أسواق الأغنام قبل العيد : فخ المضاربات والفرص السانحة
الجمعة, 03 أكتوبر 2014 08:22

ما إن اقترب العيد حتى تحولت كل الساحات والشوارع القريبة من سوق الماشية في الميناء إلى معرض مفتوح للأضاحي، بالكاد تتمايز الممتلكات والحدود بين الباعة حيث تظل الباحات المطلة على الشارع هي الأكثر رواجا، كذلك لاحدود فاصلة بين الأغنام وملاكها والقيمين على بيعها والذين عليهم أن يمضوا سحابة النهار وجزء من الليل في رعايتها والسهر على راحتها ليس لهم من مأوى إلا ما كان من أعرشة مهترئة يلجأون إليها وقت القيلولة احتماء من قيظ الهاجرة.

هواجس الباعة والمضحين

رغم تباين توقعات باعة الأغنام بأسعارها يوم العيد ما بين متفائل ومتحفظ إلا أن من الصعوبة بمكان إقناع المواطنين باتجاه الأسعار نحو الانخفاض مع اقتراب يوم العيد، فأسعار عيد الفطر الماضي لا زال الكثيرون يتجرعون مرارتها في الوقت الذي لم يكن فيه أي حديث عن التصدير إلى السنغال، كما أسعار اللحوم الحمراء والتي تجاوزت 2400أوقية للكلغ في أسواق انواكشوط خير مؤشر على أن أسعار الأضاحي لن تكون الأرخص هذا العيد كما يقول باب أحمد ولد سيد أحمد والذي جاء لأكبر أسواق الأضاحي بالميناء خصيصا لشراء أضحية قبل بدء المضاربة في الأسعار ولم يعثر –حتى الآن –ما يناسب مبلغ 30000أوقية الذي أرصده لهذا الغرض.

على مقربة كان أحدهم قد أوقف سيارة أجرة ليحمل فيها كبشا متوسط الحجم اشتراه ب40ألف أوقية وكأنه لم يصدق نفسه بعدما دار الحديث مؤخرا عن وصول أسعار الكباش إلى 80ألف أوقية ومع ذلك يظل الحديث عن سعر ثابت للأضاحي أمرا مستبعدا قبل العيد فهناك شبكة من العوامل التي تقف وراء السعر من قبيل وفرة العرض وجودته وحركة البيع وتوقيت الشراء وللتخفيف من أثر هذه العوامل يلجأ المواطنون إلى أساليب للاستفادة من سعر أفضل كما يشرح ولد سيد أحمد مثل الشراء في مجموعات أو الذهاب إلى السوق ضحوة العيد والشراء من الأسواق ذات الوفرة الكبيرة من الأغنام كسوق الميناء.

في المقابل لباعة الأغنام حيل للخلط على الزبون وإقناعه بدفع سعر أكبر ومن ذلك إعطاء سعر خيالي للأضحية يفوق بمرات سعرها الحقيقي وبالتالي مهما قدم المشتري من ثمن يظل تحت السعر الحقيقي للاضحية ومن ذلك عزل الرؤوس ذات الأحجام المتقاربة وعدم السماح باختلاطها بما هو أكبر منها مما يصعب عملية الإختيار أمام الزبناء يعلق أحد المواطنين وقد تملكته به الحيرة.

الغلاء القادم

أسلم ولد سيدي خمسيني قادم من كوبني في رحلة العمر بالنسبة له وذلك منذ عشرين سنة عندما كان يجلب الأغنام لبيعها في نواكشوط خلال عيد الأضحى لايبدو مكترثا كثيرا بأجواء العاصمة فملابسه هي نفسها في الريف وفي المدينة غير آبه لمنظره كحال العشرات من جالبي الأغنام كل همهم أن يكون الموسم هذا العام واعدا، يبدو البائع ولد سيدي واثقا من رواج تجارته ومن الربح الوفير لكن ليس هناك حتميات في عالم البيع والتجارة يقول إن العرض وفير وليس هناك ما يدل على تنامي الطلب قبل يوم واحد من العيد فأجواء العطلة لازالت تؤثر على العاصمة التي لا يكاد يوجد بها سوى نصف ساكنيها، كما أن الأغنام متوفرة في كل مكان وهناك تراجع في الأسعار إلى حدود 35ألف أوقية للأضحية المتوسطة.

أما قرار التصدير إلى الجارة السنغال فليس له أي أثر لا على العرض ولا الأسعار على الأقل قبل العيد من وجهة نظره.

شباب وشيوخ في مهام البيع

يعمل الشباب أحمد ولد أحمد ودان كبائع للأغنام في سوق الميناء يقول إنه لم يجد عملا ففضل الارتباط بما يذكره بحياة البادية وإن كان مقيما في نواكشوط ، ليس هناك ما يميزه عن أترابه الوافدين مع أغنامهم من الداخل :ملابس متواضعة وعمامته متكوره بإهمال على رأسه وسحنة مشربة بسمرة وملامح صارمة وعدة بسيطة من عصي وحبال...قال إن السلطات ألجأته مع بعض الباعة إلى هذا المكان الذي يقع على الطريق المؤدي إلى سوق الماشية بعد اكتظاظ المناطق المحاذية للمعرض وهو مكان غير مناسب لاستقرار برك الماء الآسن على مقربة منه ولكثرة السرقات فبالأمس القريب سرق كبش من أغنامه ولم يتنبه إلا بعد ما أمسك بعض الباعة باللص وأشبعوه ضربا وأرجعوا له كبشه، وبالتالي فالجميع على قدر كبير من الحذر والتيقظ.

يرى أن من أسباب غلاء الأضاحي ارتفاع سعر الخدمات المرتبطة بالبيع ما دام على البائع أن يشتري برميل الماء ب500أوقية وخنشة العلف الردئ ب7000أوقية ورزمة القش الكبيرة ب30ألف أوقية إضافة إلى مصاريف النقل والحراسة والتموين.

لذا يتوقع أن سعر الأضحية سيصل في المتوسط إلى 50ألف أوقية كما كان الحال في عيد الفطر الماضي كما أن تنامي الطلب يدفع إلى ذلك.

أطفال الحبال

في الميناء أكبر أسواق الأغنام ليس الباعة وحدهم هم فرسان الميدان فالسوق جذب الكثيرين من مقدمي الخدمات كالسلاخيين والجزارين وحتى باعة الحبال من الأحداث والأطفال.

الطفل إسماعيل أحد باعة الحبال بالسوق يقول إنه لابد أن يكون يقظا بعد أي عملية شراء حتى يضمن بيع حباله القصيرة حيث يقترب في أدب وهو يقول هل ترغب في شراء حبل لربط الشاة كما هو حال باعة الأكياس البلاستيكية في أسواق الملابس.

على مقربة يتجول أطفال في مثل سنه ملوحين ببضاعتهم  والتي ليست سوى حبال قصيرة يبيعون الواحد منها ب100أوقية إنهم في الغالب من سكان الأحياء المجاورة يجدون في سوق الأضاحي فرصة لكسب دريهمات يساعدون بها أسرهم المعدمة كما يقول أحدهم.

أصحاب المطاعم وباعة الشاي هم أيضا من أكثر المحتفين بأسواق الماشية لكن احتفاءهم بالمناسبة هو أقل بكل تأكيد من ممارسي مهن الجزارة والسلخ والذين ترتفع أسعار خدماتهم في العيد إلى أرقام فلكية.

كانت الشمس قد أخذت طريقها إلى الغروب عندما بدأ كل بائع في حرز رؤوسه وتجميعها في مكان واحد حيث سيتحتم عليه بعد قليل سوقها إلى أقرب زريبة لحراسة الاغنام خلال الليل والتي يطلقون عليها "الكت " وذلك مقابل 5000اوقية عن الليلة الواحدة.

أسواق الأغنام قبل العيد : فخ المضاربات والفرص السانحة

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox