الأراضي الزراعية ..إقطاعيات فوق القانون |
الأحد, 16 نوفمبر 2014 14:55 |
مع كل أزمة في ملف لحراطين يعيد سؤال الأزمة العقارية والأراضي الزراعية نفسه، يطل إلى الواجهة حاملا معه آلام شمامة وسائر المناطق الزراعية التي ظلت منذ قرون أرضا متعددة الملكية يسكنها مزارعون، ويملكها سادة، وبين من يملك الأرض ومن يزرعها، ظلت الأزمة العقارية أبرز سؤال يقف في وجه التنمية في شمامة.
القوانين تحت رحمة الواقع
إذا كانت القوانين الموريتانية قد قضت بنقض دعوى التملك التقليدية ذات الأساس القبلي فإن ذلك لم يمنع من ظهور أزمات عنيفة في هذا المجال وتشرح اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان الآثار السلبية للرق في المجال العقاري وملكية الأراضي "لقد كانت ملكية الأراضي قضية أهمت السلطات الموريتانية وقضاتها وحتى في فترة الاستعمار فمجمل الأراضي غير مقسمة سواء لدى القبائل العربية أو المجموعات العرقية السودانية الموريتانية ثم جاء قانون الرق ليعقد المعطى بإضافته نظرية غير قابلة للحل فمن يملك في الواقع أراضي القبائل والقرى ،،كما لم ينجح الإصلاح العقاري المعلن عنه في 1983 في حلحلة الأزمة بشكل عملي نظرا لتعقد المشكل العقاري ولزبونية السلطة في أغلب الأحيان. أجراء في أرض الأجداد.. تلاحظ الباحثة آمال داداه أنه "في الضفة بشكل خاص عرفت الزراعة المروية نموا نسبيا تمثل في تنامي زراعة الأرزعلى مساحات شاسعة والممارسة من طرف رجال أعمال بيظان قادمين من المدن, تلك الزراعة استحوذت شيئا فشيئاعلى المزارع التقليدية (المزارع المطرية مثلا) في حين ضاع السكان الأصليون في دهاليزالإدارة وغرقوا في الديون من أجل إرغامهم علي تقديم تنازلات أوطلب الدعم وتحول هم مع الوقت لمجرد يدعاملة لدى الملاك الجدد".
صراع على الأرض.. وفي أغلب ولايات موريتانيا وقف مشكل العقار كأحد أهم عوائق الاندماج، وأكثر من ذلك أحد أهم مظاهر الاشتباك السلبي في العلاقة بين السيد والعبد. ويمكن استطراد بعض المظاهر العنيفة في هذا المجال: - ففي 1957:ثارت مجموعة من الأرقاء السابقين في قرية ينكي التابعة لمقاطعة بوصطلية في الحوض الشرقي، ضد سادتها السابقين بسبب الأرض والإتاوات وقد زج بالثائرين في السجن بعيون العتروس "التي خرجوا منها بفعل أحد الشيوخ والحكماء من قبيلة مشظوف إثر اتفاق بشرعية مطالب المحتجين"( ). - وفي سنة 1980 وفي مقاطعة الغبرة التابعة لمقاطعة باركيول: ثارت مجموعة من لحراطين ضد سادتها السابقين،وبدعم من بعض الأوساط السياسية، ليحصلوالاحقا على تنازلات معتبرة بشأن الأرض والملكية العقارية. - وفي 1981: ثار احتجاج آخر في قرية المبروك بمقاطعة تامشكط وقد استخدم لحراطين خلالها الأسلحة البيضاء ليظهروا تمسكهم بما يعتبرونه ملكية خاصة لهم، وتعرضوا للسجن في عيون العتروس قبل الوصول إلى مصالحة بين الطرفين. - وحتى بعد سنوات كثيرة ستظهر خلافات أخرى بين الحراطين ساكني القرى الزراعية، وأسر تقليدية تتمتع بسيادة معنوية ضمن فضاء العلاقات التقليدية، ففي قرية كنيكر في مدينة النبيكة بولاية تكانت شكا بعض الأرقاء السابقين من عقاب جماعي تعرضوا له سنة 2008 على يد أسيادهم السابقين إثر تباين المواقف السياسية، حيث طلب منهم السيد العام للقبيلة إخلاء الأراضي الزراعية التي يقطنون. - وفي لكصيبة بولاية الترارزة: لايزال صراع عقاري ضخم بين المزارعين في قرى دار السلام، حيث تتعدد ملكية الأرض المسجلة باسم ملكية جماعية لأسرة أهل الشيخ سيديا، وبين السكان التقليديين الذين يرتبطون إما بعلاقات رق قديم أو روابط تلمذة مع الأسرة المذكورة( ).
لقد وقف مشكل العقار في ظل الدولة المعاصرة عائقا اجتماعيا في وجه الاندماج، وبين الحين والآخر تنشب خلافات قوية بين الأرقاء السابقين وأسيادهم حول أرض يسكنها مواطنون منذ مئات السنين وآخرين يملكونها منذ التاريخ نفسه. وتكثر هذه النزاعات بشكل خاص في ولايات الترارزة ولعصابة والحوضين، بينما تقل في منطقة آدرار وتكانت، حيث أسهمت علاقات "المزارعة" المعروفة في الفقه الإسلامي في تمكين الأرقاء السابقين ولحراطين من تملك بعض الأراضي والمزارع،ويذهب البعض إلى القول إن "حدائق النخل العتيقة في تجكجة الآن أصبحت ملكا للحراطين نظرا لعلاقات المزارعة".
|