الأربعاء, 10 سبتمبر 2014 15:35 |
لا تفعلا .. أرجوكما
صديقان لي ضمن المجموعة التي أعلنت انسحابها من حزب اتحاد قوى التقدم.. تعلمت منهما، ورافقتهما عمرا قصيرا في جامعة نواكشوط لكنه كان ثريا بالعطاء، شهدت معهما لحظات نضالية تقوم مقام أزمنة مديدة، اختلفت مع أحدهما (عبد الرحمن ولد حمودي ) لأن رفقته كانت أطول، واتفقت، خاصمته وصالحته، وكان في كل ذلك مناضلا يفرض الإنصات لثوريته التي تصدم الواقعيين من أمثالي.
أتمنى أن لا تصدم قراراته اللاحقة الثوريين من أمثاله..خاصة أن واقعيتي قد لا تستوعبها.
أما لمهابه فكانت لقاءاتي به معدودة لكنها غاية في الثراء، كان قليل الكلام نزر الانفعال، طري الطرح، مبدئي الفكرة...كنت أرى فيه عريكة مناضل من زمن ولى.
لا تلوماني إذا خاطبتكما بصديقي العزيزين (أستأذن الأستاذ لمهابه في هذا الوصف، أما عبد الرحمن فهو كذلك).
لم أكتب لمناضلين غادروا أحزابا كثيرة يبدو، في الظاهر، أنها أقرب إلي، وربما لا أعود للكتابة إلى آخرين سيغادرون لاحقا، وأسأل الله ألا يكتب عني أحد في مثل هذا المقام.
سأكون مباشرا جدا وصريحا جدا صديقي العزيزين.. وسأحاول ألا أكون جارحا.
إن رأس المال الرمزي الذي تنحازان به اليوم إلى حيث تريدان ثروة وطنية بنيناها معا، وهي ملك جيل صاحبكما، اساقط كثير من أغصانه وجذوعه قبلكما لكن هذا لا يسوغ مغادرتكما ميدان المعركة.
لقد بنى جيل الشباب الذي قوضت أصواته المبحوحة، وأياديه الغضة أركان نظام ولد الطائع، وحررت مؤسسات التعليم من قبضة الأمن تاريخا أنتما مؤتمنان على جزء منه. لا تضيعاه.
أنتما حران مطلقا الحرية في التوجه الذي تختارانه. حريتكما في الأحزاب التي تنضمان إليها، ما من حاجة للتأكيد على هذا. لكن لي رجاء واحد لكما. تتذكران كم مرة رجوتكما فيها في أمر؟. لست أدري لكنها ليست كثيرة جدا قطعا. ليست كثيرة.
رجائي صديقي العزيزين ألا تهديا ثمرة الكفاح الذي خضتماه مع جيل من الشباب، غرستما فيه أملا، وآنستما فيه وحشة كثيرين، إلى عسكري خشن الحذاء... أو مخبر رفعته إلى كرسيه تقارير دبجها عنكما وعن رفاقكما. لا تفعلا.
الطريق صعب طويل، صحيح، لكنه موصل، صديقاي، إن لم يكن إلى بروج الأبهة ولين الملبس والمطعم، فإلى شوامخ الكرامة، وعزيز المكانة في النفوس.
إن تخلي واحد، أي واحد، عن خط معارضة الفساد، والتشبث بالأمل في دولة العدل، والمساواة، ليس تغييرا لخط سياسي، ولا تعبيرا عن موقف، إنما ثلمة في صف العاضين على أمل الوطن. أما إذا اختزل هذا الواحد تجربة جيل بنى أملا، وأعاد أملا، فتلك إحدى القوارع.!!
لا تجعلا ما يقوله ولد عبد العزيز وولد محم، وخيرة، والآخرون صوابا، وما كنتما تسمعانه من محمد المصطفى وحباب ولوكورمو خطأ. أعرف أنني أقول كلاما غير واقعي هذه المرة، لكنه ليس فلسفة ولا ثورة، اصبرا معنا قليلا، وستعرفان أن بدر الدين ورفاقه يقولون ما يعتقدون وأن الآخرين يقولون ما يأكلون، أو ما يريدون أن يأكلوا.
فإن أبيتما، فسلما لي على من هناك، سلما لي على عبد الفتاح.
|