ذكريات تحت الشجرة (يوميات اعتصام الأساتذة المحولين تعسفيا)
السبت, 01 يونيو 2013 09:28

الأستاذ الخليفة ولد الفتىالحلقة الأولى

هل سمعت أنباء عن التحويلات؟ أنت إلى كيدي ماغه أحمد وأبوبكر إلى الحوض الغربي، ماهو انطباعك؟ كان ذلك فحوى مكالمة دارت بينى وأخي عبد الله ول إدوم زوال 18من سبتمر عدت إلى المنزل بسرور وارتياح لكن سرعان ماتلاشى ذلك الشعور إذ وردت أنباء عن تحويل أحمدو يسلم إلى لعصابة فأدركت أنها ليست تحويلات بقدرما هي تحولات في العمل النقابي نحو القضاء على الحريات النقابية بأشد الوسائل غدرا، لقد فعلها ابن باهيه. طعن من الخلف وضربة جبانة!

ولأني في البادية فليست لدي تفاصيل عما يجري في الساحة وماتنوي النقابة القيام به لملاحقة الجناة. ماذا عساها أن تفعل؟ لاتستطيع أن تلوح بإضراب طالما أنها لا تستطيع دفع مايترتب عليه من تبعات عقابية.

أيام... وغيابات اليأس تلتهم جذوة الأمل الخافتة، هل يكون الأستاذ يوما في وضع أحسن؟

سئمت الوظيفة حين ما للموظف أن يمارس حقه المدني، تستلب الإرادة وتغتصب الحرية، كل اتصالاتي لاتوحي أن هناك تفكيرا لوضع استيراتيجية كفيلة برفع الظلم.

في يوم الأحد7 اكتوبر توجهت إلى انواكشوط على نية العودة في غضون يومين لألتحق بعد ذلك بمكان العمل الجديد في "كيدي ماغه" لكن أول محطة كانت الشجرة التي يستظل بها المعتصمون وكان أخي محمد عالى ول البان أول من صادفني حيث نهض إلي متهللا وعانقني أثناء التحية استدار بوجهه نحو رجل عن يساره عرفت لاحقا أنه الحسين ول جدو، قدمني إليه كمشمول بالمذكرة 174 لحظات وأنا أتوسم في أوجه الحضور فتبينت من أساريرها أن أحداثا لاتزال في موادها الأولية. تسرب إلي الشعور بمستوى عدوانية ذلك الإجراء التعسفي الذي جمع أسا تذة ازويرات الحوض الشرقي انواذيبو كيدي ماغه آدرار اترارزه في ظل شجرة واحدة.

قادة النقابة المستقلة لأساتذة التعليم الثانوي يتوسطون الحلقة. على من تكون العتبى؟ على هؤلاء الذين أرادوا أن يحتل الأستاذ مكانته اللائقة وينتزع حقوقه الضائعة فأعلنوا عن إضراب كانت هذه إحدى نتائجه، ماذا عن انطباع الشامتين من قادة النقابات الافتراضية وهم يترددون في عرصات الوزارة، ينظرون إلى الرباني وإلى جمال نظرة باطنها إعجاب وظاهرها تشفي. ومهما ساء الواقع فلن يستطيعوا أن يتمتلوا : ما أنا بمصرخكم... الآيه

بينا أنا تائه في غياهب الهواجس أعيش الظروف النفسية لكل طرف في صراع ومجابهة مع ماكان وماسيكون، -اللهم إن تم التنكيل بهؤلاء على هذا النحو فلن تقوم للعمل النقابي قائمة بعد اليوم- إذ نبهني سؤال الحسين: هل أنت رافض للمذكرة؟

أجل!

 

قدم إلي لائحة بأسماء الرافضين تضمنت أرقام هواتفهم والدليل المالي لكل واحد منهم مرفقا بتوقيعه، خشيت لحظتها أن ترتسم بياناتي على اللائحة قبل أن يناولني القلم فلا تحظى يدي بتقييدها.

-الحسين/ ليسعك المقام هنا'

-خ/ أنا في سفر ينتهي الخميس المقبل'

-الحسين/هذه قضيتك، فأي مهمة أولى؟

-طرقت هنيهة ثم رفعت ناظري إليه: سأذهب لأعود الخميس المقبل، على أن أبقى في الميدان إلى أجل لا ينقضي سوى بإسقاط المذكرة، صافحتهم مودعا ومضيت رفقة محمد عالي الذي توجه إلى مقاطعة عرفات أما أنا فقد توجهت إلى سوق العاصمة، أخطو متثاقلا' لقد أخذ الإحساس بالهوان مني مأخذا عظيما أردد بنغم حزين وهامس جدا: من يهن يسهل عليه¥

ما لجرح بميت إيلام.

وفي صبيحة الغد أعود إلى الميدان وعلى غير موعد ألتقي صدفة ذلك الرجل الذي حدثني زملائي في ثانوية تمبدغه عن نضاله وصموده، لم أظفر بلقائه سابقا إلاعبر الهاتف، شهم قدم إلى إعدادية لعوينات فبدأ روح النضال يدب فيها وتسرب إليها عدوى الاضراب حتى سدت أبوابها يوم 27/فبراير /2012 كنت أسمع عنه والآن هاهو محمد ول الصوفي بهيبته ووقاره بابتسامته الدافئة، عرفته على نفسي، عانقني بحرارة، جاذبني الحديث، سرنا معا تجاه المصادر البشرية، كنت أتمادى في إطالة النظر إليه لأقارن الصورة بتلك التي في مخيلتي! أين كان ذلك الشاعر من موقفي هذا يوم قال؟

كانت مساءلة الركبان تخبرنا¥

عن جعفر ابن فلاح أطيب الخبر/

حتى التقينا فلا والله ماسمعت¥

أذني بأحسن مماقد رأى بصري.

بعد بضع دقائق ودعته وبدأت سافرا آخر إلى البادية كانت العودة منه في الخميس11/اكتوبر على الساعة 12:00 وفي ظل الشجرة المباركة بمباني وزارة الدولة ألقيت العصا وسلمت زمامي جنديا مطيعا لأوامر قادته.

في لحظة قدومي كنت أنظر إلى الزملاء الوافدين من مختلف الولايات وأصرف النظر تارة إلى حصيرين من البلاستيك عليهما حشيات متواضعة ومخدات، أتأمل في حاويات الماء الأربع، في السلتين البيضاء والزرقاء، قنينة الغاز وكيسها الخشبي، فيقع ناظري على إبريقين: معدني كبير ومتوسط الحجم جيري تتصل بكلا الجانبين منهما دائرة كؤوس على غطاء إحدى السلتين، حول أدوات الشاي تترامى علب شاي "ملكة' و'الصفا" من فئة 50أوقية كانت التجاريب ثرية ورائعة والأحاديث تسحر الألباب بأزاهير المناقشات الأدبية والعلمية، فالإيديولوجيات شعب شتى، اختلفت الانتماءات السياسية وتعددت الأعراق، نلهو بنكات سونونكية وبولاريه في فضاء ثقافي تشابك نسيجه، كان أول يوم سمعت فيه عن "فونكره"

مضت ساعات المجلس في تنوع مذهل يفيض ألفة وانسجاما حيث يسود الشعور بوحدة الغاية والمبدأ.

لم تستحوذ على تفكيري روعة المشهد بقدر ما استحوذ عليه من ألف المشهد ورسم اللوحة البديعة، من يداعب هذا وذاك بأريحية، يقاسم الجميع مايجلب إليهم من غطاء و وطاء من مأكل ومشرب، يقدم الصحون إلا أنه كان ينتظر آخر غائب من المجموعة ليكون شريكه، هكذا ظلت أترصد سلوك نادل يتقن مهنته ويؤديها بشغف، ذلك محمدن ول الرباني وتلك رأفته بالأساتذة حين لم تأخذ نقيبا آخر بهم رأفة!

-الفترة المسائية-

على الساعة الخامسة والنصف عصرا تنتهي المداومة بالنسبة لفريق فيشرع في الانصراف فرادى ومثنى في تساوق زمني مع توافد الفريق الثاني، لايسمح بالانصراف لعدد أكثر من العدد القادم... يتواصل

ذكريات تحت الشجرة (يوميات اعتصام الأساتذة المحولين تعسفيا)

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox