ولد أوفى: في وزارة الصحة لوبي يعمل ضد كل ماهو تقليدي |
الثلاثاء, 17 ديسمبر 2013 13:57 |
قال الطبيب التقليدي أوفى ولد عبد الله ولد أوفى إن العلاقة بين الطب التقليدي والطب الحديث هي علاقة تكامل لا تعارض. وقال ولد أوفى في مقابلة شاملة مع السراج حول الطب التقليدي إن الدولة الموريتانية منذ نشأتها في ستينيات القرن الماضي عملت على تنظيم وتطوير الطب الحديث الذي كرست له كل قدراتها المتواضعة ظنا منها أن الطب التقليدي سيتلاشى بمرور الوقت إلا أنها تفائت بقوة حضور الطب التقليدي وكثرة رواده. وحول الفوضى الكبيرة التي تجتاح قطاع الطب التقليدي قال ولد أوفى إن ممارسة الطب التقليدي ليست بدعا من الفوضى التي تجتاح جميع قطاعات الدولة مطالبا بتفعيل المشروع الوطني للطب التقليدي وإقامة جرد لكل العيادات ، ووضع معايير علمية تطبق على كل الممارسين وعياداتهم وأدويتهم ، فيقصى من يستحق الإقصاء وتعطى رخص لكل من تتوفر فيه المعايير اللازمة للعلاج التقليدي. نص المقابلة:
السراج:حبذا لو قدم لنا الطبيب أوفى مدرسة أهل أوفى الطبيبة في أسطر مختصرة؟. أوفى ولد عبد الله ولد أوفى: مدرسة آل أوفى هي مدرسة نشأت على يد الجد المؤسس لها لمرابط أوفى بن أبي بكر اللألفغي الشمشوي الذي يرجع نسبه إلى الحسن بن عي رضي الله عنه ، وكانت البقعة الجغرافية التي شهدت ولادتها منطقة "إكيدي"، وبالتحديد بئر بومبيبيغه الذي يحوي الآن ضريحه ، وعن بداية نشأة تلك المدرسة كان أوفى في بداية حياته يمارس مهنة جلب الملح وبيعه كعادة مجتمعه الذي نشأ وترعرع فيه ، إلا أنه اكتشف مبكرا أن تلك المهنة لا تتواءم مع طموحه ولا تتماشى مع قدراته الفكرية ولا العلمية ، فتوسل إلى الله سبحانه وتعالى أن يبدله بتلك المهنة مهنة سهلة ذات نفع عام يجد صاحبها رزقه رغدا دون مخاطر الأسفار وجور البغاة وطغيان السلاطين فقال قطعته الشهيرة: لله عير لها بعد الهدو سرى 000 وفي الهواجر أخلاق الشياطين تقود قطرانها بزل موقرة 000 لها تأود من يمشي على طين تخال آثارها لنسق أرجلها 000 على اللواحب آثار الخراطين تبتاع بالملح أرزاقا مضاعفة 000 تعلو السقوف بها مثل الأساطين كانت – وحسبي ربي- رزق أكثرنا 000 تعتادها بيضنا بعد الحراطين فعاق أصحابها عن فعل عادتهم 000 خوف البغاة وطغيان السلاطين أعاضنا الله منها كل ميسرة 000 ندب في سبلها دب السراطين ثم دخل خلوته التي خرج منها يتقن نيفا وثلاثين فنا ليس الطب من بينا ، كما ذكر المختار ولد حامدن في موسوعته ، وألف ألفيته عمدة الطبيب التي تعتبر دستور الأسرة الطبي والمرجع الأساسي في ممارسة مهنة الطب ، بالاضاف إلى العديد من مؤلفاته الأخرى كقواعد التدبير وغيرها. السراج:برأيك ما هي وسائل العلاج الخاصة بالطب التقليدي والتي تميزه عن الطب العصري؟ أوفى عبد الله أوفى:الطب التقليدي هو كما عرفته منظمة الصحة العالمية :" مجموعة المعارف والمهارات والممارسات القائمة على النظريات والمعتقدات والخبرات الأصيلة التي تمتلكها مختلف الثقافات سواء أمكن تفسيرها أم لا والتي تُستخدم للحفاظ على الصحة والوقاية من الأمراض الجسدية والنفسية أو تشخيصها أو علاجها أو تحسين أحوال المصابين بها". والطب التقليدي الموريتاني وخاصة مدرسة أهل أوفى تستخدم للعلاج أدوية محلية كالسنا والصمغ العربي و"الونكل "ولحاء الشجر :"إدباغ" ...إلخ ، كما تستعين ببعض الأدوية المستجلبة من حوض البحر الأبيض المتوسط ، كالزيتون وزيته ، والبابونج والزيزفون واليانسون والزنجبيل ...إلخ. تعتبر النظرية الخلطية التي هي عماد تشخيص الطب التقليدي أن منشأ الأمراض في الأصل عائد على رجحان إحدي الطبائع الأربعة التي هي: الدموية ، الصفراوية ، البلغمية ، السوداوية ، ولكل واحدة من هذه الأربعة طبع : الدموية طبعه الحرارة والرطوبة ، والصفراوية طبعها الحرارة واليبوسة ، والبلغمية طبيعتها البرودة والرطوبة ، والسوداء طبيعتها البرودة واليبوسة ، إذا العلاج يكون بالضد فنأخذ مثلا أن علاج الأمراض السوداوية ــ والتي طبعها البرد واليبس ــ يكون بكل حار رطب ، لكن دون الزيادة لأن ذلك سيحولنا للطبيعة البلغمية ، وهكذا ثم إن الأغذية تدخل كجزء مهم من العلاج بل في بعض الحالات لا يعطي الطبيب علاجا سوى الحمية : والتي هي نظام غذائي يتماشى مع طبيعة المرض المعالج ، وكذلك اعتماد الطب التقليدي على العلاجات النبوية الصحيحة ، كما ورد في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال إنى سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « إن كان فى شىء من أدويتكم خير ففى شرطة محجم أو شربة من عسل أو لذعة بنار ». قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « وما أحب أن أكتوى». أي في الحجامة وشرب العسل والكي والذي يستخدم نادرا عندنا. بالإضافة إلى الاستعانة بالتشخيص الحديث والنظرية الحديثة للطب والتي أعتقد أنها إذا ما تم مزجها بالنظرية الخلطية فإن الطب سيجد الكثير من الحلول للعديد من المشاكل الصحية المطروحة. السراج: ما الإطار القانوني الذي يعمل في مجاله الطبي التقليدي في موريتانيا،وهل من نصوص تنظيمية؟ أوفى عبد الله ولد أوفى: دأبت الدولة الموريتانية منذ نشأتها في ستينيات القرن الماضي على تنظيم وتطوير الطب الحديث الذي كرست له كل قدراتها المتواضعة ، ظنا منها أن الطب التقليدي سيتلاشى بمرور الوقت لحساب المولود الجديد : الطب الحديث ، وبمرور الأيام وخاصة في سنة 1979 ، فوجئت الحكومة الموريتانية بطلب شقيقتها قطر بطلب المساعدة بإرسال أحد أبناء موريتانيا الممارسين للطب التقليدي وهو الوالد عبد الله رحمها لله لعلاج شخصية أميرية من مرض عضال ألم بها ، وفعلا تم إرسال الوالد عبد الله بالجواز الدبلماسي :"انظر الصورة". كان ذلك أول إقرار ضمني يحمل صبغة قانون مشرع للطب التقليدي الموريتاني وللاسرة خاصة, وانطلاقا من أن الدولة لا يمكن أن تدمج الطب التقليدي أو تنظمه إلا من خلال ترسانة قانونية فإن "اللوبي المعادي لكل ما هو تقليدي" في الوزارة ظل حجر عثرة أمام أن ينظم الطب التقليدي الموريتاني أو أن تعطى له أي صبغة قانونية في موريتانيا ، وظل الحال على ما هو عليه حتى سنة 2000 م ، حيث قررت منظمة الصحة العالمية أنها لن تقدم أي مساعدات للدول الأعضاء ما لم تعمل على تطوير طبها التقليدي ودمجه في منظومتها الصحية ، عندها اضطرت الوزارة مكرهة على البحث عن سبل قانونية تدمج من خلالها الطب التقليدي في منظومتنا الصحية وهو ما عقد لأجله لقاء نظمته الوزارة مع رابطة الأطباء التقليديين ، وكان لي الشرف برئاسة إحدى لجانه الثلاثة ، حيث عكفنا على وضع اللبنة الأساسية للإطار القانوني الذي يمكن للوزارة ان تدمج من خلاله الطب التقليدي الموريتاني ، فجاء المقرر الوزاري رقم 1427 بتاريخ 01 يونيو 2012 ، والذي تنص مادته الأولى على: "نشأ مديرية مكافحة الأمراض بوزارة الصحة برنامج يدعى البرنامج الوطني للطب التقليدي ، يتمثل هدف هذا البرنامج في تحسين الحالة الصحية للمواطنين بواسطة الولوج إلى التكفل الإجمالي عبر التعاون الوثيق بين الطب العصري والطب التقليدي".إلا أن هذا المقرر لا يزال حبرا على ورق ، ولم يتم لحد الآن وضع ترسانة قانونية واضحة وملزمة تنظم الطب التقليدي الموريتاني للأسف. السراج:خطأ الطبيب يطرح نفسه بقوة، عند التشخيص ألا ترى أن احتمال خطأ الطبيب التقليدي الذي يعتمد على المعاينة بدل الفحوص المخبرية وارد جدا في عملكم؟ أوفى ولد عبد الله ولد أوفى:المشكلة ليست في التشخيص بقدر ما هي في العلاج ، وكل طبيب يمكن أن يقع ـ لا قدر الله في خطأ طبي ـ كما هو الحال في كل مهنة ، لكن بما أن خطا مهنة الطب قد تكون نتيجته الحتمية الوفاة فإنه خطير جدا يقول أوفى في ألفيته: فربما عولج داء فربا.. وعن تدارك الخطا بعد أبى فما يعالج به يضيـــع ..فخطأ الطب إذا شنيـــــــــع وهذا ليس حكرا على الطبيب التقليدي بل قد يكون الخطأ الطبي أكثر خطورة وأكثر انتشارا في مجال الطب الحديث ، وفي كلتا الحالتين فإن هنالك مسؤولية من الناحية القانونية للطبيب أي كان. حيث يلزم بجبر أو تعويض الضرر الناشئ عن عمله غير المشروع طبيا ، وبالرجوع الى كتابات الفقهاء المسلمين نجدها تتحدث عن الضمان كمصطلح مواز للمسؤولية ، وذلك للدلالة على مسؤولية الشخص تجاه الغير عن تصرفاته ، وقد عرف الفقهاء المسلمون الضمان بأنه شغل للذمة بحق أو بتعويض عن ضرر، ومن ثم يكون مصطلح الضمان مرادفاً لمصطلح المسؤولية. وفي الفقه الإسلامي فإن الجاهل بالطب يضمن ، يقول أوفى: واعلم بأن صفة العليــــــل تعرف بالعرض والدليـــــل كالفعل والخارج والأحوال والألم الموصوف بالأقـوال وعلمها علامة العرفـــــان وجهلها من موجب الضمان أي أن تشخيص المرض يعرف بالأعراض والدليل كالفعل حركة والخارج نحو البول والبراز والأحوال كصفرة العينين في اليرقان ونحو ذلك ، والألم الذي يصفه المريض للطبيب كقوله أحس بألم في السرة أو المثانة ونحوه ، ومعرفة الأعراض وارتباطها بالأمراض وعلاجها ، هذا هو الطب ، فعلمه علامة للمعرفة وجهله للطبيب سبب في ضمانه للمريض. لكن المسؤولية الجنائية للطبيب عموماً ومسؤولية الطبيب الجنائية في الفقه الإسلامي ، لا تتحقق إلا بوجود ركنين أساسين هما، التعدي والضرر وعلاقة سببية قائمة بينهما، فإذا فرَّط الطبيب في الأصول والقواعد العلمية المقرَّرة في علم الطب،أو إذا قصَّر في أداء عمله ولم يتحرز في أدائه، يكون مسؤولاً ومجبراً بجبر الضرر. فالطبيب المخطئ يجد نفسه أمام عدّة مسؤوليات مختلفة، فإذا كان فعل الطبيب يشكل جريمة فإنه يتعرض إلى المساءلة الجزائية، أما إذا كان فعله قد أصاب المريض بأضرار مادية أو معنوية تستوجب التعويض، فإنه يتعرض إلى المساءلة المدنية، و إذا كان الطبيب يعمل لدى جهة إدارية كوزارة الصحة مثلاً سيتعرض للمسؤولية التأديبية و الإدارية معاً. لكن من يقرر ما إذا كان الطبيب أخطأ خطأ جنائيا أو ماديا أو إداريا ؟ لا يقرر ذلك إلا جمع من الأطباء يستعين بهم القاضي في حالة تحريك دعوى قضائية ضده. السراج" ما هي الأمراض الأكثر علاجا عند عيادات الطب التقليدي؟ أوفى ولد عبد الله ولد أوفى:الطب التقليدي طب متكامل خاصة إذا كان ممارسوه على دراية كافية بعلم الطب التقليدي والحديث ، ويستفيدون من كل وسائل التشخيص الحديثة للكشف عن الأمراض ، أعني هنا الاستعانة بفحوصات الدم والمناطير والأشعة وأجهزة بسيطة كجهاز قياس الضغط وجهاز فحص نسبة السكر في الدم ، وكذلك الفحص بالموجات فوق الصوتية المعروفه ب" echographie " ، مع ألتأكيد أنه يحرم عليهم كتابة دواء صيدلي حديث أو مزجه بغيره من الأدوية التقليدية ، بل توجيه المريض إذا كانت حالته الصحية تقتضي تدخلا جراحيا أو كان بحاجة لأدوية لا تتوفر لدى الطبيب التقليدي ، كما إذا اكتشف أن مريضه يعاني من إلتهاب حاد يقتضي علاجا سريعا بالمضادات الحيوية. أما عيادتنا والتي أعنيها بكل ما أقول فأكثر الأمراض التي نعالجها بفعالية بإذن الله تعالى : أمراض المعدة كالحموضة والقرحة ، وحالات القيء الحاد وكذلك أمراض إلتهاب الكبد أ ، ب ، و ، وبعض الأمراض العصبية كالشقيقة أو الصداع النصفي ، وعرق النسا أو إلتهاب العصب الوركي ، وبعض الأمراض المتعلقة بالأوردة والشرايين كالجلطة الدماعية ، مع مطالبة مرضانا باستعمال الأدوية التي يصفها أخصائي القلب لهم ، وكذلك بعض الأمراض الجلدية كالحساسية والقوباء والأكزينا ، وبعض أمراض الرئة كذات الجنب والربو التحسسي ... إلى غير ذلك من الأمراض ، لكننا في الكثير من الحالات ــ وهذا يعرفه مرضانا ــ نقوم برفع المرضى إلى الاختصاصيين للمزيد من الفحوصات وحتى العلاج عندما نكتشف أن العلاج الحديث قد يكون أفيد لهم أو لحالتهم الصحية ، مع إصرارنا على عدم أحذ ثمن الاستشارة في هذه الحالة لعلمنا بأن عقد العلاج الطبي خاضع لأحكام الإجارة أو الجعل ، قال القاضي عبد الوهاب في التلقين : "فأما مشارطة الطبيب على برء العليل والمعلم على تعليم القرآن فتردد بين الجعل والإجارة". والرأي الغالب في مجال القانون والقضاء يجعل عقد العلاج الطبي نوعًا من عقود المقاولات، مع أن اشتراط البرء في عقد الإجارة يعتبر شرطًا فاسدًا باتفاق الفقهاء لأن البرء غير مقدور للطبيب، وإنما هو ملتزم ببذل العناية الطبية المتعارف عليها، فاشتراط البرء يجعل محل العقد غير ممكن ، وفي الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني : "ومشارطة الطبيب على البرء جائزة" والمعنى: أنه يجوز معاقدة الطبيب على البرء بأجرة معلومة للمتعاقدين، فإذا برئ المريض أخذها الطبيب، وإلا لم يأخذ شيئا. لذلك في حالة عدم علاجنا للمريض لا يحل لنا أخذ عوض عن ذلك الذي هو ثمن الاستشارة. السراج:هل من تكامل بين الطب التقليدي والحديث في موريتانيا؟ أوفى عبد الله أوفى:كما أسلفت هنالك أوجه عديدة للتكامل إذا ما أراد أهل كل من الطبين ، وجود تكامل بناء ينطلق من اعتراف كل منهما بجدوائية وفعالية الآخر في بعض جوانب الطب لا كلها ، لكن الواقع المعيش يثبت خلاف ذلك فنظرة الإزدراء والدونية والتهميش تظل السمة الغالبة على أطباء الطب الحديث ، في حين أن ردة الفعل القوية من الأطباء التقليديين تجعلهم يتجاهلون القيمة الكبيرة للطب الحديث ، إلا أنني أعتبر أنه في حالة ما إذا تم توظيف برنامج الطب التقليدي الذي استحدث أخيرا في وزارة الصحة الموريتانية بان جعل قنطرة يعبر منها كل من الطبين إلى الآخر فإن النتائج ستكون مهمة وباهرة ، وذلك بان يكون على هذا المشروع أناس لهم دراية كافية بأهم المشاكل المطروحة حجر عثرة امام تكامل الطبين على المستوى الوطني. السراج: ما العلاقة بين الطب التقليدي والرقية ولحجاب خصوصا أن بعض هذه الوظائف تتداخل عند بعض ممارسي الطب التقليدي؟ أوفى عبد الله أوفى:مع أنني لست ممن يخلط بين الأمرين إلا أني لا أرى تعارضا بين الرقية الشرعية بشروطها التي قررها العلماء ، وبين ممارسة أي مهنة ، حتى ولو كانت قيادة الجيش ، كما هو الحال في الحديث الذي في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا على حي من أحياء العرب فلم يقروهم فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك ، فقالوا هل معكم من دواء ، أو راق فقالوا إنكم لم تقرونا ، ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلا فجعلوا لهم قطيعا من الشاء فجعل يقرأ بأم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل فبرأ فأتوا بالشاء فقالوا لا نأخذه حتى نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فضحك وقال وما أدراك أنها رقية خذوها واضربوا لي بسهم. لكن هذا ليس هو الأصل ، الطب علم مستقل يدرس وله قواعده وممارساته وطرائقه ، وكذلك الرقية هبة من الله تعالى لبعض عبيده ، ولا يجب أن يمارسها إلا من عرف بالصلاح والاستقامة والورع ، وهي بالطبع عكس الشعوذة وأكل أموال الناس بالباطل ، وتتنافى مع السحر الذي قد يكون وجها من وجوه "لحجاب"عندنا. السراج:هنالك حديث عن فوضى كبيرة في القطاع، كيف يمكن تنظيمه مادام علما متوارثا لا يظهر فيه أطباء من خارج الأسر الطبيبة لحد الآن؟ أوفى عبد الله أوفى:الفوضى في كل مكان ، في الصحافة ، وفي السياسة وفي التجارة وفي التعليم وفي الصحة ، وممارسة الطب التقليدي ليست بدعا من ذلك ، أرى أن تنظيمها يكون بتفعيل المشروع الوطني للطب التقليدي وإقامة جرد لكل العيادات ، ووضع معايير علمية تطبق على كل الممارسين وعياداتهم وأدويتهم ، فيقصى من يستحق الإقصاء وتعطى رخص لكل من تتوفر فيه المعايير اللازمة للعلاج التقليدي ، أما بخصوص إشكالية التوريث فأرى أن كل من درس الطب نظريا وتطبيقيا على يد عارف بالطب وأجازه في ذلك فله أن يمارس الطب ، سواء كان من أسرة طبية أم لا ، لكن ما أتطلع إليه أن يتم إنشاء معهد للطب التقليدي يكون تابعا لوزارة الصحة أو تحت وصايتها ، سواء كان عموميا أو خاصا ، ويكون التخرج منه بشهادة معترف بها وهي الطريق الوحيد لممارسة الطب سواء من أبناء الأسر الطبية أوغيرهم. السراج:ما علاقتكم الآن بالوزارة الوصية على الصحة؟ أوفى عبد الله أوفى علاقتنا بها علاقة معقدة للغاية ، لا يمكنني تشبيهها إلا بعلاقة ولد بوالد أنكر نسبته له ، وبعد أن كبر الولد واشتد ساعده وقوي رباطه وكثر نشبه وماله وأصبح الوالد بحاجة إليه ، فإذا بالولد يعفو ويصفح عن كل ما عاناه من نكران وتقصير وهمز ولمز في نسبه ، وإذا به يمد يده لواله ويتناسى كل آلامه وآهاته ومعاناته ، وأمله ألا يستيقظ من الغد ليجد أن كل ذلك الحنان والتقرب والتزلف من الوالد لم يكن سوى خدعة مقابل دريهمات الجأته الحاجة إليها ، فيعود وينكص في العهد و يتمادى في غيه ونكرانه له عند أول بحبوحة مادية تقابله. طبعا هذا قياس مع وجود الفارق ، وهو باطل عند الأصوليين ، لكنه أقرب مثال يتبادر لذهني ، إذ أخشى أن يكون اللجوء إلى التقرب من الطب التقليدي لحاجة في نفس يعقوب ، مقابل ميزات أو حوافز قد يزول بزوالها. وفي الأخير أوجه طلبا إلى الوزارة الوصية وزارة الصحة ممثلة في شخص الوزير بأن الوقت قد حان لنسطر بأناملنا تاريخا جديدا بين الطب الحديث والطب التقليدي ملؤه التقدير والاحترام والتنسيق لإيجاد منظومة علاجية وطنية تجمع بين الطبين تسهم في إيجاد الحلول الضرورية للكم المتزايد من المشاكل الصحية المطروحة علينا اليوم. |