الشاعر مصطفى الجزار في حوار عن الأدب والثورة وميدان التحرير |
الأربعاء, 08 يونيو 2011 19:44 |
مصطفى الجزار ما تزال بثيابه روائح مسيلات الدموع الهاطلة بميدان التحرير وما يزال بسمعه الهتاف القدسي لأحرار مصر"الشعب يريد إسقاط النظام"..مصطفى الجزار حملته إلى المنكب البرزخي نداءات "حداء الصحراء" لأول مرة..التقته السراج في مقر إقامته بفندق أتلنتيك بنواكشوط وسمح الوقت بالحوار التالي:
السراج : بداية نود منكم تقديم بطاقة تعريف للشاعر مصطفى الجزار ؟ ـ الشاعر مصطفى الجزار : اسمي مصطفى الجزار شاعر مصري شاب ، السن 33سنة ، أكتب الشعر الفصيح والعامي ، صدر لي ديوانان من الشعر الفصيح وشاركت في مسابقة أمير الشعراء في دورتها الأولى 2007 حيث نلت جائزة لجنة التحكيم ، إضافة إلى عدة جوائز أخرى في المحيط العربي والمصري ، وأنا إلى ذلك من مدينة الحاودلية جنوب القاهرة ومتزوج ولدي ثلاثة أبناء ، واعمل مراجعها بجريدة الشرق الوسط الدولية .
ـ السراج : كيف كانت بدايتكم مع الشعر وبمن تأثرتم في مسيرتكم الأدبية ؟ ـ الجزار : بدايتي مع الشعر كانت منذ الثالث الإعدادية أي ما قبل الثانوية حيث كنت أكتب بعض الخواطر والكلمات التي لم تكن تمت حينها بصلة إلى الشعر او العروض والوزن ، ولما عرضها على أستاذي في الصف الأول الثانوي محمود عبد السلام إمام وهو مدرس اللغة العربية ومن الذين كان لهم بعد الله تعالى علي فهو شاعر وخطاط وعنه أخذت الخط ..لذا لما عرضت عليه هذه المحاولات –وهذا ما لا اخجل منه لتشجيع الشباب –قرا ما كتبت وقال لي : شيئ وحيد جيد فيما كتبت ، قلت : ما هو قال :خطك ، فأحبطت حينها ، لأني لم أفهم ما يقصد ، ثم فصل قائلا : يا بني : إن الشعر له قواعد ولد أدوات وهي كذا وكذا ولا بد أن تتقنها حتى تكتب شعرا ، بمعناه الحقيقي ، فقلت له إذن علمني ، فقال أنا مستعد فاخذ بيدي وعلمني على قدر ما استوعب حينها وأخذت اكتب خلال المرحلة الثانوية وحتى الجامعية .
ـ السراج : بعد ذلك بما تأثرت من الشعراء الأقدمون أو المعاصرون ؟ ـ الجزار : نصحني الأستاذ بعد ذلك أن اترك ندوة شعرية ولا مسابقة إلا وشاركت فيها ، لأن الاحتكاك والتنافس في الجو الشعري يحفز الشاعر ويجعله أكثر إجادة وبالتالي دخلت كلية الآداب قسم اللغة العربية وهو ما جعلني ادرس الأدب من الجاهلي وإلى الحديث ، وبكل شعرائه دون أن ينصب اهتمامي على شاعر بعينه ولم أقرأ لشاعر بعينه قرأت للكثيرين وأعجبت بالكثيرين ومثلي الأعلى في الشعر كل بيت جميل لكل شاعر .
ـ السراج : غير بعيد عن الشعر كيف تقيمون فعاليات مهرجان حداء الصحراء ؟ خاصة في جانبه المتعلق بالإنشاد الشعري ؟ ـ الجزار : المهرجان كان فكرة ذكية وموفقة : الجمع بين الشعر و الإنشاد فهما جناحان لطائر المعنى الجميل الراقي الذي يصل إلى المسامع والقلوب بشكل راق ومبدع ومحترم يراعي آداب وتقاليد عالمنا الإسلامي والعربي ،وقد أعجبت بالفكرة كثيرا لأنها أفضل من مهرجان ثقافي لكل الفنون من التمثيل والمسرح والخطابة ..الخ مما يضيع معه الشعر أو النشيد لكن هذه الثنائية منضبطة ومتناسقة ومتناغمة بشكل جيد ورائع .
أما المهرجان فهو أكثر من رائع وبدون مجاملة ومن جوانب التميز فيه الإعداد الجيد بما فيه نزل الضيوف ومرافقوهم الذين لا يتركونا أربعا وعشرين ساعة مما يشعر الضيف بالاهتمام والأريحية ويجعله أكثر إجادة وعطاء، وجدنا في موريتانيا أكثر مما توقعنا وكنا نتوقع خيرا لكن وجدنا خيرا أكثر وعطاء أجزل ، التنظيم كان جيدا جدا ، والتجهيزات الفنية وحتى فكرة اختيار الملعب الأولى وهو مكان مفتوح تداعبه نسمات المساء كل ذلك يجعل المبدع والمتلقي يشعران بالراحة ويدفع عنهما الملل والسأم ، كما كان الجمهور رائعا ومتفاعلا ومحترما للضيوف .
ـ السراج : في مقابل جوانب التميز لابد أن تكون هناك بعض الملاحظات أو على الأصح المقترحات التي من شانها ترشيد مسيرة الأداء وتحسينه في المستقبل ؟ ـ الجزار : لم ألق بالا للسلبيات فالايجابيات لم تمنحني الفرصة لكن تبقى أهمية ضبط الوقت وعدم ترك المتحدث حسب رغبته فالحديث عبر الميكرفون له جاذبيته الخاصة ومع قليل من التشديد المهذب يحترم الجميع الوقت لاسيما أن الضيف قد ينساق وراء إلحاح الجمهور وإغرائه بالمزيد.
ـ السراج : ما مدى مواكبة ما قدم خلال المهرجان لنفس الثورات الشبابية في العالم العربي أم أن ما قدم كان مما كتب قبل هذه الثورات ولا يمت لها بصلة . ـ الجزار : كانت المواكبة واضحة والأجمل أن ما قدم كان يصب في بوتقة واحدة وهي بوتقة القدس وفلسطين كنا من جنسيات عربية مختلفة لكن الجميع يحمل الهم الفلسطيني وكان همنا أكبر من هم الثورات فالثورات ليست سوى طريقا للوصول إلى القدس .
وهذا الهم الكبير سبيله وطريقه هذه الثورات حيث لا يفك مقيد مقيدا فإذا كانت الشعوب مقيدة بحكامها وحكامها فكيف يفكون قيد القدس ، والمسجد الأقصى والمهرجان واكب هذه الثورات ..ورغم تقديم نصوص كتبت قبل الثورة إلا أنها تحمل المرارة وبما التوبيخ للضمير العربي الذي يرقد ساكنا فلا باس من بعض اليأس والتوبيخ الذي يشحذ الهمم ويوقظ الضمائر لأننا وإلى الآن ورغم قيام الثورات لا زال الحلم لم يتحقق كاملا والطريق لا زال في بدايته فلا باس من شحذ الهمم لمواصلة السير والتحرك .
ـ السراج : نعود إلى الشعر ما هي القصيدة التي تعتز بها وتمثل مكانة خاصة لديك. ـ الجزار : والله لا أخفيك قد سألت نفسي كثيرا هذا السؤال فلا أجد إجابة له ، لأني تعودت ألا أكتب قصيدة لا أحبها فلا قصيدة عندي أغلى من أخرى كأولادي كلهم أحبهم ، لكن قد يحب الناس قصيدي لي أكثر من غيرها هذا هو الفرق. وقصيدة عيون عبلة هي الأكثر انتشارا وحبا لدرجة أني سميت ديواني الأخير :"عيون عبلة "
ـ السراج : كيف ترون حركة الأدب الإسلامي وهل هي فاعلة أم منفعلة ؟. ـ الجزار : الأدب الإسلامي يجب أن ينفك ويتحرر وينزل إلى الشارع فالمشكل أن بعض الأدباء درجوا على مخاطبة النخبة المثقفة فقط فنجد القصيدة جزلة الألفاظ مفعمة المبنى عويصة المعاني ، فالشعر يجب أن ينزل إلى الى الجمهور والناس وأن لا يخاطبهم من برج عاجي ، لا ما نع أن يصطبغ بالصبغة الإسلامية، فالإسلام يجب أن يكون لكل الناس والادب والشعر الإسلامي كذلك وهذا لا يعني دعوة للابتذال والسطحية بل أن يكون الشعر مفهوما لا تقعر ولا فذلكه وإذا أراد الشاعر إظهار قدراته اللغوية والخيالية على حساب الوصول إلى الناس فهو مخطئ فالهدف الأول من الكلمة هو الوصول إلى غيرك وأن يشعر به غيرك فالأدب الإسلامي جميل وبسيط يقدم الجميع ليتأثر به المتلقي ويحبه .
السراج : هذا يحيل على إشكالية الكتابة بالفصحى والعامية فما رايكم بهذا الخصوص ؟ الجزار موقفي :"وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم " فالرسالة لا يمكن ان تفهم إلا بلغة الجمهور المستهدف ، واليوم فإن الكثير من الشعوب العربية بعيدة عن ثقافة اللغة العربية الفصحى وقد تكون العامية أسهل في الوصول إليهم ، لا نقول نلغي اللغة العربية ، أمامكم خياران : إما تبسيط اللغة العربية وأن نأتي فيها بالوحشي والغريب من الألفاظ والغامض المرمز من الصور والخيالات حتى تكون سهلة بسيطة في متناول كل الناس وإن لم تستطيعوا فاكتبوا بالعامية فالهدف الأول ليس الشعر كشعر وإنما الوصول إلى المتلقي.
ـ السراج : في نفس السياق الموقف من القصيدة النثرية والعمودية؟ ـ الجزار : أنا لا اكتب هذا الفن لكن لا أرفضه حتى لا يرفضني الآخر ، الجميل اعتماد ثقافة تقبل الآخر ما دام هذا الأخر لا يسيء إلى ديننا وعقيدتنا وهذا ما أشبهه بالمثال عندما تأتي بكأس من ذهب وتضع فيها حنظلا أقول هذا كأس حنظل في المقابل إذا جئت بكأس زجاجي رخيص الثمن وملأته عسلا سيكون كأس عسل فهناك من يكتب الشعر العمودي ويضع فيه حنظلا وهي كأس من ذهب ، وهناك من يكتب قصيدة نثرية ويضع فيها عسلا فيعجبني والأجمل من هذا وذاك أن يضع في كأس الذهب عسلا .وبالتالي فالمهم هو المضمون والمحتوى .
ـ السراج : كيف وجدتم الأدب والشعر في موريتانيا وما توقعاتكم وما مدى صدقها حول أرض المليون شاعر ؟ ـ الجزار هذا أكيد الجمهور الموريتاني جمهور متفاعل ومثقف وحاضر ودعني أقول لك ألقيت شعرا في بلدان كثيرة وحللت ضيفا في بلدان عديدة حتى في بلدي مصر لم أجد جمهورا يتفاعل ويتأثر ويستجيب ويحضر بمثل هذا النشاط والكثافة كالجمهور الموريتاني وهو ما أرجعه إلى تشرب هذا الجمهور بالثقافة والشعر وهو مثقف بطبعه يحفظ قديم الشعر وحديثه ومتون الأدب والفقه لكنني حقا فوجئت بهذه الاستجابة الرائعة في المسرح .كما لاحظت تشابها وقربا بين اللهجة الموريتانية والصعيدية في مصر .
ـ السراج : ما رسالتكم وانتم شاعر الشباب إلى الشباب الموريتاني المهتم بالأدب والشعر ؟ ـ الجزار : أقول للشباب الموريتاني أنتم جديرون بأن تعيشوا حالا أفضل لا أقول إن كما هو حال كل عربي خاصة أن موريتانيا بلد بكر ولديه الكثير من الثروات ومع قليل من التنمية والبنى التحتية تستطيع البلد أن تكون من أغنى وأروع وأكثر البلدان العربية نموا وتطورا وحضارة ورقيا .
وهي مسؤولية لا تقع على عاتق الحكومة بقدر ما يتحملها الشباب الذين عليهم التحرك بالتطوع والمبادرة والتوعية أخرى ، ويعز علي ان يكون الشباب بهذه الثقافة أو الشطارة كما نقول في مصر ولا ينهضون لتنمية بلدهم والرفع من مكانته بين الأمم .
السراج : ماذا عن مشاريعكم المستقبلية واهتماماتكم في الوقت الحالي ؟ الجزار : أصدرت منذ شهور قليلة ديواني الأخير :عيون عبلة " وانا بصدد إصدار ديون آخر لكن بالعامية وهو الأول من نوعه ، وأعكف على قصائد ستغنى في ذكرى الثورة وأنا حاضر على صفحتي في الفيسبوك وعلى اليوتيب وسأقدم للجمهور كل جديد.وستكون الكتابة عن الثورة شريكا وهما ثانيا ينضاف إلى همي الأكبر وقضيتي الأولى وهي القدس .
السراج :هل جربتم الكتابة لغير الشباب أو عن موضوعات أخرى غير القدس ؟ الجزار: اهتمامي بالشباب مصدره أنهم هم المستقبل وهم في كل امة عمودها الفقري وانأ خاطب الشباب كغيرهم ولدي قصائد للأطفال بصدد جمعها ونشرها كعمل مستقل .
السراج :أخيرا ما انطباعكم عن المهرجان وهو يلملم أوراقه في حفل ختامه ؟
ـ الجزار : اشكر من استضافني إلى هذا المهرجان وأخص بالذكر رئيس جمعية المستقبل الشيخ محمد الحسن ولد الددو كما اشكرهم على هذه التظاهرة الثقافية التي تستحق أن يحضر إليها كل الأدباء من أقاصي المعمورة فهي كانت متميزة بكل فعالياتها ومفرداتها. ـ السراج : شكرا جزيلا . |