في ذكرى رحيل الداه ولد الطلبه
الثلاثاء, 29 أكتوبر 2013 11:52

الهادي ولد المنيرالهادي ولد المنيرفي مثل هذا اليوم قبل عقد من الزمن رحل الشيخ الوقور: الداه ولد الطلبه رحل "الأستاذ الكبير الموجه الدال المرشد الناصح بقية السلف الصالح وغرة الخلف، من لم تزل عادته الدعوة إلى الخير والدلالة عليه بالحكمة والموعظة الحسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ما أصاب مستعملا في ذلك نظمه الرائق ونثره الفائق واضعا الهناء في موضع النقب، متحريا موضع الداء في المجتمع بالدواء الناجع والنصح بالقول البليغ النافع دون مس شعور أحد، ساعيا جهده في جمع كلمة المسلمين بالدعوة إلى الأخوة والتراحم والتعاطف والتنفير من كل ما يدعو إلى التفرقة والتباعد والتخالف" كما وصفه بذلك العلامة "اباه ولد عبد الله" ووافقه عليه العلامة الراحل "بداه ولد البصيري".

رحل الشيخ: الداه ولد الطلبه عن عمر ناهز الثمانين عاما طوى صفحات أيامها بالنصح والإرشاد وديوانه الشعري (الحساني) خير شاهد على ذلك فقد جعله عدسة راصدة لأمراض المجتمع والمظاهر السيئة التي تظهر فيه فجعله وثيقة من خلالها يمكن للباحث الاجتماعي أن يترصد بعض السلبيات الاجتماعية وكيفية علاجها من خلال رؤية صاحب الديوان الفكرية والاجتماعية فقد تناول ديوانه مختلف جوانب الحياة: بدأه ببيان صلاحية الإسلام لكل زمان ومكان، وتناول النقد السياسي لتصرفات مسئولي الدولة: التحايل على المال العام، وإهمال العمال لأعمالهم، والإسراف في تأثيث المكاتب، واحتجاب المسئولين عن المواطنين، ونقد أن أسرة الحاكم تصبح حكاما ما دام في الحكم. إضافة إلى التوجيه الديني من نصح للقضاة، وحكم التيمم وإنكار اقتحام الفطر بتصور الأعذار، وإنكار الاختلاط بين النساء والرجال. كما تناول فيه مواضيع أخرى ذات أبعاد اجتماعية: مثل حوادث السير، وتضييع الوقت، وتأثير الاختلاط بالسياح على أخلاق الشباب، وتأثير التحزب السياسي على العلاقات الأخوية بين أفراد المجتمع إلى غير ذلك.

وقد جاءت كل هذه المواضيع في عبارات سلسة وكلمات قريبة لها وقعها الخاص في النفس.

أزجى الراحل نصحه للجميع وقال بأنه فعل ذلك اقتناعا منه بأن جميع الأمة الموريتانية مسلمون وأنه يحرص على بقائهم كذلك كما يحب لنفسه، وأنه ينصح من لا يرى هذا الرأي بأن لا يخاطر بإسلامه بالطعن في إسلام الآخرين بتأويلات بعيدة واحتمالات سخفيفة وتصورات خاطئة، فليس فيهم على الإطلاق من شرح بالكفر صدره، بل كلهم قلبه مطمئن بالإيمان مهما كانت تصرفاته والتصورات عنه.

عاش الراحل مرشدا معلما للنشء من خلال أنظامه وكتاباته، شارك في تأليف الكتب المدرسية التي كان يصدرها المعهد التربوي. وكان من الدعاة إلى التخلص من تبعات الاستعمار ومخلفاته الفكرية والثقافية، والتمسك بالثقافة الإسلامية، عاضدا على الاعتصام بنهج الله وصراطه المستقيم ناصحا بالصمت عن الشر ودوام الذكر.

صمتك عن شر أعز مفخر    لكن عن الذكر ضياع العمر

عمر به الساعات والدقائقا     كي لا تكون بعد عبدا آبقا.

 

هذه أسطر لا تفي الراحل حقه ولكنها تذكير لمن هم بالراحل أدرى وعلى الكتابة مني أقدر أن يستذكروا ما غاب عني من أخباره وما فاتني من أحواله، "فالناس موتى وأهل العلم أحياء".

 

الهادي بن المنير بن الطلبه

 في ذكرى رحيل الداه ولد الطلبه

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox