ولد العابد:النظام يحمي الفساد والمؤسسة الرقابية حولت لإرهاب الخصوم
الخميس, 29 سبتمبر 2011 11:52

altaltيقدم وزير الاقتصاد والتنمية السابق محمد ولد العابد من حين لآخر رأيه بشأن الوضع الاقتصادي لموريتانيا وحذر عدة مرات من تدهور مستمر تشهده أوضاع البلاد بفعل السياسات الحالية لنظام الرئيس ولد عبد العزيز.

وقد شغل ولد عابد وزارة الاقتصاد والتنمية في حكومة المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية الذي أشرف على المرحلة الانتقالية2005/2007 ويعتبر من الشخصيات التي لديها دراية بالوضع الاقتصادي وتحولاته المختلفة. السراج حملت إليه أسئلتها فكان الحوار التالي:   

 

س1-  : تنشطون ضمن الفريق المناهض لاتفاقية الصيد، هل يستحق الأمر بالفعل كل هذه المعارضة، ولماذا تعارضون اتفاقية قبل الشروع في تنفيذها خصوصا أن النظام يتحدث عن إيجابيتها المعتبرة؟ محمد ولد العابد : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله بداية اسمحوا لي أن أشكركم على إتاحتي الفرصة للحوار مع موقع السراج الذي يعتبر وعن جدارة أحد أكثر المواقع الوطنية  إسهاما في تنوير الرأي العام الوطني وتثقيفه وأن أتمنى له المزيد من الريادة ودوام التوفيق. بالفعل سبق وأن شاركت بعض شبابنا الغيور على مصلحة الوطن  في إحدى تظاهراته المناوئة لاتفاقية الصيد المبرمة مع الشركة الصينية"Poly Hone Done Pelagic Fishery Co. Ltd”     والتي أقل ما يمكن قوله عنها أنها مريبة إلى أقصى حد.  وكان بودي أن أواصل النشاط معهم إذ قناعتي أن مناهضة هذه الاتفاقية واجب وطني نظرا للخطر الذي تمثله على أحد أهم القطاعات الاقتصادية للبلد، وعلى مستقبل آلاف الأسر الموريتانية التي يمثل قطاع الصيد بالنسبة لها مصدر لقمة العيش. إلا أنَّ كوني خارج البلد مند فترة يحول دون ذلك، وأضعف الإيمان أن أدعمهم بالكلمة وبتبيان مدى سلبية هذه الاتفاقية التي يبدد بموجبها النظام القائم إحدى أهم مقومات تنمية البلد    وكأنه ليس لديه به أي ارتباط و يعتبره "خيمه خالية" كما يقال بالحسانية. هذه الاتفاقية كانت موضع دراسات وبحوث عدة أجمعت كلها على أنها تبديد للثروة السمكية للبلد وتقويض لأي مشروع مستقبلي لتوسعة ميناء انواذيبو، ولعل الاستيلاء على الأراضي المجاورة للميناء هو الهدف منها. أما قولكم أن تنفيذها لم يشرع قط  فيه  فيدحضه كون الأشغال تجري على قدم وساق وقد رأينا الوزير الأول يشرف على انطلاقتها ضمن الفعاليات المخلدة لخمسينية الاستقلال أي بقرابة سبعة أشهر قبل إصدار التعليمات إلى الكتيبة البرلمانية بالمصادقة عليها على جناح السرعة      ودون منح النواب فرصة تعميق نقاشها والإطلاع على ملحقاتها. لو كانت كما يزعم المطبلون لها ذات نفع على البلد لما أبرمت في الظلام ومررت في البرلمان وكأنها مسألة موت أو حياة، ولما تورع رئيس الدولة في إصدار قانون المصادقة عليها لما رأى مدى مناهضة الموريتانيين لها. إن مقارنة المزايا المحتملة لهذه الاتفاقية بانعكاساتها السلبية الأكيدة على القطاع ومهنييه واقتصاد البلد بصفة إجمالية تبرز أنها جريمة نكراء في حق هذا الوطن وشعبه.  أما إذا قارناها بالاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأوروبي الجارية فيتضح بجلاء أن الجريمة كانت بسابق إصرار، الشيء الذي يجعلها أشد وطأ على نفس كل مواطن مهتم بحاضر         ومستقبل البلد. س 2- في المجال الاقتصادي يتحدث النظام عن وضع قاطرة البلد على طريق التنمية الصحيحة، أي مسار اقتصادي أخذه البلد منذ الانقلاب العسكري في 2008 برأيكم ؟ محمد ولد العابد : إذا لم تستح فافعل ما شئت وقل ما شئت . لا يخفى على أحد أن اقتصاد البلاد اليوم في أسوأ حالة عرفها مند قرابة عقدين من الزمن  نتيجة ارتجالية السياسات وانعدام الثقة والطمأنينة لدى الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين والأجانب وتدجين القضاء وإضعاف الإدارة العمومية حتى أصبحت غير قادرة على تعبئة الموارد الداخلية والتمويلات الخارجية     وضبابية التسيير، وتسخير موارد البلد لثلة من داعمي النظام وذوي المصالح المالية المشتركة معه. الوضع على نقيض ما يروج له أبواق النظام والمواطن الموريتاني ليس غبيا وليس أعمى ويلاحظ أن الأسعار في ارتفاع مضطرد منذ انقلاب    2008  وأن أعداد العاطلين عن العمل تتضاعف بشكل مذهل بينما يشهد الكل أن الاقتصاد راكد ووتيرة تعبئة الدعم العمومي للتنمية الذي يمنحه شركاء البلد شديدة البطء لضعف  الإدارة وتخليها عن جل مهامها التي أصبحت مختزلة في يد شخص واحد، ولو افترضنا جدلا أنه عبقري لا يمكنه أن يقوم مقام جميع أجهزة الدولة!! هذا حق أريد به باطل  ! بالفعل تميزت الأنظمة العسكرية المتتالية منذ انقلاب 1978 ، و بتفاوت ، في إشاعة الفساد وسوء تسيير المال العام  وجعلت منه سلاحا لتوطيدها وبلغ هذا النهج أوجهه إثر بدء المسار  المسمى  ديمقراطيا بعد اعتماد  دستور .1991 س 3- يُتهم الرئيس محمد ولد عبد العزيز الأنظمة السابقة عليه بالفساد ويرتب على ذلك محاربة ما يعتبره الفساد وآثاره. ألا تشاطرونه الرأي في ذلك الاتهام وفي أن تلك الحرب حققت نتائج مهمة ؟ محمد ولد العابد : من السهل إطلاق عبارات جوفاء والتظاهر بالإصلاح ومحاربة الفساد لكن التسيير اليومي للبلد يثبت أن رئيس الدولة يقول عكس ما يفعل      والأدلة على ذلك أكثر من أن تسرد ولا تخفى إلا على من لا يريد رؤيتها. ألم يرفض الرئيس ولد عبد العزيز طيلة أزيد من سنتين التصريح بممتلكاته طبقا لما  يفرضه القانون ويقول في  النسخة الأولى من مهزلة لقاء الشعب في 4 أغشت 2010 ، أن ذلك التصريح شكلية غير مهمة ؟ الواقع أن التبجح بمحاربة الفساد يدخل ضمن نطاق الخطاب الشعبوي للنظام والهادف إلى صرف أنظار المواطنين عن سوء التسيير والنهب الممنهج لخيارات البلد الذي نشاهده منذ انقلاب 6 أغشت  .2008 أين الدعم السعودي لجيشنا وكيف تم صرفه 50) مليون دولار أمريكي(؟ أين قوانين التسوية لميزانية الدولة منذ 2008 ؟ أين التقارير الدورية حول عائدات الصناعات الاستخراجية) المعادن و النفط( ؟ كيف يتم منذ تولي ولد عبد العزيز مقاليد السلطة منح الصفقات العمومية الكبرى سواء تعلقت ببناء سجن ألاك أو بتجهيزات المستشفيات أو بالصرف الصحي في نواكشوط أو غيرها ؟ ولفائدة من تمنح هذه الصفقات ؟ إذا لم تستح فافعل ما شئت وقل ما شئت ! المراد حقيقة من هذا الشعار الأجوف هو تخويف المناهضين لانقلاب 2008  والمعارضين للسياسات غير الرشيدة للنظام وفرض الولاء له على العديد من السياسيين وكبار مسئولي الدولة وأصحاب الثروات الذين  يخافون أن تؤمر العدالة المدجنة بالزج بهم في السجن!

س 4- بشكل خاص يتهم الرئيس محمد ولد عبد العزيز الفترة الانتقالية بتبديد ثروات البلد، كوزير في تلك الفترة كيف تتلقون تلك التهم، وكيف تردون عليها ؟ محمد ولد العابد: سبق وأن أجبت على هدا السؤال في مقابلة مع جريدة القلم خلال شهر دجمبر المنصرم وكان جوابي ، و لا زال ، أن هذا الادعاء تمويه أراد به المنقلب على الشرعية أن يشغل الموريتانيين عن وأده حلمهم بالديمقراطية- التي هي أسرع طريق للتنمية -و عن مئات ملايين الدولار التي كان البلد ينتظرها برسم الدعم العمومي للتنمية والمشاريع الخصوصية والتي ذهبت أدراج الرياح  نتيجة ردة فعله على إقالته من منصبه كقائد الأركان الخاصة لرئيس جمهورية منتخب!

على كل حال، الفترة الانتقالية لم يمضي على نهايتها إلا سنوات معدودة ولا يطالها التقادم ويجب على رئيس  الدولة  –إن كان صادقا في ادعائه محاربة الفساد- أن يأخذ جميع التدابير اللازمة لاسترجاع الأموال المبددة –إن ثبت تبديدها- إلى خزينة الدولة ومعاقبة مرتكبي هذا التبديد وفقا لمقتضيات القانون. تبديد ثروات البلد ومقومات تنميته هو ما يجري نهارا جهارا منذ أغشت  2008 ويطال جميع القطاعات من صيد بحري وزراعة ومناجم إلى غيرها . أليس التلاعب بالمجال العمومي ومنح الأراضي الشاسعة في قلب العاصمة وأطرافها على أساس معايير يعرف الجميع طبيعتها تبديدا لثروات البلد ؟ أليس إنفاق المال العام في رحلات مكوكية لا طائل من ورائها تبديدا لأموال شعب يعيش قرابة نصف أسره تحت خط الفقر؟    أو لم يكن من المبررات المفبركة لتسويق ردة فعل 6 أغشت 2008 ؟ أو لم يعترف رئيس الدولة نفسه قبل أيام قليلة بأن أموال الشعب تهدر بمئات الملايين لغرس شجيرات تموت دقائق معدودة بعد مغادرته مواضع غرسها ؟ أو لم يقل أن التلفزة الوطنية تبالغ أيما مبالغة في "تضخيم" انجازات النظام ؟ إذا لم تستحي فافعل ما شئت وقل ما شئت وخصوصا إن كانت لديك ملكة نسيان ما فعلت وما قلت أو تناسيه!

س 5- قدتم ضمن الفريق الحكومي برنامج الانتقال الديمقراطي، برأيكم ما هي أهم الإخفاقات أو العوائق التي دفعت إلى انتكاس هذا الانتقال واللجوء لاحقا إلى انقلاب عسكري لحسم الخلاف بين الرئيس المنتخب والسلطة العسكرية الراعية للانتقال الديمقراطي المفترض ؟ محمد ولد العابد : حسب نظري سبب انتكاس التحول الديمقراطي الذي عرفته البلاد جراء المرحلة الانتقالية 2005 - 2007 يكمن في عاملين اثنين لا دخل أساسي للمؤسسة العسكرية فيهما . العامل الأول هو أن محمد ولد عبد العزيز بلغ به احتقار الشعب الموريتاني حدا لا يتصور حتى نصب نفسه وصيا عليه واحتسب أن إقالته من منصبه كقائد الأركان الخاصة لرئيس الجمهورية تقتضي ردة فعل تجهض المشروع الديمقراطي وترجع البلد إلى ما قبل أغشت 2005 من انسداد سياسيي وأزمة اقتصادية وتسخير ثرواته  لثلة من مناصري النظام وأصحاب المصالح المالية المشتركة معه. أما العامل الثاني فيكمن في حربائية جزء كبير من الطبقة السياسية مردت على النفاق وعلى إظهار الولاء الأعمى لأي حاكم جديد مهما كانت طبيعته ومهما أبدى له من عدم اكتراث به بل احتقاره لهذه الطبقة الخانعة الجائعة هي من جعلت مثل ولد عبد العزيز يتجرأ على تبديد أحلام الموريتانيين بدولة قانون يتم فيها التناوب على السلطة بصفة سلمية وعن طريق صناديق الاقتراع دون سواه وتلعب فيها المؤسسات الأدوار التي يمنحها الدستور والقوانين السارية المفعول ، ويشارك جميع أبنائها في عملية بناء  الوطن ورفع تحديات الفقر والبطالة والجهل  والمرض،  بلد تسيَّر ثرواته بشفافية ولفائدة جميع مواطنيه دون إقصاء. س 6 - في العلاقات الدبلوماسية برزت موريتانيا كوسيط دولي في قضايا لم تكلل بالنجاح دائما. يطرح الأمر سؤالا آخر عن العلاقات الاقتصادية للبلد، وهل حققت موريتانيا تدفقا اقتصاديا للتمويل يناسب حاجياتها واحتياجاتها ؟

محمد ولد العابد : بارك الله فيكم العبارة كما يقال تحسن وتخشن ! دور الوسيط الذي قام به النظام في أزمتي كوت ديفوار وليبيا لم ينتج عنه إلا المآسي لآلاف الأسر الموريتانية  وإهدار أموال طائلة من ميزانية الدولة كان يمكن صرفها في مصالح المواطنين الموريتانيين. لا منذ انقلاب 2008 تدفق الدعم العمومي للتنمية والاستثمارات الخصوصية بطيء جدا للأسباب التي بينت آنفا . المشكلة تكمن في الثقة والثقة لا تنال بالتمني ولا بالعبارات الجوفاء بل بالصدق والعمل          و تصديق الأفعال للأقوال! س 7- تشتكي المعارضة بشكل دائم من المحسوبية في منح الصفقات العمومية وكذا عدم الشفافية، وفي تطور لاحق اتهام رئيس الجمهورية وحاشيته بالإثراء على حساب الشعب. هل تستند هذه التهم برأيكم على أساس واقعي؟ محمد ولد العابد : الأمر واضح وضوح الشمس في كبد النهار ولا ينكره إلا من لا يريد قول الحقيقة ، والأمثلة أكثر من أن يستدل ببعضها! س 8- مفتشية الدولة في موريتانيا إحدى أهم المؤسسات المكلفة بالرقابة المالية والتحقيق، برأيكم هل استطاعت تحقيق الدور المنوط بها ؟ محمد ولد العابد : المفتشية العامة  للدولة  هيأة رقابة أنشئت سنة 2005 لأهداف نبيلة وقد أسهمت في كبح جماح من مرد على سوء التسيير والتلاعب بالمال العام وكان ينبغي تقييم أداءها بعد خمس سنوات وإدخال التعديلات الضرورية على ضوء نتائج التقييم قصد تعزيز مهنيتها. أما الآن فهذه الهيئة شأنها في ذلك شأن الهيئات الرقابية الأخرى إدارية كانت أم قضائية لا تعدو كونها أداة يسلطها النظام على من يريد. س 9- كخبير اقتصادي برأيكم  أي مسار يجب أن تأخذه السياسة الاقتصادية في موريتانيا من أجل الوصول إلى تنمية مقبولة تناسب ثروة البلد وفقر الشعب ؟

محمد ولد العابد : المسار واضح و قد قطع البلد خطى لا بأس بها على دربه من 2005 إلى انتكاسة أغشت  .2008 بلدنا يمثل مفارقة نادرة شعب فقير  وثروات طبيعية هائلة، مشكلتنا الأساسية في أن من هب ودب يمكنه أن يدخل الجيش ويجري انقلابا ويصبح رئيسا منتخبا وتدعمه أغلبية دائما جاهزة لمحاباة من بلغ سدة الحكم!

التنمية تلتزم تعاضد عدة عوامل منها ما هو سياسي ومؤسساتي وقضائي واجتماعي وهذه العوامل لا تخلق بمحض تمنيها ، بل تنتج عن تراكمات إصلاحات وفي كل مرة تقع انتكاسة- كما حدث مع انقلاب 2008 ونمط الحكم السائد منذ آنذاك -يتهدم الأساس الذي تبنى عليه التنمية ويخسر الوطن والمواطنون سنين عديدة لأن ضابطا متعطشا للسلطة ومنافعها المادية قرر أن يأخذ الحكم وطبل له أخصائيو التطبيل والتملق.  

ولد العابد:النظام يحمي الفساد والمؤسسة الرقابية حولت لإرهاب الخصوم

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox