ولد سيدي محمود : الاقتصاد الوطني يتجه نحو الخراب |
الأربعاء, 17 أغسطس 2011 13:25 |
مقابلة النائب السالك ولد سيد محمود السراج : تابعتم ما دار في لقاء الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع الشعب بمناسبة الذكرى الثانية لتوليه مهام الحكم في البلاد ما تقييمكم لهذا اللقاء المفتوح ؟ وما الانطباعات التي خرجتم بها بعده ؟ النائب السالك ولد سيد محمود : بالنسبة لي ما قام به الرئيس لا ينبغي أن يسمى لقاء شعب وإنما لقاء سلطة وخطاب سلطة موجه ليس إلى الشعب لأن الشعب الموريتاني يعيش حالة من البؤس وتردي الأوضاع المعيشية وحالة أيضا من الاحتقان السياسي لا يمكن أن يتقبل فيها أي خطاب من هذا النوع وبالتالي لا ادري من يخاطب الرئيس في هذا اللقاء وإذا كان غير الموريتانيين فقد أخطا الوسيلة باختياره وسائل الاعلام الحكومية محدودة الانتشار. وللتوضيح أكثر فقد كنت أحبذ أن يكون اللقاء مناظرة بحيث يقدم الرئيس رؤيته وبرنامجه ويكون هناك تبادل لوجهات النظر وتختار مجموعة من السياسيين للرد على ما قدمه الرئيس، ويكون المواطن فقط حكما ، أما أن يختار الصحفيون بعناية ويختار الجمهور والمتدخلون كذلك بعناية ويقدم الرئيس ما شاء من آراء وأفكار ومعلومات مغلوطة ،ويرى البعض أن الرئيس كان رحب الصدر فهذا غير وارد ، فلو كان هناك رأي آخر وقوبلت المعطيات التي قدمت بحقائق تفندها لكان هناك مظهر آخر للقاء. لكن الخطاب من البداية كان يراد به أمر واحد وهو مغالطة العامة وهوغير موجه للنخبة ولا للمثقفين ،فمن يملك الحقيقة لا ينبغي أن يخاف من النقاش؟ هذا من حيث الشكل، أما من حيث المحتوى فالخطاب اشتمل إما على معلومات مغلوطة أو سخرية تمثلت في الرد على بعض أسئلة المواطنين وإما التظاهر بالعجز عن حل المشاكل المطروحة . فبالنسبة للمعلومات المغلوطة في المجال السياسي فتجلت في القول بأن انتخابات الشيوخ أجلت تلبية لطلب منسقية المعارضة والحقيقة أن المعارضة أرسلت رسالة إلى الرئيس تطالبه فيها بتأجيل الانتخابات حتى يتم الحوار وقد جاء الرد الرسمي في رسالة محررة من طرف وزير الداخلية إلى أحزاب المعارضة تقول باستحالة تأجيل الانتخابات ، فبدأت الدولة في إجراء طرح اللوائح وبدأ المرشحون في إعلان حملاتهم ، وقبيل انطلاق الحملة بساعات قليلة أعلن عن تأجيل الانتخابات دون أن يناقش الأمر على مستوى مجلس الوزراء ولا حتى الحزب الحاكم . أما العجز عن حل مشاكل الشعب فتجلى في الحديث عن ضعف مستويات خريجي الجامعة والقول إنه لا يمكن تشغيلهم ، والجواب كذلك حول العمال غير الدائمين والذين تم تيئيسهم من أي فرصة تضمن لهم عملا دائما ، وكذا الجاليات القادمة من ليبيا وساحل العاج والتي واجهها الرئيس بالسخرية قائلا: إنها كلفتهم مبالغ باهظة وأن هناك مواطنون لم يكلفوا الدولة أي شيء ، والواقع أن هؤلاء إذا كانوا قد كلفوا الدولة هذه المرة بعض الأموال في ظل ظروف معينة، فقد أفادوا الدولة كذلك في إدخال العملات الصعبة إلى البلد وإعالة العائلات الكبيرة لعشرات السنين. وإجمالا، فقد كان هناك هروب إلى الأمام ، والتغاضي عن واقع البطالة وغلاء الأسعار وجمود الرواتب وتدني الأجور ويأس المواطن وقتامة المستقبل في وجهه ، وهذا ما جعلنا نؤكد أنه لم يكن موجها إلى الموريتانيين . السراج :حاز الجانب الاقتصادي حيزا لابأس به في ردود الرئيس ولد عبد العزيز حيث تحدث عن وضع اقتصادي مريح للبلاد في ظل وجود فائض نقدي بالعملة الصعبة، وستمرار عمليات اكتتاب العاطلين من خلال مسابقات عمومية كما دافع عن اتفاقية الصيد مع الصين وما ستعود به من مكاسب لبلادنا ما تعليقكم بهذا الخصوص؟ النائب السالك ولد سيد محمود الواقع الاقتصادي أمر لا يمكن الاختلاف حوله لأن له تجليات ملموسة ومؤشرات يمكن الاحتكام إليها، منها مثلا: أن تكون الدولة ذات عملة قوية، وأن يكون اقتصادها قادر على توفير فرص للعمل وأن تكون هناك سيطرة على التضخم. وإذا انطلقنا من هذه المؤشرات وأسقطناها على واقعنا نجد بأنه واقع اقتصادي مزري فبالنسبة لقيمة العملة هل يستطيع الرئيس أو غيره عقد مقارنة بين قيمة العملة الوطنية إبان مجيئه للسلطة وقيمتها الآن؟ حيث يناهز سعر الأورو أربع مائة أوقية 400 بزيادة تكاد أن تكون 25% ونفس الشيء بالنسبة للدولار، أما فرص التشغيل فأعتقد أن الكل يعرف طبيعة التشغيل في البلد وما تحدث عنه الرئيس من توفير فرص عمل عن طريق الاكتتاب في الوظيفة العمومية لا يزال دون ما تفقده الوظيفة العمومية عن طريق التقاعد حيث خرج منها خلال هذه السنة والسنة الماضية ما يقارب ستة آلاف متقاعد وبالتالي لا تزال قدرة الوظيفة العمومية على تعويض هؤلاء دون النصف . وقد ألفنا خلال الحقب الماضية أن يكون الاكتتاب مفتوحا دائما سواء في التعليم أو الصحة أو من خلال العمال غير الدائمين الذين قال الرئيس أن الدولة لا تسطيع أن تؤمن لهم عملا، أما بالنسبة للتضخم فمن أراد أن يعرف هل الاقتصاد بخيرعليه أن يجري مقارنة بين الأسعار قبل أشهر قليلة ونظيرتها اليوم وليس منذ مجيء ولد عبد العزيز إلى السلطة !! فالدولة عاجزة عن دعم أي مادة ولا صحة لما يقال أن دعم المواد الاستهلاكية يتنافى مع ليبرالية الدولة فالدول الغربية التي تصدر اليبرالية تدعم المواد الاستهلاكية وهناك دعم للمزارعين الأوربيين من طرف الاتحاد الأوربي وفي الدول القريبة منا كالسنغال كان هناك دعم لمادة الأرز ومن هنا نشطت عمليات تهريبها إلى موريتانيا وهو ما ينطبق على المغرب التي كنا نستورد منها السكر قبل أشهر قليلة، أما في موريتانيا فالدولة لم تدعم أي مادة وما يجري الحديث عنه في عملية التضامن هو مجرد صرف مبالغة كبيرة من ميزانية الدولة وبطرق غير شفافة لأحد التجار والموردين الخصوصيين . فالدعم الحقيقي :عبارة عن إلغاء التعرفة الجمركية أو أن تعوض الدولة لشركة أو مؤسسة معينة فرق السعر ثم تكون المادة بعد ذلك متوفرة في الأسواق وليس في إطار برنامج خاص وفي فترة محددة، وعملية التضامن الجارية لا يستفيد منها سوى 0.1% رغم المبالغ الضخمة التي تصرف فيها وأحيانا تحرم منها الأوساط الريفية الأكثر فقرا . أما بالنسبة للأرقام التي ذكر السيد الرئيس ففيها مغالطة كبيرة جدا لأن رصيد الدولة من العملة الصعبة ينبغي أن يقدم على شكل معدلات خلال فترات متفاوتة وعلى سبيل المثال يمكن أن تكون هناك زيادة في الموارد في فترة معينة بسبب دفع جهات معينة مستحقاتها وبالتالي عندما تقدم الأرقام في ظرفية مختارة تكون هناك مغالطة كبيرة للناس والرقم المقدم إذا افترضنا صحته فهو مقدم في ظرفية خاصة حيث أنه قبل خطاب الرئيس بيوم أو يومين قدم الاتحاد الأوربي مبلغ 70 مليون أورو، وفي ظل وجود تحويلات من طرف تازيازت وشركة MCM مقابل أنشطتها الاستخراجية . وبشكل عام ينبغي أن ندرك أن توفير العملة الصعبة رهن بفعالية مجموعة من العوامل: كالتصدير ومداخيل السياحة وتحويلات العمالة في الخارج ،ولو أردنا أن نحلل هذه العوامل لوجدنا أن سبب ما يعتبره الرئيس وفرة في العملة الصعبة عائد إلى سبب آخر غير هذه العوامل ، حيث أن المواد الأولية المصدرة لم تشهد إلا تراجعا فبالنسبة لعائدات الحديد لم تدعي أي جهة رسمية أو غير رسمية أن اسنيم زادت إنتاجها البالغ 12 مليون طن من خام الحديد سنويا لكن اسنيم تعاني مشاكل جمة بسبب تدخل الدولة في تسييرها حيث فرضت السلطات عليها المشاركة في رأس مال بعض المؤسسات ذات الأهداف السياسية كشركة الطيران وشركة التأمين والطرق مما دفع أحد مديريها إلى الاستقالة لأنه يرى مستقبلا للشركة في ظل تدخل الدولة وضغطها ،كما تعاني الشركة من تدني سعر خام الحديد الذي انخفض بسبب الأزمة العالمية وبدأ الآن يعود إلى سعره الطبيعي لكن كل هذه المعطيات بالإضافة إلى مشكل الجرنالية تجعل الشركة بعيدة أن تزيد مداخلها من العملة الصعبة . أما بالنسبة للصيد فيعاني من ضعف المداخيل كذلك بسبب سياسات النظام وفي ظل توقف ما بين 70 إلى 80% من الأسطول الوطني للصيد السطحي ومع تراجع مداخيل اتفاقية الصيد مع الأوربيين والتي تقلصت من 100 مليون أورو إلى 70 مليون أورو. وبالنسبة لعمليات اكتشاف واستخراج المعادن فنحن لا نستفيد منها شيء يذكر 3أو 4% بالنسبة للذهب والنحاس، إذن ليس هناك أي عامل خارجي يعمل على زيادة مداخيلنا من العملة الصعبة نعم قد يكون هناك عامل وهو حالة الكساد والتراجع التي تعاني منها البلاد في ظل توقف عجلة الإنتاج والنشاط التجاري ،كما أن الواقع الزراعي واقع سيء ولم يسجل أي زيادة في إنتاجيته وبالتالي فإن تراجع النشاط الاقتصادي وحالة الركود التي تعاني منها الأسواق هو وحده الذي يفسر ما تحدث عنه الرئيس من وجود وفرة في العملة الصعبة ولا أدل على ذلك من تراجع الطلب على العملة الصعبة بسبب أنه ليس هناك نشاط اقتصادي في البلد وهناك كساد اقتصاد حقيقي لكن عندما يتوفق النشاط الاقتصادي سينقص التشغيل وتغلق المؤسسات أبوابها وتسرح عمالها فمن المعلوم أن هناك علاقة عرض وطلب بين العملة الأجنبية والعملة الوطنية فعندما تكون هناك وفرة في العملة الصعبة ينبغي أن يرتفع سعر العملة الوطنية والعكس صحيح وبالتالي كيف نفهم من الناحية الاقتصادية أن تكون هناك وفرة في العملة الصعبة والعملة الوطنية متدنية وما قدمه الرئيس في تفسير ضعف العملة الوطنية لم يستوعبه هو نفسه حتى يطلب من الآخرين استيعابه فلو كنا دولة مصنعة لكان من المعقول أن نخفض عملتنا من أجل جلب المستثمرين عندما يحولون عملتهم إلى عملتنا وما دمنا نستورد كل شيء ولا نصنع أي شيء فما الحاجة إلى تخفيض العملة وبالتالي فالواقع الاقتصادي صعب جدا ومن المؤسف فيه أنه لا تجدي فيه المغالطات ولا الأرقام المفبركة وما ذا يعني للمواطن الفقير أن تكون أرصدة الدولة بمآت الملايين في الوقت الذي تصل فيه الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، للأسف من الملاحظ أن الرئيس يستغل بؤس الفقراء استغلالا بشعا ويقدم لهم وعود كاذبة وغير جدية فالمواطن ينبغي أن يكون مكرما وأن لا يتم تضليله فيجب أن تقدم له معطيات صحيحة. بالنسبة للأرقام التي قدم الرئيس حول رصيد الدولة من الخزينة لدى البنك المركزي يبدو أنها مبالغ كبيرة لكن ماذا لو نزعت منها المستحقات على الدولة ونزع منها ما يعرف بالدين الداخلي فالدولة إذا كان لها رصيد فإن عليها مستحقات تقدر بعشرات المليارات ما بين ديون لموردين أومستحقات بعض المؤسسات والعمال غير دائمين... عموما هذه الأرقام مغلوطة وخادعة والهدف منها هو الحصول على ثقة سياسية من مؤسسات النقد الدولي ،لكن على السيد الرئيس القيام بما من شأنه إنعاش الوضع الاقتصادي ودفعه إلى الحركية وحينئذ سنرى كم سيكون رصيدنا من العملة الصعبة؟! ولتفسير هذه المبالغ لابد من ملاحظة أن السلطات عمدت إلى فرض رسوم على كافة الأشياء فمثلا نلاحظ أن رسوم السيارات ضوعفت خلال العام الماضي بنسبة 100% ونفس الشيء بالنسبة للهاتف فكل مكالمة اليوم تقتطع منها عشرة أواق كرسم بالنسبة للمكالمة الداخلية وخمس أواق للوحدة بالنسبة للمكالمة الخارجية وبالنسبة للمحروقات فما قاله السيد الرئيس بشأن 56 أوقية لا نعرف من أين أتى بها لكن المهم أن هناك صندوقا خاصا تجبى فيه رسوم الهاتف والمحروقات التي وصلت إلى عشرين أوقية على المواطن مقابل لتر واحد من المحروقات، ثم إن ما يتحدث عنه من إنجازات تمثلت في الشوارع وغيرها فإن كلفتها الإجمالية تقدر بحوالي 10 مليارات في حين أن المداخيل من البنزين والهاتف دون الحديث عن الرسوم الأخرى تزيد على 10 مليارات وهذا يعني أن ما أخذ من المواطن من رسوم جائرة من طرف النظام أكثر من ما استثمر له في بعض الإنجازات. أما بخصوص المشاريع الأخرى التي جاء الحديث عنها ، فلابد من القول إن هناك بعض المشاريع الكبيرة جدا التي كان من المفروض أن يكون قد تم إنجازها لولا تعطيل المسار السياسي للبلد فجامعة نواكشوط مثلا كانت ممولة ولولا انقلاب عزيز لكان اليوم قد تم تشييدها ونفس الشيء بالنسبة لطريق روصو نواكشوط ممولة من طرف الاتحاد الأوربي وطريق تجكجة أطار.... كل هذه المشاريع كانت مقررة والنظام يتحمل المسؤولية في تأخر إنجازها. السراج : ثنائية ترشيد موارد الدولة ومحاربة الفساد والمفسدين حظيت كذلك باهتمام خاص في خطاب رئيس الجمهورية ما رايكم في الجهود المبذولة لمحاربة الفساد وما مدى التقدم الذي تم إحرازه في الجانب ؟ النائب السالك ولد سيد محمود : بالنسبة للمفسدين على السيد الرئيس عدم الحديث عنهم لأنه كان يؤازرهم وكان حاميا للنظام الماضي فكان يده التي يبطش بها وعينه التي يبصر بها وأذنه التي يسمع بها... وكان الأداة القوية التي يعتمد عليها نظام ولد الطايع طيلة عشرين سنة وقد وصلت ثقته به أن القوة الأساسية للدولة كانت تحت يده مما مكنه من تنفيذ انقلابه بسهولة. إذا كنا نتحدث عن الفساد فإن الرئيس محمد ولد عبد العزيز هو الذي يعرف كم خسرت موريتانيا في الانتخابات الرئاسية لسنة 2007 التي لم تكن إلا خطوة شكلية لتشريع وصوله إلى السلطة. السراج وماذا عن الجدل الدائر حول اتفاقية الصيد مع الصين وهل هي حقا مكسب وانجاز أم أنها ضد مصالح البلاد وحرب على مواردها البحرية؟ النائب السالك ولد سيد محمود: بالنسبة لاتفاقية الصيد فإن أهم ما يذكره أنصارها، ولا أعرف أنصارها لأن الوزراء المكلفين بها يتبرؤون منها في مجالسهم الخاصة لكن أهم ما يذكرون فيها من الإيجابيات هو توفير 2000 فرصة شغل والمعطيات تفيد أن الأضرار التي ستلحق من جرائها ستجعلنا نخسر عشرات الآلاف من فرص الشغل التي كان يتكفل بها الصيد التقليدي والسطحي ، أما ما سوى ذلك فهو حبر على ورق، فهذه الاتفاقية هي اتفاقية خاصة بالصيد السطحي حسب ما يقال، ومخزون موريتانيا من هذا الصيد يقدر بحوالي مليون طن وتستغل منه حتى الآن 800إلى 900 ألف طن كما أن لبروتوكول الخاص بهذه الاتفاقية تضمن حوالي 25 رخصة خاصة بالصيد في الأعماق وهو ما يعني أن الصيد السطحي مجرد غطاء فقط إذ من غير المعقول أن يجد شريك فرصة الحصول على صيد الأعماق ويذهب إلى الصيد السطحي خصوصا وأن سعر طن صيد الأعماق يصل إلى 7000 دولار أما طن الصيد السطحي فيقدر ب 300 دولار . ومن مساوئ هذه الاتفاقية كذلك تشريعها استخدام بعض من البواخر الجرارة المحرمة بيئيا وقد رفع عنها الحظر عنها شهرا قبل الاتفاقية من أجل تمريرها ، هذا فضلا عن إعفاء الصينين من الضرائب مدة 25 سنة إذن ليست هناك أي إيجابيات في ما يخص هذه الاتفاقية وما قدمه النظام من معلومات تصب في صالح الطرف الصيني . وعموما فإن الرئيس كان ينطلق من منطقين: أحدهما أن كل ما سيقوم به في مجال الصيد سيكون إيجابيا نظرا لواقع الفشل الذي كان يعيشه هذا القطاع ، أما الثاني فهو قوله بأنه علينا أن نسأل الصينيين أنفسهم عن مصلحتهم في هذه الاتفاقية، وهو امر مستحيل!! السراج: بعيدا عن المجال الاقتصادي ماذا عن ردود الرئيس حول مسوغات الحرب على القاعدة ونفييه ان تكون حربا بالوكالة ؟ النائب السالك ولد سيد محمود: فيما يخص الحرب على القاعدة كذلك فإن جواب الرئيس على الأسئلة المثارة حولها كان جوابا سطحيا ، إذ اكتفى بالقول أنها ليست حربا بالوكالة والدليل على ذلك أن فرنسا لم تشتر لنا طائرة ولا سلاح ، والحقيقة أن لا أحد يدري ما إذا كانت فرنسا قد اشترت لنا ذلك ، لكنها اشترت لنا أهم من ذلك وهو الرئاسة والشرعية السياسية، فهي من فرض الرئيس في المحافل الدولية وهذا هو مقابل الحرب بالوكالة ، ثم لا أحد ينكر التعاون ما بين الجيش الموريتاني ووحدات فرنسية لإنقاذ الرهينة الفرنسي المحتجز لدى القاعدة ، والخسائر الكبيرة التي تكبدها الجيش الموريتاني في تلك العملية التي انتهت بقتل الرهينة الفرنسي. ثم إن منطق الرئيس الذي تحدث به غير مستساغ فعلينا أن ندرس المنطق الأرسطي والعلاقة بين النتيجة والسبب كي نتمكن من فهمه . السراج: بوصفكم مقرر لجنة الشؤون المالية بالجمعية الوطنية ما ملاحظاتكم على الوضع المالي والاقتصادي للبلاد بشكل عام ؟وما ابز الانتقادات الموجهة للتسيير المالي واقتطاع الميزانيات؟ النائب السلك ولد سيد محمودة : هناك ملاحظة عامة وهي أن هذه السنوات قد تميزت بعدم شرعية الإنفاق لأن شرعيته يأخذها من احترام القانون ، ففي التسيير المالي ما يهم هو الإجراءات القانونية وميزانية موريتانيا تنفق من طرف الحكومة الحالية بطريقة غير قانونية ، فالقانون ينص على أن البرلمان هو من يشرع صرف الميزانية ويعطى لرئيس الجمهورية حق القيام بمراسيم السلف ويشترط أن يصادق عليها البرلمان في أقرب دورة له . هذه السنوات التي قضى الرئيس لم يكن يهتم بالجانب القانوني حيث إن الميزانية يصادق عليها البرلمان ويتصرف فيها طيلة العام وعندما تكون الأيام الأخيرة من شهر سبتمبر يقوم بتسوية ما اغترفت يداه طيلة السنة ويحرر تقريرين أحدهما عن السنة الماضية والآخر عن السنة الجارية . ثم إن هناك 50 مليون دولار صرفت من طرف الرئاسة دون أي معيار ودون أي إذن من البرلمانيين والادعاء بأنها صرفت في قضايا سرية وهو أمر غير مستساغ ولا يستقيم ، ففي العالم المتقدم تكون هناك لجان محددة تواكب جميع مراحل الانفاق مهما كانت سريته ، ولا يحق للرئيس أن ينفق على هذه البنود دون علم هذه اللجنة ، أما لدينا في موريتانيا فنجد بأن الرئاسة لها صندوق أسود ونفس الشيء في ما يتعلق بالوزارة الأولى وبعض الجهات العسكرية ولا أحد يسألهم عن ما يفعلون . السراج: إذن ما المخرج من وجهة نظركم لمواجهة كل هذه الاشكالات وما الذي يتعين عمله قبل أي تحرك من أجل انقاذ الوضع القائم ذلك انه كثيرا ما يرمى مناوئ السلطة بالتنظير والعجز عن طرح رؤية وبرنامج واضح للإصلاح الشامل ؟ النائب السالك ولد سيدي محمود: الواقع المتأزم حله معقد لكن أهم شيء هو عدم المزايدة والمغالطة وكذا عدم المبالغة في إدخال العامل السياسي وتوظيفه ،لأن كل ذلك لا يزيد الطين إلا بلة ، فينبغي مبدأ التزام الصراحة مع النفس وعدم السخرية من المواطنين وأن يتنادى الجميع إلى حوار وطني جدي وبعيد عن سياسة الهروب إلى الأمام والاعتماد على المشاريع المغلوطة وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى رؤية مشتركة وإلى مواجهة المواطنين بالحقائق . من الضروري كذلك فتح وسائل الإعلام أمام المعارضة حتى يستوي الجميع في إدراك الحقيقة ، أما أن نظل نحتكر تضليل المواطن ثم بعد ذلك نعتبر الأمر إنجازات ، فهذا لن يزيد البلد إلا تخلفا ولن يساهم سوى في تدهور الوضع المعيشي أكثر السراج : شكرا جزيلا
|