ولد عبد اللطيف : تأثرت بالفرنسيين ولم أتأثر بالتيارات السياسية
الأحد, 27 مارس 2011 21:18

قال الأستاذ محمد فال ولد عبد اللطيف إنه تأثر بقوة بأستاذته الفرنسيين في الثانوية ’’ وقد صدروني ’’ يقول ولد عبد اللطيف،ونفى الأستاذ عبد اللطيف أن يكون قد تأثر أي تأثر بالحراك السياسي والإيديولوجي في فترة السبعينيات’’ لم أكن مقتنعا بشيء من تلك الأفكار وكنت حذرا من تغيير الثقافة التقليدية.

 

وتحدث ولد عبد اللطيف في مقابلة شاملة وموسعة مع السراج تنشرها السراج على حلقات عن لمحات متعددة من دراسته المحظرية والنظامية وعن عمله الإداري.

 

 

 

 

(ح 1 )ولد عبد اللطيف : تأثرت جدا بأستاذتي الفرنسيين ولم أتأثر بالتيارات السياسية

 

 

السراج : نبدء بالسؤال التقليدي ..عن أستاذنا الفاضل محمد فال ولد عبد اللطيف محاولين استعادة لحظات الطفولة الأولى.

 

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : اسمي محمد فال ولد عبد اللطيف ولد الشيخ أحمد ولدت في إحدى أحساء إكيدي يسمى انيفرار وفيه تلقيت التعليم الأولى والتعليم النظامي،وفيه زاولت بين التعليم المحظري والتعليم النظامي،قبل أن أنتقل إلى إعدادية روصو حيث حصلت على شهادة ختم الدروس الإعدادية هنالك،ثم انتقلت إلى نواكشوط ودرست في الثانوية الوطنية وفيها حصلت على الباكلوريا شعبة الفلسفة.

وكانت وتيرتي في الفترة أن أمكث أربعة أشهر في البادية عند (لخيام) وأدرس خلالها بعض العلوم الشرعية واللغوية وإن كان أكثر الوقت حينئذ يمضي في العطلة بمعنى العطلة.

على أن مفهوم الدراسة المحظرية في منطقتنا يختلف بعض الشيئ عن مفهومهما في بعض المناطق المجاورة لنا دون شك،فمن التقاليد الدراسية التي كانت متبعة في منطقتنا أن يوجد أستاذة يتقنون بعض الفنون،ويدرس عليهم الطلاب ويتعاون الطالب والشيخ،وقد يفهمان في وقت واحد وقد يفهم أحدهما قبل الآخر،وقد حصلت شيئا (لست أدري ماهو ) بالتحديد،المهم إنني أصبحت أهتم بالدراسة وأطرب لأهلها وأجد شوقا إلى مجالسها،وهذا بشكل عام أهم مجال دراستي.

 

السراج : إكيدي إطار مكاني أم سياق ثقافي؟

 

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : لإكيدي تلك الدلالة الجغرافية دون شك،وهي معروفة،لكن إكيدي أيضا ثقافة ومزاج وأسلوب لا يختص به أهل إكيدي القاطنون به جغرافيا.

ويظهر لي أن الاحتكاك والتأثر والتأثير نقلت إكيدي من فضائه الجغرافي ليكون صفة وسلوكا يتحلى به من ’’تكيدى’’ من جميع ساكنة موريتانيا.

 

 

السراج : ماهي أهم ملامح هذه الثقافة؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : هم يقولون إنه ثلاثة أجزاء ’’ ثلثان منه السبلة والثلث الباقي السبلة أيضا’’ ومنها أيضا ’’ تخفيف الأمور’’  ومنه ’’ ازكاوية’’ وهي الإتقان التام،مع عدم التظاهر به ولا ذكره.

 

السراج : يتحدث البعض عن ثقافتين متجاورتين هما ثقافة أهل اكيدي وثقافة أهل الضفة (شمامة) لم تتمكن إحداهما من التأثير في الأخرى هل ترى الأمر كذلك؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : أرى أن في الأمر خلافا ذلك وأن الثقافتين الواردتين في السؤال تجل طبيعي لثقافة منطقة واحدة،قد تتعدد مظاهر هذا التجلي لكنه ينبع من ثقافة واحدة وأرضية واحدة دون شك،وقد تتعدد المجاري من منبع واحد

 

السراج : في الأدب ..هل ترون أن إكيدي اختط لنفسه مدرسة خاصة في الأدب؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف  : يتحدث مصنفو الأدب الموريتاني عن مدرسة خاصة في إكيدي سواء تعلق الأمر بالأدب الحساني أو الأدب الفصيح،ورأوا أن تلك المدرسة منبثقة من تراكمات ثقافية وتاريخية وحضارية.

وأنا أرى أن ذلك التصنيف لم يعد ناهضا اليوم فللناس جمعيا اليوم حظوظ من ’’ التكيدي’’ كما أن لأهل إكيدي الذي يسكنونه جغرافيا نصيبهم من ’’ اللاتكيدي’’ إذا جاز التعبيران

 

السراج : في أي سياق ينصف اللاتكيدي؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : (يضحك)  يصنف في سياق التأثير والتأثر الذي أخرج المسألة من إطارها المحلي وجعلها صفة عامة والصفات تعرف بأضدادها من دون شك كما هو معروف.

 

السراج : اتكيدي واديمين هل هما اسمان لموصوف واحد؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : لعل بينهما ما يسميه المناطقة نسبة العموم والخصوص والبعض يرى أن بينهما نسبة التماثل، ..وأكاد أقول لك إن ’’اتكيدي واديمين واتشمشي’’ ألفاظ يقرب بينها الترادف على أن الأظهر في التدقيق  أن بينها نسبة عموم وخصوص.

 

السراج : ما الخصوص والعموم بينهما؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : يوجد هنالك ..يوجد هنالك (الا فم الافم)

 

السراج : من تتذكر من أساتذك الذين درست عليهم سواء في الشريعة أو المحظرة؟

 

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : درست على عالم من أقاربي هو محمذن باب ولد دداه رحمه الله تعالى،وعلى سيدي محمد ولد النجيب وعلى القاضي أحمد سالم ولد سيدي محمد وعلى أحمد سالم ولد بيباه.

 

السراج : شرحتم نظم القاضي سيدي محمد في الأنساب؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : نعم شرحت ذلك النظم، كان القاضي أحمد سالم رحمه الله قاضيا في لكوارب وكنت آتي في البيت رحمه الله (كنت نسكط اعليه)

 

 

السراج : وبالنسبة لأساتذكم في الثانوية؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : (يضحك) إنهم النصارى لقد تأثرت بهم جميعا جدا وصدروني كما ينبغي،كما درست على بعض الأساتذة غير النصارى مثل المصطفى ولد الشيخ حبيب الرحمن والفقيه محمد ولد أحمد مسكه لكن تأثري  الأكثر كان بأولئك (النصارى)

 

السراج  : حياة الطلاب في السكن الداخلي تتميز في الغالب بالأخوية وبالطرافة ماذا تتذكر من ذلك؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : لاشك في ذلك ..كان لنا في السكن الداخلي بعض الطرائف ولحياتنا لون من الطرافة،وفي رمضان مثلا كانت لنا حياة خاصة،كنا نتوزع في مجموعات وننطلق لشرب الشاي في بعض ’’ لكصور ’’ المحاذية لإعدادية روصو.

كان لنا أيضا جرس يدق في بعض الأحيان،وأذكر أن أحد الزملاء ألغز لي فيه قائلا :

 

أحاجيك ما لغز على أصل وضعه

يعين أشياء لدى أهل ليسة

وإن قيل ذاك اللغز في أي حالة

فهمنا به المقصود دون قرينة

 

وأذكر أنني أجبته قائلا :

 

لعلك تعني أخى دون مرية

بذي الصوت اكلوشن إذا هي صنت

فتخبر بالتدريس والنوم والغذا

فما نطقت إلا على الخير دلت

 

وأذكر أننا كنا نذهب إلى قرية تونكن القريبة من لكوارب في رمضان من أجل الحصول على الشاي فقلت حينها

لقد دق جرسك يا تونكني...

وجاء رمضان اسلمي

اعدي الكؤوس وإبريقها

وجيئ بفرنك والمرجن

تشير إليك صناديقنا

بأن لا تخافي ولا تحزني

ولست بذي فضة أشتري

أتايا لديك ولكنني

 

وفي ’’ ولكنني’’ هذه اختلف الزملاء حينئذ فقال بعضهم إنني ’’سأتسكك’’ وقال آخرون ’’ إنني أتفوق في ميادين أخرى غير الشاي’’ وتركناها للقارئ يتوهم فيها ما يشاء.

 

السراج : انتقلتم بعد ذلك إلى نواكشوط،ودرستم الفلسفة هل تأثرتم حينها بالتيارات السياسية والفكرية الموجودة في الساحة مطلعة السبعينيات؟

 

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : لم أتأثر بشيء من ذلك،أذكر أنني كتبت إلى أهلي حينها أيام الإضرابات أنني لست مقتنعا بشيء مما يثور في الساحة وأنني أجامل الجميع وقلت لهم : لعله ينطبق علي قول الله تعالى في المنافقين ’’ لو يجدون ملجئا أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون’’ ولم أكن أريد لدراستي أن تتأثر ولا لزملائي أن يغضبوا.

 

السراج " كان هنالك مستوى من الاحتكاك والصراع بين المجتمع ونخبته التقليدية وبين الشباب اليساري أين كنتم من ذلك؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : كنت حذرا جدا من كل ما يمكن أن يؤثر أو يؤول إلى تغيير الثقافة التقليدية،وكذا الطعن في العلماء والمشايخ وكنت أرى أن كثيرا مما يثار حينها فيه حق أريد به الباطل.

وكان من إيديولوجيا حزب الشعب حينها،مكافحة ما يسمونه بالأئمة المزيفين والعلماء المزيفين ولم أكن متناغما مع هذه الفكرة لأنني أراها حقا أريد به باطل.

ولا يعني هذا أنني كنت ورعا جدا،فقد كنت منفحتا جدا وفي ثقافتنا الأصلية في إكيدي لا يتستحب لمن لم يتقدم في السن أن يظهر له كثير تدين وورع، وقد يكون في ذاته ورعا يبيت يبكي من خشية الله تعالى لكنهم لم يكونوا يستحبون له الظهور بذلك وشيوعه عنه.

 

السراج : ربما لا يتلقى الناس اليوم هذا الطرح بكثير من الترحيب بل قد يعتبرون فيه تميعا وتفريطا؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : هذا الطرح السابق الذي ذكرت لك لا أساس له في الشرع دون شك،لكن أفرزه مجتمع محدد وظهر أنه زاك وفيه بعض الخير،وجرب فيه الخير،كان يقال إن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يترامون بالبطيخ فإذا أريد أحدهم على دينه تبرز حماليق عينيه.

على أن هذا الطرح السابق يفترض مستوى من التدين والالتزام لا يقبل النزول عنه مطلقا ،ومما يذكر في هذا الجانب أن امرأة من أهل اكيدي ضربت ابنتها لما استعاذت بالله لما علمت أن امرأة أخرى ارتكبت معرة قادحة في الشرف،وقالت لها : ماكان لك أن تستعيذي بالله مما وقعت فيه تلك المرأة وماكان له أن يخطر ببالك حتى تستعيذي منه،ويقرب هذا المعنى من مفهوم الغفلة التي مدح بها الله سبحانه المؤمنات.

والظاهر أن هذا المعنى يؤسس فضاء نفسيا يستبعد تلك القوادح استبعادا شديدا حتى لا تخطر على النفوس فهو لا يعرف العوراء ولا يعرف اسمها.

كانوا يقولون في هذا المجال ’’ لمروة تعكب الصبر’’  ويذكرون أن رجلين من أهل اكيدي كان يناقشان الوضع العائلي الصعب من حيث الظروف الاقتصادية،فقال أحدهما : لا ينفع في هذا إلا أحد أهل المروءة’’ فرد عليه صاحبه : لا لا لما يزل في الصبر رصيد ..لا يوصل إلى المروءة قبل استنفاد رصيد الصبر.

وعلى هذا المعنى تكثر أسوار الردع النفسي والحماية الشعورية التي تحول دون تسرب الأفعال الشائنة وأوصافها اللفظية إلى خواطر الناس أحرى إلى أفعالهم وممارساتهم.

 

السراج : حياة المجتمع أفرزت طبقية مهنية وثقافية ما السياق الذي أنتج طبقات المجتمع الموريتاني برأيك؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : كل طبقية هي نتيجة من دون شك لتراكمات موضوعية في الغالب،ومهمة الدولة القضاء على الطبقية وسن القوانين الكفيلة بالاندماج المجتمعي.

وبالنسبة للمجتمع تحدث البعض عن أصول الطبقية بين من يقول إنها من عهد المرابطين ومنه من يرجعه إلى العهود اللاحقة على ذلك،ولم يحصل لي شيئ أرجحه في هذا الجانب.

 

السراج : وبم تفسرون الوفاء المجتمعي للانتماء الطبقي في موريتانيا

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : تنخرم قاعدة الوفاء المجتمعي بالنسبة للطبقتين الاسترقراطيتين فما أكثر القبائل الحسانية التي تركت السلاح وسلكت سبيل العلم والصلاح وكذا قبائل الزوايا التي حملت السلاح أيضا ولم تترك القلم،لكن الغالب هو ما ذكرت في السؤال وهو وفاء كل طبقة لمهمتهما والتزامها إياها.

 

السراج : لنعد إلى الدراسة ..أين اتجهتم بعد الباكلوريا؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : لم أكن في آخر لائحة الناجحين في الباكلوريا ولذا وجهت إلى المدرسة الوطنية للإدارة وكان ذلك اختيارا صعبا بالنسبة لي ومثل لي الأمر أزمة نفسية كبيرة خصوصا أنني نشأت في بيئة لا يحبذ أهلها التحكم في أموال الناس وأبشارهم،وأذكر أنني نمت ليلة وأنا وجل جدا من أن أكون من الجلاوزة الذين تسمعون عنهم في الأثر واستيقظت وأنا أردد كلمة عثمان بن عفان إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن فشجعتني والله الموفق.

 

السراج : أين وجهت بعد التخرج؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : بلغني حينها أنني حولت إلى ’’ لكدية’’ ألاك،وكنت أظنها مكانا بعيدا فإذا هي قريبة جدا ..جدا

 

السراج : في ديوان الجذاذات شكاوى متعددة من بعوض لكدية؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : قلت له أبياتا وقطعة شعرية،وأذكر أنني جئت بها إلى في ديوان الجذاذات والناس يتحدثون عن معنى آخر لذلك الحوار الذي دار  بيني وبين الباعوض والذي سجلته في أبيات ولست بريئا من ذلك المعنى قطعا ومن ما ورد في الديوان عن ذلك

قالوا ’’ألاك’’ البعوض يقتل الحمرا

فيه فقلت لهم فليقتل البقرا

فإن ذلك شيء لا يخوفني

فليس أخشى له ضيرا ولا ضررا

فغبتي القبة الخضراء أدخلها

جارا على المصطفى المختار من مضرا

فنمت بعد قرير العين نائمة

عني المخاوف لا ابدي لها حذرا

 

السراج : هل بدأت ’’ الفيش ’’ في ألاك؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : لا تلك كتبها في مقامة وهي مدينة طيبة تسكنها أمة طيبة، وقد كنت أرفه عن نفسي بكتابة تلك الرسالة (رسالة الفيش في كسكس والعيش)

 

السراج : يتحدث البعض أن الأمر لم يكن أكثر من سجال بين أهل العيش وأهل كسكس؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : ربما كان دافعي حينها استعراض عضلات لغوية وبيانية لا أكثر،وقد يكون في الرسالة المذكورة،شيئ من التهمة المذكورة في السؤال وما أبرؤ نفسي.

 

السراج : لو عاد السجال اليوم لأي الفريقين تحكم.

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غيرت مما كتبت شيئا ولأبقيت المحضر الختامي لذلك الفيش على ما هو وربما أغير التاريخ فقط.

 

 

السراج : وفتاوى الشياطين..رأى البعض أنهما مثلت بداية للأدب النثري المعاصر في موريتانيا؟

 

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : ذلك كتبه في النعمة،وقصدت فيها توزيع مهام الشياطين ليظهر كل شيطان يلبس لبوس الأرض التي يسكنها ومشكلات أهلها تبعا لعاداتهم وأهوائهم،وفكان أقرب إلى كتاب لتوزيع مهام واختصاصات الشياطين حسب الجهة والأرض والعادة وحوادث الزمن ومشكلات الناس،فيظهر شياطون مهتمون بالعقارات في الأرض التي يغلو فيها سعر الأرض..وهكذا ؟؟

أما التقسميات والقوالب النقدية فلا أهتم بها كثيرا،وأذكر أن اعل ولد الميداح قال لي :إنني أبلغ في القول ما أشاء وبعد ذلك فلتسموه أنتم طلعة أو كافا أو غير ذلك,, لقد سمعت ذلك منه مشافهة.

 

السراج : ماهو موقفك من الشعر الحر؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : يعجبني جدا وتعجبني المقامة،ويعجبني أكثر من ذلك قول عبد الله الطيب إن الشعر الفصيح درجة خاصة بأهل اللغة العربية.

والقرآن الكريم تحدى الشعر الفصيح والقرآن المعجز لا يتحدى الأشياء الضعيفة،وبالجملة يعجبني الشعر الحر لأنه مكتوب..يعجبني كل ماهو مكتوب ..لكن الشعر درجة راقية جدا.

 

السراج : وصفتم ديوان الجذاذات بأنه قطع شعرية صالح للأكل ..هل يؤكل الشعر؟

 

محمد فال : يضحك لا أدري ..الجذاذات كما تعلم ديوان خاص بالدراسة وبفترة العمل،وهو اختياراتي أنا،ولدي شعر آخر أكثر جدية، وأكثر الجذاذات عبث غير جاد،ولما طلبت تقديم مجموعة شعرية لتصدر في ديوان أعطيته لهم دون تنقيح .

 

 

السراج : كيف تكيف محمد فال الشاعر مع محمد فال الحاكم والوالي؟

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : هذا التنافي لم يكن مطروحا قديما، فالصاحب بن عباد كان وزيرا وجفعر بن يحيى كان توقيعاته تشرى بستين دينارا من حسنها وبلاغتها،ولم في الشخصية الإسلامية العربية تناف ولا تناقض بين الوظيفة والتكوين الثقافي

 

السراج : ماذا تتذكر من طرائف العمل الإداري والتعامل مع القرويين.

 

محمد فال ولد عبد اللطيف : لدي دفتر فيه الكثير من هذه الطرائف،أتذكر مرة أن محظرة يدرس أهلها القرآن جاءوني بحثا عن الإسعاف فطلبت منهم أن يقرأوا لي من ألواحهم، فما قرأوا إلا آيات  الفأل الحسن (إنا فتحتا لك فتحا،إذا جاء نصر الله ) ..فرأيت ذلك من رجاحة عقولهم والذكاء في مخالطة السلطة والناس.

أذكر سائقا يتطلب متأخراته في المقاطعة،فأعطيته حقه وقلت له : خذوا نصيبكم  بضمير الجمع تقديرا له واحتراما : فقال لي :  أنا وحدي صاحب هذا الحق.

 

(الجزء الثاني) 

السراج : بدأتم واليا مساعدا، في الحوض الشرقي ودونتم ذلك في قطعة شعرية؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : صحيح ..تلك القطعة منشورة في ديوان الجذاذات،ومنها؟

أتيت لهذا الحوض ما أنا وارد

وان نزيل الحوض مني لواجد

على أن أهل الحوض قوم أعزة

كرام علوا كل الكرام أماجد

هم جنة الدنيا فأما ترابهم

فخصب وأما شعبهم فمجاهد

فأصبحت فيهم ثالثا لثلاثة

أقانيم منها قد تكون واحد

ولم تر عيني كالمساعد عاطلا

تمر القضايا والمساعد قاعد

هو الوثن المنصوب ليس بنافع

ولا ضائر لو كان في الناس عابد

ينادى إلى التقرير إن حان صوغه

ويدعى إلي التنظيم إن جاء وافد

فينفع في هذا وذا غير أنه

إذا عظم المطلوب قل المساعد’’

 

السراج : (إذا عظم المطلوب قل المساعد) ..ما ذلك المطلوب العظيم حينها؟

محمد فال ولد عبد اللطيف :( يضحك) لا أدري قد يكون بعض الزرع، لم أكن حينها راضيا عنهم وقد تكون الأبيات مما يصدق على الشعراء من أنهم يقولون ما لا يفعلون.

السراج: انتقلتم إلى الإدارة المركزية كيف كان الوضع هنالك خصوصا في ظل تقلب الإدارات وتعدد الوزراء؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : الإدارة المركزية سهلة،والموظف في الإدارة المركزية يدرس الوثائق من حيث سلامتها القانونية وليس صاحب القرار فيها مالم يكن الوزير.

والعمل الإداري يثري من حيث المعارف الاجتماعية،ومن حيث التعامل القانوني،والإداري في الإدارة المحلية يمثل الدولة جميعها ويؤاخذ على النسيان.

السراج : ربما يكون الموقف السياسي للنظام مخالفا لموقف الوالي كيف يتعامل في هذه القضية؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : حسم في هذا المجال النظام الأساسي للوظيفة العمومية أن الموظف الإداري يدافع عن رأيه ويظهره قبل صدور القرار ويدافع عنه بعد صدوره كما لو كان هو الذي أقره.

أما في حين تلقي أوامر مخالفة للقانون فإن الإداري لا يتستجيب لتلك الأوامر مالم تكتب له حتى لا يتحمل مسؤوليتها القانونية.

السراج : هل طلبتم مرة التحويل عن منطقة حولتم إليها؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : مطلقا سمعت مرة أن من طلب إلى المسؤولية  أعين عليها ومن طلبها وكل إليها.

وأذكر أنني حولت مرة إلى نواذيبو حاكما مركزيا وهي ترقية كبيرة جدا وهذا أول بداية مشكلات الصحراء،وكان من فضل الله تعالى أنني حولت في أسرع وقت إلى غورغل.

ولو أنني بقيت هنالك لارتكبت أخطاء كبيرة وأنا إداري متخرج وبدوي تقليدي.

السراج : في هذه الفترة ظهرت أبيات الميني جيب ..قيل حينها إن السيدة الأولى ماري تيريز اعتبرت أنها موجهة إليها؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : حدثني شخص أن مدير الأمن الوطني حينها محمد الأمين ولد اخليل أبلغه أنه وجد الأبيات عندي ماري تيريز،لكنه لم تتحدث معي في شأنها وأنا لم أكن أقصدها.

السراج : وهل كنت تقصدها؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : لم أكن أعرفها حينها،كان ذلك بداية ظهور الميني جب كانت هناك مغربية على ما أذكر تأتي إلى المدرسة بالميني جب وأنا شاب في الثانوية كنت مستاء من هذا المشهد

ربما تكون ماري تيريز استاءت من الأبيات لأنها كانت حينها ترفع شعار تحرير المرأة،والأبيات هي

لك الحمد ميني جب قد صارأخضرا وعما قريب سوف يصبح أحمرا ولا زالت الحسناء مي حريصة على رفعه شبرا فباعا فأكثرا ولا زال يعلو في القوائم صاعدا دوين الصفا اللائي يلين المشقرا

السراج : هل التقيت المختار ولد داداة مرة؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : التقيته مرة في النعمة كان يدشن منشأة هنالك ولم ألتقه إلا تلك المرأة؟

السراج : هل تختلف الإدارة في عهده عما بعدها؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : من دون شك تختلف خصوصا  في ظل نقص الضغط من السكان ففي أول فترته كان السكان مكتفين عن الدولة بأغنامهم ودوابهم ومزارعهم إلى أن جاء الجفاف.

وبالتالي المختار نجا من تلك الضغوطات التي أنتجها الجفاف،وكان الحفاظ على المال العام ومصلحة الدولة في عهده أمرا لا يقبل المساس به.

السراج : توليتم الأمانة العامة لوزارة العدل في عهد أي وزير كان ذلك؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : تعاقب ستة وزراء على وزارة العدل وأنا أمين عام لها

السراج : هل أثرت فترة الانقلابات على العمل الإداري؟

محمد فال ولد عبد اللطيف : حدثت مفارقة،فقد ترسخت الإدارة وخصوصا الإدارات الفنية،ولم تتأثر بأسراب الوزراء التي تترى وقل ما يطبع به الوزير فترته في الداخلية،حتى أن بعض الإداريين كان يستمع لخطاب الوزير بسخرية ويقول قد قالها سلفك من قبل فما أغنت عنه،وبالتالي توطد الفرع رغم اضطراب الأصل.

السراج : هل سبق أن اصطدمت بوزير ما؟

محمد فال ولد عبد اللطيف  : مطلقا لم أصطدم بأي وزير أبدا؟

السراج : هل يعود ذلك إلى طبيعتك أم إلى طبيعة الوزراء؟

محمد فال : يعود إلى طبيعتينا نحن الإثنين،كنت أعرف دوري كموظف مرؤوس ويقال إنه لا يساء إلا على من جلب لنفسه الإساءة.

السراج : في فترة ولد الطايع ظهرت أحزاب وقوى سياسية كيف تعاملتم كإداريين مع هذه الفترة.

محمد فال ولد عبد اللطيف : الإداريون مطبوعون على تطبيق القوانين ولا يتعاملون مع الأحزاب وإنما مع النصوص التي قد تكون في فترة من الفترات نصوص حزب لكنها بعد ذلك لتكون نصوص الشعب التي يعبر من خلالها عما لديه من سلطة.

 

يتواصل

 

ولد عبد اللطيف : تأثرت بالفرنسيين ولم أتأثر بالتيارات السياسية

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox