ولد داداه : ندعو إلى فترة انتقالية توافقية، والسياسة ليست مهمة الجيش |
الخميس, 08 نوفمبر 2012 14:29 |
نص المقابلة
السراج : ما هي قراءتكم لملامح الوضع الحالي – على المستوى السياسي أو مستوى أداء السلطة وعلى المستوى الاقتصادي أيضا منذ إصابة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ونقله إلى فرنسا للعلاج.
أحمد ولد داداه: أود في البداية أن أشكركم على الفرصة التي أتحتم لي، وأتمنى لكم ولمؤسستكم المحترمة التوفيق والنجاح في مسيرتكم المهنية. أما بخصوص سؤالكم فإن البلاد اليوم تعيش وضعية استثنائية بعد حادثة إطلاق النار على رئيس الدولة ـ الذي أغتنم الفرصة لأتمنى له الشفاء والعودة إلى أسرته ـ الشيء الذي خلف فراغا وتعطلا في جميع مفاصل الدولة خاصة وأنها تمر بوضع لادستوري لمؤسساتها (البرلمان بغرفتيه، المجلس الدستوري..)، فنحن إذن في فراغ قانوني وسياسي، منذ أكثر من سنة مما زاد في الانسداد السياسي، يضاف إليه التدهور غير المسبوق للاقتصاد الوطني وتدني القوة الشرائية للمواطنين، والارتفاع المتصاعد وغير المبرر للأسعار، وتفشي البطالة وخاصة بين صفوف الشباب. كل هذا من تبعات النهج السياسي الأحادي الذي أدى إلى الكثير من الإخفاقات في المجالات كافة وأدى إلى تقصير السلطات العمومية في مواجهة كارثة الجفاف رغم تحذيرنا المبكر منها، والتي نعيش اليوم آثارها الخطيرة على غالبية شرائح المجتمع التي تعيش من الاقتصاد الريفي. وفي المجال الأمني تعيش البلاد حالة من الترقب أمام دق طبول الحرب في بلد مجاور نشترك معه في حدود تزيد على ألفي كيلومتر.
السراج : برأيكم هل تعيش البلاد فراغا دستوريا بالفعل، خصوصا أن قادة الأغلبية يؤكدون أن ولد عبد العزيز يمارس مهامه الرئاسية هنالك من باريس؟ أحمد ولد داداه: في ظل غياب رئيس الدولة الذي يدخل أسبوعه الرابع وانعدام أي مؤشر أو معلومة يوثق بها عن وضعه الصحي، فإن البلاد تعيش بالفعل في فراغ قانوني ودستوري، يجعلنا نتساءل عن من يحكم البلاد؟ وعلى أي أساس قانوني يستند ؟.
السراج: ما هي الطرق الكفلية في رأيكم لملأ هذا الفراغ والانتقال إلى الوضع الدستوري خصوصا في ظل ما يشاع عن مرض رئيس مجلس الشيوخ ووضعية المجلس الدستوري التي قد لا تسمح له قانونيا بالاجتماع. أحمد ولد داداه: كما تعلمون، نحن في تكتل القوى الديمقراطية عضو في المنسقية، ونرى أن الخطاب الذي تقدمت به ضمن مهرجانها الأخير على لسان رئيسها الدوري يتضمن الجواب على سؤالكم، ولكن لا بأس من التذكير به ما دامت الفرصة سانحة، وهو أن الحل من وجهة نظرنا جميعا يكمن في الدخول في مرحلة انتقالية حقيقية عبر تشاور موسع يفضي إلى نظام ديمقراطي، يضمن القطيعة التامة مع النهج الأحادي، ويُدخل موريتانيا وشعبها مرحلة جديدة يتحقق فيها الاستقرار وتتعزز فيها الوحدة الوطنية، وتُعبأ فيها الطاقات والموارد لصالح الشعب وخاصة طبقاته المحرومة.
السراج: المؤسسة العسكرية، هي صانع الرؤساء في موريتانيا منذ أكثر من 30 سنة، برأيكم، كيف تقرأون دورها الحالي منذ إصابة الرئيس، وهل تعتقدون أنها هي من يدير البلاد.
أحمد ولد داداه: الجيش له دور مقدس هو حماية السيادة الوطنية والدفاع عن الحوزة الترابية لهذا البلد، وعليه فإنني أربأ به عن التجاذبات السياسية حتى يكون فعلا جيشا جمهوريا، وينبغي أن توفر له الإمكانيات المادية والمعنوية والتكوينية التي تمكنه من الاضطلاع بهذه المهمة النبيلة، والشأن السياسي له أهله وأهل مكة أدرى بشعابها.
السراج: عدتم من فرنسا بعد المشاركة في مؤتمر الحزب الحاكم هنالك لا شك أن الوضع الموريتاني كان موضع نقاش أو اهتمام من قبل الدوائر السياسية والمهتمين بالشأن الإفريقي في فرنسا، هل يمكن أن تقدموا للقارئ تصورا عن رؤية الفرنسيين للملف الموريتاني، وهل ناقشتم الوضع الموريتاني مع الساسة الفرنسيين. أحمد ولد داداه: لقد كنت في فرنسا الأسبوع قبل الماضي بدعوة من الحزب الاشتراكي الفرنسي الحاكم، ولا أقول إنه حدثت بيني وبين الفرنسيين مباحثات حول هذا الوضع، مع العلم أن التكتل لديه علاقات مع مختلف الأحزاب الفرنسية وخاصة اليسارية منها حيث تجمعنا أيضا الاشتراكية الدولية، مما يجعل الباب مفتوحا دائما للحديث عن القضايا ذات الاهتمام المشترك. السراج: : هل حاولتم زيارة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز في مستشفاه في باريس؟ أحمد ولد داداه: كما قلت لكم، فإنني ذهبت إلى فرنسا بناء على الدعوة التي أشرت لها آنفا، وذلك للمشاركة في مؤتمر الحزب الاشتراكي الفرنسي الحاكم حاليا والمنعقد في "تولوز"، حيث اقتصرت رحلتي إلى فرنسا على هذه المدينة الواقعة في جنوب فرنسا قرب الحدود الإسبانية.
السراج: هل تواصل معكم قادة الجيش منذ إصابة ولد عبد العزيز لإطلاعكم على ما يجري وهل طلبتم ذلك؟ أحمد ولد داداه : لا . السراج :ما هي ملامح المرحلة الانتقالية التي تطالبون بها في منسقية المعارضة وهل تعتقدون أن المنسقية قادرة على إقناع الشركاء الآخرين، الأغلبية، الجيش بفكرة من هذا القبيل.؟
أحمد ولد داداه : المرحلة الانتقالية التي نراها مناسبة في هذه الظرفية، انطلاقا من قناعتنا أن مصلحة الوطن أولا، وإدراكا منا أن المسؤولية الآن تقع على عواتق الجميع، تتلخص في دعوة كافة الأطراف دون إقصاء ولا تهميش ولا استثناء إلى الدخول في تشاور وطني مسؤول مؤسس على ميثاق وطني، وينتهي إلى حل توافقي يأخذ في الحسبان دقة اللحظة داخليا وإقليميا، ولنا في اتفاق داكار سابقة يمكن أخذها بعين الاعتبار.
السراج : ألم تقنعكم تصريحات رئيس الجمعية الوطنية وبعض الذين زاروا ولد عبد العزيز بأن وضعيته الصحية في تحسن وأن شغور المنصب غير وارد؟ أحمد ولد داداه: لا تعليق لدي على ما قاله الرئيس مسعود ولد بولخير، أما نحن في المنسقية فقد سبق أن طالبنا بإطلاعنا على الحالة الصحية لرئيس الدولة من خلال كشف طبي موقع من قبل الأطباء المشرفين على علاجه بأسمائهم وصفاتهم كما هو متبع في مثل هذه الحالات، وهذا وحده ما سيزيل اللبس والغموض الذي يلف هذا الموضوع.
السراج : عانى حزب تكتل القوى الديمقراطية منذ 2008 من انسحابات كبيرة باتجاه الأغلبية، وفقد أغلب فريقه النيابي والبلدي، ما الدافع إلى ذلك برأيكم، هل هو داخلي يتعلق بأداء الحزب ومواقفه السياسية، أم للسلطة فيه ضلع، أم أن الأمر يتعلق بمعايير الترشيح أصلا؟ أحمد ولد داداه: حزب التكتل حزب كبير وعريق يفخر بأنه كان حاضنة للكثير من الأحزاب السياسية الشقيقة والقوى السياسية، وقد شهد بين الحين والآخر بعض الانسحابات لأسباب يعرفها المعنيون الذين نكن لهم على الدوام الاحترام والتقدير، والاعتزاز بالمرحلة النضالية التي جمعتنا معا. وسيظل التكتل حزبا جماهيريا جامعا مفتوحا لكل الموريتانيين من أجل بناء مشروع مجتمعي قائم على المساواة والعدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية والإنصاف. السراج: ما هو مصير مؤسسة المعارضة، وماذا بقي منها؟ في ظل التأزم الذي طبع علاقة حزبكم بالسلطة منذ 4 سنوات. أحمد ولد داداه : هذه المؤسسة ما تزال قائمة إلا أنها كما لاحظتم، ولأسباب لا تخفى عليكم، لم تتمكن من ممارسة الجانب الأساسي من المهام التي استحدثت لها وهو إقامة تشاور دائم بين السلطة التنفيذية والمعارضة الديمقراطية ومتابعة عمل الحكومة بيقظة ومسؤولية حتى تقوم بدورها المطلوب وتخلق جوا من التواصل والثقة بين الحكومة والمعارضة.
السراج :هل سيترشح أحمد ولد داداه للرئاسيات القادمة؟ أحمد ولد داداه هذا السؤال سابق لأوانه. وعلى كل حال، فهيئات الحزب هي التي تبت فيه. |