تونس في يوم عرسنا |
الأحد, 26 أكتوبر 2014 15:39 |
أحمد ولد الوديعة تقع وسائل الإعلام التونسية والعالمية المتابعة بكثافة لانتخابات السادس والعشرين أكتوبر في خطأ جسيم حين تقول إن أكثر من خمسة ملايين تونسي هم من يتوجه لصناديق الاقتراع اليوم ،وأن هدف الانتخابات هو اختيار 297 نائبا في البرلمان التونسي. من يتوجه لصناديق الاقتراع اليوم في تونس - زملائي الإعلاميين المرابطين هنا الآن في قصر المؤتمرات بتونس - أكثر بكثير من خمسة ملايين وما تفضي إليه انتخابات اليوم أكبر عشرات المرات من اختيار أعضاء برلمان الجمهورية الثانية في تونس. ما يجري في تونس الآن ليس مجرد عرس تونسي، أستسمح الإخوة التونسيين فأهل العروسة ممتدون في جغرافيا عطشى للفرح والحرية والتحرر، أعني جغرافيا العالم الإسلامي وبالذات عالم العرب منها، ما يجري هو عرسنا جميعا ، ولأنكم أهل الفصاحة والدراية لأن أتعبكم بالخط تحت تلك " النا" فأنتم تعرفون من نحن، وإن كان فيكم من يصر على الفهم أو يحتاجه فنا هنا تحيل إلى مريدي الحياة بلغة ضيف شرف عرسنا الثوري أبو القاسم الشابي، كل مريدي الحياة في عالم المكفهر منذ عقود تحت أحذية غلاظ. من يتوجهون إلى صناديق الاقتراع اليوم هم الملايين التي هتفت للحرية وبالحرية في بلدان الثورات فأطاحت بمبارك والقذافي وعبدالله صالح قدوة بشعب تونس المعلم يوم اقتلع من أرض عقبة بن نافع نبتة بن علي والطرابلسية الخبيثة، نعم يقترعون هنا ومعهم مئات الملايين من المحرومين في بلدان كثيرة سارت على الدرب أو تنوي أن تسير عليه، كلهم يتوجهون لصناديق الاقتراع الآن تشبثا بحلم انقض عليه غلمان الأعراب الأغنياء الأغبياء. من يتوجهون لصناديق الاقتراع اليوم هم كل من في قلبه مثقال ذرة من إيمان بحرية وعدل من أمة الإسلام المكلومة في عقيدتها وهويتها وحريتها وثرواتها بفعل أنظمة حكم عفنة يؤدي أمثلها طريقة وظيفة حارس الحدود والمصالح الغربية والصهيونية. في تونس اليوم تقترع أمة هتفت بعد ثورات الربيع الشعب يريد تحرير فلسطين قبل أن ينقض السيسنياهو على مصر فيوقف انخراط أرض الكنانة في هتاف التحرير ويسفك الدماء ولكنه سيخيب وسيخسر وستعود مصر إلى الهتاف وإلى الحشد إلى الأقصى في زمن عسى أن يكون قريبا. في تونس الآن تقترع أمة تضحك من حالها الأمم لفشلها في إدارة تنوعها وتحول تعددها المبهر إلى نقمة ومدخل تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ، يوم تورطت حكو مات القهر في الدوس على بعض المكونات المجتمعية والعرقية والمذهبية وحرمتها حتى من حقها في التعبير بلغتها أحرى التمتع بحقوقها الآدمية؟ أيا تكن النتيجة التي تسفر عنها صناديق الاقتراع هنا مساء اليوم ، أيا يكن الفائز؛ النهضة أو نداء تونس أو غيرهما، إسلاميا أو علمانيا، ثوريا أو تجمعيا يبقى الأهم هو وصول تجربة تونس إلى بر نهاية الانتقال الديمقراطي لتبقي محضنا وموئلا لثورات شعوب أخرى يظن الأغنياء الأغبياء واهمين أنهم اخمدوا حلمها بالتحرر، ومادروا أن تحت رماد بطشهم وغرورهم وميض ثورة سيشع من جديد ساعة يكتمل عرسنا في تونس خلال ساعات. |