ليس من شيم الموريتانيين الوقوف مع القتلة |
الأحد, 25 أغسطس 2013 10:09 |
عبد الله السالم بن محمد يحيى حين تحرك الشعب السوري قبل سنتين ونصف للمطالبة بحقه الطبيعي في الحرية وأخذ رأيه في من يحكمه: كان الموقف الطبيعي المتوقع من العرب والمسلمين قيادات ونخبا وشعوبا أن يقفوا مع هذا الشعب ويدعموه في ثورته المباركة ضد نظام الحكم الطائفي الأقلوي التسلطي، فهذا الشعب العريق قدم للأمة العربية والإسلامية ما لم يقدمه غيره، وكلما كانت قيادة العالم العربي والإسلامي في دمشق أو حلب كلما حقق العرب والمسلمون الريادة في هذا العالم، مما يعني أن سورية هي قلب العروبة النابض ومصدر الانتصارات والفتوح الإسلامية، وهي المؤهلة أكثر من غيرها لقيادة الأمة، ومن يدرس تاريخ معاوية والوليد وسيف الدولة وصلاح الدين يتأكد من ذلك، ويعلم أنها تستحق حاكما غير عائلة الأسد. كم كنت أتمنى أن يصل صوت الشعب السوري الحر إلى بلاد شنقيط، وأن تنشئ القوى السياسية والمدنية هنا هيئة شعبية لنصرة شعب شقيق هو الشعب السوري، يكفي أن نعلم أن عقبة بن نافع الذي أوصل الإسلام إلى هذه الديار كان عاملا لخليفة دمشق الذي أرسله لهذه المهمة النبيلة. غير أن مما يؤسف له مواقف بعض السياسيين المحليين الذين اتخذوا موقفا معاديا للشعب السوري، وداعما لنظام الطاغية بشار الأسد. ووصل الأمر ببعضهم حد الذهاب إلى دمشق المحتلة للاجتماع بالطاغية والحديث أمامه عن دعم الشعب الموريتاني له، وإجراء مقابلات مع وسائل إعلامه التضليلية تصب في هذا المنحى؛ وهم في حديثهم عن الشعب الموريتاني يتجاهلون أنهم لا تمثيل لتشكيلاتهم السياسية داخل الهيئات المنتخبة، فليس لهم برلماني ولا عمدة ولا مستشار بلدي، فعن أي شعب موريتاني يتحدثون الغريب أن هذه الأحزاب أصبحت تصدر البيان تلو البيان دعما للأسد ونظامه الطاغوتي، ودعما لمرتزقة إيران الصفويين الداعمين له، وحين وقع انفجار الضاحية الجنوبية لبيروت التي يحتلها ما يسمى حزب الله ـ وهو انفجار يستحق الإدانة ـ سارع هؤلاء إلى إدانة التفجير، محملين المسؤولية عنه لما سموه العصابات التكفيرية، وهو الاسم الذي يطلقه إعلام بشار على الشعب السوري العظيم. غير أن هؤلاء يرفضون إدانة جرائم بشار، وآخرها مجزرة الغوطة البشعة التي نفذها بشار بالسلاح الكيماوي؛ كما أننا لم نسمع لهم موقفا من الانفجارات الإجرامية التي شهدتها مساجد أهل السنة في طرابلس الشام، والتي تشير أصابع الاتهام فيها إلى العصابات الصفوية الطائفية. الغريب أن الذين يقفون إلى جانب بشار في بلادنا يدعون أنه يمثل المقاومة وربما اعتبروا نضال الشعب السوري ضده حربا صليبية تخوضه الصهيونية ضد ما سموه محور الممانعة الذي انحصر عندهم في المثلث الصفوي (إيران ـ بشار ـ حزب الله). وربما لم يطلع هؤلاء على التاريخ القديم والحديث للمنطقة، والذي يؤكد أن هذا المثلث هو امتداد لتلك القوى الاستعمارية التي كانت وراء الوضع المتردي للأمة، وادعاؤهم اليوم حمل راية المقاومة هو من باب "ضربني وبكى وسبقني واشتكى". من يقرأ التاريخ جيدا يعلم أن أكبر هجمتين تعرض لهما العالم العربي والإسلامي في تاريخهما على الإطلاق هما الهجمة الصليبية والحملة المغولية. وكان لأسلاف المثلث الصفوي الدور البارز في تسهيل مهمتهما لمجرد الحقد الطائفي على الأغلبية السنية. فالحملات الصليبية جاءت بطلب من الدولة الفاطمية (التي كان يتباكى عليها حاكم عربي كان مناصروا الأسد فينا يعتبرونه قائدا لهم)، وقد تعاون أسلاف حسن نصر الله وبشار الأسد في بلاد الشام مع هؤلاء الصليبيين، وتآمروا معهم ضد الحكام السلاجقة السنيين، ويكفي أن نعلم قيام طائفة الحشاشين الشيعية المتطرفة باغتيال الأمير مودود في دمشق عقب معركة انتصر فيها على الصليبيين، وتآمر بعض المتشيعين على صلاح الدين الأيوبي هازم الصليبيين. أما المغول: فيكفي أن نعلم دور ابن العلقمي في سقوط بغداد لاعبا الدور الذي لعبه اليوم نور المالكي وملالي طهران في تمكين الأمريكان من العراق، الذي سبق للمغول أن قاموا فيه بمذابح غيرت الواقع الديمغرافي له مما حول العرب السنة من أغلبية فيه إلى أقلية خدمة للأجندة الطائفية لابن العلقمي، الذي كان ـ للمفارقة ـ وزيرا للخليفة السني، ومع ذلك يخرج علينا بعض النخب اليوم ليتهم السنة بالطائفية لمجرد أنهم يرفضون الولاء لملالي طهران والتصفيق لحكم عائلة الأسد الطائفي الذي يريد أن تهيمن طائفة لا تصل نسبتها إلى 10% على الشعب السوري. ومن يقرأ التاريخ الحديث يدرك زيف الممانعة الذي يتستر به الثلاثي الطائفي، فعلى سبيل المثال حينما قررت فرنسا تقسيم الجزء السوري الذي خضع لانتدابها بعد الحرب العالمية الأولى إلى دولتي سوريا ولبنان: قام عملاؤها في منطقة الساحل السوري، الذين كانوا سندا لها في احتلال البلاد بعريضة ذات نزعة طائفية طالبوا فيها بمزيد من تقسيم سورية، وبإقامة دولة نصيرية شيعية في الساحل السوري، ومن بين الموقعين عليها سليمان الأسد جد بشار الأسد، فكيف نقول بعد هذا أن بشار الأسد وعائلته هي صمام الوحدة الوطنية. وحين اندلعت حرب 67 كان حافظ الأسد وقتها وزيرا للدفاع، فأعلن سقوط مدينة القنيطرة قبل أن تسقط، وسلم الجولان للصهاينة دون إطلاق رصاصة واحدة، ليجعل من سقوط الجولان مبررا لانقلابه العسكري عام 1970 ومن ثم لم تطلق رصاصة واحدة على الكيان الصهيوني من تلك الجبهة إلى الآن، وانخرط نظامه في الحرب التي شنتها إيران على العراق، وقاتلت قواته مع الأمريكان في حرب الخليج الثانية، وخاض مفاوضات سلام مع الصهاينة كادت تؤدي إلى كامب ديفيد ثانية لولا وصول نتنياهو الأكثر تطرفا إلى سدة الحكم في دولة الاحتلال اليهودي، ولا شك أن نظاما كهذا ليس نظام ممانعة، حتى إنه لا يرد على الغارات الصهيونية المتكررة داخل سوريا، بل يوجه آلته الحربية الظالمة ضد الشعب السوري المنتفض. إن الموريتانيين لا يمكنهم ـ وهم الملتزمون بدينهم الإسلامي ومذهبهم المالكي السني وبغضهم للظلم والعدوان ـ أن يساندوا نظاما كهذا النظام. لهذا فاللائق بنا معشر الموريتانيين أن نرفض كل ظلم وقتل مهما كانت إديولوجية النظام الذي يقوم به سواء اتخذ الغطاء القومي كما هو حال نظام الأسد، أو الغطاء الإسلامي كما هو حال نظام طهران، أو الغظاء الليبرالي كما هو حال نظام السيسي، فما كان من شيمنا مناصرة القتلة والظالمين.
|