الانقلاب في مصر : سفاح غربي خليجي
الأربعاء, 17 يوليو 2013 11:37

أحمد سالم ولد الشيخ الحسنأحمد سالم ولد الشيخ الحسنمع نهاية الحرب الباردة واختفاء الحلف الشرقي عن الأنظار كان الساسة الأمريكيون منشغلين بوضع استراتيجيات جديدة هدفها الحفاظ على الأمن القومي الأمريكي بصفة خاصة والغربي بصفة عامة فخلصت الدراسات التي قيم بها في  هذا المجال إلى أن العدوالمتظر للنظام الغربي فكرا وممارسة هو المشروع الاسلامي ومن ثم وضعت الخطط تلو الأخرى للوقوف أمام أية محاولة يمكن أن تبلور تطبيقا لهذا المشروع قطرية كانت أو إقليمية متشددة أومعتدلة على أن يتم  تطبيق تلك الخطط من داخل المنظومة الاسلامية نفسها إن أمكن ذلك ..

يقول السيناتور الأمريكي : جيفري ريكورد في كتابه : قوة الأنتشار السريع والتدخل العسكري الأمريكي في الخليج نقلا عن الرئيس الأمريكي جيمي كارترسنة 1980 ( إن أمن الخليج مهدد من طرف إحدى قوتين إقليميتين قوة قومية في إشارة للعراق وقوة إسلامية في إشارة لإيران ، وإنما يتعرض للخطر في تلك المنطقة هو جيب المواطن الأمريكي )

هكذا منذ ثمنانينات القرن الماضي ظل الغربيون بالمرصاد لكل محاولة من شأنها أن تفرز دولة قوية اسلامية النظام والانتماء أو اسلامية الانتماء فقط علمانية النظام في تحالف استراتيجي مصيري مع الكيان الصهيوني ، وفي هذا الإطار يمكن أن نسوق جملة من الأحداث التاريجية كانت في مجملها تجسيدا للمخططات السابق ذكرها :.

 1 -قصفت الطائرات الإسرائيلية المنشأة النووية العراقية 1982 في تمهيد لتدمير العراق وتفتتيته وهو   ماتم بين 1991 و 2003 بأموال خليخية ومن مطارات دول الخليج وموانئها وبدعم مصري سوري إيراني ..

2 - في سنة 1992 فاز الإسلاميون في الانتخابات التشريعية الجزائرية وهو ما شكل صدمة للعلمانيين من قادة الجيش ولفرنسا على الضفة المقابلة للبحر الأبيض المتوسط التي كانت الجزائر يوما ما إحدى ولاياتها فاتفقت مصالح الداخل ( العسكر ) والخارج الغربي في إزاحة الإسلاميين وحرمانهم استحقاقات ذلك الفوز فكانت الحرب الداخلية الجزائرية نيلا من مقدرات الشعب ومستواه التنموي وخدمة للإرادة الغربية التي لا تريد أن ترى الجزائر حرة متقدمة ..

3 - في العام 2001 كانت أمريكا قد جيشت العالم معها فييما سمته الحرب على الإرهاب فحولت أديم أفغانستان الوادع إلى كتل من النيران المشتعلة وليس ذلك لخطر علمي أوتقني تشكله دولة طالبان في المنظور القريب . لا إنما لأن تلك الدولة أو تلك  الجماعة حاولت تجسيد فكرة اسلامية ما على أرض الواقع.

4 - منذ تولي الاسلاميين الحكم في السودان شرعت الدول الغربية في حصاره والتآمر عليه في الجنوب وفي دارفو وفي كردفان  حتى قسمت الدولة الواحدة إلى دولتين والبقية في الطريق ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل إن الاسطول الأمريكي هاجم الخرطوم في 20 أغسطص 1998 فدمر مصنع الشفاء للأدوية ومنذ ذلك التاريخ والهجمات الغربية على السودان مستمرة كان آخرها الهجوم على مصنع اليرموك لإنتاج الأسلحة ، الجديد الوحيد في هذه الهجمات هو تبادل الأدوار بين أمريكا وإسرائيل.

5 - في سنة 2008 فازت حركة حماس بغالبية مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني رغم الحصار المفروض عليها من طرف السلطة ورغم ممارسات الإحتلال في انتخابات شهد لها العدو والصديق بالنزاهة والشفافية وبدل أن يساعد الغرب ( متبني الديموقراطية ) هذه الحكومة انقلب عليها ووصفها بالإرهابية وهو نفس الموقف الذي تبنته مصر مبارك والسعودية والإمارات ، كل ذلك بسبب رفض الحركة تقديم أغصان الزيتون لمغتصب تجرف جرافاته عشرات شجر الزيتون يوميا..

هذه أمثلة قليلة من الحرب الغربية المخططة ضد الظاهرة الإسلامية بدعم من بعض الأنظمة العربية ، وليس ما يحدث في مصر اليوم إلا جزءا من المخطط في الاستراتيجات الغربية  ، فالواهم من يعتقد أن للغرب مفهوما واحدا للديموقاطية أوللإعتدال ، فالديموقراطية في الأنظمة والدول الغربية تعني احترام رغبات الشعوب المعبر عنها في صناديق الاقتراع  ، أما خارج ذلك في دول العالم الأخرى فهي احترام رغبات الأنظمة الغربية نفسها لا رغبات شعوب تلك الدول وبهذا المفهوم تصبح أنظمة في قمة الشمولية والدكتاتورية مثل السعودية والإمارات والكويت أنظمة مقبولة قي الأوساط الغربية ، وتصبح أخرى ديموقراطية استبدادية أوفاشلة مثل النظام الفلسطيني بقيادة حماس والنظام المصري بقيادة الإسلاميين ..

لم يكن من المفاجئ للغرب ولا لحلفائه فوز الاسلاميين في مصر لكن المفاجئ هو الخطوات العملية التي بدأ بها النظام المصري المنتخب مأموريته بدءا بدفع الآليات العسكرية الثقيلة إلى سيناء وهو ما لم يتم منذ اتفاقية كامب ديفد وإقالة اثنين من أباطرة العسكر والشروع في هيكلة الاقتصاد المصري وعدم ترك الفلسطينيين في غزة بمفردهم أمام آلة البطش الإسرائيلية ، لهذه الأسباب وجد الغرب نفسه أمام احتمالين لاثالث لهما ::

الأول : أن يسكت على هذا الواقع الجديد في مصر وهو ما ستكون له نتائج كارثية على المخططات الغربية في المنطقة بحيث تصبح مصر قوة اقتصادية وعسكرية تتخذ قراراتها بعيدا عن اشتراطات الدعم الأ مريكي والغربي وهوما سيرسخ قاعدة الاسلاميين أكثر في صفوف المصريين فيصبح بقاء ذلك النظام مطلبا عند المسيحي والعلماني قبل أن يكون مطلبا عند الإسلامي فيستعصي على أعدائه النيل منه ..

الثاني : أن يتحرك بدعم من  حلفائه داخل مصر وخارجها للإطاحة بالإسلاميين وهذا ماتم بالفعل من خلال التشاور مع قادة المؤسسة العسكرية وبعض رموز العلمانيين مثل محمد البرا دعي عميل الغرب في العراق سابقا وبدعم مالي وإعلامي سعودي إماراتي كويتي.

نعم تم الإنقلاب على الديموقراطية المصرية من قبل الغرب رائد الديموقراطية المزعوم وبعض أعداء الديموقراطية بعض دول الخليج ، وإذا كان مسوغ الغرب واضحا لدعم الانقلاب  فما الذي دفع إخوة الدين والدم إلى هذا النشاط المحموم من مواقف سياسية  مؤيدة للانقلاب وكرم قل مثله عند قوم يتبولون الذهب ؟

إن المعادلة بالنسبة لدول الخليج المذكورة اعلاه واضحة جدا حيث توجد في كل تلك الدول تيارات اسلامية رافضة سرا أوجهرا لسياسات حكوماتها من ترام في احضان الغرب وتبديد للثروات واستفراد بالحكم ، ومصر هي أم العرب والمسلمين وشارعها ونظامها يشكلان بوصلة لحركة شعوب العالم العربي كله ، ومن هنا فوجود نظام ديموقاطي اسلامي فيها يشكل خطرا في الأمدين القريب والمتوسط على وجود تلك الانظمة الشمولية المستبدة ، لذا كان من اللازم – حسب فكر تلك الانظمة – التحرك بسرعة لتخليص الخليج من خطر حقيقي محدق به متناسية أن الاسلاميين حصدو الاغلبية في مصر وأن الصداقات الحقيقية إنما تكون مع الشعوب لا مع الانظمة الزائلة .

إذا تحقق – ولو مؤقتا - للغرب والعلمانيين وبعض الأنظمة الخليخية ما تمنوافازيح الرئيس الإسلامي المنتخب عن سدة الحكم لكن ما نسيه أو تناساه هؤلاء هو أن الثورة المصرية الأولى ضد مبارك خرجت من الشارع المصري لا من الغرب ولا الخليج ، نفس الشارع الذي لا زال يعزف أنشودة رفض الانقلاب في ميادين  رابعة العدوية و نهضة مصر وميدان رمسيس .

وإذا كان هوؤلاء يعدون ديمقراطية مصر الإسلا مية خطرا يهددهم فإن استبدادها  وغطرستها سيجرا ن إلى خطر أكبرليس على مستوى دول الجوار فحسب وإنما على مستوى الغرب ومصالحه في المنظقة .  

الانقلاب في مصر : سفاح غربي خليجي

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox