قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه!/أحمد ولد بزيد
الأحد, 29 سبتمبر 2013 10:19

أبتليت - وأيم الله - بالوفير من العقد النفسية أو النفسانية - إن استقامت العبارة - ولكن حبيت - والحمد لله - بشطارة ارعواء إلى الحق حين بيانه وحال جلائه، فصارت هذه بتلك، والنعمة نظير النقمة، وهذا من فضل مولاي كثير.... من عقدي الكثيرة الجلى المستعصية ما أحسه دوما في داخلتي من محبة ونقمة - في آن معا- لوطن انتمي إليه، ويمكن لمن هو أكيس مني وأهدى سبيلا أن يبدل عبارة النقمة هنا بكلمة الشفقة، فيستقيم وزن التعبير. إن هذه المتوازية صارت حادية لي في أغلب الأحيان إلى تناقض به مسٌ من "لا وطنية" كما يخيل إلي بعض المرات، وأجد البرهان على هذا، ذات المس من كرامة موريطانيا والنيل من شرف عرضها المصون، فيقوم البعض مقام الذابة عنها، وأقوم أنا مقام المتخلف القاعد المتولي يوم الزحف، المبتلى بإحدى الموبقات السبع، ولا أعرف السبب!! وقد حدث الأمر عينه منذ أيام حين كتب الصحفي المغربي ياسين عدنان مقاله الجميل الرائع عن زيارته ل "نواق الشط" أو "نواكشوط" كما في قراءة أخرى، وهو مقال مبين لطيب نقيبة الرجل، وحصافته في درك الملاحظة، وبه كذلك شيء - وإن قل - من عفوية.  قرأت المقال بعين المحايد المتأني، فوجدته عكس ما تصفحت في صفحات ومواقع بعض الموريطانيين الناقمين عليه! وجدته أقرب إلى المادح من الذام! فعجبت من الضعف الكامن في طوية الضعفاء! والاستعداد الفطري للعب دور الضحية بالنسبة لقبيل الذين يعانون عقدة النقص.

altaltكثيرون شنعوا على الرجل، وقالوا عنه ما لم يقله مالك في حبيبة الحسن ابن هانئ، رأيت أشياء من ذلك على صفحات الفيسبوك، قبل أن أرى نص كلام الرجل دون وصف ولا تعليق، وحينها أنكرت قول شانئيه، - فلعمر الله - لقد قال صوابا، وأبان حقا.... فما ذكره من وصف حال الرحلة إلى موريطانيا في مطار محمد الخامس بالدار البيضاء إلا حقا، وما قاله عن الشيخ وتلميذه الجالسين معه في الطائرة إلا صدقا، وما أفاده من أمر الحمار الحرون جنب المطار إلا صرف الحقيقة وصريحها، وهل في كلامه عن شوارع "نواق الشط" ومستنقعاتها واتربتها مراء؟ وأي بهتان اعترى - يا فداك نفس - مقارنته بين مدينة "نواق الشط" ومدن المغرب؟  أما أمر الصحافة فالله يشهد إنه لصادق فيه، ولعل التشنيع أتاه من هذه، خاصة أن أكثر من تناوله بالرد والتسفيه والمباينة في الرأي هم من الصحفيين المحبين ل "نواق الشط" أجمل وأروع مدن الله على أرضه. إن الصحافة في موريتانيا ليست مهنة لمن أرادها فقط، بل هي أيضا مهنة لمن لم يحظ بوظيفة يسد بها قوامه، فأيان ذلك يقول له شيطانه: كن صحفيا فيكون، دون روية، ومن غير دراية لمتطلبات الحقل والأخذ بالشروط الناظمة للممارسة، أما الشهادة المؤهلة فالله في عونها، ويعلم العليم أني كمنتمٍ للصحافة - كرها- حدث معي الأمر نفسه، فقررت - لما لم أجد في الأرض منأى للكريم - أن أكون صحفيا دون أدنى مؤهل فكنته، وفي كنته الخلف انتمى، ولما أصل لحد الساعة إلى مستوى الصحفي بمواصفات ياسين عدنان، رغم مرور سنوات وسنوات وأنا من أصارع الانتماء في معاشر "الصحافة" إني لأعجب من حميتكم هذه، لوطن تعلمون حقيقته، وقل يوم إلا وتنشرون من مساوئه ما الله به عليم، وعندما يزوره زائر، ويكتب عن انطباعته ومشاهداته ومفاجئاته ومعاناته، تثور ثائرتكم وتجهلون عليه فوق جهل الجاهلينا، هل تنتظرون منه أن يصف "نواق الشط" بغير نعتها الذي ملأتم به أنتم صفحات المواقع والفيسبوك؟ أم هل تتوقعون منه أن يدع مقاله غفلا من ذكر وذكرى كل مستقبليه في "نواق الشط"من همل المعز والحمير السائبة؟ وهل ينسى مشهد صحفية تتكلم على الهاتف ريث كلام المحاضر؟ أم أنكم ترجون منه أن يصف "نواق الشط" بما وصف به أبو البقاء الرندي مدائن ومداشر الأندلس، لأنكم بلد المليون شاعر!! لقد غرتكم الأماني وغركم ب"نواق الشط" الغرور!!

كتب ياسين عدنان وكتبت هويدا طه... وغدا سيكتب غيرهما من فواتح سور الصحافة، وتظل كتابات هؤلاء الزوار ل"نواق الشط" تترى.... ولا شك لن تأتي بحميد الذكر وحسن القول عن شرف وعرض مدينة "نواق الشط" ما لم يتغير حالها، وتنحاز بفعل معجز إلى عداد شبه أقل مدن العالم رقيا ورفاها وجمال بناءات. لم لا تصبون جام غضبكم هذا على مدينتكم وتلقون عليها باللائمة، وتبكون حالكم، وتقشعر منه جلودكم لتلين قلوبكم إلى ذكر أسباب استباحة غيبة "نواق الشط" من قبل زوار الصحافة.

الحمية وسرعة النزال لصراع ياسين عدنان وغيره ليست هي مطلب الحال المفضي إلى عبور مرارات الواقع المزري، لتنتهي فصول القصة بالنسبة لكم بتعليق منفعل يحظى بإعجابات دهماء وسوقة الفيسبوك!! إنما مناط الأمر النظر بعين المراجعة لأبعاد الإشكال، والبحث في إيجاد الحلول للحؤول دون تكرار انطباعات طه وياسين وغيرهما. إني لا أرى أن ياسين عدنان لو رأى ردودكم عليه إلا وسيرد عليكم بداهة بمطلع يتيمة ابن زريق البغدادي: لا تعذليه فإن العذل يولعه..قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه.

قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه!/أحمد ولد بزيد

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox