المسؤولية الاجتماعية للشركات "السهل الممتنع‟/خالد ولد الوافي |
الثلاثاء, 30 يوليو 2013 14:41 |
لا شك أن العالم اليوم يشهد تطورات جوهرية غيرت مسار التفكير في شتى المجالات وبالأخص في المجالين الاقتصادي و الاجتماعي، ولاشك أن غياب سياسات اجتماعية و اقتصادية واضحة المعالم في التعامل مع هذه التغيرات الجذرية قد يشكل حجر عثرة أمام تنمية مستدامة تقوم على مبادئ أخلاقية تحفظ للمقاولات ديمومتها وتمد يد العون للمجتمع ،متجاوزة بذلك النظرية الكلاسيكية التي تجعل المؤسسة تلهث وراء الربح و الربح فقط .وفي هذا الإطار اكتسب الدور الاجتماعي للشركات والقطاع الخاص أهمية متزايدة بعد تخلي الحكومات عن كثير من أدوارها الاقتصادية والخدمية التي صحبتها بطبيعة الحال برامج اجتماعية كان ينظر إليها على أنها أمر طبيعي ومتوقع في ظل انتفاء الهدف الربحي للمؤسسات الاقتصادية التي تديرها الحكومات، والتي تحقق في كثير من الأحيان إيرادات وأرباحا طائلة. وحيث كان من المتوقع مع تحول هذه المؤسسات إلى الملكية الخاصة وإعادة تنظيمها وإدارتها على هذا الأساس أن يتوقف دورها الاجتماعي، برهنت التطبيقات العملية لتجارب الخصخصة» الرائدة «في البلدان المتطورة أن الدور الاجتماعي والالتزام الأخلاقي للشركات ليس إلا استثمارا يعود عليها بزيادة الربح والإنتاج وتقليل النزاعات والاختلافات بين الإدارة وبين العاملين فيها والمجتمعات التي تتعامل معها، ويزيد أيضا انتماء العاملين والمستفيدين إلى هذه الشركات فصار الأمر أن هذه الشركات ضربت عصفورين بحجر واحد لتتواءم الجهود و الأهداف لتصب في بوتقة المصلحة المشتركة. وفي هذا المقال سوف نحاول طرق بعض الأبواب الأساسية في المسؤولية الاجتماعية للمقاولة التي تعتبر من أهم المواضيع الملحة لتصور حلول للكثير من المشاكل اليومية للمواطنين و التي لا يمكن للدولة فقط إيجاد حل لها، ففي موريتانيا لم تصاحب تجارب الخصخصة سياسات ناجعة فليست الخصخصة وحيا منزلا بل يجب أن تراعي خصوصيات الاقتصاد و المجتمع. وفي ظل هذا الاهتمام المتزايد وخاصة من العمال في المطالبة بمطالبهم والتوجه الجديد للخصخصة تبرز لنا معالم الحل الاجتماعي كحل من أنجع الحلول. وهنا تمثل المسؤولية الاجتماعية نشاطا من أهم الأنشطة في هذا العصر و يرتبط هذا النشاط ببعدين أساسيين أحدهما داخلي يتمثل في إسهام المؤسسة في تطو ير العاملين وتحسين حياتهم، والبعد الثاني خارجي ويتمثل في مبادرات المؤسسات في التدخل لمعالجة المشاكل التي يعاني منها المجتمع . ولئن كانت هناك وجهات نظر متعارضة حول تبني المؤسسة لمزيد من الدور الاجتماعي ، فإنه على العموم هناك اتفاق عام بكون المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة بحدود معينة تمثل عملية مهمة ومفيدة للمؤسسات في علاقاتها مع مجتمعاتها لمواجهة الانتقادات و الضغوط المفروضة عليها، ومن شأن الوفاء بالمسؤولية الاجتماعية تحقيق عدة مزايا بالنسبة للمجتمع والدولة والمؤسسة وأهمها ما يلي : بالنسبة للمؤسسة: - تحسين صورة المؤسسة في مجتمعها وخاصة لدى العملاء والعمال وخاصة إذا اعتبرنا أن المسؤولية تمثل مبادرات طوعية للمؤسسة اتجاه أطراف مباشرة أو غير مباشرة من وجود المؤسسة؛ - من شأن الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية للمؤسسة تحسين مناخ العمل، كما تؤدي إلى بعث روح التعاون والترابط بين مختلف الأطراف؛ - تمثل المسؤولية الاجتماعية تجاوبا فعالا مع التغيرات الحاصلة في حاجات المجتمع؛ - كما أن هناك فوائد أخرى تتمثل في المردود المادي والأداء المتطور من جراء تبني هذه المسؤولية. بالنسبة للمجتمع: - الاستقرار الاجتماعي نتيجة لتوفر نوع من العدالة وسيادة مبدأ تكافؤ الفرص وهو جوهر المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة. - تحسين نوعية الخدمات المقدمة للمجتمع؛ ـ ازدياد الوعي بأهمية الاندماج التام بين المؤسسات ومختلف الفئات ذات المصالح؛ - الارتقاء بالتنمية انطلاقا من زيادة تثقيف والوعي الاجتماعي على مستوى الأفراد وهذا يساهم بالاستقرار السياسي والشعور بالعدالة الاجتماعية. بالنسبة للدولة: - تخفيف الأعباء التي تتحملها الدولة في سبيل أداء مهمتها وخدماتها الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية الأخرى؛ - يؤدي الالتزام بالمسؤولية البيئية إلى تعظيم عوائد الدولة بسبب وعي المؤسسات بأهمية المساهمة العادلة والصحيحة في تحمل التكاليف الاجتماعية؛ - المساهمة في التطور التكنولوجي والقضاء على البطالة وغيرها من المجالات التي تجد الدولة الحديثة نفسها غير قادرة على القيام بأعبائها جميعا بعيدا عن تحمل المؤسسات الاقتصادية الخاصة دورها في هذا الإطار. وفي بلدنا العزيز لا يزال الدور الاجتماعي للشركات شبه غائب إن لم نقل أنه غائب غيابا تاما وهنا أذكر أصحاب الشركات بأن مؤسسة تلبي حاجيات مجتمعها ابتداء بالعمال ووصولا إلى الخدمات الاجتماعية العامة ستكون انجح و أكثر أمنا في ظل مجتمعات و أوضاع مضطربة يقول هنري فورد ₺مؤسسة لا تربح إلا المال مؤسسة فقيرة جدا‟. خالد ولد الوافي "إداري من السلك المالي متدرب في المدرسة الوطنية للإدارة‟ |