رد على مقال السيد عبد الله ولد بمب الموجه إلى فخامة رئيس الجمهورية المتعلق باكتتاب القضاة
الأربعاء, 27 مارس 2013 11:20

 

اطلعت على المقال الذي نشره السيد عبد الله ولد بمب في بعض المواقع الالكترونية والمتعلق باكتتاب وزارة العدل لبعض القضاة.

    و في إطار الرد على ما تضمنه هذا المقال من مغالطات، لا يهمني نقاش ما أثنى به على نفسه بنفسه من صفات جليلة كالتوكل والزهد وقوة اليقين والاعتماد على النصوص الشرعية الطاهرة من كتاب محكم وسنة مشرفة، وإن كان ضغط الحالة النفسية الظاهر في المقال لا يدعم دعواه كل هذا الخير لنفسه، 

كما أنني لست مستعدا للنزول إلى الحضيض والرد على اتهاماته الجزافية الرخيصة التي ظل يكيل لكتاب الضبط وغيرهم من أطر وزارة العدل الشرفاء، فقط أذكر المؤمنين وأذكره، والذكرى تنفع المؤمنين، بقول الله تعالى في كتابه المحكم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) سورة المائدة 8، وقوله جل من قائل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6) ﴾ سورة الحجرات، وقول نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام: " ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء " ( الترمذي ) ، وقول الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه عشر سنوات في حياته بالمدينة: " لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فاحشا ولا لعانا " ( البخاري: كتاب الأدب 38 ).

 

 

 

وحتى لا يتأتى لصاحب المقال الوصول إلى ما سولت له به نفسه من محاولة يائسة لمغالطة السيد رئيس الجمهورية أولا، والرأي العام ثانيا، فمن الجدير إبراز الحقائق التالية:

ــ أن ما يدعيه كاتب المقال ( الذي ثبتت صلته بجهات مناوئة للنظام ) من جهاد و مقاومة ضد الفساد والظلم، هو مجرد كلمة حق أريد بها باطل، بدليل أنه مارس مختلف الضغوط على الإدارة لاستقبال ملفه الذي لا يستجيب للشروط القانونية، وعندما تأكد من رفض الإدارة البات لاستقباله تحت أي ضغط مهما كانت جهته، فضل أن يسلك طريق التشويش عن طريق الإعلام كمحاولة أخيرة للضغط على الإدارة لثنيها عن تطبيق القانون بخصوص ملفه الذي يعرف هو قبل غيره أنه لا يلبي شروط الترشح للقضاء، الواردة في المواد من 23 إلى  23ـ6 جديدة من (القانون النظامي رقم 012 ــ 94 المتضمن للنظام الأساسي للقضاء المعدل بالأمر القانوني رقم 2006 ــ 016 الصادر بتاريخ 12 يوليو 2006)، و التي تم تضمينها في المقرر رقم 0202 الصادر بتاريخ 17 فبراير 2013 القاضي بفتح مسابقة للانتقاء المهني لبعض القضاة، وفي الإعلان الصادر بخصوص هذه المسابقة.

وصاحب المقال لا يتمتع بصفة موظف حتى يحق له المشاركة في انتقاء مهني مخصص للموظفين، وهكذا وجد أن الصيد في المياه العكرة ومستنقعات الكذب وقلب الحقائق القانونية وتشويه الوقائع، هو أفضل سلاح لتحقيق المآرب الشخصية له ولمن يقفون خلفه، متهما الإدارة بما ظل يمارسه عليها ــ بلا جدوى ــ من محسوبية ونفوذ .. على طريقة " رمتني بدائها وانسلت " .

ــ أن فتح الانتقاء المهني لاكتتاب القضاة أمام الموظفين وخاصة كتاب الضبط الرئيسيين الحاصلين على المتريز أو اللصانص في الشريعة أو القانون، لا يمكن أن يوصف بأنه خرق للقانون، بل أن إطلاق هذا الوصف يعد مدعاة للسخرية ممن يقدم نفسه للرأي العام على أنه رجل قانون .. وفي الوقت الذي يريد فيه هذا المتطفل على موائد الغير أن يحرم فئة فتح لها القانون بالنص الصريح باب الترشح للقضاء، جاء إعلان المسابقة أكثر انفتاحا على الموظفين عموما حتى لا يحس من تتوفر فيه الصفة القانونية المنصوصة حرمانا أو إقصاءا من الترشح للانتقاء المهني.

ولم يكن تقلد كتاب الضبط لمهام عمل في وزارة العدل نشازا ولا مثارا للتعجب والحيرة من أي كائن كان، أحرى ممن يؤهل نفسه لتولي ولاية القضاء في حين أن أهم ما في جعبته العلمية والمهنية من مؤهلات يتجسد في إفادة مأمور شرطة ( أمن منازل ) بدولة خليجية لم يحدد في مقاله كيف تم التخلص منها وما هو السبب الحقيقي لإنهاء الخدمة، وفي انتظار أن تتضح تلك الملابسات المحفوفة بالغموض، يظل ملف المعني نشازا على القضاء وجسما غريبا على الأسرة القضائية التي هي ــ رغما عنه ـ مكان كتاب الضبط المناسب في الحال وفي المآل لكونهم مهنيين قضائيين يشكلون القلب النابض لقطاع العدل مما يخولهم امتلاك التجربة في صناعة القضاء، وهذا ما جعل المشرع ينص على أهليتهم لتولي القضاء، ( انظر نص المادة 23 جديدة من القانون النظامي رقم 012 ــ 94 المتضمن للنظام الأساسي للقضاء المعدل بالأمر القانوني رقم 2006 ــ 016 الصادر بتاريخ 12 يوليو 2006 )، عكس الشرطي السابق بدولة الإمارات، المتقاعد أو المفصول، كاتب المقال.  

ــ أن تجربة وكيل شرطة بدولة الإمارات العربية المتحدة ــ مع شرف المهمة ــ  لم يجعلها القانون سببا ولا شرطا لوجوب استقبال ملف الترشح للقضاء، كما أنه أيضا لم يجعلها مانعا من ذلك، وإنما هناك شروطا محددة في القانون يجب توفرها، وقد برهن المعني في مقاله ــ بما لا يدع مجالا للشك ــ أنه لا يتوفر عليها، ولعل هذا ما جعله يتحاشى تقديم ملفه بالطرق الإدارية المعهودة، مفضلا استغلال النفوذ والضغط بمختلف الوسائط ( بما في ذلك النشر في الأنترنت ) لاستقبال ملفه الأبتر.

ــ أنه لا يوجد تعارض في القانون بين استقبال الملفات والترشح لها، ولا يوجد قانون يمنع على الأشخاص الموكل إليهم استبقال ملفات مسابقة ما الترشح لنفس المسابقة، لاسيما إذا كانت اللجنة التي عهد لها القانون بالانتقاء مغايرة ومحددة، ولا يوجد من ضمنها أي من المترشحين للانتقاء، ( انظر المادة 23 ــ 4 جديدة من النظام الأساسي للقضاء المعدل )، ولا اعتقد أن السيد عبد الله ولد بمب الذي يدعي أنه قانوني ماهر، يجهل ما نصت عليه المادة المذكورة أعلاه، ولعله تعمد عدم ذكرها ضمن استطراداته القانونية الكثيرة، حتى لا يفسد في الأذهان ما أراد إيهامها به من أن نفس الأشخاص المترشحين هم أعضاء اللجنة التي عهد لها القانون بالانتقاء، وفي كل الأحوال إذا كان يعرف مقتضى هذه المادة القانونية الصريحة ويتجاهله، فهي مصيبة، وإذا كان لا يعرفه أصلا فالمصيبة أكبر.

ــ أنه في مقاله بدا أشد رفضا لاستقبال ملفه من الإدارة المعنية، حيث أورد المواد القانونية التي تتضمن شروط الترشح للقضاء بشكل محدد، ثم ذكر محتويات ملفه ( انظر مقاله من: السيد الرئيس لقد تقدمت شخصيا ...... ) التي  لا تتضمن أي من هذه الشروط، وهو في هذا كان منصفا للإدارة من حيث لا يدري، وكان كلما استطرد نص مادة قانونية أقام الحجة على نفسه، فالحصول ـ مثلا ـ على شهادة المتريز في القانون شرط واحد من ضمن شروط أخرى للترشح للقضاء لا يغني أي واحد منها عن توفرها جميعا.

ــ أن التحامل على الموظفين الأكفاء المشهود لهم بالتفاني في العمل، ظل عادة متبعة من طرف أصحاب النواقص والعقد الشخصية تعويضا عن ما ينقصهم في الحياة، ومن فصول هذه العادة السيئة والسيمفونية المشروخة عزف بعض الناقصين الذين ينشدون كمالا مفقودا على وتر قرابة بعض الموظفين من رئيس الجمهورية، الذي لا يمكن أن تكون القرابة منه سببا للحصول على امتيازات، كما أنها أيضا لا يجب أن تكون سببا للحرمان من الحقوق الوطنية المكفولة بالدستور.

وتظل مذمة الناقصين لهؤلاء الموظفين شهادة على كمالهم، على رأي أحمد بن الحسين المتنبي:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص       فهي الشهادة لي بأني كامل.

وعلى رأي الشاعر الحكيم الآخر:

فما تبالي السما يوما إذا نبحت      كل الكلاب، وحق الواحد الباري

لو كل كلب عوى ألقمته حجرا     لأصبــــح الصخر مثـــقالا بدينار.

 

وفي الأخير فإن سيل المغالطات الجارف الذي طفح  بها مقال السيد عبد الله ولد بمب لم يكن لها أن تصمد أمام ما أبرزناه من حقائق ووقائع مشهودة ومدعومة بالنصوص القانونية الصريحة التي بدون مطابقة ملفات المترشحين للقضاء، للشروط المحددة فيها سيظل دون الالتحاق بسلك القضاء " خرط القتاد " وليس   " خرق القتاد " كما يفضل السيد ولد بمب في مقاله المملوء بالخروق القانونية والشرعية واللغوية، وإذا بدا له أن يظل مكابرا ومصرا على خرق القوانين الصريحة لتمكينه من حق لا يمتلك صفة المطالبة به، فإن الرأي العام سيدرك ــ لا محالة ــ وجاهة هذه الحقائق وصلابتها، وتهافت وبطلان ما تقدم به السيد عبد الله ولد بمب من مغالطات لا تمت للقانون بأي صلة.

                                                       

                                                      محمد ولد البشير ولد اليزيد

                                                 مدير المصادر البشرية بوزارة العدل

رد على مقال السيد عبد الله ولد بمب الموجه إلى فخامة رئيس الجمهورية المتعلق باكتتاب القضاة

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox