تحليل: الانضمامات الجديدة لتواصل قراءة في الدلالات والأبعاد |
الثلاثاء, 31 يناير 2012 16:36 |
على وقع التقييم السلبيجاء إعلان الانضمامات الجديدة للحزب ذي المرجعية الإسلامية على وقع تشخيص سلبي للمرحلة المنصرمة من حكم الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز. الحصيلة التي قدمها رئيس الحزب محمد جميل ولد منصور خلال المؤتمر الصحفي بفندق أميره بدأت بقول ولد منصور إن البلد يعيش أزمة سياسية غير مسبوقة، قائلا إن مظاهر الأزمة تتجلى من خلال "الفشل الشديد للحوار السياسي بين النظام وبعض أطراف المعارضة". وعدد ولد منصور مظاهر الفشل مبرزا الارتباك حول موعد الانتخابات البرلمانية والبلدية، والذي جعل البلاد تعيش أزمة شرعية، بحكم انتهاء مأمورية الهيئات التي تدير الأمور التشريعية والمحلية في البلاد. وقال ولد منصور إن واحدا من مظاهر الفشل السياسي تجلى في التعديلات الدستورية التي لم تحظ بإجماع النخبة السياسية، والتي كانت في معظمها شكلية وغير وافية بالغرض في الملفات التي تناولتها التعديلات. وشكل بقاء ملفات حساسة مفتوحة، كالرق، الذي لم تتخذ إجراءات حقيقية للقضاء عليه، وملف اللاجئين والارتباك في إكمال تعهدات الدول تجاه العائدين منهم انتكاسة أخرى على المستو الاجتماعي. ولاحظ ولد منصور في حديثه عودة القمع السياسي للمطالبين بالحقوق وفق أساليب التعبير السلمي، ضاربا المثل بالقمع الذي تعرضت له تحركات حركة "لا تلمس جنسيتي" ضد إجراءات تقييد السكان في السجل المدني، وكذا طلاب المعهد العالي. وفي المجال الاقتصادي أفاض ولد منصور في الحديث عن فشل الحكومة في التصدي لموجة الجفاف التي ضربت البلاد، عبر إعداد وتنفيذ برامج جاد تخفف عن المواطنين الموريتانيين، خصوصا القاطنين منهم في المناطق الداخلية. وختم ولد منصور بالحديث عن السر وراء تعامل نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز مع الملفات الحساس قائلا إن المستبد يعرف كيف يحافظ على السلطة لكنه لا يعرف كيف يحل مشاكل الناس. التوقيت الدقيقاختار حزب تواصل بعناية التوقيت الذي أعلن فيه عن الانضمامات الجديدة، فكان بعد "جولة ناجحة" لمنسقية المعارضة الديمقراطية شملت أغلب ولايات موريتانيا ومدنها الداخلية. وقد حمل التوقيت رسالة مفادها أن الحديث عن أن "الاحتفاء الجماهيري الذي تحظى به المعارضة لا ينعكس عادة في صناديق الاقتراع، وأن علاقة الموريتانيين بأحزاب المعارضة تنتهي عند سماع خطابها دون أن يترتب عن ذلك تصويت بالضرورة" أمر غير دقيق. ترد عليه الانضمامات الحالية، وأغلبها من مدن الداخل، بأن الأمر لا يتعلق فقط بأصوات انتخابية يمكن تسجيلها دون عناء عندما يحين موعد الانتخابات المؤجل، بل أصبحت أداء يوميا في الحزب بفعل الانضمام العلني وإعلان القبول ببرنامج الحزب، والانخراط في صفوفه، وهو ما يحمل تفضيلا على لا لبس فيه على "حزب الدولة" أو الحزب الحاكم. ويأتي التوقيت عل وقع انتصارات الأحزاب الإسلامية غِبَّ الثورات العربية التي أطاحت بأنظمة الاستبداد في المنطقة العربية، وهو ما أعطى دفعة جماهيرية غير مسبوقة لحزب تواصل، وأهله الكثير من المراقبين لصدارة المشهد السياسي في حال جرت انتخابات شفافة. رسالة التنوعتوحي خريطة الانضمامات الجديدة، بأن الحزب أصبح واحدا من الأحزاب الكبيرة، ذات القوة التمثيلية في مختلف ربوع موريتانيا؛ فقد امتدت على مختلف ولايات البلد، وكانت الولايات الشرقية حاضرة فيها بشكل لا لبس فيه. غطت خريطة الانضمامات الجديدة ولايات الحوضين والترارزه وكوركول ونواكشوط ولعصابه. وتنوعت العناصر بين موظفين سابقين في أسلاك الوظيفة وأطر ومنتخبين ووجهاء محليين، ونساء وشباب ومسنين، عربا وزنوجا.. ما يعكس تنوعا داخل فئات المجتمع، وتوسعا عموديا ينضاف إلى أفق توسعها الأفقي. الحضور في الداخلينظر الكثير من المتابعين للشأن الحزبي في موريتانيا إلى حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية على أنه "حزب نخبوي" يضم منتسبين إلى الطبقة الوسطى، وينشط في صفوفه شباب مثقفون ينتمون إلى "فئة البيظان" أساسا، وهو ما جاءت قائمة المنضمين اليوم لتعلن فتوقا كثيرة في جداره. ويرى مقربون من حزب تواصل أن خريطة الحزب ستشهد تغيرا كبيرا بفعل الانضمامات الجديدة التي "ستعزز وجوده في مناطق كان حضوره فيها محدودا" ، كما سترفع من مستوى قوة الحزب في مناطق أخرى كان للحزب حضور قوي داخلها. هل هي بداية الانضمامات؟لا يستبعد مراقبون للشأن السياسي في البلد أن يكون الحزب قد أراد بهذا الإعلان إشارة إلى بعض المترددين في الدخول إلى بوابة الحزب مفادها أن أبواب الحزب مشرعة للوافدين الجدد بشرط القناعة ببرنامج الحزب، وأن الحديث عن حزب مغلق على مجموعة الإصلاحيين الوسطيين "في غير محله". وتشير تسريبات لدوائر مقربة من الحزب إلى أن الإعلان الحالي سيكون بداية لانضمام مجموعات أخرى، ربما يكون من بينها شخصيات ذات وزن كبير على الساحة السياسية الوطنية. سيكون على الساحة السياسية الوطنية أن تنتظر النتائج الحقيقية للانضمامات الجديدة، وما إذا كانت ذات أثر بالمعني السياسي؟ أم ستؤدي دورا إعلاميا يرفع من مستوى خطاب الحزب ويكسب خطابه السياسي ألقا جديدا، دون أن يحدث أثرا عميقا على وزن الحزب وحضوره السياسي والانتخابي؟ |