الدكتور احمد الشربني للسراج : رسالة المركز المصري رسالة سامية لا ينبغي التفريط فيها |
الأربعاء, 27 أبريل 2011 14:17 |
وتوقع الدكتور مزيد الاهتمام بأنشطة المركز بعد قيام الثورة وذلك لأهمية ذلك لوضع مصر ونشر رسالتها ولمساعدة الدولة المضيفة ..
وفيما يلي نص المقابلة : السراج:بداية كيف تقيمون الواقع الثقافي في موريتانيا وهل انتم راضون عن حصيلة عملكم وانتم تنهون فترة انتدابكم في المركز الثقافي المصري بنواكشوط؟ الدكتور احمد الشربيني : بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين والصلاة والسلام على خير خلق الله سيد محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، بعد 42 شهرا من عملي كملحق ثقافي في المركز الثقافي المصري أجدني مرتاح البال والضمير ولدي ثقة وقناعة بأني قمت بأفضل ما يمكن في حدود الإمكانات المتاحة ، والحمد لله ، عشرات الندوات والمحاضرات والمعارض والعديد من دفعات تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، قد تمت بحمد الله. أما عن مواكبتي للثقافة الموريتانية فأنا عرفت موريتانيا قبل أن أصل إليها من خلال تأثير موريتانيا في غرب إفريقيا لقد كنت خبيرا يوما من الأيام في دولة غنيا كوناكري وهناك تعرفت على أثر موريتانيا في غرب إفريقيا حيث وجدت في أغلب القرى الغينية ما يسمى بالمدارس الإسلامية ومعظم المعلمين فيها هم من خرجي المحاظر الموريتانية، وبالتالي موريتانيا لها مكان هام في الجغرافيا والتاريخ العربي نظرا لوجودها في أقصى الغرب الإسلامي الملاصق لغرب إفريقيا ومن هنا كان لها الدور الهام في الحفاظ على الدين الإسلامي ونشره بين الشعوب الإفريقية هذا الدور الهام يدعم ويعضد الحضور الثقافي المصري الذي يعود إلى 1964 تاريخ إنشاء المركز الثقافي المصري بمبادرة من الزعيم جمال عبد الناصر وذلك ردا على رسالة رقيقة من أول رئيس موريتاني المختار ولد داداه ،فكان المركز قبلة لمن يريد التعلم والثقافة ،وكان للمركز دوره في إمداد طلبة المحاظر بالمعارف العربية العصرية وفي دعم تعريب العلوم والرياضيات. وبالنسبة لي كانت خطة عمل كملحق ثقافي ولم يكن عملي روتينيا وقد وفقني الله لإتمام هذه الخطة والحمد لله ،وكان جل اهتمامي المساعدة في تعليم اللغة لعربية للمكونات غير العربية في المجتمع الموريتاني، حتى لو تطلب الأمر الذهاب إلى هؤلاء وأذكر في العام الماضي قمنا بزيارة لقرية أبرن قرب روصو وأهدينا بعض المصاحف المرتلة والكتب ،لكن بعد إنشاء الجامعة وانتشار القنوات لا شك أن دور المركز أصبح يقتصر على تنظيم دورات لتعليم اللغة العربية وعلى تنظيم الندوات والمحاضرات وإقامة الأيام والأسابيع الثقافية، يقتصر دوره على إقامة المعارض التي تعبر عن تلاحم العلاقة المتينة بين موريتانيا ومصر كل ذلك في إطار من التعاون مع الفاعلين الثقافيين في موريتانيا. السراج :على ذكر أنشطة المركز وتعددها ،هل أنتم راضون عن مستواها الحالي وما سبل الارتقاء بها في المستقبل من وجهة نظركم ؟
الدكتور الشربيني: دائما عندما نفكر تفكيرا علميا يجب أن نقول أننا نعمل أفضل ما يمكن في حدود الإمكانات المتاحة ،رغم أن الطموح مشروع والأحلام موجودة والتطوير مطلوب لكن كل أمل يحتاج إلى تمويل ،وهو ما أرى أنه سيتطور في الأيام المقبلة بحول الله ستشهد تطويرا نوعيا في أنشطة المركز خاصة في ظل مأمورية السفير الدكتور الشرقاوي وقد طور المركز من قدراته ،وفي العام قبل الماضي كان هناك أكثر من 22 جنسية افريقية في دورة تعليم اللغة العربية،كما نظم المركز بمبادرة منه دورة لمدرسي اللغة العربية وذلك على مدى حوالي شهر بالتعاون مع معهد تعليم اللغة لعربية بموريتانيا وشارك فيها حولي 30 من معلمي وموجهي اللغة العربية وهو ما نتمنى أن يتكرر ويتعزز أكثر إن شاء الله . السراج : هذا عن الأنشطة فماذا عن العلاقة مع الفاعلين الثقافيين في وزارة الثقافة أو المراكز الثقافية لعربية وغيرها؟ الدكتور الشربيني : هناك دوما تفاعل وتواصل وتأثير متبادل للثقافة العربية بين المركز وكل الفاعلين بموريتانيا بمن فيهم وزارة الثقافة وجامعة نواكشوط حيث تربط المركز علاقة طيبة بالكثير من أساتذة جامعة نواكشوط وهم ضيوف أعزاء في محاضراتنا وأسابيعنا الثقافية وبينا وبينهم المودة التي تسمح بالتشاور وبما يساهم في دعم العلاقات الثقافية ، وقبل أشهر كانت موريتانيا ضيف شرف على معرض الكتاب بالإسكندرية وذلك بالتنسيق مع السيدة وزيرة الثقافة التي أرسلت من ينوبها في هذا المعرض . ونحن أيضا نتابع الأنشطة ودائما ما يشاركنا أهل الثقافة الموريتانية في أنشطة المركز وبالنسبة للمراكز هناك المركز الثقافي والسوري والمغربي ونحن على علاقة طيبة بالمركزين وحضرنا افتتاح المركز السوري وهناك تبادل للأفكار والآراء والمشاركة في الحوارات وذلك في إطار هدفنا جميعا وهو دعم الثقافة الموريتانية ونحن هنا لتدعيم العلاقات الثقافية وتدعيم الثقافة العربية والإسلامية وما يميز المركز المصري فقط هو مكانة مصرفي قلوب العرب فضلا عن كونه الأقدم.
السراج : كيف تقيمون واقع النشاط الثقافي في موريتانيا وماذا عن عدم التوازن في حضور بعض مكونات هذا النشاط في مقابل طغيان الاهتمام بجوانب أخرى.. ؟ الدكتور الشربيني :الجمهور الموريتاني تواق للفن والشعر ، وأنا أرى أن الشعر يشغل الحيز الأكبر من اهتمام أهل موريتانيا أهل اللغة والدين والشعر، وفي موريتانيا الناس صنفان إما شاعر أو متذوق للشعر، وبالتالي وبمنتهى الأمانة أقول من الواجب خاصة بعد قيام ثورة 25يناير أن تقوم مصر الحبيبة بدعم التعاون الثقافي بين مصر وموريتانيا وعمل العديد من الأسابيع الثقافية بالتعاون مع الفاعلين في وزارة الثقافة والشباب والرياضة وغيرها. جانب آخر من أنشطة المركز لم أذكره وهو غرس روح البحث العلمي لدى تلاميذ المدارس من خلال المسابقات والبحوث التي ينظمها المركز من داخل هذه المؤسسات.أو من خلال المسابقة الشهرية للمركز التي يمنح المتميزون فيها جوائز رمزية وهو جهد يتميز به المركز لدعم روح البحث والإبداع للشباب الموريتاني. السراج : على ذكر الثورة هل تغيرت رؤيتكم للعمل الثقافي بعد الثورة وهل هناك أبعاد جديدة أصبح من الممكن التركيز عليها خلافا لما كان عليه الحال في السابق؟
الدكتور الشربيني: بادئ ذي بدء أريد أن أقرر حقيقة وهي أن المركز الثقافي المصري على مدى العقود الماضية لم تتغير سياسته اتجاه المجتمع الموريتاني بتغيير الأنظمة لأن المركز الذي يتبع البعثة الدبلوماسية المصرية، له هدف واضح وهو دعم العلاقات الثقافية بين البلدين دون التدخل في أي أمر آخر لا يتعلق بالثقافة هذا من جهة، واعتقد أنه بعد الثورة أتوقع النظر بعناية في دعم الأنشطة الثقافية المصرية لأنها هامة لوضع مصر ،وهامة لنشر دور مصر، وهامة لمساعدة الدول الشقيقة، والمركز المصري بنواكشوط حقق نجاحا في بدايتة وفي الآونة الأخيرة وبالتالي فسيكون الاهتمام أكبر بدور هذا المركز السراج : ترمى المراكز الثقافية العربية –إلا من رحم ربك -بطغيان الأهداف الدعائية وذات المرامي السياسية أحيانا على حساب رسالتها الثقافية، وبارتباطها المباشر بالأنظمة وليس الشعوب ما رأيكم؟ الدكتور الشربيني :المركز الثقافي المصري –كما قلت – له دور محدد يتعلق بنشر الثقافة المصرية والتبادل والتواصل الثقافي ودعم المثقفين الموريتانيين ولن يكون له دور إيديولوجي أي سياسي أو غير ذلك في الدولة المضيفة ، وهو لا يتدخل في سياسة البلد المضيف وهذا سر استمرار المركز دون إغلاق لأكثر من 47 سنة والملحق الثقافي ليس له علاقة إلا بالمثقفين ولا يعمل إلا في هذا الاتجاه.
السراج :هناك شكاوى من ضعف تحديث مكتبة المركز،ومن محدودية حضور المركز الثقافي المصري في دعم التعريب من خلال الاتصال المباشر بالصحف العربية وروافد الثقافة العربية في المجتمع ؟
الدكتور الشربيني :هذه المطالب نحن نظر إليها من الجانب الثقافي وليس السياسي، والدور القومي العربي في قلوب كل المصريين ولا يحتاج إلى من ينبههم عليه ولا تراجع لدور المركز بهذا الخصوص، وما حدث هو تغير في واقع المجتمع المحيط ففي البداية لم تكن في موريتانيا جامعة ولم تكن هناك باكولريا عربية، لم تكن هناك فضائيات وكان المركز هو القبلة لكل شيئ :من يرسل البعثات إلى مصر من يعرض المسرحيات والأفلام من يحتضن خرجي المحظرة ..الخ لكن اليوم وجدت الجامعة وافتتح المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية الذي يساهم في استيعاب طلاب المحاظر،وهناك الراغبين في تعلم اللغة العربية من غير الناطقين بها والذين يأتون المركز سنويا قد يكون عددهم غير كثير لأن المركز إمكانياته محدودة،ومع ذلك فتكوين 30 من مدرسي اللغة العربية أمر له دلالته. أما في دعم روافد التعريب في الصحف والمسرح والسينما وإرسال البعثات والتكوينات فأعتقد أن العهد القادم سيشهد اهتماما بهذه الجوانب . مع العلم أن مكتبة المركز تزود كل عام بحوالي 2000 عنوان جديد ،قد تكون هناك كتب قديمة وفي الوقت الحالي يوجد بالمكتبة نسختين من أكبر موسوعة قانونية وهي موسعة لدكتور السنهوري ، ونحن دوما نطالب الرواد بتزويدنا بمقترحات عن الكتب المطلوبة أو غير المتوفرة. السراج : هناك ملاحظة أن المركز ربما الوحيد الذي لديه بوابه الكترونية فلو وضعت هذه الموارد في تحديث مكتبة المركز!؟ الدكتور الشربيني: ليس الوحيد لديه بوابة، وهذه البوابة ثمنها لا يتعدى إطلاقا ثمن الموسوعة السابقة ونحن أحضرناها في ظروف خاصة وبعد مناقصة في السوق الموريتاني والدولي وثمنها قد لا يتعدى ثمن 12 كتاب من آلاف الكتب الموجودة في المكتبة، وبشأن الموارد أنت تعلم أن ظروف مصر الاقتصادية تحد من تلبية كل الطلبات، ونحن نأمل أن تكون الفترة القادمة أفضل والإمكانيات أوفر، وبالتالي يكون الأداء والتطوير أحسن. السراج :هل هناك آفاق لتطوير إشعاع المركز ليشمل بعض البلدان المجاورة كالسنغال مثلا التي لا توجد بها منشأة مماثلة ؟ الدكتور الشربيني : كل هذا مطروح ولكن القرار ليس للملحق الثقافي. السراج : على ذكر علاقة المركز مع البعثة الدبلوماسية وما قد يشكله ذلك من قيد على حركة الفاعلين الثقافيين والحد من انفتاحهم على المجتمع؟ أو بتعبير آخر تغليب الجانب الدبلوماسي على الجوانب الثقافية؟ الدكتور الشربيني: لا أعلم صدق هذا الطرح الذي تشير إليه لكن على مستوى العلاقة الحالية بين المركز الثقافي والبعثة الدبلوماسية بنواكشوط وعلى رأسها سعادة الدكتور أحمد الشرقاوي فهي أفضل ما تكون فهو رجل مثقف يشاركنا في كل الأحداث يدعمنا ويحفزنا بل يقترح علينا زيادة الأنشطة ونوعياتها ،وبالتالي لا توجد مشكلة، مع العلم أن المركز جزء من السفارة وكلنا أعضاء في البعثة، وسعادة السفير يقوم بدور هام ولديه اهتمام ومواكبة لكل المناشط الثقافية وهناك تنسيق تام بين المركز والسفارة في كل الأحداث والقضايا وبالتالي لا توجد لدينا هذه المشكلة على الأقل في الفترة التي عايشتها.
السراج :ماذا يحتاجه المركز الثقافي المصري من واقع تجربتكم ليكون في مصاف المراكز المتميزة؟ الدكتور الشربيني :مزيد من المشاركة في دعم التعريب وتعليم اللغة لعربية والذي هو رسالة سامية لا ينبغي التفريط فيها إلى جانب دعم الأنشطة الثقافية الأخرى من الاحتفاليات والأسابيع والندوات والمحاضر والمعارض والمسابقات والبحوث والرحلات التي يقوم بها أعضاء لمركز للقرى البعيدة وما يجد من أنشطة ولدي إحساس بأن مصر سيكون لها اهتمام أكبر بهذه الجوانب في إطار التواصل والتأثير المتبادل لأن الثقافة أخذ وعطاء وكما نؤثر نتأثر وأدعو المسؤولين لتعزيز هذا الدور خاصة في تبادل البعثات العلمية وتكوين الأساتذة والمبتعثين السراج : هناك ضمور لدور الأزهر الشريف في موريتانيا خاصة بالنظر إلى توقف الاستفادة من منح الأزهر رغم الحاجة إليها؟ الدكتور الشربيني : هذا من الجوانب التي نأمل أن تحظى باهتمام في المستقبل. السراج : ألان ماذا عن الدكتور الشربيني الإنسان وما اهتماماته وشعاره في الحياة؟ الدكتور الشربيني : بالطبع أنا متزوج وأب لأربعة أطفال أصغرهم في 14 من العمر أي في المستوى الإعدادي، وشعاري في الحياة : رحم الله عبدا مؤمنا إذا صنع شيئا أتقنه فالإتقان والتجويد يمثل قيمة خاصة لدي. السراج : شكرا جزيلا |