من شافيز إلى نورييغا
الأحد, 31 مارس 2013 13:26

 

بقلم سليمان سيدي بي

من "حِكَـم" السياسة المأثورة عن الرئيس الأمريكي الراحل، رونالد ريغان، قوله إن من يريد حُكم أمريكا لا بد أن يمر عبر هوليوود،أي أن ممثل "الكاوبويْ" أقدر من غيره على قيادة الدولة الأقوى فى العالم.

و قد استطاع ريغان التربع فى البيت الأبيض لولايتين ، وتَعرَّض فى سنة حكمه الأولى لمحاولة اغتيال، وتلطخت صورة أمريكا فى عهده بسلسلة من الفضائح، أهمها صفقة الأسلحة الإيرانية- الإسرائيلية (إيران غيت)، التي تم تحويل جزء من أرباحها لتمويل المعارضة المسلحة فى "نيكاراجوا".

لا تذهبوا بعيدا فى تهويماتكم،وتحاولوا إسقاط أحداث وقعت مطلع ثمانينيات القرن الماضي على أحداث حصلت فى العقد الأول من الألفية الثالثة، فأنا موقن بأن الشخص لا يغتسل من نفس مياه النهر مرتين.

لكنني موقن أيضا أن لكل شخص نموذجا فى الحياة قد يحافظ عليه، وقد يغيره فى منتصف الطريق، عن قناعة أو عن انفصام فى الشخصية.

وهذا ما قد يكون جرى لعزيز، الذي قدم لنا نفسه ،أول مرة، شعبويا يستلهم عنتريات الراحل هوغو شافيز، منحازا للفقراء والمظلومين، رافضا لسطوة الأقوياء الرأسماليين، ثم ما لبث كشْفُ المستور أن قدم صورة أخرى لصاحبنا أقرب إلى نموذج حاكم آخر من جنرالات أمريكا الجنوبية، هو "مانويل نورييغا" الذي حكم "بنما" سبع سنوات، قبل أن تغزو أمريكا بلاده، وتطيح به، وتحاكمه بتهمة الإتجار بالمخدرات، والإبتزاز ، وتبييض الأموال، وتزوير الإنتخابات.

 وبعد سجنه لديها عشرين سنة، سلمته إلى فرنسا التي يواجه فيها تهمة تبييض أموال فى شراء بعض العقارات.

إن أيا من النموذجين ( شافيز ونورييغا) ليس مثالا لحكم ثلاثة ملايين من الفقراء بالفعل والمفقَّرين بالقوة، فى بلد لا يحتاج إلى شعبوية الرئيس الفنزويلي، ولا إلى النهاية المأساوية للعسكري البنامي، بقدرما يحتاج إلى قائد متزن، غير مستبد برأيه، يقف على تفس المسافة من مواطنيه، يترفع عن المهاترات، لا يُـنزل نفسه منازل الشبهات، لا يحمل الحقد فى نفسه لأهله وشعبه، يــُنزل الناس منازلهم دون إفراط أو تفريط، و ينظف أمام بيته قبل أن يـُجبر الآخرين على القيام بذلك ،بقوة السلطة والترهيب.

قد يقول قائل إنني أحلق فى سماء جمهورية أفلاطون ، وهي – لَـعمري- نموذج خير من جمهوريات أمريكا الجنوبية، وما لا يــُـبلَـغ كله لا يــُترك جله.

و حتى يتم إثبات العكس، وهذا ما أرجوه لعزيز ،الذي يسوؤنا ما يسوؤه، فإن صورة نظامه وسمعة البلاد تضررتا جراء ما بات يعرف بفضيحة "آكْرا".

وبعيدا عن الخوض فى صدقية الأصوات التي سمعناها فى تسجيلات هذه الفضيحة، و التي أرجو أن تكون مفبركة، فإن على عزيز، الذي سارع إلى مقاضاة نائب فرنسي بتهمة القذف والتشهير،أن يكشف ملابسات هذه القضية، التي تجاوزت الشأن الداخلي لارتباطها بشبكة خارج الحدود.

على عزيز أن يدافع عن صورته أمام الرأي العام الوطني، وأن يبرهن على أنه، عندما كان يلاحق الجماعات الإرهابية فى منطقة الساحل، كان يدافع عن موريتانيا، وليس لتأمين "أشياء" أخرى.

وأنه ، عندما اقتطع من رحم وزارة الخارجية وزارة للشؤون الإفريقية على مقاس سيدة معينة،لم يتخذ هذا القرار لمجرد مكافأة خدمات " إفريقية" أسدتها إليه تلك السيدة.

وأنه، عندما أقال سفيره فى باماكو ، ودخل فى مواجهة مع الرئيس المالي السابق        " توماني توري"، لم يكن يرعى مصالحه الخاصة، و يسعى إلى التخلص من شاهد مهم فى قضية ليس من أوصافها الشرف.

كما على برلمانيينا الأساوش أن يهبوا لنصرة عزيز، الذي قد يكون مظلوما ومتحامَلا عليه، وهذا ما أرجوه مرة ثانية، فيبادروا إلى فتح تحقيق برلماني لإنارة الرأي العام حول القضية، وأن لا يتركوا عزيز وحيدا فى مواجهة حرب وَقودها التسجيلات الصوتية، وربما المرئية فى وقت لاحق.

وعلى محكمة العدل فى المجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياوو) ، وجمهورية غانا عضو فى هذه المجموعة، أن تطلع الرأي العام الإفريقي حول ملابسات هذه القضية الغامضة، وأن تأخذ زمام المبادرة قبل أن ينقضَّ البرلمان الأوروبي على الموضوع، فهو مولَع بفتح التحقيقات فى كل ما قد تـَشُـم فيه أنوف الأوروبيين الطويلة رائحة تبييض الأموال، أو تمويل الإنتخابات المزورة، أو التعامل مع شبكات مشبوهة، خاصة فى منطقة الساحل.

وعلى بنكنا المركزي إخبارنا هل مخزونه الذي يفاخر به ، بمناسبة وبدون مناسبة، هو من الدولارات الصحيحة أم المزورة؟

وإذا كان الرجال " صناديق"، فإن عصرنا عصر " مفتاح فى الدقيقة".

 

من شافيز إلى نورييغا

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox