الأربعاء, 07 ديسمبر 2011 12:34 |
محمد أحمد ولد الحاج سيديقال المحامي محمد أحمد ولد الحاج سيدي إن قطاع العدالة يشهد أسوأ فتراته منذ الاستقلال حيث بات مسخرا لرغبات السلطة التنفيذية وفق تعبيره، وقال الأستاذ الحاج سيدي في مقابلة مع السراج إن فصل القضاة والتأثير في سير عمل قطاع العدالة بات سلوكا طبيعيا للسلطة الحالية.
وأكد ولد الحاج سيدي في مقابلته مع السراج أن السجون الموريتانية تشهد اكتظاظا غير مسبوق، وفي ظروف غير مناسبة مما يتطلب تخفيف الضغط عليها. وقال ولد الحاج سيدي إن شعار الحرب على الفساد رغم أنه يستحق التشجيع والإشادة إلا أن نتائجه لم تؤت ثمارها، حيث تواصل السلطات تعيين أشخاص تتهم بالفساد وتوشحهم في مناسبات وطنية. النص الكامل للمقابلة السراج : ليكن سؤالنا الأول على وضعية القضاء في موريتانيا على الأقل في ظل الحديث عن تحكم فعلي للسلطة في القضاء بعد طرد القاضي محمد الأمين ولد المختار؟
محمد أحمد : بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على رسوله وآله وصحبه وسلم يمكن القول باختصار إنه لم يسبق أن وصلنا إلى مرحلة أسوء في تاريخ القضاء مما هو عليه الآن، ذلك أن القضاء يمثل سيادة الدولة وقدرتها وهيبتها، وعندما يكثر التلاعب بالقضاء والإجراءات القضائية فإن الأمر يدفع للقلق بشكل كبير، ولقد ظهرت للأسف بعض المظاهر السلبية لهذه الممارسات ومن بينها المثال الذي سقتهم هو إقالة القاضي محمد الأمين ولد المختار وهو مثال صارخ، حيث لم يسبق أن عوقب قاض بالفصل بناء على حكمه بقناعته، وحتى في عهد معاوية ولد سيدي أحمد الطايع فإن التعامل السلبي لم يصل حد الفصل كما هو الحال مع محمد الأمين.
ينضاف إلى ذلك أن مسطرة تأديب محمد الأمين ولد المختار شابته كثير من الأخطاء الإجرائية، لكنه يمثل رسالة إلى القضاة بأن مصير من يحكم بقناعته إذا خالقت قناعات السلطة أو إرادتها سيكون الفصل ومن شابهه من الإجراءات التعسفية.
السراج : بهذا المعنى يمكن القول إن القضاة باتوا الحلقة الأضعف في قطاع العدالة؟.
محمد أحمد : السلطة القضائية جزء من بنية الدولة المستقلة تتكفل بضمان الحق والحريات، وإذا كان الشخص الذي يقوم على حفظ الحق والحرية محروما من حريته هو وقدرته على الحكم بما يراه حقا فإن لن يضمن حرية المجتمع ولا بقية الأفراد.
وبالتالي فكما أسلفت لك إن فصل محمد الأمين هو رسالة للقضاة وخصوصا الخائفين والضعفاء كي يتماشوا مع ما تراه السلطة، لكي ينجو من العقاب.
وللأسف الشديد فإن قطاع العدالة سيظل دائما على المحك والقاضي دائما في مواجهة اختبار الحق والعدالة بشكل يومي، والذي يمكن الجزم به من خلال مراقبة الوضع الحالي أن قطاع العدالة في أسوء فتراته منذ الاستقلال.
السراج : في سياق آخر يعاد ملف قتلى إينال، وضحايا المجازر ضد الزنوج برأيكم ماهو التعامل القانوني الأنسب مع هذا الملف?
محمد أحمد : أولا وقبل كل شيئ علينا أن نترحم على أولئك الضحايا كلما، نبشنا قضيتهم من جديد، وأنا أسأل الله تعالى أن يتغمدهم بحرمته وواسع عفوه.
لكن الموضوع ينقسم إلى جانبين هما الوصول إلى الحقيقة والتعامل مع الحق، وقبل أن نطالب أسر الضحايا وذويهم بالتنازل إلى الحق وتناسي الجراح يجب أن نمنحهم الحقيقة ونعرف من هم هؤلاء كيف ماتوا في السجن، كيف أعدموا ولماذا أعدموا وعند نشر الحقيقة وكشف ما حصل تبدأ مرحلة التعامل مع الحق وهي المعالجة بالطريقة القانونية المناسبة تعويضا لهم أو غير ذلك.
السراج : لنعد إلى ملف أكثر تخصصا يتعلق بموكلكم المعتقل منذ أكثر من سنة مولاي العربي ولد مولاي امحمد .أين وصل مسار هذا الملف?
محمد أحمد : أولا يجب أن نعرف أن مولاي العربي غادر مؤسسة سونمكس يحمل معه تهنئة لم يحصل عليها أي مدير سابق لهذه الشركة ولا لأي مؤسسة عمومية، وقد نال هذه التهنئة من مجلس إدارة شركة سونمكس، وعندما يغادر مولاي العربي الشركة في وضعية توازن بعد وصل إليها وفي حالة احتضار والسلطة تبحث كيف تدفنها، فلا أحد يتوقع أن يكون التعامل معه بالاعتقال والاتهام.
لكن للملف أبعادا أخرى وهو جزء من محاولات تستهدف النيل من مولاي العربي وقد فشلت في السابق كما ستفشل الآن.
أما بالنسبة لوضعية السجن، فظروف السجن سيئة في كل العالم وخصوصا إذا ما اعتقل الشخص في سجن يأوي 1300 سجين رغم أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 300 سجين.
السراج : بم تفسرون إطالة سجن المحبوسين في ملفات فساد ؟
محمد أحمد : القانون الموريتاني حدد ما يسمى الحبس الاحتياطي في ستة أشهر قابلة للزيادة مرة واحدة وأربعة أشهر قابلة للزيادة مرة أخرى.
السراج : برؤية حقوقية ألا يعتبر هذا القانون مجحفا بحق السجين؟
محمد أحمد : القانون يحدد الأجل الأقصى للحبس وعند تجاوزه فإن أي ساعة حبس تعتبر حبسا تحكميا
السراج : هل تعتقدون أن ما بأيديكم من أدلة يمكن أن يؤكد براءة مولاي العرب في وجه الاتهامات الموجهة له بتبديد المال العام؟
محمد أحمد : دون الدخول في تفاصيل التحقيق، أنا من المقتنعين أن من القضاة الموريتانيين أعدادا كثيرة يخافون الله ويملكون الصدق والمسؤولية، ولدي ثقة بأن القضاء سينصف مولاي العربي، وما تم تقديمه لحد الآن لا يسند التهمة ولا يؤدي إلى تجريم مولاي العربي بشكل قاطع.
ويمكن أن أؤكد لك أن إجراءات قضائية في عدد من الدول ستطال الذين سعوا إلى تشويه صورة مولاي العربي وتجريمه بأفعال هو منها بريئ
وفي هذا الصدد لا بد لي من شكر زميلي ابراهيم كوني المحامي المالي المعروف الذي حضر معنا الاستجواب وكان مع العدالة دائما وكان معنا في ظروف أصعب سنة 2003، كما أشكر الزميل المختار الطريفي الأمين العام للرابطة التونسية لحقوق الإنسان والزميل ميشيل تبيانا الرئيس السابق للاتحادية الدولية لحقوق الإنسان على جهودها الإيجابية في المسار القانوني لملف مولاي العربي.
السراج : تعلن السلطات منذ فترة حملة ضد الفساد، لكن معتقليها لا يزالون عددا محدودا ...كيف تقومون مسار هذه المحاربة؟
محمد أحمد : يستحق شعار محاربة الفساد المساندة، لكن الممارسات الحالية لا تؤكد الجدية في هذه الصدد، بل أكثر من ذلك تظهر أنه شعار عمومي لحملة انتقائية، فنحن سمعنا السلطة تتهم أشخاصا بنهب مبالغ طائلة من المال العام دون أن تتخذ إجراءات قانونية ضد المتهمين، وفوق ذلك قامت بتوشيح شخصيات ينظر إليها على أنها من رموز الفساد، وأكثر من ذلك فإن المتتبعين لمسار الفساد في البلد يؤكدون أن الفساد ازداد في الفترة الحالية أكثر من أي وقت سابق، وأنه وصل مراكز قريبة جدا من هرم السلطة.
السراج : هل من مناشدة أو موقف بشأن وضعية السجون؟
محمد أحمد : السجون مكتظة جدا والمحاكم قليلة، وهنالك إسراف بعض الشيئ في الأحكام القاسية على المدانين لأول مرة، ولذلك اقترح تسهيل الإجراءات القضائية بما يضمن تخفيف الضغط على السجون مع مراعاة الحقوق المتعارف عليها للسجين.
|