في مصلحة النزاعات :أطفال يدفعون فاتورة التفكك الأسري
الثلاثاء, 11 سبتمبر 2012 15:29

الأطفال هم اول ضحايا التفكك الأسريالأطفال هم اول ضحايا التفكك الأسريخاص للسراج / "بدون مقدمات وبدون أسباب طلقني أحمد سالم... وأنا حامل في شهري السادس وولدت ابنتي هذه نورة فأخبرناه بها لكنه لم يزرها قط"

بهذه الكلمات تختصر السالكة بنت هنون قصتها المريرة وتجربتها الأولى والأخيرة كما تقول في عالم الحياة الزوجية.

وما السالكة هذه إلا واحدة من بين الكثيرات اللاتي شتت الطلاق شملهن واغتال أحلامهن في حياة ترفرف فيها الرحمة والمودة، يتردد عدد منهن على مصلحة النزاعات الأسرية بوزارة المرأة، فيما تبقى مئات إن لم يكن آلاف من النساء والفتيات معيلات الأسر والأبناء يؤثرنا الصمت والكتمان بعيدا عن مصلحة النزاعات الأسرية.

 

التعدد رأس الأسباب

"أم خليفة" كما أحبت أن تسمي نفسها تقول إن سبب طلاقها من زوجها الذي هو أب لأربعة أولاد وبنت واحدة -هو ما أسمته ب"الخيانة" فقد اكتشفت أنه متزوج من سيدة أخرى وله منها ولدان

مصلحة النزاعات وجهة الكثيرات ممن يطالبن بالانصافوتضيف أم خليفة وهي منهمكة في اللعب مع زميلتها" أللي امش بقدو لا يردو"

وتقول أم خليفة للسراج إن طليقها لا يزور أبناءها إلا نادرا ولذا احتاجت لقتله " على الورق" قائلة " لا يزورنا إلا أحيانا نادرة ومنذ سنتين لم يزرنا.. ولذا فقد أحصيت أبنائي على ورقة شهادة وفاة لوالدهم"!

أخريات غيرها التقت بهن السراج كلهن تعزو سبب طلاقها للخيانة و الزواج دون رضي والزواج المبكر وخلاف الزوجة مع أصهارها ونقص الإمكانيات المالية للزوج.

أطفال في مواجهة الحياة

لسبب أو لآخر ؛ يختار الزوجان الانفصال ويذهب كلاهما لحال سبيله غير أن هذا القرار لا يمسهما وحدهما ، فهناك أطراف أخرى تتأثر به ومنها من يدفع الثمن من أغلى ما يملك من طمأنينته ومستقبله وحتى صحته ... إنهم الأطفال.

بابتسامة الطفل البريئ وقصر تفكيره يجيب "الخليفة" عن سؤال السراج ماذا تحب أن تصبح عندما تكبر؟

فيقول بابتسامة جميلة وهو يرفع بصره إلى السماء في استشراف للمستقبل وتحليق عن الواقع المرير، "أريد أن أصبح ...أريد أن أصبح ...أريد أن أصبح مثل أبي"..

لا يزال الخليفة متشبثا بوالده وبحماس شديد يعتقد أن والده مثل أعلى وقدوة تستحق التمثل.. لكن هل ترضى أم خليفة عن هذه الأمنية .. وهل سيعيد الخليفة تجربة أبيه في الزواج والطلاق والتسيب...

 

بين الفقهاء والاجتماعيين:

في مصلحة النزاعات غابت المعطيات الميدانية ولم يجد الباحثون ضالتهم في مصلحة النزاعات غابت المعطيات الميدانية ولم يجد الباحثون ضالتهم يتوقف كثير من الرجال الموريتانيين عند عبارة الطلاق يعتبرونها نهاية حاسمة للعلاقة بين الزوجين وفي أغلب الأحيان يعتقدون أنها صك براءة من كل الالتزامات السابقة أو اللاحقة، ويعتقد أغلب هؤلاء أن الشريعة تقف إلى جانبهم، عندما تبيح الطلاق تماما تبيح الزواج أصلا غير أن للفقهاء رأيا آخر.

حيث يقول الشيخ محمد الحسن ولد الددو أن الإسلام "لم يشرع الطلاق إلا في أوقات الضرورة القصوى لما له من أثر خطير على الفرد والمجتمع"

ويتحدث الددو عن منظومة كبرى من حقوق المطلقات من بينها "حق السكنى والنفقة للمطلقة وإذا كانت لها ذرية فإنه يجب الإنفاق على تلك الذرية والقيام على مصالحهم إلى أن يبلغ الذكور القادرون على الكسب و يتزوج البنات"

ويرى باحثون في المجال الاجتماعي أن التفكك الأسري ظاهرة مرتبطة بالسلوك الاجتماعي أو الفردي وهو حركة تعبيرية تصدر من الفرد كاستجابة لمثير ما وتتحكم فيها مجموعة من العوامل ولها كذلك الكثير من الآثار. ويرجع الباحثون أسباب هذه الظاهرة إلى الزواج العشوائي دون توافق ولا تعارف

و تطال هذه الآثار المجتمع بصفة عامة وبصفة أخص تتأثر منها المرأة و الطفل ومن آثاره على المجتمع: تهديد التماسك الاجتماعي، وضرب منظومة القيم ، اختلالات في التضامن والتكافل الاجتماعي تفشي النزاعات الأسرية وتعميق الأزمة الأخلاقية

فيما يرجع بعض الرجال أسباب الطلاق إلى مبالغة المرأة في طلباتها المالية التي تتتزايد باستمرار ،ورغبة المرأة في العمل أو العمل بالفعل مما قد ينقص من قدر تواجدها في بيتها والقيام بدورها المطلوب حسب تعبيرهم

وحسب مصادر الوزارة فإن حوالي 70% من النزاعات التي تصل إلى مصالح الوزارة سببها المطالب المادية والتكفل بالنفقة، فيما تقدر مصادر أخرى أن نسبة المطلقات في موريتانيا تتجاوز 35% من مجموع النساء البالغات.

 

إهمال منقطع النظير

على باب وزارة المرأة والشؤون الإجتماعية ترددنا مرات ومرات... علنا نجد معلومات عن تصدي الجهات الرسمية لهذا الطوفان الجارف من حالات الطلاق، لكن الوزيرة لا تزال غائبة عن مكتبها والأمين العام في راحة رسمية، مما يعني " طلاقا " للتصريحات الإعلامية " أو "تعليقا" إلى أجل غير مسمى

لكن بعض المصادر من داخل الوزارة - طلبت حجب اسمها- قالت للسراج إن آخر إحصاء لهذه الظاهرة كانت سنة 1999.

مضى عقد من الزمن ويزيد والأسرة الموريتانية تترنح بين المشاكل والشتات والجهات الرسمية لا تتوفر لديها أبسط المعلومات.

مما يجعل الأطفال وهم مستقبل البلد وهم جنوده ووزرائه وأطبائه ومعلموه عرضة للشتات والضياع

إحدى المطلقاتإحدى المطلقاتإن التفكك الأسري من أكثر القضايا الاجتماعية الشائكة في مجتمعنا المسكين الذي فيه لبنة إن صلحت صلح المجتمع كله وإن فسدت فسد المجتمع كله ألا وهي الأسرة التي بإمكانها إعداد قادة جدد من هؤلاء الأطفال لتكوين نواة لمجتمع صالح

فقد آن أوان استقرار الحياة الزوجية تحت ظلال حسن الاتفاق وجميل الوفاق الذي يهب الحياة طعم الحياة

إعداد: شيماء بنت الناجي 

في مصلحة النزاعات :أطفال يدفعون فاتورة التفكك الأسري

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox