ولد صيار يكتب : مياه عزيز سراب بقيعة
الاثنين, 29 أبريل 2013 12:48

الدكتور أحمدو بمب ولد صيارالدكتور أحمدو بمب ولد صيارجذوة وشعاع ووميض الحقيقة تتجدد وتزدان كلما لبد سماءها وطفى على محياها درن من يتزيون بلبوسها لمآرب آنية لاتعدوا السراب، بمعنى أن الحقائق تأخذ طاقتها التي تغذي حيويتها وتكرس معانيها، وتزدان بملامحها من تلقاء نفسها تولدا خلاقا وتفاعلا تلقائيا، ولذلك قيل: ما ضاع حق وراءه طالب.

وفي هذا السياق يتأتى ما يسمى بحقائق إنجازات عزيز وشامتها "المياه" بحسب المزمجرين معه، فليتسع صدر أحبتنا الذين نودهم ونقدر خلافهم لا اختلافهم، أن يكون لطالب حق فسحة في سطر على رقاع أو أديم جاف قدر جفاف هذه القلوب وجفاف هذه المقل، وجفاف أكف الندى.

إن رفع البؤس والهوان والحرمان وحياة الحفر والقيعان عن التعساء والبائسين والمساكين والجائعين محمدة لا مواربة فيها، لكن أن نتاجر بحق عام مشاع نحيد به إلى المرابحة والزبونية الانتخابية والرشى والمزايدات، وبه نشتري ذمم الجوعى فتلك مفسدة ومذلة وعوار لا يرتضيه سوى جلاوزة السلطان المغتصب!

بمعنى أن القتلة الذين ساموا المسحوقين الخسف والنكال وبحار الدماء التي أذبلت الورود والكروم والفرنان... -والذين هم في صف عزيز طبعا- هم سماسرة هذه الطروحات المبلسة بالاعراض والاغراض والاراضي.

إن أولائك الذين شربوا نخب الزهو على ظهور المعدمين نسوا أن للمحرومين معاييرهم عبر الدهور لمحاسبة من استذلوهم وجوعوا عوائلهم وذبحوا آباءهم واستحيوا نساءهم وهو معيار وقانون وسنن إلهي كوني يؤازره حتما توفيق الله وسداده تحقيقا لمناط ان المستضفين هم المستخلفون في الأرض.

لو هدأ عزيز هدوء وتواضع طيب الذكر الذي سبقه سيد محمد ولد الشيخ عبد الله لأمكننا مع إطلاق مياه السد من الضفة صوب العاصمة أن نوسع على عيال الله في الهواكير المصاقبة لروصو، وترعة ومسايل كرمسين، وما والاها.. شمامه سالت.. وصحاري تكند، وفجاج ومسارب المذرذرة، ومرابع وممالح آفطوط.

فتلك هي التنمية ماء جاري شبه مجاني منه تصدر الرعاع وتخضر المراعي في الصيف والحر القائظ وتكتسى الأراضي بنميرها زرعا يانعا وحبا غير منتهى الصلاحية، وضرعا يقلص اتكاليتنا على الألبان والزبادي المستوردة، وسمكات بقين خلف الاوروبيين والصينيين لعلة يمتن بها عزيز على المنسيين في المهرجانات

كما كان الحالمون والمحتمون بالضفة اليمنى من "لبزوك" حيث حريتهم من نير العسف والخسف والتقشف والمقصيون طبعا من التجنيس والحالة المدنية الجديدة يظنون أن هبة النهر حتما ستعود بالنفع على النهر نفسه ومساربه من خلال القضاء على المستوطن الجديد "نبتة يور" أو "برخ" حيث أهلكت الحرث والنسل وبدأ يقضم أطراف النهر، ويحاذر دون نصب مصايف ومحال استجمام واسترخاء وفنادق عائمة عليه، ناهيك الأنهار الصناعية، وخطوط ومحطات اركاب سريعة ومنسابة وغير مكلفة ومحافظة على البيئة ومخففة من الزحام بالمدينة يربط بين ولايات الضفة والعاصمة وانواذيبو برحلات سفن وبواخر وعربات ماء تحمي صحة المواطن وتقلل بإذن الله حوادث السير لكن مياه عزيز ياسادتي وآفاقها غير ظنكم فكيف ذلك؟

إن مياه عزيز كان الظن أن تكون خلاصا من مرارة الحال وانتعاشا لجيب المواطن وبردا وسلاما على حيواناتنا ومزارعنا وصحتنا وخضرة أرضنا، فإذا النتيجة الحتمية – سراب بقيعة-فاجأت الأدنون والأبعدين:

1-    فلا سعر مياه عزيز قلت عن أسعار المتاجرين بحفريات الماء في الريف بمعنى أن سعر بيع الطن على خط روصو بدء ب 180 أوقية للطن ثم زاد إلى المائتين ببحر الأسبوع المنصرم، وفي لبيرد 300 أي حينما تراءى للجنرال كثرة المبادرين لشركته الجديدة عوزا وقلة حيلة، أما الحسابات فلها آلافها، ولكل تجمع وقرية ضمان مالي معتبر يدفعونه قبل البدء لخزينة عزيز لقاء الصيانة كما يزعمون، فلا مجال للتبرع والمجانية والاحسان على عيال الله هؤلاء، ولا زراعة طبعا بماء هذا ثمنه ولا مرعى بترعاتها، ومع هذا في الكلم 53 عقب خسارة المولد "الجديد" كان أمل الساكنة في استصلاح القطاع له على أساس الضمان المالي، ولكن بعد لأي وطول انتظار تكلفها هؤلاء فاتورة شراء مولد جديد آخر على حسابهم.

2-  الحفارة المستخدمون لحفر خط الأنابيب بعمق معتبر لقاء 100 أوقية هم بنسبة 95% من شريحة معينة "لحراطين" دفعهم العوز والتهميش وضيق ذات اليد وسكن الحفر لهذه المقايضة مع العلم أن الوسطاء والسماسرة المباشرين المقربين يحسبون فاتورة المتر حفرا على الدولة والقطاع ما بين 300 و 500 أوقية في تفاوت بين الولايات طبعا فهل الجنرال الذي يدقق في كل شاردة وواردة تناسى شأن هؤلاء.

3-  إن هذا التقطير يزرع في مخيلة المواطن أن نصيبه من بركات الأرض التي هو عليها شربة ماء واصطفاف على أمل لقمة عيش غير كريمة، بدراهم معدودات، مع أنه على خزائن غير ناضبة، ومن ثم يكون الباقي لصالح شركات التعدين المائي قصد تصديره لخارج البلد وهذه المرة بماركة مسجلة لندماء "الزعيم"

4-  بعملية حسابية بسيطة يكون بئر وحفر القرية أو العشيرة أجدى وأقل تكلفة على الناس والدواب والأرض من مياه عزيز التي قدر لها أن تزداد في الثمن كلما قلت الأمطار وتأخر الموسم.

5-  وقد خبرني بعض الدارسين المباشرين فنيا لمقاطع شبكات مياه عزيز باترارزة خط روصو أن عشرات عشرات الملايين أنفقت وتنفق هذه الأيام من نهاية مايو على مقاطع جنوب "تكند" حفرا ولصقا وأنابيب ومعدات دون جدوائية، بمعنى أن القيومين والخبراء على دراية تامة أن قوة المطور وسعة الأنابيب ومساحات الارتفاع وبعد المنبع والتفريعات والنوعية اللاصقة يستحيل علميا في الأمد المتوسط والبعيد أن يصلهم الماء بتدفق، اللهم إلا على شكل التقطير.

لكن أوامر عليا صدرت لهم يمد هذه الأنابيب ولو هدرا، قبيل زيارة الجنرال للولاية بدايات يونيو على أن يكون الاطلاق وفتح "فانات" بعد نهاية الزيارة طبعا، وبذلك يتحقق للجنرال في التحامه مع جماهيره المصطنعة والانصار مسألتان:

قلة شكوى وطرح طلبيات المياه، وكذلك كثرة المادحين على تعميم الماء

فيا عزيز علمنا التاريخ أن المنحازين للفقراء ومن تبتل دمعتهم على مظاهر الحرمان ومن يقاسمون لقمة عيشهم للبائسين بل "ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة" أمثال هؤلاء لا يدخرون ولا يصرحون بالمليارات فدعك تاجرا.

ختاما: أقول، مع تقديري لما أنجز واعتزازي بكل من أخلص للمبدء دون توظيف للخصوصيات التي جعلها الشارع الحكيم حقا مشاعا لا منة فيه لأحد، أقول: إن القلوب الرحيمة الفياضة عطفا وحنانا وبذلا وتواضعا هي الخلاقة لبحار الصفا والعطاء وآثار المعروف والأوقاف.

إن الموريتاني الأبي لا يموت عطشا وإنما تموت دابته ومزرعته ومرعاه، وعلى هذا تموت نظرية تجميع السكان في الارياف وتركيز الخدمات وأن مياه عزيز إحدى عواملها للحد من الهجرة والنزوح والترحال والضغط على المدن، فالماء الشروب غالي الثمن ليس عامل استقرار للساكنة، وإنما المياه التي تنتج الحرث والضرع والكلأ وتصلح النجع هي عامل استقرار وتجميع الموريتانيين.

د احمدو بمب ولد صيار

ولد صيار يكتب : مياه عزيز سراب بقيعة

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox