عبثية فصل وزارات التعليم:
الخميس, 19 سبتمبر 2013 15:07

 

بقلم: الصبار ولد مالك

استاذ

قرأت في بعض  المواقع الموريتانية أن عددا كبيرا من مكونات الأسرة التربوية أعرب عن ارتياحه وبهجته بالقرار الأخير الذي اتخذه رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز؛ وذلك بالفصل بين وزارات التعليم؛ العالي؛ والثانوي؛ والأساسي.. والشيء الذي لا يفهمه الخارج عن القطاع أن فرحة هؤلاء لست إلا عبارة عن طمع في المناصب التي ستتولد عن الهيكلة الجديدة وليست فرحة بإصلاح التعليم لأن التعليم لن يصلح مادام القائمين عليه يخططون ويهيكلون القطاع للحصول على المناصب.فمثلا مفتشو التعليم الأساسي والمعلمون يريدون أن تخصص للتعليم الأساسي وزارة خاصة به ليكون منهم المدراء المركزيون ورؤساء المصالح المركزية وليكون منهم 14 مديرا جهويا  و55 مفتشا مقاطعيا و56 رئيس مصلحة جهويا وو224 رئيس قسم وضعف ذلك عدة مرات من الموظفين المكتبيين والمستشارين التربويين.

وينطبق نفس الشيء على الوزارات الأخرى: التعليم الثانوي، التكوين المهني والتعليم العالي؛ وهذا يعني أن كل فئة من سلاك التعليم تريد أن تستحوذ على نصيبها لكي تشغل المناصب الشاغرة فيها وبالتالي تتمتع بالتحفيزات والعلاوات المعتمدة في ميزانية تسيير القطاع المعني. إن هذا في حد ذاته يعبر عن الفساد الذي ينخر جسم المنظومة التربوية فبدل أن يكون الهدف التركيز على مكتسبات التلاميذ وتحفيزات  المدرسين الميدانيين من الطاقم التربوي، فإننا سمعنا خلال السنوات الماضية الكثير من الأصوات المرتفعة التي تطالب بإصلاح التعليم رغم أن الفاسد ليس التعليم وإنما تلك الأصوات التي ترمي من وراء تلك الجعجعة الحصول على الامتيازات المادية التافهة عن طريق الدعم المخصص  للنقابات والمنظمات الغير حكومية المهتمة بالتعليم ومشاكله وهي في الواقع بعيدة كل البعد عن التعليم وهمومه ولا يربطها به إلا شعارها .

 ففرحة المعلمين العارمة بالقرار الذي يقضي بفصل التعليم الأساسي عن التعليم الثانوي؛ وتخصيص وزارة خاصة للتعليم الأساسي؛ واعتبارهم لتلك الخطوة مساهمة في إصلاح القطاع والنهوض به في أسرع وقت ممكن ليست إلا وهما وسرابا، لأن إصلاح التعليم يبدأ بإصلاح الكبار بدل الصغار؛ يعني القائمين عليه بدل الأطفال.

والحقيقة المرة هي كون المطالبين بتثمين خطوة الفصل والذين نالت إعجابهم من الأساتذة والمعلمين والعاملين في قطاع التهذيب بمختلف  توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية –إن وجدت-  ليسوا إلا أصحاب مطامع في تعيينات تساعد صاحبها على اجتياز هذه الفترة الصعبة عن طريق أكل المال العام بطبيعة الحال.

  هذه المسألة قد تكون غائبة عن الخارجين عن الحظيرة التعليمية المغلقة ولكن العارف، مثلي، بالتعليم ومشاكله يدرك هذه المسألة بجلاء؛ فالغبي إذا قارن التعليم الحر بالتعليم العام فسيجد فرقا شاسعا بين الاثنين؛ حيث يسجل التعليم الحر نتائج ايجابية   بينما يسجل التعليم العام نتائج سلبية لكون التعليم الحر يسوق المعارف والمكتسبات للطبقة الغنية، ويعتمد على مبدأ الأخذ والعطاء ويبتعد عن السياسة والمنظمات، والتعليم العام فلا مدافع عنه لأن المبتلى به هو الفقير وابنه.

 إن انجح فترة مر بها التعليم – في نظري - يوم كانت هناك وزارة التهذيب الوطني، يوم لم تكن هناك نقابة أو منظمة غير حكومية، يوم لم تكن هناك ميزانيات للتسيير، يوم كان المفتش يركب جملا أو حمارا لكي يفتش المدارس التابعة له غير مفكر في ميزانية ولا مخصصات مهمة ولا وقود سيارة.

فما فائدة أربع وزارات لقطاع لا يمثل شيئا مقارنة بالدول الأخرى؟ هل يمكن أن يكون كل معلم وكل أستاذ مديرا مركزيا أو جهويا أو رئيس مصلحة؟ من سيدرس الأطفال؟ إلى متى ستظل موريتانيا البلد الذي يتحايل عليه أبناؤه؟ متى سيفصل التعليم عن السياسة والمتكسبين بها؟

 

عبثية فصل وزارات التعليم:

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox