ولد مولود : موريتانيا محكومة بالأثرياء الجدد ومضاربي العقارات |
الخميس, 21 يوليو 2011 12:45 |
وقال ولد مولود إن اهتمام النظام الحالي بالأحياء العشوائية نابع من اهتمامه بالقطع الأرضية والمضاربات العقارية وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:
السراج : سؤال الحوار يطرح نفسه الآن ..برأيكم ماهي موضوعات هذا الحوار؟
محمد ولد مولود : في الظروف العادية فإن السلطة تمارس أدوارها السياسية والتسييرية فيما تمارس المعارضة الانتقاد والتقويم ..يلجأ الطرفان إلى الحوار عندما نكون في وضع استثنائي لتجاوز الأزمة السياسية أو لمواجهة خطر قائم على البلاد ..وأظن أن البلد الآن في الخانة الأخيرة لأسباب عديدة منها أن الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز لم يسمح للبلاد بتجاوز الأزمات المتراكمة. إن أبرز ملامح الأزمة التي تعيشها البلاد اليوم ليست حصيلة للأنظمة السابقة بقدر ما هي حصيلة لتفويت فرص التجاوز والنجاح بالنسبة للبلد، فعندما اجتمعت المعارضة والأغلبية في نهاية عهد ولد الطايع سنة 2005 في ملتقى للحوار دعا إليه الحزب الذي يقوده الرئيس أحمد ولد سيدي بابا وتوصل الفرقاء إلى ضرورة حوار مباشر مع الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع لفتح الباب أمام تناوب سلمي ..جاء عزيز وفوت تلك الفرصة وأظن أن للأمر خلفيات.
ولم يبتعد عزيز كثيرا فقد فوت على البلد أيضا فرصة التغيير السياسي خلال المرحلة الانتقالية من خلال تدخلات المجلس العسكري وضغوطه على الناخبين وقوى التأثير المحلية ، وفي إصرار آخر انقلب على الديمقراطية يوم 6/8/2008 وأجهز على التجربة السياسية الفتية في موريتانيا معرضا بذلك البلد لمخاطر كثيرة جدا على مستويات عديدة من بينها على المستوى الاقتصادي تعطيل استثمارات هامة، كما فوت على موريتانيا فرصة الخروج من أزمة الانقلاب واستخدام العنف السياسي حيث أمر الجنرال محمد ولد عبد العزيز الوزير الأول مولاي ولد محمد الأغظف بالانقلاب على اتفاق دكارمقلصا الفترة الانتقالية من 43 يوما المقررة في الاتفاق إلى 21 يوما لا أكثر ورافضا تطبيق ضمانات الشفافية في العملية الانتخابية. وعطل ولد عبد العزيز البند المتعلق بمواصلة الحوار بعد الانتخابات متنكرا بذلك لما وقع عليه في دكار وفي نواكشوط، هنالك إذا الأزمة قائمة منذ 2009 بالانقلاب وكذا بإفشال اتفاق دكار وانضافت إلى ذلك الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي يعيشها البلد بمظاهرها المختلفة والمتنوعة، الحوار إذا ضرورة لتجاوز كل هذه الأزمات ولتفادي المنزلقات ويحتاج إلى نية صادقة وتضحيات من الجميع.
السراج : وماهي المواضيع التي ينبغي أن يتطرق لها الحوار؟
محمد ولد مولود : لقد نص اتفاق دكار على المواضيع الأساسية التي ينبغي أن يتناولها الحوار ..لقد جاء هذا الاتفاق في ظروف استعجالية وكان الهدف الأساسي للجبهة الوطنية هو إفشال الانقلاب والقضاء على مؤسسة المجلس الأعلى للدولة كسلطة استثنائية وذلك ما حصل بالفعل بعودة الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله إلى السلطة وإضفائه الشرعية على المرحلة الانتقالية. أما في الجانب الثاني من اتفاق دكار ..فقد تعلق بأسباب الأزمة وجذور عدم الاستقرار جراء ممارسة العنف السياسي والانقلابات كمنهج لحل الأزمات سياسية واتفقنا في هذا المجال على مواصلة الحوار بعد الانتخابات الرئاسية مباشرة لتفادي أزمات لاحقة ..لقد كان اتفاق دكار مرتبا زمنا على مرحلتين تسبق أولاهما الانتخابات وتبدأ الأخرى بعد ذلك. وقد بوب اتفاق دكار في فقرته السابعة من بنده الرابع على مواضيع الحوار سواء تعلق الأمر بدور الجيش وتفادي الانقلابات وتوازن المؤسسات الدستورية وعلاقة المعارضة والسلطة في النظام الديمقراطي، والمسلسل الانتخابي إلى آخره، وهي عموما النقاط الواردة في خارطة الطريق المقدمة أخيرا من قبل منسقية المعارضة. وبعد سنتين من توقيع ذلك الاتفاق يظهر جليا أن المحور الأساسي لأي مفاوضات بين المعارضة والنظام ينبغي أن يكون إجابة على سؤال مركزي : كيف يمكن الانتقال من وضعية النظام الاستبدادي إلى النظام الديمقراطي؟ إنني لا أستخدم عبارة الاستبدادي مزايدة سياسية بقدر ما هو وصف دقيق لسلوك النظام القائم إذ يصادر رئيس الدولة صلاحيات ووسائل كل المصالح الإدارية ولا يحترم فصل السلطات وخصوصا في علاقته بالبرلمان (عدم احترام القانون المالي) .. حينها من العبث أن نتوقع أي تغيير حقيقي إذا استمرت مظلة النظام الاستبدادي وحاولنا تنظيم انتخابات – نرجو أن تكون شفافة ونزيهة – لن تكون هنالك أي نزاهة أو شفافية في ظل نظام استبدادي وديكتاتوري مهما كان قناعه ديمقراطيا أو تعدديا ..
السراج : وماهي برأيكم أبرز العوائق التي تقف الآن في وجه الحوار
محمد ولد مولود : النظام الحالي يدفع دائما إلى الشك في وعوده وتعهداته ويجعل الثقة في ما يصرح أمرا مستحيلا ..وهذا عائق أساسي في الحوار مع النظام نظرا لصعوبة وفائه بما يتعهد به. هنالك صعوبات أخرى من بينها أنه يناقض دائما سياساته وتصريحاته وينهى عن خلق ويأتي مثله تماما، لقد استخدم حجة الاستبداد للإطاحة بالرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، لكنه عاد وبنى نظاما استبداديا متكاملا .ربما لا يتذكر عزيز الآن أنه أهمل أغلبيته وأن احتكر كل السلطات وكل الوسائل. وحتى شعاره المكرر عن محاربة الفساد فإن النظام الحاكم مارس عكس ذلك تماما سواء على مستوى المحسوبية الإدارية حيث صفي رئيس الدولة الإدارة من كل الكوادر المميزة وملأ الإدارة من حاشيته وأنصاره لتفقد بذلك الإدارة قدراتها ووسائلها. وفوق ذلك أفرغ الإدارة من وسائلها، حيث قلص ميزانية التسيير ليظهر بذلك مدى التخريب الذي حصل ضد أجهزة الدولة على يد النظام الحاكم. زد على ذلك التصرف غير الشرعي في ممتلكات الدولة والذي يتجاوز حجمه المليارات، ورغم مطالبات النواب بتقديم تفسيرات منطقية لاختفاء مبالغ مالية خيالية مثل 50 مليون دولار المشهورة وهي ملك عام للدولة وكذا 400 مليون دولار التي قال ولد عبد العزيز إنها اختفت أثناء الفترة الانتقالية، لم يكلف النظام نفسه تفسير هذا الاختفاء ومع ذلك بدأ متابعة الصغار والمستصعفين من حاشيته.. إنها مغالطة كبيرة دون شك. هنالك أيضا على مستوى الصفقات الكبيرة التي تفوح منها رائحة الفساد ونهب الثروة بشكل دائم ومتواصل ..ألا يحق التساؤل لماذا لا يتحرك هذا الرئيس الذي يدعي محاربة الفساد للتحقيق في هذه التهم وهذا التسيير الخاطئ ولما يرفض السماح للبرلمان بتشكيل لجان تحقيق في القضايا التي أثارتها المعارضة وخصوصا العلاقات المشبوهة بين شركتي تازيازت وmcm ..هنالك قضايا أخرى يبنغي إثارتها بشكل متواصل هل من الممكن للقائمين على شؤون البلد الآن أن يتصدوا للشائعات التي تقول إنهم يستفيدون بشكل شخصي من كل الصفقات التي تعقدها الدولة مع المؤسسات والشركات الأجنبية وهل يمكن أن يؤكدوا تخليهم عن الأعمال الخاصة والبحث عن الأرباح خلال فترة إداراتهم للشأن العام، حتى لا يتحولوا إلى خصم وحكم وحتى لا يؤكدوا ما يردده الكثير عن سعي النظام بالتعاون مع ثلة الأغنياء الجدد لتصفية الحسابات مع المنافسين السياسيين و الاقتصاديين.. في وضعية كهذه لا بد أن يحصل التناقض بين المهام ...مهام رجل الأعمال ورئيس الدولة. إن مآخذنا على النظام كثيرة تدفعنا إلى التشكيك في جدية الحوار ومنها مغالطته الكبيرة للمواطنين البسطاء ..ماذا جنى الفقراء من حكم رئيس الفقراء إلا صدقات قليلة جدا وعديمة الجدوائية وممنونة في كل وقت وحين. لقد من ولد عبد العزيز على المواطنين توزيع قطع أرضية عارية، وعرضهم لمخاطر كثيرة سواء في تبديد الأموال والانتظار الطويل ليحصلوا على 12 في عرض 10 أمتار في حين يوزع قطعا بآلاف الأمتار على المقربين في المناطق ذات القيمة العقارية الكبيرة، وتراجع بذلك عن المنهجية القديمة التي استخدمت من قبل بدون دعاية وبمساعدة للمواطنين على النقل وبمساعدة مالية بسيطة تصل 70 أوقية لكل أسرة. إن دعاية ولد عبد العزيز تقول إنه مهتم جدا بالمواطنين وأنه أول رئيس يوزع القطع الأرضية بسخاء وكأن الأحياء الشعبية من سبخة وميناء وعرفات ودار النعيم لم توجد قبله . إن الواقع يثبت عكس ذلك حيث يحتفظ للمقربين بالقطع الأرضية كما هو الحاصل على جنبات شارع المقاومة. ونحن بالجملة لا نطمئن للنظام الحالي ونحن حذرون جدا من التعامل معه نظرا لعدم اكتراثه بالمصلحة الوطنية العليا ولممارسته لحملة انتخابية دائمة تقوم على الدعاية لا أكثر.
السراج : هل يعني هذا أنكم ترفضون أي حوار لا يقوم على مرجعية اتفاق دكار؟
محمد ولد مولود : بالتأكيد وهذا ليس من باب التعجيز ..إن اتفاق دكار ليس شيئا ثانويا بالنسبة للمشهد السياسي الحالي، إنه مرجعية أساسية لتأطير الحوار والتوصل إلى نتائج إيجابية وإذا تراجعنا عن هذا الاتفاق الذي نص على النقاط الجوهرية للحوار ومهد للوضعية الحالية فمالذي سيضمن وفاء النظام بأي تعهد لاحق، وبالتالي لا حوار خارج مرجعية اتفاق دكار، ومع ذلك فنحن منفتحون على الحوار وراغبين في تجاوز الأزمة الحالية بصفة توافقية وهذا موقفنا سابقا وهو موقفنا الآن.
السراج : هنالك خلافات قوية بين المعارضة بشأن الحوار ماهو تفسيركم لتباين آراء قادة المنسقية وهم مقبلون على حوار مع النظام؟
محمد ولد مولود : مع الأسف هنالك خلافات عطلت المعارضة وأخذت الكثير من وقتها ويمكن تلخيص تلك الأزمة في التالي ، الجميع يسعى إلى حل الأزمة سلميا وبالحوار مع النظام لكن الخلاف في المقاربات، هنالك من يرى ضرورة قيام النظام بإجراءات مسبقة تؤكد جديته في الحوار ويضيف جوا من الثقة بين الفرقاء يساعد على نجاحه وتتمثل هذه الإجراءات في مكاسب مشروعة معطلة كالولوج إلى وسائل الإعلام الرسمية وعدم الشروع في أي عملية انتخابية بشكل أحادي وعندما يعجز النظام عن تلبية هذه المطالب البسيطة والمشرعة فلا شك أنه لن يستجيب لأي شيء آخر وسيكون الحوار حوارا عبثيا. هناك آخرون يفضلون الدخول مباشرة في حوار مع النظام بدون انتظار للإجراءات المسبقة المذكورة أعلاه ..وذلك من أجل الإسراع في حل الأزمة القائمة وأرجو أن ينجح اجتماعنا هذا المساء في حسم هذا الموضوع على أساس رؤية موحدة.
السراج : رغم أنه مطلب للمعارضة إلا أن تأجيل الانتخابات قد يكون فرصة أخرى لكم في المعارضة لتفادي هزيمة على يد النظام حيث يرى البعض أن المعارضة غير جاهزة لخوض الانتخابات؟
محمد ولد مولود : في نظر اتحاد قوى التقدم من الممكن أن تجرى الانتخابات القادمة في موعدها لأن الوقت والحالة المعنوية للبلد تنذر بهزيمة نكراء للنظام الحالي ومرشحيه ولكن شريطة نزاهة وشفافية هذه الانتخابات وهو ما يحتاج ضمانات أساسية لا يبدو أن النظام مستعد لها حتى الآن. إن النظام الحالي يستعد لإعادة انتخابات 6/6 الأحادية من خلال العملية الراهنة لمراجعة اللائحة الانتخابية في غياب اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات وبدون أي رقابة من القوى السياسية، وبالتالي يسير في طريق انتخابات غير شفافة ولا نزيهة ليضمن بذلك نجاحه. إذا المشكل ليس زمنيا وبالتالي لا يتعلق بالتأجيل أو إبقاء الأجل المفترض، يتعلق بتوفير ضمانات أساسية لعملية توافقية وشفافة. السراج : وهل ستقاطعون الانتخابات مالم تتوفر تلك المطالب؟
محمد ولد مولود : نحن الآن في مرحلة المطالبة بتوفير تلك الضمانات.. نحتاج الآن إلى مرجعية انتخابية موثوقة فنحن نرفض مرجعية لائحة 6/6 المشبوهة ومستعدون لأي لائحة أخرى مثل لائحة 2007 أو بتنظيم إحصاء انتخابي جديد وأن تتم مراجعة اللائحة الانتخابية تحت إشراف لجنة انتخابية معترف بها وتملك ثقة كل القوى السياسية.
السراج : دخل حزبكم بشكل خاص في سجال مع الحزب الحاكم وبعض أطراف السلطة لماذا أنتم وهم دون غيركم من القوى السياسية؟
محمد ولد مولود : للأسف الشديد فإن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يفهم السياسة باعتبارها تصفية للحسابات مع خصومه السياسيين ومنافسيه الاقتصاديين. ويمكن تلخيص مآخذه على اتحاد قوى التقدم في أننا تحديناه هو زميله وشهرنا بمخططهم الانقلابي قبل وقوعه في يونيو 2008 وقد انفرد حزبنا بهذا الدور وظن ولد عبد العزيز أننا نتحداه شخصيا والحقيقة أننا عملنا انطلاقا من قناعاتنا السياسية ورفضنا المبدئي للانقلابات وتحطيم الديمقراطية. ويأخذ علينا أيضا مقاومتنا الجدية للانقلاب العسكري وأنني أنا شخصيا ظهرت على شاشة الجزيرة يوم الانقلاب ودعوت إلى مقاومته بكل الطرق القانونية المتاحة. ويأخذ علينا حرصنا على تماسك المعارضة كلما سعى هو إلى تفكيكها من خلال محاولة إذكاء الخلافات في صفوفها وكان دائما يسعى من خلال الحوار إلى كسب الوقت وتقسيم المعارضة وحتى الآن لم يظهر لنا أن سيغير هذا المنطق والمنهجية. وعندما يظهر النظام صدق نيته فلا شك أننا سنتناسى كل الماضي داعين الرئيس محمد ولد عبد العزيز إلى مساعدة موريتانيا على الاستقرار و التوقف عن نهج تصفية الحسابات الشخصية والسياسبية والقبلية.
السراج : ماذا عن موقفكم من الحرب ضد الإرهاب؟
محمد ولد مولود : من المعروف كما تؤكد ذلك وثائق ويكليكس أن النظام الموريتاني تفاوض مع النظام الفرنسي من أجل دعم الانقلاب مقابل 10 تنازلات أساسية من بينها تنازلات استيراتيجية.
إن فرنسا تأخذ على الجزائر ومالي والنيجر تقاصرها عن أداء قوي في مواجهة السلفية والقاعدة في المنطقة، ومن البديهي أن الصفقة المذكورة أعلاه قد اشتملت مقابل دعم الانقلاب على تعهد النظام بتلبية رغبة الغرب في حسم موضوع بؤرة القاعدة في شمال مالي. ويمكن القول إن اتهام المعارضة للنظام بأنه يقود حربا بالوكالة ليس مزايدة، هنالك مؤشرات عديدة تدفع إلى تأكيد هذا الطرح أولا غياب استيراتيجية لمواجهة التشدد السلفي والجهادي كما ليست هنالك استيراتيجية أمنية واضحة تجيب على سؤال مهم : وهو لماذا نقوم بكل هذه الغزوات والمغامرات التي عجزت عنها الجزائر ومالي. إن غياب استيراتجية وطنية يعني بالضرورة تحرك الارتجالية وبالأحرى حسب توجيهات خارجية. إن النظام يقترف إثما كبيرا في متابعته لهذه المغامرات خارج الحدود. أمنحن ندعم بشكل كامل كل عملية تهدف إلى حماية الحوزة الوطنية وتأمين المواطنين، كما أننا نرفض لفت الأنظار عن أخطار أخرى. ونتساءل ماهي استيراتيجية النظام في محاربة المخدرات، ولماذا يترك المجال للمخدرات حتى تصل إلى المدارس.. ولماذا يهمل الهيئة الخاصة بمكافحة المخدرات ويبقى ميزانيتها في مستوى زهيد ( 30 مليون أوقية سنويا ) وهي التي تواجهها عصابات تغري بملايين الدولارات ...أليس هذا بابا مفتوحا لاختراق أجهزة الأمن والقضاء والجيش من طرف عصابات المخدرات.
السراج :هل تتهمون النظام بالتغاضي عن تجارة المخدرات؟
محمد ولد مولود : يمكن القول إن النظام الحالي ترك البلد مجالا حرا أمام تجارة المخدرات ..لا أقول بإرادة مبيتة ولكن ممارساته اليومية تشكك بقوة في كفاءته الأمنية أو في جديته في مواجهة هذه الظاهرة المتنامية. فمنذ وصوله إلى السلطة لم نشاهد أي معالجة حقيقية لهذا الموضوع، رغم تعدد الشواهد والدلائل الكثيرة سواء تعلق بالأمر بالطائرة الضخمة التي اكتشفت قبل سنوات أو بالباص الذي يحمل كميات كبيرة من المخدرات، حتى أنه يتعامل بتسامح مريب أحيانا مع هذه الظاهرة ففي مسألة المزرب طلبت الإذاعة والتلفزة لاستيلاء الجيش على قافلة للمخدرات واعتقاله لحرس القافلة المذكورة، وعندما طلبت المعارضة إثبات هذه الدعوى نظم وكيل الجمهورية عملية حرق للكميات التي ضبطت وهو ما يدل على أن الأمر كان اكتشافا لقافلة مخدرات بالفعل ..لكن السؤال الأبرز أين هم المتورطون في تلك العملية وأين سياراتهم ..نحن إذا أمام وضع خطير يبدو أن الدولة الآن تقدم رسائل خطيرة للمجرمين في العالم : تعالوا إلى هذه الأرض السائبة ومارسوا ما تشاءون من تجارة محرمة بشرط أن يكون لها عائد على النافذين في السلطة أو الأمن. نحن إذا نتساءل – وذلك من حقنا – لماذا تعجز السلطة عن العثور عن المجرمين الذين أدخلوا هذه الكميات الهائلة من المخدرات وإذا عجزت عن الوصول إليهم ألا يعني ذلك بالضرورة أنها عاجزة عن تأمين البلد وهي ما يعني ضرورة رحيلها وتركها البلد لمن يستطيع تأمينه ومواجهة التحديات.
السراج : كيف تقيمون بشكل عام عمل الحكومة الحالية؟
محمد ولد مولود : عمل الحكومة مختصر في تنظيم الجانب الدعائي للنظام وفي خرجات ولد عبد العزيز المتكررة أو في تنظيم الصفقات المجحفة التي تؤول لصالح نافذين في السلطة، وفي سوى ذلك فهي حكومة مسلوبة الصلاحيات والتأثير تضيع الأوقات في الاجتماعات غير المجدية وفي الواقع يشعر أعضاؤها بأنهم مجرد مأمورين لا رأي لهم ولا تدبير هذه حكومة عاجزة وقادرة فقط على تعقيد الأمور حتى في الملفات التي انطلقت نحو الحل مثل ملف العائدين وكذا ملف الكزرة فقد ارتجلت في هذين الملفين وأعادتهما إلى المربع الأول. لقد أدت وعود ولد عبد العزيز إلى هجرة من الريف إلى نواكشوط، تفوق تلك التي نتجت عن جفاف السبعينات وذلك ما أدى إلى زعزعة الحالة الاقتصادية والاجتماعية لسكان المناطق الريفية وفي الوقت نفسه ضيق الأمر وعقده بالنسبة لسكان أحياء الانتظار. وبالنسبة لملف الإرث الإنساني أثار ارتباكا واسعا بتصريحاته أو بقرار الحكومة نبش القبور فالواقع أن هذه الحكومة تفتح العديد من الملفات لكنها تعجز دائما عن طيها، وبذلك تشكل خطرا على البلد لأن النبش عن المشكلات مع العجز عن معالجتها يعرض الأمن والاستقرار. لا تهتم سياسة النظام إلا بمجالين ضيقين فهي تهتم بالأمور العقارية وتسعى إلى الاحتواء على القطع الأرضية الثمينة وتوزيعها على المقربين وهذا هو لب اهتمام النظام بالكرزة، أما المجال الثاني فيتعلق بالصفقات مع الشركات الأجنبية التي يحيطها كثير من الغموض والشبهات وما بقي من أنشطة الحكومة فيختصر في الأساس على عمل دعائي إعلاني لتغطية النشاطين السابقين، إن موريتانيا اليوم محكومة بزمرة قليلة من الأثرياء الجدد والمضاربين العقاريين الكبار، وهذا هو سر التذمر الواسع في كل الشرائح الأخرى من طبقة وسطى وجيش ومدنيين ورجال أعمال وشرائح شعبية وهو أيضا سبب غياب استيراتجية واضحة في المجالات الأخرة وفي الواقع يمكن تلخيص ىاعتبار السياسة الإصلاحية لهذا النظام بأنها أكثر ضررا على البلد من فساد كل الأنظمة السابقة إذا ما اعتبرنا الشلل الحاصل اليوم للإدارة وإقحام الجيش في مغامرات عسكرية خارج الحدود وفي إفساد الحالة المدنية ومن المعروف أن هذه المسائل الثلاث (الإدارة والجيش والمواطنين هي ركائز أي دولة وإفسادها أعظم فساد.
السراج : أنتم داعم أساسي للشباب الثوار كما يقال ...ماهو موقفكم من ثورة في موريتانيا ضد النظام؟
محمد ولد مولود : حاول النظام أخيرا القول إن قوى التقدم قوة تدعو إلى الثورة والانقلابات والحلول العنيفة متلاعبا في ذلك بخطاب ألقيته قبل فترة ومتجاهلا أن لاتحاد قوى التقدم مسارا طويلا في النضال السياسي يرفض الانقلابات ومتناسيا أن الجمهور يعرف من أعاد البلد إلى فترة الانقلابات ومن بدد فرصة الحلول السلمية لأزمات البلاد. الجميع يعرف من انقلب على ولد الطايع ثم على اعل ولد محمد فال ثم على سيدي ولد الشيخ عبد الله ثم على اتفاق دكار وينقلب الآن على أغلبيته على وحكومته. إن أسلوب النظام أسلوب غريب جدا إذ يتهم الآخرين بما قد يتهم به وكأنه يقوم بعملية استباقية فعندما يتهم الأطر النزيهة (مولاي العربي ) بالاختلاس يتناسى أنه هو من يغطي على عمليات اختفاء مبالغ تصل إلى المليارات كما ذكرنا آنفا. وبالطبع قد ينجح أحيانا في مغالطة الرأي العام وذلك ناتج عن استبداد آخر يتعلق بالسيطرة على وسائل الإعلام وتحويلها إلى آلة دعائية تلبس الحق بالباطل.
السراج : شكرا لكم
|