موقف الغرب من الربيع العربي يتجلی في غزو فرنسا لمالي
السبت, 09 فبراير 2013 15:25

أحمد سالم بن الحسن


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام علی رسول الله و بعد :

قال تعالی ( ألم تر إلی الذين أوتوا نصيبا من الکتاب يؤمنون بالجبت و
الطاغوت و يقولون للذين کفروا هؤلاء أهدی من الذين آمنو سبيلا أولئک
الذين لعنهم الله و من يلعن الله فلن تجد له نصيرا )

هذه الآية تشير إلی ما وقع من بعض اليهود أعماهم الطمع في استئصال
المسلمين حتی قالوا للمشرکين " إن عبادة الأصنام أرضی عند الله مما يدعو
إليه محمد ، و أنتم أهدی سبيلا " فهل لنا فيهم من عظة ؟!


و الذي نفسي بيده إن الموت تحت جنازر الدبابات ونيران الطائرات و في
غياهب السجون أرحم ألف مرة من عيش يوم واحد تحت حکم بغير ما أنزل الله
نرتضيه ونتحاکم إليه .

أود أن تکون هذه الکلمات واضحة بما يکفي للذين يتآمرون علی الشريعة في
مالي المسلمة و يطبلون ترحيبا بمجيء عباد الصليب لهذه المنطقة من العالم
الإسلامي بدءا بالأنظمة ومرورا بالجيوش وانتهاءا بالمنظمات التي تدعي
أنها حقوقية و تدعوا للمشارکة الفعلية في قتال المسلمين .

إن ما نشاهده اليوم من تواطؤ واضح و مفضوح مع هذه الدويلة الصليبية
الحقيرة التي کانت تحتل أراضينا بالأمس إحتلالا مباشرا وظلت و لاتزال
تحاول طمس هويتنا الإسلامية و نهب ثرواتنا وخيراتنا وزرع الفرقة و الشقاق
بيننا، يدل علی أننا لم نستوعب الدرس بعد و أننا لم نستفد من الماضي و أن
فينا من لا يزال مصرا علی محاربة الله و رسوله و المؤمنين .

خليط من المتردية و النطيحة و ما أکل السبع ، صليبيون و حکام خونة و عقول
مريضة ( ختم الله علی قلوبهم و علی سمعهم و علی أبصارهم غشاوة و لهم عذاب
عظيم ).

إختلاف يشرفنا :

نؤمن بأن عز الأمة ونصرها لايکون إلا بالرجوع لدينها، و أن الحکم لله
وحده و ليس للشعب، و أن ديننا و سنة نبينا فوق کل اعتبار، و أن تحکيم شرع
الله سيظل مطلبا لا تنازل عنه تحت أي ظرف و في أي حال ، و أن الجهاد ماض
إلی يوم القيامة بعز عزيز أو بذل ذليل، و أن المسلمين جميعا متساوون في
الحقوق و الواجبات ، و أنه يجري علينا ما يجري علی إخواننا في العالم
الإسلامي کله ، و نکفر بالحدود الدولية المصطنعة ، و نؤمن بأن الله وعدنا
بالنصر .

ونتشرف بأننا نخالف غيرنا من أبنائنا و أسيادهم ممن يری أن البعد عن
الدين و إبعاده عن السياسة و الحکم بل و عن المجتمع هو السبيل الوحيد
للرقي بالأمم و ازدهارها ، ونتشرف أيضا بأننا نخالفهم في تشجيع الفن "
الرقص و الغناء و غيره مما يخالف شرع الله " ، و أننا نخالفهم في
الإختلاط بين الرجال و النساء ، و نخالفهم في الحرية في التهجم علی
المقدسات الدينية .

لسنا کفرنسا الصليبية التي أساءت إلی النبي صلی الله عليه و سلم و منعت
المسلمات فيها من ستر أنفسهن بالحجاب فأفعالها و أفعال غيرها من عباد
الصليب في هذا الباب أکثر من أن تحصی فنحن لم ننسی تدنيس المصحف و لاهدم
المساجد و لا کتابة آيات القرآن علی النساء اللاتي يمارسن البغاء ضمن
مقاطع في أفلام يشرف عليها منتجون و ممثول معروفون وکبار في نظرهم، وتنشر
في دور السنما في العالم. لم ننسی أذية الأقليات المسلمة من الروهينغيا و
غيرهم عبر قتلهم و حرقهم و مطارتهم و هدم مساجدهم و حرق مکاتبهم و القضاء
علی تراثهم بالقوة في محاولة لطمس ثقافتهم و القضاء علی دينهم من طرف من
هم أخس و أحقر من فرنسا تحت أنظار العالم .


الجهاد ماض إلی يوم القيامة :


إن الذين يوجهون سهامهم المسمومة إلی أهل الجهاد يتناسون حقيقة عملية دل
عليها القرآن في قوله تعالی ( فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة
الدنيا بالآخرة و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا
عظيما و ما لکم لا تقاتلون في سبيل الله و المستضعفين من الرجال والنساء
و الولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها و اجعل
لنا من لدنک وليا و اجعل لنا من لدنک نصيرا الذين آمنوا يقاتلون في سبيل
الله و الذين کفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن
کيد الشيطان کان ضعيفا )

وسطرها المجاهدون علی الأرض عبر عملياتهم النوعية و انغماسهم المباشر في
أعداء الدين طلبا لإحدی الحسنيين دون أدنی تفکير أورغبة في العودة و
الرجوع .

عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلی الله عليه وسلم يقول ((
لاتزال طائفة من أمتي يقاتلون علی الحق ظاهرين إلی يوم القيامة )) . رواه
مسلم

ولأن الجهاد ماض إلی إلی يوم القيامة ولأن أبناء أمتنا أيضا قد عرفوا
بالتضحية والبطولة والإباء فإني أقول للذين يطبلون للغزاة لا تفرحوا
کثيرا بمجيء الصليبيين و لا بما
حققوه حتی الآن - إن کانوا حققوا شيئا أصلا - وذلک لجملة من الأسباب :


أولا : لأن مدن الشمال المالي لم تسقط انتزاعا و إنما انسحب منها
المجاهدون و أعلنوا ذلک قبل أن تدخلها فرنسا أصلا و توزعوا في جبال
الصحراء استعدادا لحرب استنزاف طويلة ستطال فرنسا الصليبية و کل من تورط
في هذه الحرب من قريب أو بعيد .

ثانيا : لأنه عملا بقوله تعالی ( و ماکان المؤمنون لينفروا کافة فلولا
نفر من کل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم إذا رجعوا
إليهم لعلهم يحذرون ) و انطلاقا من تجارب سابقة و حروب ماضية مرت بالأمة
فإن أهل الإيمان لايلقون بثقلهم في مکان واحد أبدا .


و لهذا فإني أبشر الأمة المسلمة بأنه حتی لو ضربت فرنسا جبال الصحراء
بالقنابل فسوتها بالأرض و وضعت في کل شبر من الصحراء جنديا من جنودها أو
من جنود أذنابها ممن تورط معها في حربها الصليبية - ولن تستطيع ذلک- فإن
لها يوما ستخرج فيه بإذن الله ذليلة راغمة تجر أذيال الخيبة والهزيمة
بأيدي أسود الصحراء أو علی أيدي غيرهم تماما کما خرجت من أفغانستان، و أن
ميدان المواجهة الحقيقي لم تعد فرنسا تتحکم فيه أو تحدده .
و أود أن يکون ذلک واضحا للجميع

و أما الخونة الذين يحاربون المشروع الإسلامي بالسجن و القتل فإني أسألهم

هل يعجبکم حال بن علي عميل فرنسا الأول و راعي ديمقراطيتها المزعومة ؟!

وهو الذي زج بالآلاف من شباب الأمة العامل داخل السجون وقتل آخرين و
عذبهم و شردهم ظنا منه أنه بهذا سيقضي علی مطالبتهم بتحکيم الشريعة و
التزامهم بالدين .

هل يتمنی أحدکم أن يفر مثله ذليلا مذعورا حين لم يشفع له التاريخ و لم
ترحمه الجغرافيا ورفضت فرنسا نفسها استقباله ؟!

أم أنکم تفضلون نهاية کنهاية القذافي الذي ظن أنه سينجو بفعلته في بو سليم ؟!

والذي قتل الفا و مائتين من الشباب المسلم العامل في يوم واحد و بدم بارد
داخل سجنهم، و أسرف في السجن والتعذيب والقتل في أماکن أخری ظنا منه أنه
بالقتل سيقضي علی أي صوت مطالب بتحکيم الشريعة.

رحل القذافي وبن علي و علي صالح ومبارک فرعون مصر وربما يتبعهم غيرهم في
القريب العاجل لأنهم لم يفهموا الدرس جيدا .


درس کتبه الشباب المسلم بدمائه الزکية :

قال تعالی ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضی
نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا )

نعم إنه شباب الأمة المسلم شباب قال الشاعر عنهم :

ملکنا هذه الدنيا قرونا * وأخضعها جدود خالدونا

وسطرنا صحائف من ضياء * فما نسي الزمان و لا نسينا

حملناها سيوفا لامعات * غداة الروع تأبی أن تلينا

إذا خرجت من الأعماق يوما * رأيت الهول و الفتح المبينا

و کنا حين يأخذنا ولي * بطغيان ندوس له الجبينا

تفيض قلوبنا بالهدي بأسا * و ما نغضي عن الظلم الجفونا

 

فشل ذريع و اصطياد في المياه العکرة :

 

بعد أن فشلت فرنسا الصليبية في حصار المجاهدين داخل المدن وجرهم إلی
المواجهة المباشرة غير المتکافئة في أماکن مفتوحة حيث تلاشو واختفو في
أسلوب عسکري غريب أذهل الفرنسيين و أفقدهم صوابهم و أصبحوا يبحثون عن
أشباح لايعرفون موقعهم و هل هم في الشمال أم في الجنوب و لاکم عددهم و
عدتهم في صحراء شاسعة مترامية الأطراف خبروها جيدا و عرفوا مسالکها
ومسالک غيرها في المنطقة عکس الغزاة الفرنسيين الغرباء .

و للتغطية علی فشلهم والتأکيد علی عدائهم صبوا جام غضبهم علی التراث
الإسلامي في تمبکتو فحرقوا بمعية أذنابهم کتبها الثمينة ومخطوطاتها
الفريدة والقيمة التي حافظ عليها المجاهدون مع بداية الثورة هناک و
حرسوها طيلة حکمهم و لم يکتفي الصليبيون بذلک بل قاموا بمعية أذنابهم
بأعمال تصفية وحملات إبادة و نهب طالت السکان الأصليين في المنطقة من
العرب والطوارق و الفلان وغيرهم من أهل الشمال عملا بسياسة فرق تسد -
بعد سياسة الأرض المحروقة التي بدأوا بها غزوهم - و أملا في إحياء فتن
تتخذ منها فرنسا مطية وسببا آخر لتحقيق أهدافها ومخططاتها الدنيئة مقدمة
نفسها کمنقذ في حال نجاح مساعيها الإجرامية .


ولکنهم سلکوا الطريق الخطأ و تجلی ذلک في أسلوبهم الفضوح واعتداءهم
الممنهج و المنظم علی قبائل کان لها دورها المهم في نشر الإسلام في
القارة ، و أخص بالذکر قبيلة " فلان " الذين يمثلون غالبية ساحقة في غرب
إفريقيا و لهم دور أساسي و مهم في نشر الإسلام فيها، و هذا هو السبب
الحقيقي وراء استهدافهم و معاقبتهم و الذي لا يعرفه الکثير من الناس أن
هذه القبائل - الزنجية ظاهرا - بسبب اختلاطها ببقية الإخوة الأفارقة هو
أنها عربية في الأصل تنتمي إلی الشرفاء و ذلک يعلمه مشايخ الفلان و شيوخ
القبائل فيهم و نسابوهم وحتی الإنسان الفلاني العادي و في التاريخ
الإسلامي أدلة تثبت ذلک بما لايدع مجالا للشک إضافة إلی ذلک فإنهم
مجاهدون قديما وحديثا معروفون ببسالتهم و شدتهم في الحروب و أذکر هنا
الآخ القائد الشهيد کما نحسبه و الله حسيبه " عثمان صل
" الملقب بحسان الفلاني الذي استشهد في بداية دخول المجاهدين للمدن
الأزوادية الکبری تقبله الله في الشهداء و أسکنه فسيح جناته .
و رغم ذلک ظل الفلان مهمشون في کل هذه الدول قبل أن يعودوا بقوة إلی
الساحة السياسية و منهم الرئيس السنغالي ماکي صل الذي اختار التخندق في
صف الصليبيين عکس أجداده .
أما القبائل العربية الأخری و الطوارق فلا أحتاج للحديث عنهم في هذه
العجالة و عن ما عانوه و يعانوه حتی اليوم من ظلم فرنسا الصليبية و هم
أيضا أقدر و أجدر برد الصاع عليها صاعين بإذن الله و قد برهنوا علی
بسالتهم و قوتهم وثباتهم في المعارک و ولائهم لله و لرسوله و المؤمنين .


حرب من نوع آخر :

طالعتنا بعض المنظمات " الحقوقية " و أنا أتحفظ علی هذا التوصيف رغم
احترامي للعمل الإنساني و تقديري لأهله و للعاملين فيه ، طالعونا ببيان "
سياسي " غريب !
و لک أن تقول بيان حرب کأنه صادر عن وزارة الدفاع أو الداخلية أو قيادة
الأرکان و ليته کان کذلک لأني لن أکلف نفسي ساعتها عناء التعليق عليه و
لکنه ممن يفترض أنها منظمات حقوقية - أو قيل ذلک - و هو ما تکذبه
نشاطاتها حيث تهجم البيان علی الدعوة السلفية المبارکة و دعا لمحاربتها و
محاربة الحجاب الشرعي - تماما مثل ما تفعل فرنسا التي تمنع الحجاب - و
لتشکيل لجان شعبية تقوم بما يسمونه الدفاع عن النفس ضد تسلل الوهابيين،
کما دعا بيانهم الدولة للمشارکة المباشرة في الحرب الفرنسية في المنطقة و
کل ذلک بدعوی الحفاظ علی المؤسسات الديمقراطية و العلمانية علی حد
تعبيرهم، و عبر البيان عن شجبهم بقوة لخطب بعض المساجد الموريتانية التي
قالوا إنها تعبر عن حجج " الإرهاب " و دعا بيانهم الموريتانيين للغناء و
الرقص و غيره في إطار ما يسمونه ثقافة تتحررية مضادة ردا علی ما سموه "
المقبرة السلفية " و رغم أني لا أميل إلی التعليق علی هؤلاء إلا أني في
الحقيقة أشفق عليهم و أسأل الله تعالی لي و لهم الهداية و الرشاد .
و أتمنی أن لايکون بيانهم هذا في إطار السباق القائم اليوم لإظهار الولاء
للصليبيين و تحسين صورتهم - بعد ما انکشفت أطماعهم- طلبا لدريهمات و فتات
زائل .

و إنما نقلت کلامهم هنا لعل أحد علمائنا أو دعاتنا في داخل موريتانيا
يلتقيهم و يحاورهم أو علی الأصح يعلمهم .

و مع هذا فإني أقول لهم من باب النصح لا من باب التحجير علی الأفکار و
مصادرتها " إنکم تلعبون بالنار " .


أنصار الدين تعفو عن الجنود الماليين المحاربين وفرنسا وأذنابها يقتلون
المدنيين المسالمين :

لقد شاهد العالم کله کيف آخی المجاهدون بين مختلف شرائح المجتمع الأزوادي
و حکموا الناس بالشريعة الإسلامية علی أساس من العدل و الإنصاف الذي ساوو
فيه کل المسلمين دون تمييز و اتسعت عدالتهم و رأفتهم بالناس حتی شملت
الجنود الماليين الذين کانوا يحاربونهم حيث تم العفو عنهم بعدما کانوا
أسری لدی المجاهدين و تم إطلاق سراح قرابة الألف جندي خرجوا بالمئات علی
شکل طوابير کبيرة تم تصويرها من طرف وسائل الإعلام المحلية والدولية بل و
قابلتهم هذه الهيئات الإعلامية و کان ذلک بشفافية تامة و أسلوب حضاري
راقي يعکس عدالة القضية و کرم أهلها فمنذ سيطرتهم علی الشمال وحتی تاريخ
خروجهم لم يمنعوا أي صحفي من تغطية الأحداث أولا بأول و قد کانت تصلنا
أخبارهم کما تصل العالم کله عکس ما تقوم به دويلة المخنثين الصليبية من
منع للصحفيين قصد إبعادهم لإخفاء جرائمها .


بعد دولي حقيقي و هام
" تحکيم شرع الله " :

منذ إنطلاق شرارة الثورات المبارکة ظهرت قوة سياسية عجيبة جديدة تماما
علی الساحة الإسلامية و أثبتت هذه القوة فاعليتها و قدرتها علی التغيير
حيث اقتلعت أنظمة بجذورها ما کان أحد يحلم بسقوطها سريعا بهذه الطريقة
و لأن سقوط هذه الأنظمة في يد من يصنفهم الکفار بأنهم " أعداء " يهدد
بسقوط أوروبا و أمريکا و غيرهما و بتغير موازين القوی الدولية تماما ،
فإنهم تعاملوا مع هذا الوافد الجديد بذکاء بالغ يعکس مستوی خوفهم و حذرهم
من نتائج هذه الثورات .
و لهذا السبب بالذات تحزبوا ضد الثورة الإسلامية الخالصة في مالي و سخروا
کل إمکانياتهم للقضاء عليها قبل أن تکون مثالا يحتذی به في دول أخری حتی
يجعلوها عبرة لمن يعتبر ، و ليکون في ذلک رسالة واضحة لأي دولة تريد
الخروج عن سلطانهم و قوانينهم و أنظمة حکمهم إلی شرع الله عز وجل .


ثورة مخنوقة :

عندما تفطن عباد الصليب لقضية الثورة وخطرها عليهم و أنها قد تعيد
المسلمين إلی سابق عهدهم و قوتهم ، قرروا في خطة خبيثة و ماکرة خنقها حتی
تخور قواها ثم الإجهاز عليها و قتلها بعد ذلک و هذا هو ما يحدث الآن
تماما .

فعندما اکتشفوا أن طابع الثورات العربية طابع إسلامي و تجلی لهم ذلک في
الفوز الساحق للإسلاميين في الإنتخابات - مع التنبيه أن قسما کبيرا في
الصحوة لايشارک في الإقتراع أصلا - و أن المسلمين سئموا و ملوا من
التبعية للغرب و اتضح لهم الکثير من مشاريعه التي قسمت المسلمين - بعد
الکيد للخلافة بالمکر و الخديعة و الجاسوسية - إلی دويلات و من دويلات
إلی أحزاب و من أحزاب إلی تشکيلات وزرعت بينهم الضغائن و الأحقاد و نشرت
فيهم الفواحش و الرذيلة و ألهتهم بالغناء و الإختلاط داخل مدارس و مراکز
التعليم و حاربت لغة القرآن العربية و کل ذلک لمنع المسلمين من أسباب
قوتهم الحقيقية و هي الرجوع إلی دينهم و سنة نبيهم ووحدة صفهم .
عندما اکتشفوا أن طابع الثورات کذلک قرروا منحها لجماعة الإخوان المسلمين
و اختاروا هذه الجماعة کبديل لابد منه - مکره أخاک لا بطل - هو أقرب
للتوازن في نظرهم علی أن يتم شل الإخوان عبر مجموعة من الإتفاقيات و
القوانين التي کانت موجودة أصلا خلال حکم الأنظمة السابقة ، إضافة إلی
ذلک فإن منهج الإخوان يتبنی أصلا الديمقراطية و يحترم مايسمی بالقوانين و
المواثيق الدولية الجائرة ، ويعتمد حاکمية الشعب و مستوی التمثيل کمبدئ
إلزامي للفصل في الحکم بين الناس " حتی و لو خالف ذلک الشرع " و مع أن
هذا المبدأ ظلم عظيم إلا أن کل ذلک لم يشفع لهم لسبب بسيط " هو أنهم من
أبناء الصحوة الإسلامية "

فظل شکل آخر من الإرهاب الفکري حاضرا و مدعوما بقوة من من الغرب الصليبي
بهدف خنق الثورة تمهيدا للإجهاز عليها و قتلها و تجلی ذلک في عامل
النسخة المحدثة من الأنظمة القديمة مثل ما يسمی بجبهة الإنقاذ في مصر و
أشکالها في تونس و غيرها .
و قد تحيرت سابقا عندما علمت کيف أن جماعة إسلامية تحکم بهذه البساطة
دولة مهمة کمصر بما فيها من القوة و الکفاءات و الأهم من ذلک کله قربها
من الکيان الإسرائيلي اليهودي الغاصب الذي يقع علی مرمی حجر منها ، ولکن
لما تأملت أکثر وجدت أن المساکين لايحکمون مصر فعلا و لا تونس و إنما هم
صورة رمزية لا حياة فيها مکبلة تماما ، و تجلی ذلک في قول بعض قادة
الإخوان بأن ما حدث لا يتعدی کونه انتفاضة فقط و لکنني أخالفم الرأي
بالقول إنها کانت ثورة حقيقية غير أنها تحتاج تضحية و مصابرة و فهما و
استيعابا لحقيقة الأعداء ، و لا أظن أحدا فهم ذلک بقدر ما فهمه الإخوة في
سوريا .

الإجهاز علی الثورة وقتلها :

تتابع المکر و الکيد بالمسلمين و توالت محاولات التنغيص عليهم و حرمانهم
من الفرح بما حققوه عبر الثورات المبارکة ، وساهمت أخطاء فاحشة و خطيرة
في عدم نجاح تجربتهم منها علی سبيل المثال دخولهم تحت راية عمية جاهلية و
عدم إصرارهم و صبرهم إبتداءا علی تحکيم شرع الله و الکفر بغيره من
القوانين و الأنظمة الطاغوتية .
و قد نجح الکفار في مصر و تونس وليبيا إلی حد کبير في حصار مکاسب الثورة
و تقدموا في مشروع القضاء عليها و قتلها بالمکر و الکيد .
و الأحداث الأخيرة و الإضطرابات أکبر دليل علی ذلک مع العلم أن زوال
أنظمة لا تکفر بالطاغوت و لا تحکم شرع الله أمر غير مأسوف عليه .

نصيحة للمسلمين في سوريا و العراق :

بناءا علی ما تقدم فإني أنصح المسلمين في سوريا و العراق بلزوم الراية
الواضحة و الإلتفاف حول أولياء الله الذين همهم و هدفهم الواضح و المعلن
هو نصرة المسلمين، و إعادتهم إلی محل الصدارة و الريادة، و جهاد أعداء
الدين، و نشر القسط و العدل بتحکيم شرع الله ، فنصر الله الدولة و النصرة
و المسلمين عموما

و لعل هاتان الثورتانا بطبيعتهما الخاصة تمثلان تصديقا للحديث الذي فيه
إخبار بحصار العراق و الشام کعلامة لظهور خلافة راشدة علی منهاج النبوة
نسأل الله أن نکون من جنودها، ففي صحيح مسلم عن أبي نضرة ؛ قال : کنا عند
جابر بن عبد الله رضي الله عنه فقال : يوشک أهل العراق ألا يجبی إليهم
قفيز و لا درهم .قلنا : من أين ذاک ؟ قال : من قبل العجم يمنعون ذاک . ثم
قال : يوشک أهل الشام أن لايجبی إليهم دينار و لا مدي . قلنا من آين ذاک
؟ قال : من قبل الروم . ثم سکت هنية ، ثم قال : قال رسول الله صلی الله
عليه و سلم : (( يکون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا . لايعده عدا ))
.


قوة المسلمين :

قال تعالی ( محمد رسول الله و الذين معه أشداء علی الکفار رحماء بينهم
تراهم رکعا سجدا يبتغون فضلا من الله و رضوانا سيماهم في وجوههم من أثر
السجود ذلک مثلهم في التوراة و مثلهم في الإنجيل کزرع أخرج شطأه فآزره
فاستقلظ فاستوی علی سوقه يعجب الزراع ليقيظ بهم الکفار و عد الله الذين
آمنوا و عملوا الصالحات منهم مغفرة و أجرا عظيما ) .


إن قوة المسلمين الحقيقية هي في دينهم الذي يأمرهم بإخلاص العبادة لله عز
و جل و الوقوف صفا واحدا في وجه الشرک و الکفر و أهله و لا يکون ذلک إلا
بتحقيق معنی لاإله إلا الله و العمل بمقتضاها .

أما قوتهم المادية علی الأرض و دفاعاتهم ضد أعدائهم فأکثر من أن تحصی و
يکفيک منها أن تعلم أن المحرک الحقيقي الأبرز لإقتصادات العالم کله
بالدرجة الأولی هو مال المسلمين و نفطهم و غير ذلک من ثرواتهم الطبيعية
المنهوبة کالغاز و الذهب و الحديد و اليورانيوم و غيره .
و أن توقف هذا النهب المنظم لأسبوع واحد إلی شهر ، کفيل لوحده بإعلان
إفلاس الدول الغربية المنهارة اقتصاديا بفعل ما يحاولون إقناع الناس بأنه
أزمة ديون سيادية .
و سأحاول أن أخص هذا الموضوع ببحث مستقل إن تيسر لي ذلک .

و في الختام :

فإني أدعو المسلمين جميعا إلی الرجوع إلی دينهم علی أساس من فهم السلف
الصالح و القرون المزکاة و أن يستفيقوا من غفوتهم و يقفوا صفا واحدا ضد
عدوهم " عدو الأمس و اليوم " الذي کان و لا زال يستهدفهم بالحملات
الصليبية المتلاحقة - المباشرة و غير المباشرة - تحت ذرائع وحجج ساقطة
متغيرة بتغير الزمان و المکان ، و أن يحدث کل منا نفسه بالغزو و يحدث
أهله بالغزو و يحدث جيرانه بالغزو لإرهاب أعداء الله و استنقاذ
المستضعفين ، قال تعالی ( و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة و من رباط الخيل
ترهبون به عدو الله و عدوکم و آخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم و
ما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليکم و‌ أنتم لا تظلمون )

و لابد من العمل علی أسباب ذلک المعينة عليه من العلم و العمل بشقيهما
الديني و المادي لکي نکون قادرين علی النهوض بأمتنا وتحقيق دعوتنا فنحن
قوم ابتعثنا الله لنخرج من شاء من عبادة العباد إلی عبادة رب العباد و من
ضيق الدنيا إلی سعتها و من جور الأديان إلی عدل الإسلام .

کتبه الأسير أبو أيوب المهدي
أحمد سالم بن الحسن

محکوم عليه بخمس سنوات لمحاولته اللحاق بالجهاد في العراق قضی منها ثلاثة
إلا قليلا .

موقف الغرب من الربيع العربي يتجلی في غزو فرنسا لمالي

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox