جمال ولد محمد سالم ولد الخرشي بقلم المهندس جمال ولد محمد سالم ولد الخرشي ـ الدوحة (قطر)
كنا فى نهاية القرن الماضي وفى السنين الخمس الأولى من هذا القرن, نحلم بوطن نعيش فيه بكل حرية وأمن وأمان, نمارس فيه السياسة بكل حرية, نمارس فيه فن الكتابة وفقه الخطابة بكل حرية, نكتب ما نشاء ونقول ما نشاء, نسافر كما نشاء, نقرأ ونكتسب كما نشاء, ننام ملئ جفوننا وقتما وكيفما وأينما نشاء حسب أمزجتنا المختلفة, كل هذه الأحلام والأماني كانت أبعد من مناط العيوق ومن بيض الأنوق عند البعض, وعند البعض الأخر ضرب من الخيال أوهي المستحيل. كنا نئن تحت وطأة نظام يتخبط فى ظلام دامس, ينتهج الظلم وكبت الحريات لكل من يعارضه, فقد قسم معارضته إلى ثلاثة أقسام, معارضة مشردة ومطاردة فى ألمنفى وأخرى يقبع زعماؤها فى السجون, وثالثة مضايقة إلى حد حل بعض أحزابها فى بعض الأحايين، هكذا كنا نعيش وهكذا كنا نحلم. أما اليوم وبعد ما تبلج فجر الحريات, بدأنا نشعر أن ما كنا نحلم به أصبح واقعا ملموسا, بعدما حكم البلاد حاكم وطني, يحمل فكر الإصلاح والتنمية, غيور على وطنه, وجاء بالحلق والإحراف, فكان مجيؤه تنضاح رك على الفقراء والمساكين والغالبية المهمشة سابقا, وكان على الثلة التي كانت تتحكم فى السلطة والثروة من المفسدين من ساسة ورجال أعمال وتجار, كان عليهم كالصقر الذي يلوذ حمامه بالعوسج, فأوقف جماح كل من كان يضرب أخماسا لأسداس, وحير كل من كان إمعة, وفرح لمقدمه كل مواطن أبي الضيم مخلص لوطنه لا يخفى على أحد غريره, ويتصامم إذا سن القذع, فاختار منهم لتنفيد برنامجه الإصلاحي نخبة حازت شرف العلى, لا يتفاخرون بالمال, وإنما بالعلم والمعرفة وإسداء الجميل لكل من هو أهلا له. أصبح المواطنون أفرادا وجماعات وأحزاب ونقابات يمارسون السياسة بحرية مطلقة, لا يخافون سجنا, ولا تشريدا ولا تنكيلا ولا حتى حل أي حزب سياسي مهما كان.
إلا أن هذه الحرية المفرطة, استغلها بعض الساسة والكتاب استغلالا لا يليق بهم, فلم يألوا أي عبارة نقد أوتجريح, إلا وكتبوها, ثم صاحوا بها بأعلى صوت, يعتلون أمواج بحر لجي من التشاؤم ولا غرو, فقد قال الشاعر
ومن يك ذافم مر مريض يجد مرا فى فمه الماء الزلالا.
يتطاولون على الحاكم وعلى كل من قال كلمة الحق, والحق أبلج, ليقولوا له المتزلف والمصفق, والحقيقة أنهم لا يريدون للحق أن يقال, أو أعماهم الحقد وأدلج ليلهم الذى يبدو أنه لن ينجلي قريبا, حيث لا يقاس اليل الإفتراضي بالساعات. ينتقلون فى مطالبهم صعودا بالمطالبة بالرحيل, ونزولا بالمطالبة بحكومة وحدة إئتلافية, مرورا بالحوار, فيرد عليهم الشعب أن لا رحيل, وأن الشعب يريد إبقاء النظام, ويرد عليهم النظام بكل أناة أن الحكم لا يقبل ألقسمة وأن لا حكومة وحدة, ولا حتى حوار مع من يريد إجهاض الديمقراطية ويطالب بالرحيل بطريقة غير دستوريه, فالشعب هو من يملك الحق فى اختيار من يحكمه, وقد اختار الرئيس الحاكم لمدة خمس سنوات, وقد أنجز إلى حد الأن الكثير مما وعد به, والباقى قيد الإنجاز.
لا يأبه الحاكم بكل ما يكال له من هؤلاء فى المهرجانات وفى المواقع الألكترونية بل على العكس فهذا يزيده قوة وقيمة لأن قيمة القائد تقدر بمقدار النقد الموجه إليه, فمن يتحلى بأقل درجة من الموضوعية لا يحتاج إلى سبر أغوار حقيقة موريتانيا اليوم مقارنة مع موريتانيا قبل النظام الحالي ليرى النقلة النوعية التى عرفتها فى شتى المجالات فى ظل هذا النظام الذي يعمل جادا فى سبيل تحقيق تطلعات وآمال الشعب الموريتاني.
|