القرشي: العلماء يجب أن يكونوا في مقدمة الثورة |
الجمعة, 02 مارس 2012 10:03 |
وأضاف القرشي، وهو باحث موريتاني مقيم بالمملكة العربية السعودية، في مقابلة مع جريدة السراج نشرت أمس الخميس 01- مارس-2012 ونعيد الآن نشرها "أتمنى أن تدرك حكومتنا أن الشعوب اليوم لم تعد كما كانت مما يوجب عليها تجنيب البلاد الفتن من خلال الحوار الصادق الجاد وإعطاء الناس حقوقهم بدلا من انتزاع تلك الحقوق بالقوة وما يصاحب ذلك وينتج عنه". وهذا نص المقابلة: السراج: الدكتور مولاي إسماعيل ولد الشريف ترحب بكم السراج في هذا المقابلة وتشكركم على تلبية الاستضافة في البدء حبذا لو حدثتم جمهورنا الكريم عن النشأة وظروفها – الدراسة ومراحلها ؟ القرشي: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد فشكرا لمؤسسة السراج على جهودها الإعلامية الرائعة وآمل أن تكون في هذه الإجابات ما يحقق الفائدة لقرائها الكرام. - ولدت ونشأت في قرية لمسكمة وهي قرية تابعة لولاية النعمة. - ثم خرجت حاجا مع والدتي - حفظها الله - واستقر بنا المقام في المدينة المنورة والتحقت بالمدرسة الليلية في السنة الأخيرة من المرحلة الابتدائية ثم دخلت الجامعة الإسلامية فدرست بها المراحل التعليمية (المتوسطة والثانوية) وذلك في معهديها ثم التحقت بكلية الشريعة فتخرجت وحصلت منها على الإجازة في الفقه وأصول الفقه. وكنت أثناء ذلك ألازم - بفضل الله – العلماء للدراسة عليهم ولاسيما كل من فضيلة الشيخ عطية محمد سالم - رحمه الله- في المسجد النبوي الشريف. ثم بعد التخرج من الجامعة يسر الله لي القبول في المعهد العالي لإعداد الأئمة والدعاة بمكة المكرمة فحصلت فيه على الماجستير وأتيحت لي فرصة أخرى لتلقي العلم على نخبة من علمائنا الأجلاء في مكة المكرمة أبرزهم فضيلة العلامة الدكتور محمد سيدي الحبيب - حفظه الله- وفضيلة الداعية الشيخ الدكتور محمد الخضر الناجي ضيف الله - رحمه الله-. والعلامة الشيخ محمد عبد الله ولد الشيخ محمد - حفظه الله. ثم واصلت دراستي للدكتوراه عن بعد وكان عنوان رسالتي (قضايا المرأة والأسرة في مؤتمرات الأمم المتحدة). السراج: دكتور بوصفكم متخصصين في حقل الإعجاز العلمي في القرآن والسنة ولكم إسهامات عديدة فيه حبذا لو قدمتم لنا نبذة عنه وبداية ظهوره وما هو ميدان عمله وهل هناك إعجاز في القرآن وآخر في السنة وهل يمكن أن نعتبره "علما" مستقلا له ضوابطه وخصائصه وما هي هذه الضوابط والخصائص ؟ القرشي: أما عن نشأة الإعجاز العلمي؛ فمعلوم أن بداية ذلك منذ العصر الأول فقد فسر ابن عباس – رضي الله عنهما- قوله تعالى : (كانتا رتقا ففتقناهما) بأن السماء والأرض كانتا ملتزقتين ففصلتا، وهو معنى نظرية الانفجار العظيم (big bang). كما يلاحظ أن بعض المفسرين توسعوا في التفسير العلمي كما فعل الرازي في التفسير الكبير ووجدت إشارات عديدة لدى السيوطي والغزالي وابن العربي وغيرهم. وتوسع فيه بعض الكتاب والمفكرين والعلماء في القرن الماضي لكن الإعجاز العلمي كعلم له ضوابطه وأصوله لم يتم إلا على يد الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة من خلال كتبها: (التأصيل، الضوابط، الإعجاز برهان وحجة)، ونحو ذلك مما كتبه الآخرون ، وبذلك غدا هذا الموضوع علما مستقلا له ضوابطه وقواعده. - صحة النص إن كان من السنة أو حسنه. - توثيق الحقيقة العلمية من مصادر معتبرة علميا. - الربط بين الحقيقتين بما نسميه إظهار وجه الإعجاز. - ملاحظة: إذا كان الربط بين قطعيين فهو إعجاز علمي، وإن كان بين ظنيين أو ظني وقطعي فهو تفسير علمي. السراج: دكتور مولاي إسماعيل حبذا لو حدثتمونا عن دور هذا "العلم" في خدمة الإسلام وإقامة الحجة به وأهميته بالنسبة للعاملين في حقل الدعوة إلى الله ؟ القرشي: أما دوره في خدمة الدعوة فهو ظاهر بين وذلك أن الأمة كانت تعيش انبهارا أمام المدنية الغربية ولاسيما في جانبها العلمي حتى تخيل البعض أن سبب تخلفها هو الدين ، فجاء الإعجاز العلمي لضرب تلك الفكرة في مقاتلها من خلال إثباته لسبق المسلمين العلمي من ناحيتين: الأولى : أن كثيرا مما توصل إليه الباحثون في مختبراتهم من نتائج وجد الإخبار عنه بشكل واضح جلي في القرآن والسنة منذ 1400 سنة مما جعل بعض الباحثين يعلن إسلامه وبعضهم يقف حائرا أمام هذا السبق . الثانية : بيان جهود علماء الأمة الإسلامية العلمية قديما وما بنى عليه الغربيون من ذلك نهضتهم ، وتواصل ذلك العطاء في هذا الزمن رجاء الوصول إلى إعادة السبق كما كان الأمر من قبل . السراج: هناك دعوات لإدراج هذا العلم ضمن المناهج التربوية في المؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي كيف تنظرون لهذه الدعوة وهل هناك نماذج في هذا السياق ، وما هي أهم الإنجازات التي حققها القائمون على هذه المؤسسات ؟ القرشي: لقد أصبح هذا العلم له مؤسسات قائمة من أهمها : مكاتب الهيئة في العديد من الدول، بالإضافة إلى مؤسسات وهيئات ومراكز علمية عديدة . - وقد ألفت أمانة الهيئة كتابا خاصا لتدريسه في الجامعات وهو الآن يدرس في العديد من مؤسسات التعليم في العالم الإسلامي كما تمت ترجمته إلى عدة لغات . ومن أهم إنجازات هذا العلم في رأيي: - أنه أقام الدليل على تجدد عطاءات هذا الكتاب الذي لاتنقضي عجائبه ولا يخلق على كثرة الرد ولا يشبع منه العلماء كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. - ما يقيمه من براهين على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
السراج: يشهد العالم العربي والإسلامي حراكا تجاه الحرية والديمقراطية، ما هو الموقف الطبيعي برأيكم للعلماء تجاه هذه الحراك؟ أما موقف العلماء من الثورة: فإن الثورة إن كانت على الظلم والدكتاتورية ومن أجل حرية الناس وتحقيق العدل والإنصاف بينهم فالواجب أن يكون العلماء في مقدمتها لأمور: الأول: لأن مكانتهم توجب عليهم ذلك، والتكليف على قدر التشريف والله تعالى أخذ على العلماء الميثاق أن يبينوا الحق للناس ومن أولويات ذلك المجمع عليه تكريم الإنسان ونصرة المظلومين وتحقيق العدل بين الناس. الرابع: لعلمهم بحتمية هلاك الظالمين والمستبدين ونصرة المظلومين لكثرة ما ورد في ذلك من نصوص قطعية مثل قوله تعالى: (إنه لا يفلح الظالمون) (هل يهلك إلا القوم الظالمون) (فقطع دابر القوم الذين ظلموا) (إن الله لا يهدي القوم الظالمين). ومن هنا قالوا إن الدولة تقوم بالكفر مع العدل ولا تقوم بالإسلام مع الظلم . السراج: هل تعتقدون أن المحاظر الموريتانية بأساليبها القديمة لا تزال قادرة على إنتاج علماء وحضارة ثقافية تواكب العصر؟ القرشي: أما المحضرة فهي رمز لمجدنا الحضاري وهذا ما يجب أن نعلمه ونعتز به ونحافظ عليه ودورها مستمر ولكنه يحتاج إلى تجديد لمواكبة العصر وهذا ما شعرت جهات عديدة بأهميته ولعل مركز تكوين العلماء أبرز مثال في بلادنا على هذا التجدد المناسب . السراج: بين السلطة والفقهاء يظل إشكال العلاقة مطروحا كثيرا، ما هو تقييمكم لتلك العلاقة في موريتانيا؟ القرشي: تكون علاقة صحية صحيحة حين تنزل السلطة العلماء المنزلة اللائقة بهم وتصدر عن مشورتهم إذ هم أهل الأمر كما قال إمامنا مالك، رحمه الله. - وتكون علاقة سيئة حين تبتعد السلطة عن ذلك بله أن تحاول أن تجعل منهم أدوات من أدوات الظلم والتضليل الإعلامي ليطيلوا من عمرها على حساب دينهم ومكانتهم اللائقة بين الناس. السراج: دكتور مولاي إسماعيل في الختام لو نعطى الخيار لما افترقنا ولا خيار مع الزمان هل من كلمة ختامية ؟ القرشي: في الختام أتمنى أن تدرك حكومتنا أن الشعوب اليوم لم تعد كما كانت مما يوجب عليها تجنيب البلاد الفتن من خلال الحوار الصادق الجاد وإعطاء الناس حقوقهم بدلا من انتزاع تلك الحقوق بالقوة وما يصاحب ذلك وينتج عنه من خراب ودمار ، ولعل في مواقف بعض الدول وإدراكها لتك الأهمية مثالا يحتذى كما فعلت جارتنا المملكة المغربية أما المثال الآخر فالقذافي أبرز وجوهه. والعاقل من اعتبر بغيره (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون). |