ماذا يدور وراء الكواليس فى ملف المخدرات الآن ؟ |
الأربعاء, 23 فبراير 2011 12:37 |
ما من شك في أن ظاهرة تهريب المخدرات باتت من الظواهر العالمية التي لا تقل شأنا عن عالمية الإرهاب والاقتصاد والثقافة، وإذا كانت هذه الظاهرة عرفت انتشارا كبيرا في أمريكا الجنوبية وبعض دول آسيا، فإن الأسابيع الماضية وأحداث 2006 تقطع الشك باليقين في أن الأرض الموريتانية أصبحت في معمعان الظاهرة وبات برها وبحرها وحتى مطاراتها مسرحا ملائما لعمليات التهريب ونقطة عبور للمخدرات من أمريكا الجنوبية إلى اوروبا.
مخدرات أم غاز؟قبل يومين تم توقيف مواطن مالي على الحدود المالية الموريتانية يحمل أكثر من 27 كلغ من الحشيش مخبأة في قنينات للغاز، وقبل ذلك بأسبوع واحد تم اعتقال مواطن آخر من جنسية مالية أيضا في مكطع لحجار وبحوزته 143 كلغ من المخدرات في 4 قنينات غاز كبيرة. ثلاثة أيام فقط قبل ذلك أوقفت الشرطة في نواذيبو باصا محملا بمخدرات مخبأة في قنينات غاز. وبالتوازي مع ذلك أحبطت عمليات أخرى في روصو ونواكشوط وبوتلميت. وبما أن الأساليب القديمة في تهريب المخدرات لم تعد صالحة في هذا العصر، عملت شبكات التهريب على استحداث أساليب جديدة تعتمد على التمويه البالغ فبعد قنينات الغاز، استحدثت عجلات السيارات لإخفاء المخدرات.. فبل أسبوعين من الآن أوقفت وحدة أمنية تابعة للمكتب الوطني لمكافحة المخدرات بالعاصمة نواكشوط، 5 أشخاص متلبسين بتهريب كميات من مادة الحشيش، مخفية في عجلات سيارة صغيرة من نوع "ميرسيدس". ترويج في المدارس..شرطة مكافحة المخدرات تمكنت من اعتقال عصابة مكونة من ثلاثة افراد تعمل على بيع وإشاعة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي بالعاصمة نواكشوط، وهي مرحلة خطيرة تصل إليها عصابات التهريب، تنذر بخطر يتهدد الفئة الناشئة في المجتمع، باعتبارها الأكثر عرضة للوقوع في شرك العصابات بحكم خصائصها النفسية والفيسيولوجية. البداية..كانت الطائرة الصغيرة التي هبطت في مطار نواذيبو 2006 وحطت حمولتها من الكوكايين تحت جنح الظلام، قبل أن تقلع دون إذن من برج المراقبة في المطار، بمثابة المنبه الذي أيقظ القوى الأمنية من غفلة عن خطر محدق يتهدد البلاد، بعد أن أصبحت وكرا لنشاط أكبر عصابات لتهريب المخدرات، من جنسيات مختلفة أوروبية وأمريكية وآسيوية بمساعدة موريتانيين وتواطؤ رجال أمن نافذين. ليتضح فيما بعد أن نشاط المجموعة وصل إلى حد إنشاء المطارات في الصحاري الموريتانية وتزويدها بالوقود اللازم، مستغلة شساعة الأرض وهشاشة الأجهزة الأمنية وتواطئ بعضها وإمكانية كسب البعض الآخر تحت سلطان الرشوة ووطأة الفقر. عامل آخر بحسب مراقبين كان مساعدا على تسهيل مهمة أباطرة التهريب، هو تغاضي النظام السابق عن عمليات التهريب، بدعوى أنها لا تشكل خطرا على الموريتانيين، باعتبار أن المهربين يتخذون من موريتايا فقط ممر العبور إلى أوروبا لتسويق بضاعتهم هناك، علما بأن نشاط التهريب له مردودية اقتصادية كبيرة على بعض المواطنين على الأقل. تحديات..ولئن كانت السلطات العمومية قد أبدت في الآونة الأخيرة الكثير من اليقظة تجاه الملف وقبضت على أغلب المتورطين فيه، بمن فيهم بعض رجال الأمن المتواطئين( أطلق سراح بعضهم في عفو رئاسي بمناسبة عيد المولد الماضي)، وأنشأت مفوضية خاصة بمكافحة المخدرات والمأثرات العقلية ومزيدا من نقاط التفتيش على الطرق والمناطق الحدودية، إلا أن انفلات بعض أباطرة التهريب حتى الآن من قبضة الأمن وسهولة اختراق البوابات الحدودية مع دول الجوار وتنامي الظاهرة في الأسابيع الأخيرة يطرح تحديات جساما على الأجهزة الأمنية ويتطلب مزيدا من اليقظة خصوصا في ظل تلاقح الظاهرة مع بعض الظواهر الأخرى كظاهرة الإرهاب وتقاطع مصالحهما، وصعوبة مراقبة الرقعة الجغرافية الشاسعة، فهل ستنجح الأجهزة الأمنية في ظل هذه التطورات في وضع حد لظاهرة طالما أرقت المجتمع الموريتاني وظلت ورقة سياسية لدى نخبه السياسية؟
|