موريتانيا تخسر 75 مليار أوقية بسبب انقلاب عزيز
الأحد, 17 يونيو 2012 16:17

altaltقالت هيئة تطلق على نفسها مجموعة المستقلين لخلاص موريتانيا إن الخزينة العامة للدولة خسرت 300 مليون دولار (75 مليار أوقية ) بسبب آثار الانقلاب العسكري الذي نفذه الرئيس محمد ولد عبد العزيز.

وقالت المجموعة في تحليل مطول نشرته اليوم الأحد إن ولد عبد العزيز يثري بشكل متواصل من خلال شبكة رجال أعمال صغيرة تعمل لصالحة، وفق التقرير

 

 

 

 

 

 

 

مجموعة المستقلين لخلاص موريتانيا

iiirhalistes@hotmail.fr(مخلص)

بيان للأمة رقم 1

إرحل: تسويغ المطلب العزيز

بترحيل ولد عبد العزيز

 

1 – تكلفة انقلاب 2008: الخسارة التي لحقت بالاقتصاد الموريتاني مقاربة مع عام 2006

معدل النمو2006       2009       مقدار الخسارة

الناتج الداخلي الخام               11.4%     1.2-%      300مليون دولار(75 مليار أوقية)

2 – تطور مؤشر تلقي الرشوة

المعدل 102007       2008       2009       2010

         10/3.1    10/2.6    10/2.8    10/2.3

3 – مؤشر التنمية البشرية

2006       2011

0.520      0.453

4 – نسبة النفقات العسكرية من الناتج الداخلي الخام

         2006       2012

نسبة الجيش        1.7%        5.5%

الترتيب العالمي   11713

5 – نسبة نفقات التعليم من الناتج الداخلي الخام

قبل 1978سنة 2011

6%   2.2%

6 - رواتب الرؤساء مقارنة مع متوسط الدخل والحد الأدنى للأجور في كل من فرنسا وموريتانيا

افرانسوا هولاند   14مرة الحد الأدنى للأجور في فرنسا    4مرات مستوى الدخل المتوسط

محمد ولد عبد العزيز   250مرة الحد الأدنى للأجور في موريتانيا         150مرة الدخل المتوسط

عاشت موريتانيا على مدى العقود الثلاثة الماضية، على غرار المجتمعات العربية والأفريقية تحت نَيِّر أنظمة شمولية أحيانا وسلطوية طورا ينتظمها ميسم مشترك يطبعها بسيادة الرأي الواحد والانغماس في الفساد بكل أشكاله، مخلفة وراءها دولا في وارد التلاشي وشعوبا أنهكها التهميش والظلم والإذلال. وقد رحل اليوم من هؤلاء من رحل والحبل على الجرار...

وانطلاقا من ذلك، وبتجرد كامل من روح العدمية وغمط الغير ما لهم، تنبري مجموعة من الوطنيين النزهاء المخلصين المواكبين لمجريات الأمور في عالمنا والحريصين كل الحرص على مستقبل ومصير وطنهم للتفكير في حالة الأمة في بواكير هذا القرن الذي يتسم بفرز تاريخي لن يجد فيه شعب موطئ قدم ما لم تبصره طلائعه الواعية بواقع التحديات التي يتعين عليه رفعها.

وانطلاقا من التحليل الذي قيم به دون محاباة ولا انحياز لأي من الأطراف تبين لهؤلاء الوطنيين غير المتحزبين أنه وراء أكمة الشعارات التي دأب على بثها هذا التجسيد الأخير لسوْس العسكر لشؤوننا، تنكشف لنا الأحوال المزرية لواقعنا المتمثلة في اضمحلال الدولة واتساع وَتائر نهب خيراتنا من قبل الطُّغمة العسكرية الحاكمة وشرذمة المنتفعين المحيطين بها.

ومن المضحك – المبكي، وشر البلية ما أضحك أنه أمام هذه الكارثة التي يجري التحضير والتمادي لها جهارا نهارا، يجد بعض المشككين ذوي النيات غير المعلنة لكن المعروفة والمرصودة متسعا للتظاهر ومحاولة الإقناع بجهل المصير المحتوم والمشؤوم الذي سيؤول إليه هذا النظام. وهكذا تراهم يفتعلون استغراب رؤية رجال ونساء وشباب ينظمون أسبوعا بعد أسبوع مسيرات ضخمة واعتصامات وندوات تطالب برحيل الجنرال ولد عبد العزيز الذي ليس بفجاجتهم يدرك، وقد أوشك أن يكمل استيلاءه على خيراتنا، أن الخناق بدأ يضيق حول عنقه وأن سببا واحدا من الأسباب التي تساق لتبرير رحيله يكفي لاقتلاعه من العرش الذي استوى عليه واستولى بغير حق وربما ينتهي به المطاف إلى نهاية مأساوية.

إن الحالة النفسية التي يوجد فيها الجنرال ورغم تبنيه الدرس الأسوأ ضمن الحلول للتعامل مع رذاذ موجات الربيع العربي التي وصلت إلى شواطئنا، تعكس لنا صورة نظام لايلوي على شيء، يتخبط يُمنة ويُسرة، يُقبل ويُدبر وتتكاثر لديه الأخطاء والتعثرات، إنه يدرك أيما إدراك أنه محاصر من كل الجهات: من لدن النخبة المثقفة التي أفاقت من سباتها، ومن قبل الفئات المحرومة التي لم يعد في الإمكان تضليلها، ومن جهة الغرب الذي سئم تدليسه بخصوص الإرهاب داخل وخارج حدودنا وقدرته الأسطورية على استئصال شأفته بصورة نهائية.

يبقى له في هذا المضمار أن يعرف أن الألاعيب والطرائق والممارسات التي حافظ بها حتى الآن على وجوده ولّى زمانها وأنه يدور في فلك خارج الزمان والمكان لايمت بصلة إلى زماننا المطبوع بميسم انتفاضة الشعوب من أجل الكرامة والحرية والديمقراطية؛ هذا الثالوث المبارك ينآى عن دائرة معارفه، فتكوينه العسكري لقصر مدته ربما، واستعداداته الذهنية الخاصة لم يؤهلانه لإدراك هذه الأمور.

وإذا كان في حساباته قصيرة النظر يعول على جيشنا الجمهوري لحمايته من جريرة ما جنته يداه في حق شعبه، فإنه مخطئ إلى حد بعيد حيث أن ما من أحد في صفوف قواتنا المسلحة مستعد لإراقة دمه كي يعيش رجل واحد استولى وحده على الأخضر واليابس في بلادنا وينجو من العقاب.

وإذا كان هو اختار الأنموذجين اليمني والليبي، فإن شعبنا قد اختار المثل التونسي والمصري. إنه يريد في انضباط وفي جو من الأمن والسلم التام أن تشهد ساحات نضالنا صورة أخرى لتآخي قواتنا المسلحة وقوات أمننا مع الشعب الرافض لهذا النظام، وأن يتفرغ جيشنا لرسالته النبيلة في الذود عن حياضنا وحدودنا التي يتاجر بها الجنرال اليوم، وستغدو غدا حصنا حصينا يصون أحلامنا وآمالنا وأرواحنا.

إن المهمات التي تنتظر أمتنا في هذا الظرف التاريخي الدقيق من حياتنا، جمة بقدر ما هي نبيلة؛ ولقد أظهر ولد عبد العزيز، لعجزه عن تسيير شؤوننا، عدم أهليته للتصدي لها. والوثيقة التي نعرض على كريم انتباهكم تقدم لكم بجلاء مبررات وأسباب المطالبة الملحة برحيله عن كواهلنا وصدورنا.

فهذا الجنرال المزعوم الذي لم تَحْبُه السماء بغذاء فكري يزيد على ما تلقفه على عجل وبغير يُسر في تكويناته العسكرية لم يتسن له كذلك التزود بعتاد أكاديمي يؤهله لتسيير دولة عصرية وسَّعت العولمة التي نعيشها دائرة تطلباتها وطموحاتها.

وعلى ذلك، فإن مستلزمات التنمية، ومقتضيات التقدم والقدرة على التصدي بجدارة وفاعلية للتحديات الجديدة والقديمة تستدعي اليوم، نشدانا للإحاطة الكاملة بها، المرور الإلزامي بالمدارس التي تشكل حتى الساعة إلى أن يتم ابتداع بوتقة غيرها، المكان الأنسب الذي يتكون فيه رجال الدولة الديمقراطيون الواعون لهموم شعوبهم والمؤهلون لتبديدها.

ما من شك أن التاريخ عرف، ومايزال وسيعرف في المستقبل رجالا استثنائيين مجتبين أمدّهم الله بصفات ميزتهم عمن سواهم واستطاعوا بذلك الإلهام الرباني أن يقودوا شعوبهم من حال إلى حال أفضل بكل إخلاص وتفان، لكن ولد عبد العزيز كما يعلم الجميع ليس من هؤلاء الرجال! فالتكوين الذي تلقاه من طبيعة أخرى مغايرة ومُنافية من حيث الجوهر للديمقراطية، وفي حالة موريتانيا أفرزت هذه المدرسة على مدى أزيد من ثلاثين سنة ديكتاتوريات عسكرية شكلت الرَّحِمَ الخصب الولود لتفريخ الفساد، والنعرات القبلية والمحسوبية والعنصرية، ونهب الأموال العمومية، والعمى السياسي وتأخير الأخيار وتقديم الأشرار الجاهلين الذين لايملأ بطونهم إلا التراب.

إن بيئة كهذه لايمكن أن تنتج إلا طاغية يعيش في الرفاه ويفرض على شعبه أن يرسف في قيود العوز والفقر وأصناف المهانات والظلم في مطلع القرن الواحد والعشرين. وهذه الصفة وتلك الحال تنطبقان على ممارسات ونمط عيش الجنرال الذي قذف به في زمان غير زمانه ومكان غير مكانه.

لقد بدأ ولد عبد العزيز مرافقا عسكريا برتبة نقيب غير مستحقة على أقوال أترابه وحارسا مدة عقدين من الزمن للسلطة التي حكمت البلاد كجزء من النظام الذي يصر هو على شجبه وإدامته، طوّر في تلك الحقبة تزامنا مع إنشاء فيلق الأمن الرئاسي نظرياته حول الانقلاب الدائم بالضربة الاستباقية. وقد سنحت له الفرصة لتطبيقها حين انقلب في أغشت 2008 على الرئيس المنتخب وقتذاك والذي كان راضيا عن تبوئه السلطة طالما يخدم مراميه.

هذه هي ماهية النظام وتلك هي حقيقته وهو يباشر مهامه في إطاره وفق ما ورثه عن تقليد الغلبة المتبع منذ الإطاحة عام 1978 بأول حكومة مدنية في البلاد.

إن الأسباب الداعية بل الموجبة للمطالبة المشروعة للجنرال بالرحيل تتأكد من خلال الوقوف على الخصائص التكوينية للنظام الذي يفرضه علينا للبقاء في السلطة ولإحكام سيطرته على مقدرات البلاد لفائدته هو وحده. وانسجاما مع ما دأب عليه أمثاله من الدكتاتورات العرب والأفارقة الذين رحلوا أو في طريقهم إلى ذلك المآل، فقد:

-       أعاد الاعتبار لمقولة الرجل القوي الذي ينتصب في مواجهة شعب خانع خاضع لمشيئته خاصة وأنه في أوهامه يعتقد أنه انفلت من رقابة الجيش لأنه استبدل بزته العسكرية ببذلة مدنية، وأن باستطاعته الانفكاك من رقابة الشعب لأنه يهدده ليل نهار برجال وأسلحة المؤسسة العسكرية.

-       مارس ديمقراطية تجميلية، للواجهة فحسب تجري فيها من حين لآخر انتخابات في ظل أجواء تعسفية ودعاوية مثيرة تُخفي على كثيرين خاصة في الخارج حقيقة أن ما يعتاقونه مجرد سراب يغور وقت ما يصله الظمآن. من ذلك منْحُ حريات قاتلات للحرية في الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية طبقها على الأحزاب السياسية استلهاما من إيمانه أن إصدار عدد لاحصر له من الصحف يقلل في الواقع من قيمة الصحيفة والترخيص لمئات الأحزاب تمييع وإعدام للحزبية.

رغم ذلك، فإن هذه الحريات المكتسبة قبل مجيئه بوقت كبير لاتنطوي في ذهنه على حرية التظاهر والاعتصام وتنظيم المسيرات السلمية التي هي أيضا أنماط ديمقراطية للتعبير عن الرأي وإيصال الصوت إلى السلطات والرأي العام المحلي والمحافل الدولية.

-       عزز قبلنة السلطة حيث يركن أي ديكتاتور عسكري يصل إلى السلطة لاقاعدة شعبية له، إلى الأسرة والقبيلة وبطانة السوء التي تحيط به. مثل هذه الحالة تُحَوِّلُ الدولة وكل مصالحها إلى غنيمة مستحقة له ولمن يدور في فلكه. وهكذا فإن كل جنرال وأي ضابط سام لديه وزيره وأمينه العام ومدير مؤسسته الذي يدين له بمنصبه، وتوكل إلى المثقفين التبريريين مهمة الإمداد بالسلاح الفكري لتجميل صورة النظام. ويُنتقى هؤلاء عادة من ضمن العناصر الفاسدة والمفسدة وذات الثقافة المحدودة الذين بقبولهم تلقي الإهانات وإماتة الضمير يسهمون في إمعان النظام في الانتقاص من وظيفة ودور المثقفين الأعداء التاريخيين للدكتاتوريين العسكريين والمدنيين.

-       قام بمَأْسَسَةِ مفهوم حزب الحكم وليس الحزب الحاكم في إرادة مرضية لتحريف الممارسة السياسية وتشويه رجال السياسة .. هذا الصنف من الأحزاب لايعمر طويلا بعد رحيل الانقلابين الذين أنشأوه لأغراض خدمة قضاياهم الخاسرة. ولأن النظام ظل كما هو، تتمكن عناصر الأحزاب من ارتداء لبوس جديد عند قدوم أي وافد جديد.

-       أرسى أسس إدارة مخزنية تذكرنا بأساليب الاستعمار حين كان يحول أعيان القرى والأرياف إلى مجرد أعوان للسلطة التي هي المصدر الأوحد للامتيازات والعطايا الضرورية لضمان وفاء أتباعهم.

-       أعاد مد وتعزيز الجسور التي تربط بين السلطة وعالم الأعمال وخاصة الجناح المالي منه عن طريق إسداء الصفقات بالتراضي التي يعوضها المستفيدون منها بتمويل الحملات الانتخابية والصرف بسخاء على نزوات أهل الحل والعقد.

وبعد سرقته لخطاب المعارضة سنة 2005 يسرت له تلك الطريقة السيطرة على جميع منافذ الفساد ليتم من ثم إعادة توجيهها صوب المصالح الشخصية للجنرال المغتصب لرتبته الذي أبدع في هذا المجال حيث احتكر لنفسه حق الاختلاس وقام "بتأميم" كامل الشروط للعملية.

-       فرض علينا العيش في ظل التهديد بالانقلاب الدائم، الذي كان كالسيف المسلط على رؤوسنا كلما عنت في الأفق إرادة في التغيير. وبذلك تحول الانقلاب إلى سلاح موجه ضد المستقبل وليس ضد الماضي الذي يفترض أنه جاء لتصحيح أخطائه.

-       أدخل الكذب والأرجاف والخديعة في قيمنا السياسية بنكثه منذ صبيحة الثالث من أغشت 2005 التعهدين اللذين قطعهما المجلس العسكري على نفسه بأن لن تجري انقلابات بعد ذلك التاريخ ولن يترشح أي عضو من أعضاء المجلس لأية مأمورية انتخابية.

ولما تنقض بعد ثلاث سنوات حتى تبين أن انقلاب 2005 كان بالنسبة له هو حصرا مجرد تحضير لانقلاب 2008 الذي ترقى قُبَيْله إلى رتبة جنرال ليصبح في غفلة من الزمن رئيسا للجمهورية. ويكون بذلك أنجز في ظرف ثلاث سنوات فقط انقلابين عسكريين أحدهما ضد الحكومة المدنية لأسباب ثأرية انتقامية والآخر ضد رفاق السلاح الذين هم أقدم منه في الجيش وأرسخ منه تكوينا مدعيا أنه في الحالة الثانية إنما أراد الحؤول دون نشوب حرب أهلية قد يشعل فتيلها إعفاؤه من الخدمة.

ومن المستبعد إلى أقصى الحدود أن تدور رحى مثل هذه الحرب إلا إذا كان هو نفسه موقدا لنارها!

وإذا كانت هذه الأسباب مجتمعة لاتكفي لإقصاء ولد عبد العزيز، فإن نظرة ولو خاطفة إلى حصيلة ما انصرم حتى الآن من مأموريته وسوء حكامته كفيلة بأن تعجل برحيله. ويتمثل عدم كفاءته لتسيير البلاد في:

-       عجزه عن تنفيذ برامجه المعلنة التي يلجأ في تصميمها إلى الأطر الذين أخلى منهم الإدارات ويعملون في مكاتب للدراسات. وقد اشتكى الاتحاد الأوروبي مرارا وتكرارا في الاجتماعات مع الممولين من ضحالة معارف من تبقى منهم في الوزارات المعنية.

-       الإبقاء – مجافاة لكل منطق – على برلمان انتهت صلاحيته لتمرير بعض القوانين الجائرة التي تخدم مآربه. من ذلك التعديلات التي أدخلت من طرف واحد على الدستور.

-       إعادة تفعيل البوليس السياسي مخالفة صريحة لما يدعيه من أننا في دولة قانون.

-       إحلال أقاربه ومن اصطفى من أصدقائه المراكز الحساسة في الدولة لتيسير عملية مد الجسور بين السلطة ورجال الأعمال - الشركاء الذين يتعامل معهم حصرا.

-       تفتيش ومحاكمة بشكل صوري وانتقائي خصومه السياسيين والمنافسين لشركاته التي ينوب عنه فيها رجال معروفون ومرصودون يديرون أنشطة تمتد من الحمامات إلى شركات البترول مرورا بشق الطرق، والأشغال العمومية، وتأجير السيارات، إلخ...

-       الفضائح المالية التي كانت أولها تبخر خمسين مليون دولارا هبة من المملكة العربية السعودية للحكومة المدنية والتي عجلت رغبته في الاستحواذ عليها الإطاحة بذلك النظام.

وما تزال ارتجاجات تلك الفضيحة التي هزت عالم الصيد تتردد في الآذان حيث أقدم ولد عبد العزيز على عقد اتفاقيات مع الصينيين معفاة من كل الضرائب مع تسهيلات أخرى غير مبررة فتحت بابا واسعا لتلقي الرشاوي لصالح الجنرال نفسه ومن استَدْنَاهُم من حاشيته العسكرية والمدنية.

-       جرف عمارات "بلوكات" جرفا كليا بما تمثله من رمز لخطواتنا الأولى على طريق التمديُن فجر الاستقلال، ليقدمها سلعة سائغة ورخيصة لبعض رجال الأعمال تصادف بشكل غريب أنهم من أقرب أقرباء الرئيس.

-       التخلي عن طريق صفقة بالتراضي عن الساحة الشاسعة التي كان يربض عليها مطارنا الدولي الوحيد والشروع في بناء مهبط جديد للطائرات على أنقاض الحزام الأخضر الذي كان يقي العاصمة من زحف الرمال وكان متنفسا لها في جو الاكتظاظ والزحمة الشديدين اللذين نعيشهما – ولن تعوض ذلك تلك الشجيرات البائسة اليابسة التي زرعت في أراض جرداء تغطيها الرمال والأملاح في أطراف المدينة.

-       التسيير الديماغوجي التهويشي والسطحي لملف الإرث الإنساني الذي تَمَثَّل بعد المجازر الفظيعة في إبعاد أعداد كبيرة من مواطنينا الزنوج كردة فعل هوجاء على محاولة انقلاب عسكري أخرى.

إن أشباه الحلول والضمادات التي قدمت لعلاج جرح مازال نازفا لاترضي المعنيين ولا الديمقراطيين من كل مكونات شعبنا الحريصين على صيانة وحدتنا الوطنية التي يمعن النظام في تعميق هشاشتها تَحَيُّناً لفرصة إشعال نار الفتنة بيننا عند الاقتضاء ليُواصل إحلال سياسته الأمنية مكان الصدارة في اهتماماته ضمانا في نظره لإدامة نظامه.

-       انتهاج سياسة تجاهل وعدم الاكتراث بالتحولات الجارية في امتدادينا الحضاريين العربي – المغاربي والساحلي – الأفريقي مكتفيا بالإسراع في نهب خيراتنا حيث كدس على مدى سنتين فقط ما يعادل أو يزيد على ما اختلسه الطغاة العرب طوال أربعين سنة. وحتى يحول دون إحداث التغيير في موريتانيا يصرخ في وجه المحتجين بأنهم يريدون استنساخ ثورات الربيع العربي.

فهل يلام شعب مطحون إذا ما أراد أن ينفلت من ربقة السيطرة؟ خاصة وأن هذا الشعب الأبي استطاع أن يحصل من فرنسا في هدوء وسلاسة على استقلاله.. وبنفس هذه الروح يريد هذا الشعب من ولد عبد العزيز وجنرالاته أن يتوقفوا عن إذلاله في سياق تاريخي إقليمي وعالمي سمته الأساسية صحوة الشعوب والأمم التي تتوق إلى حرية اختيار من يقودون مسيرتها نحو غد أكثر إشراقا وأفضل.

ولهم في اشرئباب أعناقهم إلى الحرية عضدا في ما وصل إليه تطور التقنيات الجديدة للإعلام والاتصال التي تفرض الشفافية فرضا من أجل حكامة مشهود لها بالنجاعة.

أما المكابرة والإصرار على الاسترسال في السير في الاتجاه العكسي، فإنهما، فضلا عما يلحقانه من أضرار بمستقبل بلادنا، يَضُرَّان كذلك بسلامة ومصالح بقية مكونات القرية الكونية التي لن تتوانى في كف الضرر عن ربوعها.

-       نقل عدوى الانقلابات التي يسكت عنها المجتمع الدولي في بلادنا على الأقل ويقبل مع الزمن بنتائجها إلى كل من غينيا بيساوو وكوت ديفوار ومدغشقر ومالي، إلخ...

-       عدم الشفافية في التمويلات التي تمنح لنا بحجة الدفاع عن الحدود التي لاتمر عن طريق البرلمان وتصب مباشرة في جيوب الجنرال.

وإذا ما أضفنا ذلك إلى الإشاعات الرائجة والوقائع الثابتة بشأن الثراء الشخصي للجنرال، فإنه يصبح من حق هذا الشعب، ومن حق منتخبيه من باب أولى أن يطلعوا على حقيقة الأمر في مساءلة علنية حول الموضوع. وحتى لو كان الأمر في النية وإن طال انتظاره فإنه إلى أن يتم قد ترك الباب على مصراعيه أمام التشكيك المشروع في صدق النيات بشأن محاربة الفساد الذي يُطَبِّلُ له المُطَبِّلُون. ويزيد من الارتياب في هذه المسألة كون الجنرال لم ينشر إلى حد الساعة الإعلان عن ممتلكاته.

-       ومما يزيد الطين بلَّة ما يحيط ريع استخراج والتنقيب عن المعادن وما يدره الصيد وغيره من المصادر من أموال، من غموض حالك السواد؛ ما يحدونا إلى الجزم أن الجنرال، إضافة إلى إشباع ميله الطبيعي إلى حب المال، إستحوذ على هذه الكميات الهائلة من خيراتنا ليرهن بها من الآن المستقبل السياسي للبلاد حيث ينوي التحكم فيه بعد رحيله عن طريق تمويل حملات مرشحيه على كل مستويات الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

-       تقيؤ شعارات شعبوية رنانة حول ضرورة تجديد الطبقة السياسية.

-       إن هذا الإِزْدِرَادَ التطبيلي حول الشباب ينم عن إرادة النظام طمر السياسيين وهم أحياء لأنهم يحولون بينه وبين ما يريد القيام به من أعمال ترمي إلى نهب ما تبقى من خيرات. ويغذي ذلك الهوس شعوره بأن لامناص من تصفية هؤلاء في ظرف تستدعي فيه الحكامة الرشيدة ألاَّ يتولى قيادة الشعوب في هذا القرن إلا من هم أهل لذلك، على غرار ما أفرزته الثوارت في شمال وجنوب المنطقة التي تمخضت الانتفاضات فيها عن بروز قادة من طراز جديد كل الجدة.

ومن أبرز الدروس التي استخلصت من هذا الحراك الشعبي أن عادت إلى منصب الرئاسة هيبتُه بعد أن هزُل وسامه كل مفلس طوال العقود الأخيرة حيث كان أي متنطع استيقظ باكرا قبل زملائه خاصة من العسكر يدخل القصر قسرا ويتربع بالغلبة والقوة على كرسي الرئيس دون اعتبار لعرف أو قانون أو دستور.

وبما أن الأمر يتعلق بمصير أمة، فإنه يتعين من الآن تحديد المعايير التي على أساسها يتم اختيار من يقود البلاد الذي يُفترض فيه قبل أي اعتبار آخر الجدارة والاقتدار.

-       التأجيل إلى أجل غير مسمى لتنظيم المنتديات العامة حول التعليم في زمن تملي فيه علينا تطلبات التقدم والإنماء أن نراجع نُظُمنا التربوية ونعيد النظر في محتوياتها وأهدافها وتكوين القائمين عليها ورفع مستوياتهم المعيشية كي يتسنى لهم القيام بمهمتهم النبيلة في نشر العلم والمعرفة في كل مراحل التعليم في بلادنا.

ويسهم تدني مستويات التعليم وعدم الإصغاء إلى مطالب الطلاب بل مواجهتها بالقمع والرفض والتصامم، في زيادة أرتال حملة الشهادات العاطلين عن العمل وغيرهم ممن تركوا على رصيف الحياة.

-       انكشاف خدعة تبليط الطرقات في بعض شوارع العاصمة وليس في الداخل ولا بين المدن حيث تبدى للجميع، إضافة إلى رداءة هذه الأشغال، أن الشركات والمعدات والآليات وحتى الفرق العاملة يمتلكها ولد عبد العزيز الذي يعطي بيد ويسلب بالأخرى عبر مقاولين هم شركاؤه في الحقيقة.

-       التطبيق الانتقائي للقوانين حسب مزاج وعداءات الجنرال السياسية والشخصية. ومما يثير الضحك أن الأشخاص المحكومين يدانون بنفس الممارسات الموجهة إلى ولد عبد العزيز ووزرائه الذين نصب على عجل وقتها لمحاكمتهم هيئة أوكلت إليها مهمة مقاضاة هؤلاء على حدة في حين تقتضي الأعراف الديمقراطية  كما ينص على ذلك المرجع الملزم في هذا الفكر (منتسكيو) في كتابه (روح القوانين) حيث يقول: «إن السلطة السياسية لايحق لها أن تطلب تنفيذ قوانين لاتُلزم نفسها بالخضوع لها». وعليه فإن الوزراء وكل المسؤولين السامين يجب محاكمتهم على أساس قوانين الحق العام شأنهم في ذلك شأن بقية المواطنين.

وإن العمل بغير ذلك يقتضي سن قوانين خاصة تعفي كل هؤلاء من الملاحقات الجنائية. وهنا، لعمري ينتفي العمل في ظل الديمقراطية!

-       الاستخدام المفرط للخطاب الشعبوي الذي تعلن فيه شعارات يتم التخلي عنها بعد حين مع الإبقاء على الجعجعة والضجيج.

ويتجلى هذا الدفق اللفظي في أنصع صوره من خلال شعار "رئيس الفقراء" الذين تزداد أعدادهم يوما بعد يوم بسبب تضافر غلاء المعيشة وتجميد الأجور والجفاف وآثاره والنهب المنظم لمواردنا المعدنية والسمكية وما نجنيه من المساعدات الدولية.

-       اعتماد مسلك عصابات "المافيا" في العلاقات الدولية كما في حالة السيد عبد الله السنوسي مدير مخابرات القذافي لمبادلته بالمال أو غيره مع السلطات الليبية أو للتحفظ عليه بعد انقضاء الانتخابات الفرنسية التي كان يمكن أن يعكر صفوها ويسيء بذلك إلى صديقه ساركوزي، حتى لايذيع أسرارا تتعلق هذه المرة بالصلات المشبوهة بين ولد عبد العزيز والدكتاتور الليبي.

وهذا ما يفسر لنا جزئيا تلكؤ الجنرال في الاعتراف بالمجلس الانتقالي الليبي الذي ظن حتى اللحظات الأخيرة أنه لن ينتصر على القذافي لأنه ومنذ اندلاع الثوارت العربية اختار طريق المواجهة والقمع أسوة بهذا الأخير، ليحظي منه ببعض المال قبل رحيله، وبالرئيسين اليمني والسوري عوضا عن الصورة الرائعة للتآخي والمسالمة بين الجيش والشعب في أرض الكنانة وتونس الخضراء.

-       عدم التحضير الكافي لإحصاءات السكان التي نظمت في جو تطبعه الفوضى والتخبط دون أدنى شرح أو تشاور حول ماهيته ومراميه. وكل من أبدوا احتجاجا وما يزالون تعرضوا لأبشع أنواع القمع الذي تسبب في إزهاق روح مواطن في مقامه.

وقبل أسبوع من الآن توفي اختناقا أحد المتظاهرين من أجل إطلاق سراح بعض سجناء الرأي، من شدة التسمم الناتج عن استخدام صنف من مسيلات الدموع الذي يستخدم بصورة حصرية ضد الإرهابيين.

ولم يجر أي تحقيق لإجلاء الملابسات التي أحاطت بالحادثتين ومعاقبة مرتكبيهما. وهذا هو دأب السلطات في موريتانيا خاصة هذا النظام المتسلط الذي لايرقب في شعبه إلاًّ ولا رحمة.

-       الإعلان عن الاحتفال باليوبيل الفضي للاستقلال الوطني ثم التراجع عن ذلك دون تقديم شرح للأسباب ودون الكشف عن مصير الأموال التي رصدت من الداخل والخارج لإحياء هذه الذكرى مع يقيننا أنها سلكت نفس الطريق الذي ينتهي بها إلى مخابئ الجنرال الذي ما استولى على السلطة أصلا إلا من أجل المال.

-       استغلال الدين في اتجاهين اثنين: محاربة الأحزاب الإسلامية المحلية المعتدلة والسعي وراء مضايقتها بإنشاء أحزاب سلفية.

وتندرج محاربة تنظيم القاعدة في المغرب العربي في هذا الإطار لكنها باءت بالفشل الذريع بعد ما آلت إليه الأوضاع مؤخرا في شمال مالي باستيلاء الطوارق المتطرفين يعاضدهم هذا التنظيم على السلطة هناك. وكان نظام الجنرال قد أوغل في مغالطة الغرب حول المسألة وجنى من ذلك أموالا طائلة تحت يافطة حماية الحدود ولا نعرف شيئا عن مصيرها حتى الآن.

-       إحداث الاضطرابات والقلاقل في بلد من الجوار هو جمهورية مالي عن طريق الخرق المتكرر لمجاله الجوي والبري كاشفا عورة جيشه وحكومته وممهدا بذلك لتمرد شماله على جنوبه.

لقد عبر المواطنون الماليون من كل الفئات تذمرهم من هذه الاعتداءات على حرمة بلادهم وسيروا قبل أسابيع مظاهرات حاشدة في شوارع باريس تندد بذلك.

-       إفساد الساحة السياسية بمحاولات شَرْذَمَة المعارضة عن طريق فتح حوار مع جزء منها لإفشال مبادرات توحيد صفوفها من أجل سَلْكِ بلادنا في مسيرة الشعوب في منطقتنا الجيو- سياسية التي انخرطت في التيار الجارف للانعتاق من الظلم والحيف والديكتاتورية.

-       المغالطة حول ضرورة ترك الجنرال يُنهي فترة مأموريته في سلام. إن هذه الحجة الواهية تتجاهل عمدا كوننا إن تركناه سادرا في غيه ونهمه، فإنه لن يُبقي بعد رحيله ما يسد رمق الجياع من بشر وبهيمة ونكون رخصنا له في ذلك. ومن الواضح أن مثل هذه الدعوات لايمكن أن تصدر إلا عن أولئك المستفيدين من استنزاف خيرات البلاد وتبديد ثرواتها.

-       إخضاع الاقتصاد العمومي للأغراض السياسوية لإبقاء الجنرال والطغمة المحيطة به في السلطة من جهة، وتصفية خصومه السياسيين وفي عالم الأعمال الذي له قدم راسخة فيه من جهة ثانية.

وفي هذه الحالة، فإن السياسة تفسد الاقتصاد والعكس بالعكس، لأغراض انتخابوية عن طريق التزوير وشراء ذمم المواطنين الذين يُبْقَون  في حالة عوز متعمد لتسهيل تحريكهم في الاتجاه المطلوب.

وقد استطاع بسلوك هذا النهج  تعيين مدير حملته ومفاوضه الرئيسي في اتفاقية داكار، محافظا للبنك المركزي الذي لايجوز له أن يوكل إلا لمن هو مستقل وذو كفاءة عالية وذو خبرة مشهودة في الاقتصاد النقدي.

وإمعانا في خلط الأوراق بين السياسة والاقتصاد عمد الجنرال إلى إبعاد الموظفين الأكفاء لكن النزهاء ورجال الأعمال الذين يحرم من نجا منهم من السجن من الاستفادة من الصفقات العمومية.

ورغبة منه في تغيير القطب الاقتصادي فقد اتجه نحو إنشاء وتشجيع بروز شركات ومصارف جديدة، إلخ، التي إن لم تكن ملكيتها تعود إليه مباشرة، فإنها تُدار من طرف أقارب وأصدقاء مقربين ملزمين برد الجميل.

في هذا الجو المنتن فإنه من النادر أن نسمع حديثا عن سياسة الميزانية أو السياسة الضريبية أو التشغيل أو إعادة توزيع الثروة الوطنية في حين يجري الحديث عن ميزانية الدولة خاصة الجزء الخاص بالتسيير الذي خفض إلى أدنى حد له، لكنه لايدر ريعا ذا قيمة بالنسبة لنظام لايشغله سوى جمع المال الذي أصبح ضرورة ملحة بعد أن بدأ الهلع يتسرب إلى نفس الجنرال خوفا على مصيره الذي تهدده كل يوم نضالات الجماهير من أجل التغيير والكرامة والحرية.

وقد ترتب على ذلك أن انصبت كل الجهود على ميزانية الاستثمارات. وهذه لايمكن أن يستفيد منها إلا المؤسسات الكبرى أو الشركات الأجنبية، خاصة الصينية القَمِنَة أن تدفع رشاوي وتُجزل العطاء للوسطاء والمنتفعين.

ويولي النظام أهمية بالغة للشركات الأجنبية التي يستفيد منها إلى أقصى الحدود عن طريق آلياته التي تملأ الآفاق في كل الميادين.

مثل هذه الوضعية تزيد إفقار المقاولات الصغرى والمتوسطة التي لم تعد زبونا للدولة وإن تصادف أن زودت إحدى الإدارات بتجهيزات أو ما شاكلها من الخدمات، فإن الدفع – إن حصل – فإنه يتأخر كثيرا.

ولأن شركاته ومؤسساته تعجز عن استيعاب المبالغ الخيالية التي تتدفق عليها، يقوم الجنرال بتجميد هذه التمويلات في انتظار أن يفرغ لها حيزا في خزائن إمبراطوريته المالية والاقتصادية الموازية.

وهذا ما جعله يتبجح في مهرجان في انواذيبو مؤخرا بأن الدولة تمتلك فائضا استثماريا قدره تِسْع مليارات أوقية وهو ما يشرح لنا كذلك مركزية تسيير الميزانية عبر نظام "الرشاد" ونفقات الخزينة العمومية التي لايمكن أن تُصرف إلا بإذن صريح ومباشر من الجنرال نفسه.

ويدخل في هذا الإطار تكرار الأسطوانة المشروخة المتمثلة في التباهي في مهرجاناته بأن الدولة قامت بما أنجزته من بنى تحتية على قلتها وسوء تسييرها – بالاعتماد على مواردها الذاتية. وتلك مغالطة أخرى مفضوحة يُراد بها التعمية على كون هذا التصرف يعمق عجزنا المالي ويحرمنا من العملة الصعبة ويشكل عاملا من عوامل التضخم المالي. ولكونه يستغني في ذلك عن العون الخارجي، فلذلك تفسير واضح للعيان: فالدول والهيئات المانحة تفرض رقابة مشددة على مصير تمويلاتها وهذا بالضبط ما يريد الجنرال أن يتملص منه. هذا بعيد كل البعد عن الاعتماد على الذات الذي تحبذه عادة هيئات التمويل إذ المراد منه هو تغطية اختلاس المال العمومي.

وعلى صعيد الاقتصاد الكلي وبشهادة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، فإن تكلفة انقلاب 2008 كانت باهظة حيث يتبين بوضوح من المقارنة بين السنة الأولى عقب انقلاب 2005 وتلك التي تلت تمرد السادس أغشت 2008، أن تطور الناتج الداخلي الخام لم يسجل على مدى عشرات السنين رقما سلبيا إلا في سنة 2009 حيث بلغ 1,2%- في حين كان مقداره سنة 2006 نسبة 11,4% (وحسب بعض المصادر فإنه بلغ 14%). وهذا يسبب خسارة للاقتصاد قدرها 12%، أي ما يعادل 300 مليون دولار (حوالي 75 مليار أوقية) الذي يساوي قيمة مجموع الماشية في بلادنا.

وبالتالي فإن هذا الانقلاب شكل بلا مراء أُسَّ الفساد الذي استتبع انحباس التمويلات الخارجية. والمسؤول الأوحد عن هذه الكارثة هو الجنرال ولد عبد العزيز الذي يتحتم عليه تسديد هذه المبالغ للأمة المخدوعة؛ فلديه الإمكانات لذلك ولكن قد تعوزه الإرادة.

ومن جانب آخر ورغم حجب المعلومات وانعدام الشفافية في تسيير شؤون البلاد، فإن المراقبين اليقظين من أحزاب ومجتمع مدني قد لاحظوا:

-       تزايدا مذهلا في حجم التراخيص الممنوحة في قطاع المعادن وما يرافقها من رشاوي وإكراميات حيث تجاوز عددها خلال سنتين فقط عدد الأذونات الممنوحة منذ تاريخ الاستقلال،

-       أن الشركات العاملة في هذا الحقل باستثناء (اسنيم) المؤممة بنسبة 100% في مطلع السبعينيات، تمتلكها بنسبة 100% جهات أجنبية يراقبها عن كثب أقارب وأخلاء الجنرال الذين استجلبوا من الرئاسة نفسها ومن الشارع للإشراف على استلام حصته من سبائك الذهب ومن الأوراق المالية,

-       إقصاء المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي يتقوم بها الاقتصاد الخصوصي من المشاركة في تنمية البلاد وتوفير الشغل للعاطلين عن العمل لصالح الشركات الأجنبية، وخاصة الصينية منها التي ليست بالضرورة أكثر كفاءة من المقاولات الوطنية حيث استطاعت في السبعينيات من القرن الماضي شركة سوماكو تبى على سبيل المثال لا الحصر تشييد عمارة "أفاركو" التي ما تزال بارزة للعيان.

من هنا نستغرب كل الاستغراب أن تحتكر قطاع البناء شركة "كوفيك" الصينية التي يرفرف علمها على المباني قيد التشييد داخل قيادات الجيش وفي نقاط أخرى في العاصمة وأحيانا في الداخل. وقد بلغ طغيان الحضور الصيني في تنفيذ المشاريع العمومية حدا جعل وزير الشؤون الاقتصادية والتنمية يُلقب من قبل معاونيه بوزير الصينيين الذين يقضي معهم جل وقته في منأى عن أعضاء طاقمه.

والفائدة الوحيدة التي تم جنيها من الأشغال التي تقوم بها هذه الشركات الأجنبية هو تكاثر شركات الحراسة لضمان سلامة وأمن هؤلاء البناة الجدد ربما تضامنا من لدن الجنرال مع زملاء مهنة الحراسة التي كانت حرفته الأساسية في ظل الأنظمة المتتالية التي أطاح بها.

وشوهد كذلك تزايد المؤسسات التي تُولد على الورق وفي الخطب لتختفي فجأة من الوجود، لأن المراد منها وفقا لنفس المنطق الأهوج مواصلة استنزاف الخزينة العمومية عن طريق اختلاس تكاليف الانطلاق والمصاريف الأخرى المرافقة له.

ولا مندوحة في ختام هذا الجزء من التحليل من الإشارة إلى أن ترتيب بلادنا في كل المجالات يضعنا بفعل هذه السياسات الخرقاء في مؤخرة ركب الأمم.

ففي الوقت الذي يعيش فيه المواطن بين ظهرانينا ب 2100 دولارا للفرد، فإن ساكن الصحراء الغربية كان يتوفر سنة 2007 على مبلغ 2500 دولارا للفرد مما يحشر بلادنا في المرتبة الرابعة والثمانين بعد المائة على الصعيد العالمي.

وتبلغ نسبة البطالة في بلادنا 42% وهي متفشية بنسبة 58% في صفوف الشباب الذين يقطنون المدن. كما أن مؤشر تعاطي الرشوة يعادل 2,4 على 10 من النقاط؛ وكان في سنة 2007 يعادل 3,5 من 10، مما يضعنا في المرتبة الثالثة والأربعين بعد المائة من مجموع 183 دولة، حسب مؤشر 2010 لمنظمة الشفافية العالمية.

أما مؤشر الحريات المدنية فقد تدنى إلى 5,5 بفارق نقطة واحدة مقارنة مع أفغانستان.

ولا تتجاوز نسبة استخدام الحاسوب الألكتروني 10 في الألف. وحظنا على مؤشر التنمية البشرية الذي يتراوح بين صفر وواحد، لايتجاوز 0,453.

وخلال هذه السنة الممهورة بالنتائج الكارثية للجفاف، فإن معدل الفقر يقارب لاشك نسبة 60%.

وفي ترتيب الدول من حيث سهولة الاستثمار فيها حسب مصادر البنك الدولي، فإن بلادنا تحتل المرتبة التاسعة والخمسين بعد المائة من أصل 183 دولة.

ويفيد الترتيب الدولي على صعيد الحكامة الناجعة لسنة 2011 أن بلادنا تحتل المرتبة الثالثة عشرة بعد المائة وهي بذلك تتصدر كتيبة البلدان ذات الأنظمة السلطوية.

وقد بلغت النفقات العسكرية في بلادنا 5,5% من الناتج الداخلي الخام بعد أن كانت لاتتجاوز قبل 2008 نسبة 1,7%، وبذلك غدت موريتانيا تحتل المرتبة الثالثة عشرة مباشرة بعد الولايات المتحدة الأمريكية والمرتبة الأولى في القارة الأفريقية؛ وكانت تحتل سنة 2007 المرتبة السابعة عشرة بعد المائة. وهذه كما ترون قفزة هائلة.

ومن الجدير بالذكر ههنا أن حصة التعليم من الناتج الداخلي الخام كانت تبلغ في عهد المرحوم المختار ولد داداه نسبة 6% وهي اليوم لاتتجاوز 2,2% (؟!)

إن أي ملاحظ متيقظ يلمس بيُسر شديد أن شعارات الحملة التي عبأ ولد عبد العزيز حولها الناخبين ورغم أنه اختير على أساسها أفضت بأعجوبة إلى عكس النتائج المرجوة منها:

-       ففي حين قدم نفسه على أنه رئيس للفقراء أثرى هو وحده وارتفعت نسبة الفقر في بلادنا إلى ما يناهز 60%.

-       إنه يردد  الشعارات حول محاربة الفساد  وتبين أنه رأس المفسدين بواسطة التحكم المباشر في الخزينة العمومية ولجنة الصفقات العمومية والاتفاقيات المعدنية وغيرها لفائدة كياناته الاقتصادية والمالية التي يديرها مع شركائه الخصوصيين والأجانب.

هذا في الوقت الذي قرر فيه الرئيس هولاند في فرنسا مثلا عندما استلم السلطة في سياق تهيمن عليه الأزمة في أوروبا والعالم، تخفيض راتبه دون الادعاء بأنه رئيس للفقراء، إلى ما يعادل 14 مرة الراتب الأدنى في بلاده في حين كان سلفه وفي نفس الظروف يتمتع براتب شهري يعادل 19 مرة هذا المستوى.

أما راتب ولد عبد العزيز فإنه يعادل 250 مرة الحد الأدنى للأجور في موريتانيا.

وفيما يعادل الدخل السنوي للرئيس افرانسوا هولاند أربع مرات فقط الدخل المتوسط للمواطن الفرنسي، فإن دخل الجنرال الظاهر وما خفي أعظم يساوي 150 مرة متوسط الدخل السنوي للمواطن الموريتاني.

وبهذه الطريقة وغيرها كوّن لنفسه ثروة طائلة تعد بالمليارات بالعملة الصعبة تفتح له بجدارة صفحات مجلة "فوربس " لترتيب أثرياء العالم.

إنها حالة غريبة يندى لها الجبين: رئيس يمتلك ثروة بهذه الضخامة ويرأس شعبا في أدنى مستويات الفقر! إن تبنيه اللفظي لقضايا الفقراء لايعدو كونه في أحسن المخارج امتنانا لهم أنْ أغنوْه بعرقهم والسماح له بالتسول باسمهم، لكنه نسي أن هذه الثروات ملك للشعب وستعود إليه إن شاء الله عاجلا، خاصة وأن الروافد الأخيرة التي وفدت إليه من سوء تسيير برنامج "أمل 2012" ناتجة في الأساس من الهامش الذي تحصل عليه موردوه المحليون الذين تسببوا في خسارة كبيرة للخزينة العمومية كان يمكن تلافيها لو أن الدولة قامت بإجراء عمليات الشراء بنفسها مباشرة أو عن طرسق سونمكس من الخارج لفائدتها الخاصة ولصالح المستهلك.

إن هذه الهوامش الربحية تؤول كلها إلى خزائن الجنرال بعد اقتطاع العمولات التي تسدى لوسطائه من الفئة "الرمادية" (بعض الموظفين) والفئة البيضاء (بعض الخصوصيين) والفئة "السوداء" (الجنرال نفسه).

ويشكل ذلك خسارة لاتقدر لتجار المفرق فالطريقة المتبعة تُسهم في إثراء التجار الأغنياء أكثر فأكثر وتزيد فقرا أصحاب الدكاكين والباعة الصغار والمتوسطين الذين تقلصت دخولهم بسبب عدم بيع ما يعرضونه.

ولقد وجد المختلسون في النظام وأشياعهم في القطاع الخاص فرصة لاتُعَوَّض في اجتياح الجفاف لقرانا وأريافنا حيث استوردوا كميات من علف الحيوان وخزنوها لفترة حتى يعرفوا كيف يصرفونها. ولما أزفت ساعة إخراجها، اشترتها الدولة وقد تعفن معظمها حتى عافته الحيوانات التي لم تسلم من نفوق مئات الرؤوس منها.

وما تزال تهاليلهم بطرق الإرهاب لحدودنا تصم الآذان فلو لم تخلق هذه الظاهرة لكان ولد عبد العزيز قد اخترعها. فهو، وإن لم يستدعها داخل أراضينا وعلى حدودنا الجنوبية الشرقية، فإن المجموعات الإرهابية وجدت لديه الانتشار الإعلامي الذي كانت تسعى إليه بكل وسيلة. لقد أراد بذلك أن يقدم نفسه على أنه بطل محاربة الإرهاب على المستوى الإقليمي وهو، على ذلك حقيق بأن يكافئه الغرب اللامبالي بالسكوت وغض الطرف عن انعدام الممارسة الحقيقية للديمقراطية وعدم الشفافية وعدم احترام حقوق الإنسان في بلادنا متحججا بأنه ، والحالة هذه، لاصوت يعلو على إحلال الهم الأمني في طليعة الاهتمامات وأنه في الوقت الراهن يشكل أولوية الأولويات.

ولقد عرت هذه السياسة الأحداث الأخيرة في مالي الذي يجري بتْرُ شماله عن جنوبه بإرادة تنظيم القاعدة وحلفائها المحليين الذين كان الجنرال يزعم أنه كان يحاربهم وأنه انتصر عليهم.

مجموعة المستقلين لخلاص موريتانيا (مخلص)

  موريتانيا تخسر 75 مليار أوقية بسبب انقلاب عزيز

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox