أسواق الأنعام في بوصطيله: قبلة الهاربين من جحيم الكساد والغلاء |
الأحد, 01 يوليو 2012 13:50 |
يلوح العجوز السبعيني السالم ولد كبود من بعيد لإحدى السيارات ويقترب منها طالبا شربة ماء في يوم قائظ ، كان ما معه من الزاد مجرد قنينة صغيرة من المياه قام بلفها بإحكام داخل قطعة قماش حتى تتحفظ بجزء من برودتها، كان قد قطع نصف المسافة تقريبا ولا زال أمامه 25 كلم تقريبا قبل الوصول إلى وجهته الأخيرة بوصطيله حيث يسوق "جلبا" من العجول لبيعه في السوق الاسبوعي للمدينة وذلك مقابل 10000أوقية، مهمته تنتهي بتوصيل العجول إلى السوق-كما يقول ليبدأ البحث عن مستأجر جديد في طريق العودة أو إلى السوق الاسبوعي في قابل الأيام. السالم وغيره العشرات ممن وفدوا إلى السوق الاسبوعي لعرض خدماهم في توصيل الماشية والتعاقد من أجل نشدان الضالة أوجلبها إلى أصحابها. في الطريق إلى "السوك"
ورغم ضريبة 300أوقية التي يدفعها الجزارون للبلدية ورسوم "الكبود" على كل رأس يدخل السوق إلا أن المسلخ يبدو في حالة يرثى لها:أطنان من القمامة ونفايات الذبح تزاحم الجزارين الذين بالكاد يجدون مكانا لتعليق ذبائحهم.
لا يختلف سوق المواشي والانعام ببوصطيله في أيام السوق الاسبوعي عن غيره من أسواق مدن الحدود سوى في اتساع مساحته الموزعة بين أصناف الدواب ، ومع ذلك لا يبدو السوق في حسن أحواله هذه الايام كما يقول الباعة وذلك بسبب ظروف الجفاف وطول فترة الصيف هذا العام وهو ما أثر على الأسعار بشكل عام عندما تضاعفت أسعار الانعام المخصصة للذبح وتراجعت بشكل كبير أسعار الماشية المخصصة للإنتاج والتكسب فمثلا يتراوح سعر الكباش ما بين 12ألف إلى 30ألف أوقية فيما وصل سعر صغار الابقار إلى 30ألف أوقية فقط. كساد وغلاء
كانت السيارات الرباعية تغزو جنبات السوق من وقت لآخر لتفرغ حمولتها من الأغنام والماشية فيتسابق إليها الباعة وتجار الماشية الذين توافدوا على السوق مع ساعات الصباح الأولى، كانت الشمس قد أخذت في الارتفاع مؤذنة بيوم صيف قائظ فيما توزع تجار الماشية زرافات ووحدانا دخل أخبية وأعرشة نصبوها اتقاء الهاجرة وهو ما يعني أن سوق المواشي والاغنام قد شارف نهايته والتي عادة ما تكون قبل الثانية عشر ظهرا. وفيما اخذ البعض طريقه إلى وسط المدينة، فضل آخرون البقاء لرعاية ما اشتروا من الأنعام ولعل أن يجدوا أي سانحة للبيع أو الشراء. عابدين ولد محمد بلال تاجر مواشي قال إن السوق هذه الايام في حالة تراجع وكساد بسبب الظروف الصعبة للمنمين والذين لم يستفيدوا من توزيع الاعلاف بسبب ما اسماه بالزبونية وغياب الشفافية لذا لازال الكثيرون منهم يحبسون مواشيهم في عمق الاراضي المالية وهم غير مستعدين للعودة بها إلى أرض الوطن قبل نزول الغيث مؤكدا أنه يتاجر في الأغنام بين بوصطيله وتمبدغه ليوفر قوته وقوت عياله، ومع ذلك فالسوق الاسبوعي بالنسبة له فرصة لنشدان الضالة وتسقط أخبار الغيث. منافع شتى الأدوية البيطرية تعرف معروضاتها اقبالا كبيرا في يوم السوق كما يقول سيداتي ولد سيد اعمر البائع بثاني اكبر صيدلية بيطرية ببوصطيله لكن المشكل من وجهة نظره هو في الاتجار الفوضوي في الادوية البيطرية، وتدني الوعي لدى المنمين الذين لا يتقيدون بالطرق الآمنة لاستخدام الدواء ولا يحترمون التعليمات الصحية بالكف عن استهلاك ألبان ولحوم الحيوانات المعالجة، ولا يسألون عن مخاطر الادوية. المنمون وتجار المواشي لا يفهمون في الدواء سوى أنه أسرع وسيلة لتسمين الحيوان واستعادته لعافيته وبالتالي بيعه بربح مضاعف. الكل هنا في انتظار "السوك " الذي يختزل منافع شتى ليس فقط لتجار السوق بل قد يكون "السوك " مقصد منم يبحث عن من يسوق له أو يرعى ،أو من يسعى لشراء دواء بيطري لمواشيه أو من ينشد الضالة أو يبحث عن عزيز مفقود أو من جاء لعرض مواهبه في التطبيب والعلاج.. فمنافع الاسواق الاسبوعية في مدن الحدود أكثر من أن تختزل في صفقات البيع والشراء . |