ولد منصور: لا يكفي إعلان الاستعداد للحوار لإطلاقه" مقابلة"
الخميس, 28 يوليو 2011 13:26

 

altقال رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح والتمنية" تواصل" محمد جميل ولد منصور إنه لا يكفي إعلان الاستعداد للحوار، إذا لم تكن هناك مؤشرات دالة على إرادة سياسية حقيقية وجادة في إطلاقه.

وأضاف ولد منصور في مقابلة مع السراج أن أهم العوائق أمام هذ الحوار تكمن في عدم توفر قناعة بوجود إرادة حقيقية لدى النظام في الحوار وعدم توفر شروط موضوعية تطمئن مختلف الأطراف على أنها مقدمة على حوار جدي وبناء.

 

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة

 

 

السراج: لنبدأ بحديث الساعة في هذه الأيام وهو الحوار..الرئيس أعلن استعداده للحوار في أكثر من مناسبة والمعارضة تطالب به برأيكم ما الذي يحول دون انطلاق هذا الحوار؟

 

محمد جميل ولد منصور

بعد الشكر المستحق  للسراج والدعاء لها بالتوفيق أود أن أقول إن إشكالية الحوار كانت في البداية دائما هي إشكالية إرادة لأنه لا يكفي أن يعبر عن الحوار والاستعداد للدخول فيه إذا لم تكن المؤشرات دالة علي وجود إرادة سياسية حقيقة، وكنت دائما أقول إن إعلان رئيس الجمهورية بأنه مستعد للحوار لا يكفي لأن الاستعداد للحوار يجب أن يكون من طرف القوى السياسية،  وفي الفترة الأخيرة وبعد جولة من الاتصالات قام بها رئيس الجمعية الوطنية "مسعود ولد بلخير " بعد إعلان الرئيس عن استعداده للحوار, فعلا بدأت مراسلة بين الرئيس ومنسقية المعارضة الديمقراطية من أجل الاتفاق علي ما يسمى "ب:خارطة طريق" تحدد بدورها إطار ومقدمات وشكل الحوار ، وأنا أعتقد أننا مازلنا في هذه المرحلة قد نكون تقدمنا فيها  وقطعنا خطوات إيجابية في هذه الطريق لكن لا يمكن القول بأننا وصلنا إلي مرحلة يمكن القول معها إن الحوار منتظر على نحو عملي , أتمنى أن نتجاوز هذه المرحلة وندخل في حوار جدي ومسؤول، كما أكد حزب تواصل  أكثر من مرة شرطه أن  يكون الحوار شاملا جادا في تناول تلك المواضيع  وتشارك فيه كل النخب السياسية  في البلد  ويفضي إلي نتائج ملموسة حقيقية  تؤدي إلي إصلاح سياسي جذري , يكرس المؤسسية ودولة المؤسسات .

 

السراج:بعض أحزاب المعارضة يفرض قيام الحوار دون قيد أو شرط والبعض الآخر يفرض القيام بإجراءات ممهدة له، هل للمعارضة رؤية موحدة حول الحوار المرتقب مع النظام؟

محمد جميل ولد منصور :

 

أنا أعتقد أن منسقية المعارضة الديمقراطية في البلد مكونة من مجموعة من الأحزاب  ولأنها مكونة من مجموعة من الأحزاب , فكل منها مختلف مع الآخر في رؤيته للقضايا المطروحة والزاوية التي يرى منها تلك القضايا , ومع ذالك فقد أثبتت منسقية المعارضة أنها مع ذالك التباين  والتعدد والتنوع و بعد النقاشات وتبادل الآراء قادرة علي أن تخرج دائما برؤية موحدة ومنسجمة بين جميع الأطراف وهي النتيجة المرجوة .  وهذا هو عنصر القوة الذي يترجمه الثراء والتنوع  والاختلاف إلي درجة التباين وهو دليل أيضا على قوة المنسقية . وبالتأكيد تحتاج المرحلة القادمة إلي مزيد من الجهود والطاقات . فوجود الإرادة السياسية  بين هذه المكونات المختلفة بغض النظر عن الزوايا التي تنظر منها هي الضامن بعد الله تبارك وتعالي علي وحدة التوجه , ومما يفيد منسقية المعارضة في رؤيتها للحوار حماس البعض لهذا الحوار كما سيفيدها  تحفظ البعض على هذا الحوار فكل ذالك سيفضي إلي رؤية متوازنة وموحدة قادرة علي أن تعبر عن جدية حقيقية للحوار ولكنها جدية أيضا مدعومة برؤية حذرة تجاه النظام.. حتى الآن للأسف مؤشرات جدية النظام في الحوار يشكك فيها البعض تشكيكا مقبولا في بعض جوانبه.

 السراج: برأيكم ما هي أهم المعوقات تحديدا أمام انطلاق الحوار؟

 

محمد جميل ولد منصور :

 

نحن نعتقد أنه إذا نجح مختلف الأطراف في تجاوز هذه المرحلة  فسنكون فعلا تجاوزنا معوقات أساسية, ونأمل بذالك أن يكون هنالك حوار جدي, لكن أعتقد أن أهم المعوقات هي القناعة في وجود إرادة حقيقية لدى السلطة في هذا الحوار, وفي توفر شروط موضوعية من شأنها أن تطمئن مختلف الأطراف علي أنها مقدمة علي حوار مسؤول وجدي  ونأمل أن يتم تجاوز هذه المعوقات ونحن نغلب هذه النظرة علي التحفظ الوارد الذي يشجعه سلوك النظام .

السراج: ما هي أهم نقاط الخلاف بين النظام والمعارضة حول وثيقة الحوار التي قدمها الرئيس؟ .

 

محمد جميل ولد منصور :

 

 

مضمون الوثيقة ومضمون النقاشات التفصيلية في خارطة الطريق هذه أمور في المنسقية يختص رئيسها الدوري في التصريح فيها والحديث في شأنها .

السراج: في ظل هذه الأجواء من الشد والجذب بين النظام والمعارضة وفي حالة عدم نجاح مساعي الحوار، ما هو موقفكم من الاستحقاقات القادمة؟

محمد جميل ولد منصور:

أعتقد أنه لا يختلف اثنان أن الشروط الموضوعية لتنظيم انتخابات شفافة ونزيهة حقيقية غير موجودة سواء تعلق الأمر  بالسجل الانتخابي أو بالقانون الانتخابي  أو  تعلق باللجنة المستقلة  للانتخابات أو بوضع الإدارة أو و بوضع وسائل الإعلام ،كل المحاور المتعلقة بإجراء انتخابات شفافة لا يختلف اثنان أنها غير متوفرة، ولذالك أعتقد أن أي انتخابات لا تتوفر لها هذه الشروط ولا يُتفق على قواعد تنظيمها , وإجراءات ضمان شفافيتها أعتقد أنها ستكون تكرارا لما يعتقد البعض أننا تجاوزناه وأن العودة إليه هي عودة لعقارب الساعة السياسية للبلد إلي الوراء  البعيد .

ولذالك لا أعتقد أنه من الوارد الحديث عن انتخابات علي هذا النحو، وبالنسبة لنا في تواصل لم نأخذ حتى الساعة موقفا محددا من هذه الانتخابات إن كانت ستجري في موعدها المحدد وعموما نحن جزء من منسقية المعارضة الديمقراطية  ونفضل دائما التشاور في كل هذه الأمور ذات الطابع السياسي .

السراج: هل يعني هذا أنكم غير مستعدين للمشاركة في الانتخابات المقبلة إذا لم تتوفر الشروط التي ذكرتم لضمان شفافيتها؟

محمد جميل ولد منصور:

 

نحن في "تواصل" الذي نطالب به واضح وهو أن أي انتخابات  برلمانية أو بلدية أو أي انتخابات ستجري في البلد يجب أن تجري بناء علي قواعد  سليمة واضحة تطمئن كل الأطراف أنها ستجري في ظروف تطبعها الشفافية والنزاهة فتوفر هذه الشروط هو الشرط الأساسي لإجراء هذه الانتخابات .

كيف ستجري هذه الانتخابات _ متي ستجري، المسار الذي ستأخذه ؟ هذا أيضا يجب أن يكون حاضرا كموضوع رئيسي من مواضيع الحوار السياسي إن كان سيجري.

السراج: يقول البعض إن المعارضة تلح على الالتزام ب"الأجندا" الانتخابية وتطالب باحترامها، وفي نفس الوقت غير جاهزة لخوض غمار هذه المعركة سياسيا، وتفضل تأجيل الانتخابات على الأقل من الناحية "البرغماتية" ما هو رأيكم بهذا الخصوص؟. 

محمد جميل ولد منصور:

 

ليس لي علم بطلب للمنسقية بتعجيل الانتخابات أو تأجيلها كلما ما أعرفه أن مختلف أطرافها متفقة على أن الانتخابات هي استحقاق طبيعي  والوسيلة الطبيعية للتبادل السلمي علي السلطة  وهي الوسيلة الحقيقية لتعبير المواطنين عن رأيهم حول من يحكمهم وكيف يحكمهم .؟

وأن هذه الانتخابات يجب أن تتوفر لها لآليات والشروط الموضوعية وهي لازمة لنجاحها وسيرها مسارا صحيحا  كالمتعلقة بالسجل والقانون الانتخابيين والمتعلقة بوضع الإدارة والإعلام والمتعلقة  بتكافؤ الفرص  والمتعلقة بحياد الدولة إدارة وجيشا وأمنا وحين تتوفر هذه الشروط تكون الانتخابات .وأن الانتخابات المكررة التي توجه ويتحكم في نتائجها وسيرها   وتفتقد شروط الشفافية تنتمي لعهد سابق ووضع سابق ومرحلة سابقة ولا يليق لبلدنا في ظل التحولات التي تجري من حولنا أن يكون الركب يتقدم ونحن نتأخر.

السراج: على ذكر السجل الانتخابي يرى البعض أن الإحصاء الحالي يمثل إقصاء واستهدافا لبعض شرائح المجتمع وهو ما تترجمه بعض الاحتجاجات في الأسابيع الماضية ضد هذا الإحصاء، برأيكم هل تمثل الإجراءات المتبعة في هذا الإحصاء إقصاء أو استهدافا لمكون عرقي بعينه؟

محمد جميل ولد منصور:

الإحصاء خطوة من الحجم الكبير وخطوة بهذا الحجم ينبغي أن تخضع للتشاور والتحضير الكافيين  وينبغي أن  يشرف عليها من يطمئن الجميع لسلوكه السياسي وتاريخه المهني وأهدافه الوطنية ثم إن البلد عانى في الماضي من بعض الاحتكاكات والمشاكل ذات الطابع العرقي والفئوي وليس هذا من باب  التمثيل المستصحب للتعدد الفئوي والعرقي  ولكن  من باب الاطمئنان  أن كل الموريتانيين رغم اختلافهم العرقي يجب أن يجدوا أنفسهم في دولتهم وفي  المؤسسات ذات الصلة بالشأن الوطني الحساس ومنها الإحصاء .  

من ناحية ثانية أن هذا الإحصاء حسب المعلومات المتوفرة أن هناك بعض المجموعات العرقية وجدت  في سلوك بعض المشرفين على مكاتب هذا الإحصاء  أسئلة استفزازية  تعبر عن إرادة مسبقة للإقصاء ولذالك نددوا وشجبوا .

نحن لا يهمنا أن نعطي انطباعا لموقف لم تتوفر شروطه بشكل كاف، لكن الذي نريده هو أن كل أبناء الوطن  يجب أن يجدوا  أنفسهم في هذا الإحصاء في إجراءاته ونتائجه . وأن كل الموريتانيين بغض النظر عن انتمائهم العرقي والفئوي  حقهم في الإحصاء  حقهم في المواطنة حقهم في الوثائق يجب أن يكون مضمونا .ولذالك نطالب فعلا بتصحيح الأخطاء المسجلة حتى الآن والتي تضررت منها بعض المجموعات العرقية المحددة وشملت حتى مجموعات أخرى.

وهذا عائد بطبيعة الحال إلي الارتباك والأحادية وربما أيضا التحكم المطلوب في مسارهذه العملية.

السراج: ما هو موقفكم من العمليات الأخيرة للجيش الموريتاني ضد القاعدة وهل تعتبرونها حربا بالوكالة؟

محمد جميل ولد منصور:

نحن كنا واضحين في هذه المسألة حتى في فترة مرحلة المعارضة الناصحة

نقول بشكل واضح  إننا مع وجود "استراتيجية" وطنية  لمحاربة الإرهاب ولوقف التطرف والغلو ولتحصين هذا البلد مواطنين وممتلكات وضيوفا من كل ما يهددهم أمنيا وإن هذه "الاستراتيجية" ينبغي أن تكون شاملة كل الجوانب التي يمكن أن يتسرب منها التطرف أو  الإرهاب والغلو مثل المسائل التربوية الثقافية و الاقتصادية الاجتماعية وبالتأكيد الأمنية، لكن هذا شيء والدخول في المغامرات شيء آخر  .

نحن نعتقد أن الجيش  الوطني  من أهم مؤسسات هذا البلد التي تستحق على كل أبنائه الاحترام والتقديروينبغي أن يكون سعي الجميع  أقوى  وأنجع وأكثر مهنية  وأكثر احترافا. وفي وضعية جيدة علي كافة المستويات المعنوية والمادية  وأنه ينبغي أن يخرج من دائرة الخلاف السياسي التقليدي , بين أقطاب الساحة الوطنية ,ولكن أعتقد أن هذا الجيش ينبغي أن يكلف بمهمته ,وهي تأمين الحدود وحراسة البيضة  والحفاظ علي أمن الوطن  , ومواطنيه وضيوفه ,دون الدخول في حروب خارج البلد .

أولا: هذه الحروب لم تأت في إطار سياسية إقليمية واضحة , لأننا لم نجد في الميدان إلا الجيش الموريتاني, حتى الدولة التي تجري العمليات على أرضها لم تشارك في هذه الحرب مشاركة حقيقية  دعني من المشاركة الإعلامية أو السياسية   .

المسألة الثانية :وجود الجيش الموريتاني في وضعية قتالية صعبة  في أرض غير أرضه وضمن شروط  "لوجستية" وعسكرية قد تكون صعبة بالنسبة له.

 والثالثة : أنها لا تجد الدعم بشكل صريح إلا من قوى أجنبية  بعيدة عن الميدان أهلها  لا يتضررون كما يتضرر أبناؤنا  وإخواننا وآباؤنا في الجيش الوطني .

لذالك قلنا بشكل واضح لا للحرب خارج الحدود هذا فضلا عن أنها إرسال للجيش الموريتاني خارج حدوده وهذا تعريف من تعريفات الحرب ولذالك ينبغي أن تخضع الخطوة لنقاش واتفاق برلمان هذا البلد .

حين يتعلق الأمر باعتداء داخل بلدنا باعتداء يهدد أمننا  باعتداء يهدد دركيا أو عسكريا أيا كان, نحن  صريحون جدا في  الوقوف مع الجيش  بل  نقف معه حتى أثناء هذه الأخطاء . 

لكن نحمل السلطات السياسية  مسؤولية الزج بالجيش الوطني  في هذا النوع من الحروب .

السراج: يوجد في السجون الموريتانية الآن بعض المعتقلين في قضايا يقال إنها تتعلق بالفساد، ما هو تقييمكم لهذه الاعتقالات.. هل تدخل في إطار الحرب على الفساد أم تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين؟

 

محمد جميل ولد منصور:

أنا لا أريد أن أتحدث في الجانب القضائي في المسألة لكي أبرأ متهما أو أؤكد عليه تهما  هذه مهمة القضاء بشرط أن يكون مستقلا عن السلطات التنفيذية التي لا تتورع عن توظيفه -إن قدرت على ذلك - في سبيل تحقيق أهدافها .

فيما يتعلق بالمعتقلين  الواضح من خلال المؤشرات  والمعطيات بل من خلال تصريحات  النظام نفسه , أن لائحة المفسدين أكبر من هذا العدد المحدود المعتقل الآن .

فأين مصير هذه اللائحة  وخصوصا أولئك العناصر الذين يدعمون ويؤيدون  النظام الحالي  ويوفر لهم أشكال الحماية  المختلفة بل بعضهم في مواضع النفوذ .

المسألة الثانية أن أهل هذا البلد بينهم قدر كبير من التعارف  ومن السهل جدا عليهم التأكد من أي معلومة عن هذا الشخص أو ذاك  والمفارقة في هذا الصدد  أن شخصا مثل الأخ مولاي العربي ولد مولاي أمحمد  لا يختلف  اثنان  ممن يعرفونه  ويعرفون سلوكه وتاريخه  على نزاهته وجديته وكفاءته وهو في هذه الوضعية وأن يكون آخرون لا يختلف اثنان أيضا في وصفهم بالعكس في مواقع النفوذ..  هذه فعلا مفارقة في وضع يقال إن الحرب على الفساد فيه قائمة .

نحن للأسف بعد تقويم  لهذا الشعار وبعد الدراسة التي نشرناها  توصلنا إلي أن الحرب علي الفساد كانت شعارا فارغا  وفرفي كثير من الأحيان الحماية  للمفسدين ووفر في بعض الأحيان  استهدافا  لمن نراهم مصلحين .

السراج: بالعودة إلى السياسة الأمنية ..يلاحظ انتشار الجريمة وتهريب المخدرات بشكل لافت في الآونة الأخيرة، ماهو تقييمكم للسياسات الأمنية للنظام في مجال محاربة الجريمة والمخدرات؟

محمد جميل ولد منصور:

 

نحن للأسف ندرك أننا بلد "رخو" ومنطقة واسعة وربما مستهدفة وبالتالي من الطبيعي أن يوجد مثل هذه الجرائم وهذا الانفلات , و ليس من الطبيعي أن جهودنا الأمنية لا توجه بالدرجة  الأولى  لهذه المجالات  ولذالك نحن لا نريد أن نوظف الأمر توظيفا مبالغا فيه , أو توظيفا زائدا  من الناحية السياسية، كلما نود  قوله هو إن قواتنا الأمنية و جهودنا الأمنية  ينبغي أن تصرف وتوجه  وتعزز لمحاربة المخدرات  ومحاربة الجرائم علي نحو جدي لا لبس فيه سواء علي المستويات الأمنية  الابتدائية  أو علي مستويات  التحقيق وكذالك القضاء , لأن من يهدد الأمن في هذه الجوانب أولي بالملاحقة  من غيره .

السراج: درجت الحكومة على القيام بإجراءات تخفف من حدة الغلاء خلال شهر رمضان وتراجعت عنها هذه السنة واكتفت باستمرار ما يسمى بعملية التضامن 2011، بشكل عام ما هو تقييمكم لسياسات الحكومة في مجال الأمن الغذائي والتخفيف من وطأة الغلاء؟

 

محمد جميل ولد منصور:

 

قد يكون التراجع هو العنوان المناسب  لوصف السياسة الاجتماعية  للنظام الحالي  فمن تخفيض للأسعار ارتاح له الناس  وكان سببا دون شك في دعم سياسي معتبر بعد انقلاب 2008 إلي ارتفاع  مذهل للأسعار يعجز الناس اليوم عن متابعته على المستوى الحسابي وتعجز جيوب المواطنين عن المواء مة معه في أي مستوى من مستوياته .

حتى السياسات الدعائية التي  تستهدف المواطنين  ويستفيدون منها تحت شعار  الدعاية العامة  ومحاولة خلق صورة وانطباع أن هناك سياسة اجتماعية  حقيقية موجهة إلي الفقراء , تراجعت أيضا , ومثلت دكاكين التضامن  قمة الفشل في هذا النوع من المبادرات  التي يقوم بها النظام  تجاه المواطنين وبشهادة بعض القائمين عليها أنفسهم  وبعض عناصر السلطة , ولذالك وللأسف ونحن تفصلنا أيام عن شهر رمضان المبارك  , تعتبر السياسات الاجتماعية للحد من الغلاء أو لدعم القدرة الشرائية  للمواطن أو لمساعدته علي تحمل أعباء معيشة صعبة  يعجز عنها الموظفون السامون  فأحرى الموظفون البسطاء أما الفقراء  الذين لا وظيفة لديهم ولا مداخل فلا حول لهم ولا قوة   .

هذا كله يؤكد أن هذه السياسة سياسة فاشلة وأنها بنيت  في جزء كبير منها علي الدعاية والاستهلاك الإعلامي مما أوجد انطباعات و آمالا عند الناس لم تكن  السياسات والإجراءات العملية علي مستواها  بل لم تكن قريبة منها ولذالك  فمن أكبر مظاهر فشل السياسة القائمة للسلطة الحالية هو الجانب الاجتماعي المتعلق بالفقراء والمستضعفين وعامة الناس  وأوضاعهم المعيشية  ومواجهة الغلاء الذي يطحن حياتهم اليومية .

السراج: بصفتكم مفكرا إسلاميا: ما هو تقييمكم لواقع الخطاب الإسلامي في العصر الحالي؟

محمد جميل ولد منصور:

بدون إقرار الصفة التي تفضلتم بها ومع اعتزازي بالانتساب للفكر الإسلامي   ومدرسته الوسطية بالذات أعتقد أن الفكر الإسلامي اليوم يعيش مرحلة متقدمة من محاولة تنزيل  كليات الدين  وأحكامه علي  واقع متغير باستمرار  يحتاج إلي عقل اجتهادي يتوفر بفضل الله على قدر كبير من علماء ومفكري هذه الأمة ’ ولذالك حين ننظر إلي  المادة المنتجة للفكر الإسلامي  في المجلات  السياسية المتعلقة بالحرية والديمقراطية والتعددية  والمتعلقة بالنواحي الاقتصادية والعدالة الاجتماعية  , المتعلقة بالعلاقات الدبلوماسية  والمواقف من الآخر المتعلقة بمختلف السياسيات  الثقافية والإعلامية  نجد أن الفكر الإسلامي حقق تقدما كبيرا جدا في تصور بدائل  تلتزم بالأصول  وتتجاوب مع الإكراهات  والتحديات والأقضية  التي تحدث للناس في حياتهم اليوم .

صحيح أنه من الوارد أن يطالب القائمون علي هذا الفكر  والمنتجون لهذا الفكر  ببذل المزيد  لأن التحديات كبير ة والأسئلة والإشكالات تتنوع  بتنوع التحديات  وأعتقد أن ذالك بالإمكان خصوصا إذا نظرنا إلي جيل  من المفكرين والعلماء اليوم  داخل الصحوة الإسلامية والحركة الإسلامية  المعاصرة  , وبالتالي الارتياح لما تحقق موجود , والحاجة للمزيد موجودة  والأمل للاستجابة لهذه الحاجة بفضل الله موجود .

 

 

السراج: وكيف تنظرون لمستقبل الحركات الإسلامية في مرحلة ما بعد الثورات العربية؟

محمد جميل ولد منصور:

 

أولا هذه الثورات أعطت أملا للأمة وليس للحركات الإسلامية فهي في حقيقة الأمر هي بالدرجة الأولي  ثورات أمة ولذالك أعجبني كلام "علي صدر الدين البيانوني"  المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا  سابقا في حديثه أول أمس في تجمع نظمه الحزب تضامنا مع الشعب السوري ,حين قال: لا الإخوان المسلمون  ولا غيرهم يمكن أن يدعي أنه وراء هذه الثورات  أو نظمها أو قادها هي ثورات شعوب , هي ثورات شعوب , يحاول الجميع أن يتكيف معها  وأن يلتحق بها، ولذالك  كانت هذه الثورات تعبيرا عن الضمير الجمعي  وعن القاعدة العامة للناس وبالتأكيد من هذا الضمير الجمعي ومن القاعدة العامة للناس  يبرز التيار الإسلامي طرفا رئيسيا ومهما , ولذالك اليوم  حيث نجحت هذه الثورات في تونس ومصر نجد أن التيار الإسلامي بمدرسته الوسطية  المعتدلة الناضجة , يشكل جزءا من الخليط الذي تشكل في تونس ما بعد الثورة ومصر ما بعد الثورة , وبالتأكيد ينتظر بفضل الله أيضا  أن يكون جزءا مهما في ليبيا ما بعد نجاح الثورة , وفي سوريا إذا ما نجحت الثورة وهو ما نأمله وبالتأكيد  في اليمن لأن الطرف الإسلامي فيها كان فاعلا  في هذه الثورة  لأنه كان حاضرا بقوة قبل ذالك .

المهم أن تدرك الحركات الإسلامية  وأن تدرك الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية  في هذه الدول وفي غيرها أنها هي أيضا مطالبة  بأن تتكيف مع المرحلة الجديدة  وبأن تعلم بأن هذه الأمة أصبحت لديها مطالب حقيقية  في الحرية والكرامة والعدالة  وأن الشعارات لم تعد تكفيها , وأنها بحاجة إلي قوى سياسية بحجم الحركة الإسلامية  تجدد من فكرها , وتستوعب التحديات التي تعيشها  وتكون في مستوى آمال هذه الشعوب وخصوصا قطاعاتها الشابة التي كانت العنصر الأساسي الفاعل في هذه الثورات  حين تستجيب الحركات والأحزاب الإسلامية فإن الأمل المعقود عليها , سيكون في محله وإلا فمن يخلف الموعد مع الناس سيخلف الناس الموعد معه .

السراج: شكرا جزيلا لكم

محمد جميل ولد منصور: شكرا.

 

 

 

ولد منصور: لا يكفي إعلان الاستعداد للحوار لإطلاقه

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox