الاستبداد والتخلف.

السراج: من تتذكرون من رفاقكم الأول في نواكشوط؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: هنالك أوائل من حقهم علي أن أذكرهم، أول شخص سمعت عنده كلمة "الإخوان المسلمين" هو التاه ولد امين، فالتاه كان شابا من جماعة مسجد مصعب بتيارت في نفس الفترة 85-86، وكان إمامه الشيخ محمد لمين ولد امحود حادبا يومها على الدعوة و شبابها.

في تلك السنة أيضا كان أول لقاء لي مع الأخ الرئيس محمد جميل ولد منصور وهو يقدم درسا على ما أذكر في السيرة النبوية في مسجد مصعب بن عمير ولفت انتباهي هذا الشاب وهو يحاضر عن الهجرة بأسلوب عجيب وتأمل في دروس السيرة النبوية لم أسمعه من قبل, ثم تعرفت على مجموعة أخري من الشاب المتميز الذين كانوا يشرفون على العمل الإسلامي يومها "اكليكم"و الكاتب "عبد الله ولد ميارة "والرباني وأحمد ول اعلي .

من المشايخ الذين تأثرت بهم محمد فال ولد اشريف الطاهر صاحب مكتبة الايمان  محمد فال هذا لعب دورا أساسيا في نشر الصحوة الإسلامية فكانت له مكتبة صوتية هي الوحيدة في العاصمة نواكشوط، تقع  في وسط العاصمة وكان يبث منها شرائط الشيخ كشك وولد سيدي يحي، ضحوة ومساء وكان دائما يتجمهر أمامها الناس، لأن الشريط الإسلامي حينها نادر جدا.

محمد فال أول من أعارني كتب محمد الغزالي، ثم وجدت مجموعة من الكتب كتاب أو اثنين الدعوة الإسلامية فريضة وضرورة لعبد الله عزام، وبعد ذلك انتسبت لنادي مصعب بن عمير صحبت الأخ محفوظ ولد إدوم والشاعر الذين كانا من أنشط شباب الإخوانونادي مصعب ابن عمير يومها.

من أوائل من تأثرت بهم من الخطباء والمصلحين فضيلة الشيخ محمد ولد سيدي يحي أقولها بكل أمانة وأفتخر بالتلمذة عليه، ثم كشك رحمه الله والشيخ أحمد القطان، كما تأثرت بمحاضرات الشيخ محمد فاضل ولد محمد الأمين، الذي كانت له أشرطة ومحاضرات لا يوجد لها مثيل في قوة الإقناع بالطرح الإسلامي وكان الرجل يقدم بخلفية محظرية مقنعة بالنسبة لأبناء المحاظر مثلي، ثم هاجرت بعد وفاة والدي رحمه الله وما ترتب علي من مسؤولية الأسرة مما دفعني إلى الهجرة خارج موريتانيا سنة 09-09-1989

قدمت من موريتانيا وكانت قاحلة في مجال الكتب والمنشورات تركت هنا الشباب إذا كان عند أحدهم أعداد من مجلة المجتمع ولو لسنوات، أو مجلة الإصلاح يسافر إليه الآخرون من أقاصي العاصمة.

فجأة في دولة الإمارات بالمكتبات العامرة بالمنشور الإسلامي كتب وإعلاما فطفقت أشتري و أقرأ بنهم شديد حتى أنني انتبهت مرة إلى أنني لا أعرف معالم شارع يربط بين أبوظبي والعين كنت أسافر عبره أسبوعيا مرتين لأن القراءة كانت تشغلني

السراج: أين مرت عليكم أحداث 94 ؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: مرت علي في الخارج لكني أخذت إجازة اضطرارية أنا والأخ بوننه ولد احمد سالم وجئنا مع إطلاق الأخوة مباشرة وقد تشرفت أيامها بالخروج مع مجموعة من الإخوة في رحلات دعوية كانت تأكد على التشبث بالدعوة و الإصرار على العمل الإسلامي، وكانت هذه المجموعة بإدارة الأستاذ اسحاق ولد الكيحل الذي كان ينقلها في السيارة الوحيدة التي يملك أحد أفراد الحركة الإسلامية حينها، و كان الجو مشحونا ضد الإخوة نتيجة لوقع التصريحات والتشويه الإعلامي الذي صاحب الحملات الجهنمية التي قادها النظام.

السراج: هل تتذكرون أكثر المواقف إحراجا؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: عند دخولي الأول إلى غزة ذهب بي الإخوة إلى مسجد الإمام الشافعي في خان يونس لأخطب يوم الجمعة، وعندما صعدت المنبر رأيت جمعا من قادة المقاومة المعروفين وجموعا هائلة من سكان غزة فأحسست بحرج شديد و أن قدمي تعجز عن حملي واقفا أخطب وأنا القاعد أمام المجاهدين في أرض الرباط و الجهاد، كان موقفا صعبا بالنسبة لي كإنسان.

السراج: كيف تنظرون إلى التجربة الإسلامية في موريتانيا؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: الحركة الإسلامية في موريتانيا ما يميزها عن غيرها في رأيي عاملان أساسيان يتقاطعان في موضوع المحظرة، المحظرة الموريتانية ببعدها العلمي الشرعي والموسوعي ميز إسلاميي موريتانيا في أنحاء العالم وذهنية الإنسان الموريتاني الحافظ المطلع ميزت الشباب الإسلامي الموريتاني وأعطته القدرة على استيعاب الرسالة أفضل من غيره.

وكما يقول الأستاذ فهمي هويدي أن  الحركة الإسلامية دائما في طليعة مجتمعها الذي تعيش فيه، وليس طليعة مجتمعات أخرى، فكل مجتمع له بصمته الخاصة.

السراج: كيف تنظرون إلى موقف تواصل الآن من نظام ولد عبد العزيز؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: موقفنا من الرئيس الحالي ناتج عن فظاعة الانقلاب والنظرة إلى من قام به على أنه قام بفعل أقل ما يقال عنه أنه ليس بالوطني، كما انه هدد  السلم والأمن، واستقرار البلد، وضرب النمو الاقتصادي والسياسي في الصميم، وأعاد حياتنا إلى الصفر، كان هذا عملا فظيعا ويتحمل وزره محمد ولد عبد العزيز.

بعد انتخابات 2009، لا أكتمك أننا تأثرنا بالحملة الإعلامية لولد عبد العزيز:  الحرب على الفساد، وظننا أنه قد يتقدم بالبلد خطوة وهو ما يحتم علينا أن نعطيه فرصة.

وسريعا بدأ الرجل يقنعنا بقدرته الفائقة على نكث ما يعد به ومن عدم الدقة إطلاقا في الحديث، ومن الشراسة في تصفية الخصوم، واستخدام الدولة في أبشع ما يكون في صور صارخة من الانتقام وشخصنة الإدارة.

وأن أي شخص خالف عزيز سيدبر له قصة، تعرفون الملف الذي افتعل لمولاي  العربي وأدخل به السجن ظلما، وهو رجل من أنزه الناس وولد عبد العزيز يعرف ذلك، وقد كانت رسالة لنا ولغيرنا تعني أننا في يوم من الأيام يمكن أن ندخل السجن بأي سبب.

وهي ذات الطريقة التي تم بها تأليف ملف ضد الرئيس بيجل ولد هميد حينما طولب بإرجاع مبالغ صرفت بطريقة واضحة بعضها أنفق على رئيس الجمعية الوطنية آنذاك والبعض أنفق على نائب فاتورة قرابة 30 مليون أوقية، مال آخر أنفق على مدير ديوان مع ولد عبد العزيز، ومع ذلك كانت أوامر ولد عبد العزيز تقضي بأن يدفع بيجل 100 مليون أو يدخل السجن.

ثم إن سلوك الرجل تجاه القضاء وتصفية القضاة الذين لا يرغب فيهم، وكذا التدخل لتصفية بعض الموظفين من أهل تواصل المشهود  لهم بالنزاهة، وعلى سبيل المثال  نحن استطعنا أن نوصل إلى ولد عبد العزيز أن خطري ولد  حامد الذي قدم استقالته احتجاجا على فساد حقيقي لأحد مقربي ولد عبد العزيز، عزيز وصلته هذه المعلومة من طرق الثقات بدل أن يتجاوب معها ويأمر بتوقيف ذلك القريب رفض بشكل قاطع فتأكدنا من ذلك الحادث أن الرجل لا يحارب الفساد بل يدعمه ويحميه.

فعزيز شخص عنده شره هائل للاحتواء على النفوذ والمال وأن يتجه بالبلد إلى الهاوية، ونحن قلنا انه لا ينبغي أن نكون شهود زور على ذلك المسار.

السراج: ما ذا عن الانتخابات القادمة؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: نحن جزء من  المنسقية، ما تزال لديها رؤيتها وميثاقها الذي ما زال يحكمها في رفضها أن تذهب في زفة جديدة لولد عبد العزيز اتجاه محطة أخرى لينزل فيها الطائرة المختطفة التي يزودها بوقود الدعاية الانتخابية.

السراج: ما هو تعلقيكم على أحداث مصر؟

محمد غلام ولد الحاج الشيخ: مصر  بلد يمثل قاطرة العالم العربي و قلبه النابض بالحيوية قرأ فيها الحصري فأوبت معه أرجاء الدنيا وخطب فيها كشك فأتعظ به العالم، وأسس فيها البنا دعوته الضخمة فانتشرت في الآفاق.

 وكتب فيها طه حسين و الزيات و المازني و الرافعي والعقاد فأضحو رواد الدنيا في الأدب.

ولحن  فيها عبد الوهاب، وأنشدت فيها أم كلثوم فغدت أسطواناتهما تمائم يحملها عشاق الطرب في كل فج.

ومنها انطلقت أفكار عبد الناصر، فحملتها إذاعة صوت  العرب.

في مصر تقع قلعة صلاح الدين الأيوبي التي انطلق منها موحدا أرض المسلمين و محررا القدس بأجناد مصر خير أجناد الأرض، وفيها أكبر مدارس الإسلام و أزهرها تاريخا "جامع الأزهر".

هذه الأرض الطيبة و الشعب العبقري المعطاء يتجمع حوله اليوم أراذل الأعداء والحاقدين من فلول الحزب الوطني والاستخبارات الدولية مع بقايا رذائل الدكتاتورية الموجودة في الوطن العربي والأمريكان و إيران الصفوية الحاقدة التي لا تقبل لأهل السنة دولة بحجم مصر يترضى رئيسها في إيران على أبوبكر و عمر و عثمان ، مع الحركات المنافسة اليسارية والقومية، كل ذلك تجمع ليضرب التجربة الوليدة في مصر مخافة أن يتكرر سيناريو النجاح الاقتصادي الباهر الذي حققه الإسلاميين في تركيا و هو ما يبشر إن حصل في مصر بعمومه كافة أرجاء العالم الإسلامي و عندها تصبح بلادنا عصية على النفوذ الصهيو- أمريكي، فنركل بعزة المساعدات الأمريكية التي تشتري ضمائرنا.

يجب أن يعلم الجميع أن الإخوان المسلمين شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء اختلطت بنسيج مجتمعاتنا فقدة تحمل الخير إلى الناس، وهذه الحركة المباركة هي مانديلا الثورات العربية، وهي من دفع الثمن غاليا في سبيل الحرية.

لقد قتل حسن البنا و شنق سيد قطب وكتبت زينب الغزالي عن مآسي تعذيبها و إخوانها وسطر أحمد رائف كتابه "البوابة السوداء "والذي وثق لتعذيب ما شهده العالم بعد محاكم التفتيش.

السراج :شكرا لكم

ولد الحاج الشيخ: المنسقية

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox