ولد احمد بمبه الي جنات الخلد |
الأحد, 16 يونيو 2013 12:44 |
فقدت جامعة نواكشوط إحدى اكبر دعائمها ومرجعياتها الفكرية والأخلاقية والقيمية التي تستمد منها تسمية "جامعة". انه الدكتور الفاضل العميد "محمد ولد احمد بمبه" الذي جمع العلم، والخلق ،والأدب، في وقت انصرفت فيه همم أمثاله من مثقفين ومفكرين إلي تحصيل المال ضاربين عرض الحائط بالمثل والقيم. لقد كان ولد احمد بمبه بحق جامعة تفتح صدرها الرحب دائما أمام الجميع دون اشتراط دفع رسوم للتسجيل أو الوصول لمستوى دراسي معين، لذلك ظل مكتبه ملاذا يركن إليه المظلومون والمضطهدون من الطلاب والعمال البسطاء حتى ولو كانوا من خارج كليته. من حسن حظي أن الفقيد كان الأستاذ المشرف على رسالة تخرجي ،الأمر الذي جعلني أتردد على مكتبه بانتظام واكسبني خبرة به عن قرب حيث وجدته صادقا ،أمينا، متواضعا وهو فضلا عن ذلك كله الوحيد من بين الأساتذة ومسؤولى جامعة نواكشوط الذي يمثل موريتانيا بمفهومها الشامل بكل جهاتها وأعراقها بعيدا عن الانتماءات الجهوية والطبقية التي تحدد العلاقة وقتها بين الطلاب والأساتذة الأمر الذي عززته شهادات عدد من زملائه في الكلية حيث اكدوا إنهم في أكثر من مرة يجدونه يعمل كل ما بوسعه من اجل حل مشكلة احد الطلاب، وعندما يسألونه عن علاقته به فإذا هو لا يعرف حتى اسمه. وفي احد الأيام استغرب احد الزملاء الأمر فاستفسره حول الدوافع التي تجعله يكلف نفسه عناء مشاكل الطلاب حتى ممن لا تربطه بهم صلة فرد عليه:"عندما اختاروا طرح مشاكلهم علي من بين الآخرين فيجب أن أكون عند حسن ظنهم". جانب آخر من شخصية الفقيد اكتشفته بعد رحيله. لقد كان كل واحد من ثلاثة مساجد الأقرب إلي منزل الفقيد في مقاطعة لكصر يحسبه من جماعته، وهو يتكفل بدفع بعض مصروفاته بصفة دائمة ذلك ما أكده أئمة المساجد الثلاثة لدى حضورهم لتقديم واجب العزاء. و أثناء مراجعاتي المتكررة له تلك، عرفت فيه انسانا ودودا عطوفا يحمل نفسه هموم الطلاب ،وينصبها لحل مشاكلهم مهما كانت مستعصية ،أما مكتبه المفتوح أمام الزوار وأصحاب الحاجات فكان بمثابة قاعة درس حقيقية يستفيد منها الطالب أكثر من استفادته من المدرجات وحجرات الدراسة، فيما كانت أحاديثه الشيقة محاضرات قيمة لا تقتصر على القانون وحده بل تشمل كل المجالات من علوم وآداب وغيرها، مشفوعة بدروس تطبقية من أخلاقه وتصرفاته تجعلك تفهم الدرس ،كما تفهم جيدا انك أمام إنسان من نوع آخر، انسان يعكس ثقافة واسعة وعلما لا ينضب، ولا تخلو تلك المجالس ابدا من طرافة تجعل الوقت يمر عليك بسرعة لا تنتبه لها قبل ان تفاجئك بنهاية الدوام ،تماما كما فاجأنا رحيله اليوم، تغمده الله برحماته وأسكنه فراديس جنانه مع الشهداء والصالحين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وإنا لله وإنا اليه راجعون. الممتن لاساتذه امربيه ولد الديد |