الشيخ محمد النحوي .. رائد مدرسة التربية والسلوك ح 1
السبت, 26 أكتوبر 2013 17:46

الشيخ محمدو النحوي رحمه اللهالشيخ محمدو النحوي رحمه اللهيقول مولانا الشيخ محمد الحافظ النحوي معددا بعض خصال الشيخ الوالد:"وجهتكم مولاي باب الحضرة أمين سرها وشمس الفيضة وجهتكم لربنا ياأبت لما لكم من سر باء النقطة وما لكم في الشيخ من محبة بها سبقتم أسود النخبةومالكم من الوفاء المثبت لعهد "كوسي" يا لتلك الصحبة وما لكم من خلق وحكمة وما لكم من رتبة مخصوصة

وما لكم من نسك وقربة وما لكم من حجة وعمرةوما لكم بذا الورى من رحمة وما لكم لنفعهم من أهبةوما جلبتم لهم من نفحة وما أزحتم عنهم من كربة وما لكم بالمصطفى من أسوة تبارك الرحمن رب العزة وجهتكم مولاي أنتم عدتي لما يهمني بكل لحظة والقائل احفظه لنا في سعة بطول عمر وازدياد عزة وصل يا مولاي كل لحظة على المراد مظهر الحقيقة".

وبعد،طلب مني الأحباب في رابطة شباب باب الفتح كلمة في الجلسة الافتتاحية لنشاطاتهم الصيفية لسنة 1434هـ (2013م) التي نظمت في قرية باب الفتح – الواقعة جنوب موريتانيا- خلال الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر (2013م) تحت عنوان "عشر سنوات على رحيل الشيخ النحوي."وأشكر بهذه المناسبة سيدي وقرة عيني أحمد – منة بن حافظ الذي شرفني بطلب مداخلة حول سيرة والدنا الجليل وشيخنا الأبر الشيخ النحوي.

وقد شاركت بكلمة مقتصرة في الجلسة الافتتاحية رأيت أن أوسعها قليلا للتذكير بجوانب من السيرة العطرة  والخصال الحميدة والشمائل الكريمة لشيخنا ووالدنا ومربينا القطب الرباني  الإمام الجليل فريد عصره وشمس زمانه في التربية والسلوك ورائد مدرسة الإيثار وخدمة عباد اللـه .. معرجا على بعض المواقف التي عايشتها وشاهدتها من حياة الشيخ ومنهجه في الحياة أما حياة الشيخ التفصيلية فلست أهلا للتصدي لتدوينها، إنما هي وقفات ولمحات تربوية من حياة الشيخ الوالد لعل اللـه ينفع بها الأبناء والأجيال الصاعدة.

أعرف بحمد اللـه بأن لكل من الأبناء والمريدين قصصا ومواقف مع الشيخ الوالد وأخص تحديدا سيدي محمد الماحي وسيدي الحاج بن الحاج والشيخ ولد الطالب الذين لازموا الشيخ لعدة سنوات  في بعض أسفاره خاصة إلى الحجاز، فضلا عن أحبابنا الأجلاء الذين لزموا غرزه في موريتانيا في السنوات الأخيرة من حياته مثل الوالد المصطفى بن انقاري وسيدي/ سيدي محمد بن الحنفي وسيدي / محمد بن الزين وسيدي/ عبد اللـه بن محمد يحي وسيدي العيد ولد إميجن وغيرهم كثير..محمد الكريم شيخنا الأبر يا بدر عصره ويا غوث البشرجئنا حريمك حفاة والوطر   غفران ذنبنا و إنزال المطراختص اللـه الشيخ بأول الخصال التي يجود بها على الخواص من عباده ، فقد شب في طاعة اللـه ، قال صلى اللـه عليه وسلم : ( سبعة يظلهم اللـه بظله يوم لا ظل إلا ظله ، ... وشاب نشأ في طاعة اللـه ).

اشتغل الشيخ في سن مبكرة بحفظ القرآن وتلقي العلوم الشرعية وعلوم الآلة السائدة في عصره وأخذ من كل ذلك بالنصيب الوافر ومن أشهر مشايخه بعد الوالد الزاهد الناسك الورع العابد المستغرق في ذات الحق البكاء من خشية اللـه والدنا اباه رضي اللـه عنه وأرضاه  أبناء القاضي المرابط بن أحمد فال التندغي ، الذي قال فيه الزجال :لمرابط ولد أحمد فال   ما كيف حد أسو منهفمتثال القال الفعال  واجتناب الناه عنه وهكذا هو حال الشيخ الوالد رضي اللـه عنه.

وتاقت نفس الشيخ في سن مبكرة إلى أخص علوم القوم . هاجر الشيخ عن الأهل والوطن في رحلة عظيمة مع الوالد، عمنا عبد الوهاب ليكون على موعد مع مرحلة فاصلة من التاريخ  ليقابل شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم نياس في منطقة سين سالم بالسنغال.تعرف شيخ الإسلام على الفتى الأديب وانتخبه نديما له واختصه بغرفته وصار هو مضيفه يتذاكران في علوم وأذواق وإشارات  لا يحتملها إلا الرجال الخلص ممن ذوي الهمم العالية.

وكان ذلك مع بداية إرهاصات ظهور الشيخ إبراهيم وانتشار الفيضة.ويعود الشيخ إلى الحي إلا أن سلطان المحبة يعيده قهرا إلى الشيخ لكن هذه المرة ليس نديما أو ضيفا وإنما مريدا بائعا نفسه سابقا بالخيرات يبحث عن مقامات الرجال من أهل اللـه الكمل ..ويستمر الشيخ الوالد سنوات يتربى لا يفارق شيخه وعندما ألح عليه الشيخ للعودة إلى الوالدين لم تطاوع الشيخ الوالد نفسه بمفارقة الشيخ. وبعد الإلحاح يغادر الشيخ الوالد إلى البلاد لكنه ما سار إلا قليلا، ثم يجد نفسه يجري خلف الشيخ وموكبه فيقول الشيخ لأصدق مريديه سيدي علي سيسي انزل عن الحصان ويكون الحوار عن الفرق بين ترقية معنوية لسيدي علي سيسي مقابل ترقية حسية وأخرى معنوية للشيخ الوالد...فشهور بالقرب منكم ليال وليال من بعدكم أعوام لم ينتهج هذا النهج ولم يسلك هذا الطريق عن قلة وإنما بحثا عن الخصوصية والفضل الخاص الذي ستره اللـه ولم يكشفه إلا للخواص الخلص من عباده ، فالشيخ نشأ في بيت علم وصلاح ومجتمع تزكية ، لكن ذلك لم يثنه  عن البحث عن الحق دون النظر إلى أي اعتبارات اجتماعية أو جغرافية ،  ولم يتكل على النسب أو الحسب وسار على نهج أسلافه يبني كما بنوا ويفعل فوق ما فعلوا

:قال عبد اللـه بن معاوية بن عبد اللـه بن جعفر  لسنا وان كرمــــــــــــــــــت أوائلنا  *يوما على الأحساب نتكـــــــــــــــل

نبنى كما كانت أوائلنـــــــــــــــــا *   تبنــــــــــــــــي ونفعل مثلما فعلــــــــــوا

بل "فوق ما فعلوا"

أبت له همة علياء طامحة    إلا التسامي حتى يبلغ القمما

وخلال تلك الرحلة الميمونة لم ينس الشيخ الوالد خله ورفيق دربه السيد الشيخان بن الطلبة رضي اللـه عن الجميع ، يقول فضيلة الشيخ أحمدو الشيخان واصفا ذالك التواصل :" ولما أراد اللـه أن يصل به إلى ما هيأه له وأن ينجز به أمرا كان قدره ، وصلت إليه رسالة من حبه الأوفى وراحته اليمنى وخله الأسمى ثاني وجوده وعيبته وقرينه ومحل أنسه وأنيسه ، خازن سره ومحل وده وحافظ عهده ، الماجد الأرضى والسابق المرتضى ، خاتمة المحققين وفاتحة أهل اليقين الشيخ الأكبر والبدر الأنور سيدي محمدو بن النحوي رضي اللـه عنه ، كتب له فيها من جملة ما كتب :عاعيت لو ينفع  العيعاء       يا عنز هذا شجر وماء

وهو بيت قديم لأعرابي ، وجد  الشيخان فيه من التصريح بالعبارة والتلميح بالإشارة ما جعله كلما قرأه تواجد تواجدا شديدا وذرفت عيناه من الدموع المزيد..."ويلتحق بالقافلة الميمونة  جمع غفير من أهل الفضل من أمثال العارف باللـه الشيخ محمد الحافظ بن محمد علي والشيخ الهادي بن السيد بن مولود فال والشيخ محمد المشري والشيخ محمدن بن أحمد الطلبة والشيخ عبد اللـه الإيجيجبي والشيخ محمد عبد اللـه بن المرابط والشيخ عبد الله بن المفيد والشيخ المرايط بن دهاه والشيخ محمد ناجي بن الغابد والشيخ محمد عبد اللـه بن السيد والشيخ محمد الحافظ – المرابط بن أحمد عبد الودود والشيخ أحمد محمود بن بيد والشيخ محمد الأمين الجكني والشيخ وجاه بن الرباني والشيخ عبد اللـه ساخو والشيخ محمد فال بن دهاه والشيخ عبد اللـه دياه والشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم والشيخ محمدن ين مون والشيخ منه بن عبدي وكثيرون غيرهم.

كسب الشيخ من هذه الرحلة مكاسب يخرج بعضها عن قياس الزمان والمكان فقد سبق إلى باب الفيضة وسبق إلى الفتح الأكبر وسبق إلى الذكر بالاسم المفرد وسبق إلى فتح باب المعارف ليغرف كل حسب إنائه ولينفق كل ذي سعة من سعته .

.يقول شيخ الإسلام عن مكانة الشيخ الوالد : " لولاك ما عرفتهم ولا عرفوني".استمر الشيخ الوالد مع شيخ الإسلام في رحلة تربية يرتوي من المعارف وينهل من علوم رجل الطائفة الذي لا يعرف في الدنيا والأخرى.تربى الشيخ الوالد مع ذلك الجيل من الأكابر في ظروف صعبة فالزمن شدة وأزمة مالية عالمية ( آثار الأزمة الاقتصادية العالمية  1929م) وكان شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم، يطمئنهم :أراكم ملوك الأرض لا شك فازهدوا     فذا الملك ملك لا يباع ولا يشرىوتحقق لهم ذلك الوعد ورزقهم اللـه قبولا لدى عباده وخلقه وعزة ورفعة عندهم. كانت الرحلة شاقة والزمن زمن ضيق وشدة ، لكن الأمر في النهاية يستحق كل ذلك العناء والتعب لأنه الوصول إلى اللـه من أخص أبوابه.وإذا كانت النفوس كبارا    تعبت في مرادها الأجسام يقول سيد الشيخ الخليل النحوي : يا حضرة بصفات الحق  تتصف 

  فما لها حول عنه ولا جنف

من صفوة من عباد اللـه أخلصهم 

   للذات فائتلفوا فيها وما اختلفو

اتعرف الحق فيهم وهو خالقهم 

    وصانهم عن بني الدنيا فما عرفوا

فهم شموس وإن جن الظلام وهم  

 لمن درى درر من حولها صدف

لكم مع الحق عهد لا يضــيعه  

وشأنكم أن تصونوا عهده وتفوا

أتذكرون وشمس الليل طالعة   

أيام كنتم وكوسي روض أنف

وكان عيبتكم فيها وكان لكم 

  حاد يسير بكم سيرا ولا يقف

سقاكم الكأس ساقي الكأس مترعة 

  هيهات تنفد بل هيهات تنتصف.

ربح البيع يقول شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم معرفا بنفسه في روح الأدب:ولا يغرنك بحفظ النظم  كوني صغيرا في بلاد العجم فاللـه يختص بفضل من يريد واللـه ذوالفضل العظيم والمزيد فليس يكسب سواد الجسم بلادة الفتى وسوء الفهم وهذه نماذج من ثناء بعض العلماء الشناقطة على شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم انياس يقول موناك التندغي قطب التيجانية الشهير وتاجها  وإمامها وجدودها تيجانهاذو الر تبة العليا التي تنحط عنــــــــــها العارفون ولو سما عرفانها فبه الشريعة قد تمكن صيتها@ وبه الحقيقة قد سما بنيانهاكلتاهما لولاه أقفر رسمها بين الورى وتدكدكت أركانها.

ويقول العالم الشيخ محمد بن أبو مدين الديماني:إلى الشيخ إبراهيم كنز المعارف

وغارف قدر غاب عن كل غارف

وغارف جمات المكارم والتقى

 من آبائه الشم الكرام الغطارف

إمام هدى ما زال للعلم ناشــرا

 وما زال يعطي ماله للمصارف .

ويقول العلامة القاضي محمد علي بن فتى:برينة بقعة خير زاده اللـه ناء عن السوء، ليس السوء يغشاه وظيفة الشيخ جاءت عنده وبخ وحافظ العصر فيه كان مثواهوفيه أبناؤه منهم خليفته        وفيه قطب الرحى فاللـه يرعاهوبضعة الشيخ زارته وزار أبو إسحاق لا شيخ بعد الشيخ إلا هوويقول أستاذ الجيل العلامة (اباه) بن عبد الله :رعيتَ

أبا إسحاق والبيت والمسعــى == رياضــــا من العرفــــان طيبة المرعى

وإنك أسمى القــــوم مجــدا وسؤددا == وأعظمهـــم نهجــــا وأسبغهم درعـا

ومــــــن كان منصوبا لخيــــــر خلافـة == بفتـــح وذاك الفتح أكسبـــه رفعــــا

فيكفي الثريا أن تـــــــداني علـــــوه ==وحسب الحُميـــا أن تحاكيَــــــه طبعـا

حوى كرما من شاسع المجد لن ترى == كُراعا يوازي اليــوم من نعله شسعـا

وموعظة لـــــو باشـرت جُلمــــدا غدا == لصولتها الجلمـــود يستهمل الدمعــا

أيا قارئ القــــــــرآن متقـــــــــن فنه == وقارئــــه سبعــــا وقارئــــه تسعــــا

ويا منهــــــــل العاني وغيث نوالـــــه == ويـــا كاشفا ضــــــرا ويا جالبا نفعـــا

ويا كعبـــــــــة الآداب يـــــا من ببابــه == يطوف مريد الخير شوطا كما يسعى

تفردتَ في جمع المكــــــارم والعُلى == فقـــد شملت علياؤك الفردَ والجمعا

وجددتَ علم الشرع من بعد ما عفــا == وكاد ظلام الجهــــل أن يهدم الشرعا

فللـه آيـــــــــات تبرقــــع ســــــــرها == كشفت لنـــا من دون عزتها النقعـــا

فإنـــــك بـــدر ما فقـــدنا لــــه سنىً == وإنــــــك وتـــر مـــا وجدنـا لـه شفعا

أيـــــا راكبــــــا وجنـــــاء تقصـــد بابه == وسرعان ما تفري الفلا دونه سرْعى

فقف واستنر من رســم باب علومـه == وإن كنت ذا شمْــع ألا فاطفإ الشمعا

ومن لم يقــــل فيكـــــم مقالي فإنه == قد استوجب التقــريع والزجر والردعا

إليك بهــــــــا حسنــــاء طيبـــة الثنــا == مهــــــــذبة غــــــراء عاتبة فرعـــــا

تراعي حقوق الود منكم وفي سوى == مسارحكــــم تأبى وتأنــف أن ترعى

هي اللب في أذْن اللبيب وفي الحشا == يُخيَل لي من سحرها أنـــها تسعى

يتواصل

 

الشيخ محمد النحوي .. رائد مدرسة التربية والسلوك ح 1

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox