واتعليماه .. مقاربة فكرية تحليلية لواقع التعليم (المشاكل والحلول والمقترحات)
الثلاثاء, 28 مايو 2013 12:46

بقلم: اليدالي ولد عبد الله  

altaltلقد بلغ السيل الزبى ولقد راح التعليم للأسف بين تأكيدات الرئيس على ضياعه وانكباب مسؤوليه على وجوههم في ذالك النفق المظلم الذي ساروا فيه بنفس النهج الذي اثبت عدم نجاعته.

فلماذا نحن مصرون على أن نسير معهم في ثبات وتؤدة على نفس المسار دون بحث عن بديل، بل في بعض الأحايين يتصور بعضنا إن لم أقل كلنا انسداد الأفق وعدم وجود خيار آخر يمكن أن نجد من خلاله حلولا ناجعة ومواكبة للحياة العصرية وللعولمة التي أصبحت واقعا يفرض نفسه حتى في القرى والبوادي.
إن الوزير والمدير والأستاذ والمعلم التلميذ ليدركون كل الإدراك أن التعليم يحتاج إلى صحوة بل قفوة كتلك التي أفاق منها أصحاب الكهف فوجدوا العملة والحكم والمجتمع قد تبدلوا.
بدون تغيير هذه المرتكزات الثلاثة لن يتسنى للتعليم أن يتعافى من مرضه المزمن وبتحليلنا لهذه المرتكزات ندرك أنه إذا كان الحكم فاسدا فسد التعليم لأن الرعية على قلب الأمير وإذا كان المجتمع يرسل أبناءه إلى تعليم فاسد فلا بد أن ينتشر الفساد داخل صفوف المجتمع، وإذا كانت العملة ضعيفة عجزت عن توفير ضروريات الحياة لأصحابها.
عندما يأخذ الوزير راتبه الشهري الذي هو أضعاف راتب الأستاذ ثمان مرات فلا يستطيع أن يدخل السعادة على نفسه أو أهل بيته فما بالك بذالك المسكين الذي يقال له المعلم والذي نعرف جميعا أنه حجر الزاوية في عملية التعليم. فبعدد المعلمين والأساتذة نجد عدد مشاكل المادية التي يعانيها التعليم والتي لا حصر لها لأن أعداد هؤلاء في تزايد يوميا.
إن النقص في الكادر البشري عند التعليم والمعالج بالتعاقد مع حملة الشهادات دون توجيه من طرف الإدارة أو تكوين سريع في مجال التربية وعلم النفس هو شبيه إلى حد كبير بالمستجير من الرمضاء بالنار ومن الأحسن بل من الأجدر أن نترك أناسا دون تعليم بدل إعطائهم صورة سيئة عن المعلم والتعليم.
فإذا وقف العقدوي الذي لا خبرة لاه ولا تجربة في طرق التدريس وعلم النفس أمام تلاميذ ته لاشك أنه سيصبح أمام خيارين، إما أن يعمل انطلاقا من إشتهاداته الذاتية والتي ستعكس موروثة الاجتماعي والثقافي إن وجد لا محالة (فكل إناء بما فيه يرشح) وإما أن يقف كالصنم أو التمثال ساهما مفكرا في تلك الجهة التي تعاقدت معه دون تسليحه بإرشادات أو تكوين محدود يستطيع من خلاله أن يتصور الحل لتلك المشاكل التي ستواجهه في مسيرته التربوية إن كتب له الله البقاء.
لا أريد أن نتحامل على حملة الشهادات اللذين عصفت بهم ويلات البطالة والبحث عن مصادر للعيش إلى القبول بهذا الحال وأحمل المسؤولية كاملة للإدارة المعنية بالتعليم.
عندما أحس الحاكم الحالي للبلاد بمشاكل التعليم وضخامتها بادر إلى إنشاء أربعة وزارات لم تستطع أي منهن القيام بما كانت تقوم به وزارة التهذيب إبان استقلال البلاد، ترى هل هي بركة انتزعت؟ أم هو تهاون أم فشل أم هما معا؟ أعاذنا الله من هذا الحال.
إن التعليم هو أداة نهضة الشعوب وسموها ورفعتها، فالتعليم الصحيح الناضج هو ذالك التعليم الذي يقوم على تخريج أجيال قادرة على قيادة قاطرات التنمية ومنتجة في الآن ذاته، فبالعلم وبالعلم وحده وصلت المجتمعات المتقدمة إلى ما هي فيه من وعي ورقي و به استطاعت أن تقضي على الأمراض الاجتماعية التي يتخبط مجتمعنا في الكثير منها مثل المحسوبية والإتكالية والتبذير وقصر النظر والتقليد الأعمى للآخر. إن الباحث عن وصفات علاجية لهذا الداء الذي ينخر في عظام أمتنا يتجلى له أن أسباب هذه الأمراض السالفة الذكر هو: الجهل وتدني المستويات التعليمية، وبتشخيص سبب المرض يكمن تخيل العلاج.
يجب القضاء على الأمية بنوعيها الثقافي والحضاري فقد أثبتت الإحصاءات إرتفاع نسبة الأمية في مجتمعنا على الرغم من البرامج التي رصدت لها أموال طائلة.
فالجاهل يعاني أميتين إحداهما أبجدية ثقافية و الأخرى حضارية وفي هذه الأخيرة يشترك معه المثقف فيقومان بعدم استغلال أمثل للإمكانات وترشيد للمداخيل بشكل حضاري مبني على أسس إقتصادية مقننة. يجب علينا القيام بتكوينات مستمرة لطاقم التدريس والإجتماع بهم وتقييم أدائهم وتجسيد مبدأ المكافئة والعقوبة وكذا القضاء على مدرسة القسم الواحد وتجميع عدة مدارس في نقطة واحدة يمكن أن تضم عدة معلمين.
ويجب أن تواكب المناهج المتبعة في عملية التعليم المستوى الفكري و العقلي والمادي للمعلم والمتعلم في آن واحد لأن ما أثبت نجاعته في بيئة بلجيكية أو كندية قد لا يثبت نفس النتائج في بيئتنا وإذا ثبت العكس كان علينا تعميق وتركيز التكوين حتى يتساوى فيه كل المربين من أجل إيصاله للمتعلم على أحسن وجه، وبالتالي تحصل الفوائد المتوخاة من ذالك.
ويجب تنظيم دورات تكوينية مكثفة توضح للمربين كيفية استخدام الطرق الحديثة التي قد تطرأ في أية لحظة.
وعلينا كذالك أن نجرب الطريقة التي بهرتنا على مستوى مدرسة أو مدرستين قبل تعميمها على جميع المدارس ولعل ما حدث في مقاربة الكفايات من عدم استيعاب المدرسين لها خير دليل على ضرورة إتباع النصائح السابقة.
لقد أهملنا في هذه المقترحات مقترحات طالما لاكتها الألسن وخصوصا تلك الرامية إلى تحسين ظروف المعلم المادية والمعنوية. لكن قد أجد أن الأولوية عندي في ما سبق فإذا حصل المعلم علاى تكوين جيد منحه الثقة فيما يقدمه ولاحظ مدى تجاوب المتعلم مع تلك الطرق التي يجب أن تشبع نقاشا وتدريبا عندها حق له أن يطالب بالتحسين من ظروفه المادية وحدها لأن المعنوية سيحصل عليها عندما يقوم بأداء عمله على أكمل وجه.
فأنا لا أرى في المعلم ذالك الإنسان المحمل بالمعارف والعلوم والقادر على بثها في قلوب الناشئة كما كان يتصف سابقا، ترى هل يقبل المتلقي مني هذا العذر في عدم المطالبة بتحسين الظروف المادية للمعلم.
ولا يمكن أن نسمي الطبيب بهذا الاسم إلا إذا كان عارفا بالطب، و كذلك علينا أن لا نسمي المعلم بهذا الاسم إلا إذا كان عارفا بمهنته متقنا لها متفانيا في أداء مهامه. و عندما يؤدي ما عليه من واجبات حق له أن يطالب بحقوقه المشروعة كيف شاء و متى شاء.

واتعليماه .. مقاربة فكرية تحليلية لواقع التعليم (المشاكل والحلول والمقترحات)

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox