الاثنين, 18 فبراير 2013 11:13 |
altلقد بين الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه ومثل الأمة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سفينة نجاة وحيثما كانت هذه الشعيرة العظيمة مقامة فى الأمة أحسن قيام فهي على طريق نجاة وهي صمام الأمان ففى حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم/مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين فى أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا فى نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا/متفق عليه,قال الإمام أبو زكرياء أحمد بن إبراهيم بن النحاس رحمه الله فى كتابه* تنبيه الغافلين* واعلم أن فى تمثيل النبي صلى الله عليه وسلم هذا جملة من الفوائد منها:
–أن المسلمين مشتركون فى الدين الذى هو آلة النجاة فى الآخرة كااشتراك أهل الدنيا فى السفينة التى هي آلة النجاة فى الدنيا كذالك سكوت المسلمين على الفاسق وترك الإنكار عليه سبب هلاكهم فى الآخرة وفى الدنيا.
-ومنهاأنه لا ينجى الشركاء من الهلاك قول المفسد*إنما فسد ما يخصنى*كذالك لاينجى المسلمين من الإثم والعقوبة قول مرتكب المنكر*إنماأجنى على دينى لاعلى دينكم وعليكم أنفسكم ولى عملى ولكم عملكم وكل شاة معلقة بعرقوبها* ونحو هذا الكلام مما يجرى على ألسنة الجاهلين لأن شؤم فعله وسوء عاقبة فساده يشملهم أجمعين.
– ومنها أن أحد الشركاء فى السفبنة إذا منع المفسدين من خرقها كان سببا فى نجاة أهل السفينة كلهم كذالك من قام من المسلمين بإنكار المنكر كان قائما بفرض الكفاية منهم وكان سببا لنجاة المسلمسن جميعا من الإثم وله عند الله الأجر الجزيل على ذالك,
- ومنها إذا أنكر منكر من أهل السفينة على الشريك الذى أراد خرقها فاعترض عليه معترض منهم نسب ذالك المعترض إلى الحمق وقلة العقل والجهل بعواقب هذا الفعل إذ المنكر ساع فى نجاة المعترض وغيره وكذالك لايعترض على من ينكر المنكر إلا من عظم حمقه وقل عقله وجهل عواقب المعصية وشؤمها إذ المنكر قائم بإسقاط الفرص الواجب على المعترض وغيره وساع فى نجاتهم وخلاصهم من الإثم والحرج.
-و منهاأن من سكت عن خرق السفينة مع استطاعته حتى غرق آثم فيما نزل به و عاض بقتل نفسه كذالك الساكت عن إنكار المنكر آثم بسكوته عاض بإهلاك نفسه.- ومنهاأن شركاء السفينة إذا سكتوا عمن أراد خرقها كانوا هم وإياه فى الهلاك سواء ولم يتميز المفسد من غيره ولا الصالح منهم من الطالح كذالك إذا سكت الناس عن تغيير المنكر عمهم العذاب ولم يميز بين مرتكب الإثم وغيره ولابين الصالح منهم وغيره.
- ومنهاأنه لا يقدم من الشركاء على خرق السفينة إلا من هو أحمق يستحسن ماهو فى الحقيقة قبيح ويجهل عاقبة فعله الشنيع كذالك لايقدم على المعصية إلا من استجسنها لنفسه وجهل مافيها من عظيم الإثم وأليم العاقبة إذلو علم حق العلم أنه يفعل فى دينه بمعصية من الفساد مايجعله خارق السفينة لما أقدم على المعصية أبدا.
- ومنها أنه لا يقدم على خرق السفينة من أيقن بما فى خرقها من إهلاكه إذ لا يقدم على إهلاك نفسه إلا من جهل أو شك فيه كذالك لايزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن بوعيد الله تعالى وأليم عذابه على الزانى ولايسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن وهذه قريبة من التى قبلها.* قال الكرمانى* وفيه تعذيب العامة بذنوب الخاصة واستحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر* لقد وصف الله هذه الأمة بخير الأمم قال تعالى// كنت خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المكر وتؤمنون بالله// قال القرطبى رحمه فى تفسيره* مدح لهذه الأمة ما أقاموا على ذالك واتصفوا به فإذا تركوا التغيير وتواطؤوا على المنكر زال عنهم اسم المدح ولحقهم اسم الذم وكان ذالك سببا لهلاكهم* قال ابن عباس رضي الله عنهما/ من سره أن يكون من أهل هذه الآية فليؤد شرط الله فيها/ وروي ذالك عن عمر رضي الله عنه, وقد جاءت النصوص من الكتاب والسنة ومن كلام سلف الأمة وصالح خلفها ويضيق المقام لحصرها ونذكر بعضها قال جل من قائل// ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون// وقال تعالى//ليسوا سواءا من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون فى الخيرات وأولئك من الصالحين//فهذه الآية الكريمة ذكرت صفات الصالحين ومنها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقال تعالى//فلولا كان من القرون من قبلكم إواوا بقية ينهون عن الفساد فى الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم واتبع الذين ظلموا ماأترفوا فيه وكانوا مجرمين وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون// فالإصلاح الذى هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمان من العذاب. وقال تعالى // واسألهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لايسبتون لاتأتيهم كذالك نبلوهم بماكانوا يفسقون و إذ قالت أمة مهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعهم يتقون فلما نسوا ماذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا يعذاب بيس بماكانوا يفسقون// قال إمام المفسرين محمد بن جرير الطبرى رحمه الله*واذكر يامحمد// إذقالت أمة منهم//جماعةمنهم لجماعة كانت تعظ المعتدين فى السبت وتنهاهم عن معصية الله فيه//لم تعظون قوما الله مهلكهم//فى الدنيا بمعصيتهم إياه وخلافهم أمره واستحلالهم ماحرم عليهم// أو معذبهم عذابا شديدا// فى الآخرة // قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون// قال الذين كانوا ينهونهم عن معصية الله مجيبيهم عن قولهم عظتنا إياهم معذرة إلى ربكم نؤدى فرضه علينا فى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر // ولعلهم يتقون ولعلهم أن يتقوا الله فيخافوه فينيبوا إلى طاعته ويتوبوا من معصيتهم وتعديهم على ماحرم الله عليهم*.وقال تعالى // والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم//فإقامة هذه الشعيرة من صفات المؤمنين وممن سيرحمهم الله تعالى,ومن لايأمر بالمعروف ولاينهى عن المنكر فهو ملعون بنص القرآن واللعنة هي الطرد من رحمة الله عياذا بالله, قال جل وعلا//لعن الذين كفروا من بنى إسرئيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذالك ذالم بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لايتناهون عن منكر فعلوه لبئس ماكانوا يفعلون// أما الأحاديث فعن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم/ لماوقعت بنوا إسرئيل فى المعاصى نهتهم علمائهم فلم ينتهوا فجالسوهم فى مجالسهم وواكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى ابن مريم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فقال/ والذى نفسى بيده حتى تأطروهم على الحق أطرا/رواه أحمد.وفى رواية أبىداود/والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطر أو تقصرنه على الحق قصرا/ وعن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عاليه وسلم قال/ والذى نفسى بيده لتأمرن بالمعروف ولنتهن ععن المنكرأوليوشكن اللهأن يبعث عليكم عقابا ثم لتدعونه فلا يستجيب لكم/ رواه الترمذى وأحمد. وعن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول/ مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم// رواه ابن ماجه , وفى مسلم من حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم/ من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ف‘ن لم يستطع فبقلبه وذالك أضعف الإيمان/ وعن درة بنت أبى لهب رضي الله عنها قالت قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال يارسول الله أي الناس خير؟ قال/أقراهم وأتقاهم لله وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم/ رواه أحمد والحاكم والنسائى.قال الإمام الغزالى فى * إحياء علوم الدين* إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو القطب الأعظم فى الدين وهو المهم الذى ابتعث الله به النبيين أجمعين ولو طوي بساطه وأهمل علمه وعمله لتعطلت النبوة واضمحلت الديانة وعمت الفترة وفشت الضلالة وشاعت الجهالة واستشرى الفساد واتسع الخرق وخربت البلاد وهلك العباد ولم يشعروا بالهلاك إلا يوم التناد وقد كان الذى خفنا فإنا لله وإنا إليه راجعون* انتهى كلامه رحمه الله هذا يقوله الإمام الغزالى فى زمانه فماذا نقول نحن اليوم؟.
|