مقاطعة تجكجة : بارونات المال والجاه إلي أين ؟ |
الجمعة, 01 نوفمبر 2013 16:54 |
تعيش مقاطعة تجكجة كما هو حال أغلب مناطق الوطن حمي الانتخابات القادمة التي يستوي المقاطعون والمشاركون في القناعة بعدم جدوائيتها لكونها ستجري في ظروف يعيش فيها البلد إحدى أسوأ وضعيات تاريخه الحديث , ومع أنه في تجكجة يغيب فاعلون محليون كبار بلغة سياسة الجاه والمال من أمثال شيخ المقاطعة وبعض رموز الأنظمة السابقة إلا أن ذلك لم يمنع من توقع أن يكتسب المشهد بعض حرارته ولو في حدودها الدنيا في مدينة كانت إلي عهد قريب إحدى أهم قلاع السياسة الوطنية رغم بساطة حجمها الانتخابي إذا ما قيست بمدن أخري . تجكجة تدخل الحراك الجديد وعيون بعض أبنائها علي ما اعتبر أنه استهداف مخطط ومقصود واجه به الجنرال أطرها وأبناءها النافذين بعد انقلابه علي رئيسه الصوفي المقرب لأهل المدينة , ومع أن شعبنا ضعيف الذاكرة وينسي بسرعة أخطاء السلطة إلا أن الطريق لن تكون ممهدة أمام مرشحي الاتحاد من أجل الجمهورية فالحواجز النفسية سريعة التشكل ولكنها بطيئة الذوبان خصوصا إذا ما تداخل في تشكلها السياسي بالروحي , واصطدم فيها القبلي بالجهوي ,
وإذا ما توفر لخصوم الاتحاد من أجل الجمهورية الحد الأدنى من النباهة السياسية التي تمكنهم من التقاط نأمة الحراك عند ولادتها وهو أمر متوقع لأن أغلب الفاعلين رغم محدودية إمكاناتهم يستطيعون إدراك الفارق بين الهمس والصراخ .... ويدركون أن مواجهة مرشحي السلطة في المجتمعات الأهلية تحتاج كثيرا من الميوعة والدهاء خصوصا وأن الحزب الحاكم قد دفع علي مستوي النيابيات بأقوى رجالاته مستثمرا تحالفا قويا ومرعبا أحيانا بين سلطان المال وسلطة الجاه , وذلك في مواجهة خريطة ترشيح هلامية لا تتركز قواعدها المفترضة في جهة معروفة مما سيربك حركة البارونات الذين اعتادوا شراء الذمم بالمال أو التأثير علي الرأي بالقرابة والجاه . ففي بلدية تجكجة لن يستطيع الوزير السابق والسفير الحالي المرشح لمقعد نائب المقاطعة سيدي ولد ديدي التحكم في اتجاهات البوصلة بالشكل الذي تعود عليه في سالف عهده , لأنه لا توجد معلومات دقيقة عمن يتصدرون المشهد الآن وإذا ما أمكن تخمين بعض الأهداف فإن غالبية الإحداثيات ستظل غائبة , فمرشح حزب الفضيلة دحان ولد يمبب وهو أقرب المرشحين جغرافيا للسفير والقادم من بعض أطراف حلفه يعتمد قاعدة أسرية سيكون تركيزها علي عناصر الشباب المتذمرة من التهميش والتي لن يكون في الإمكان تغيير قناعتها بسهولة ,
كما أن مرشح حزب الوئام – والذي لا يستبعد أن يكون لبعض عناصر الحزب الحاكم دور في ترشيحه لشل بعض الأطراف المناوئة تقليديا لحلف السفير – سيكون لحركته تأثير علي كم الناخبين البلديين حتى ولو كانت تلك الحركة موجهة في اتجاهاتها وأهدافها . أما مرشح التحالف الشعبي التقدمي فإنه يعتمد علي نفوذه التقليدي ضمن شريحة محددة لا طمع في زحزحة من بقي علي عهده منها , وعلي الرغم من الشرخ الذي أصاب التحالف علي مستوي المدينة إلا أنه مازال قادرا علي الظهور بطريقة مزعجة . ضمن هذه الخريطة المتناثرة وذات الثقوب العديدة يدخل اللعبة بشكل جديد مرشحان أحدهما عن حزب الصواب والآخر عن تواصل , ومع أن الأول لم يشارك في استحقاقات سابقة بصورة منفردة تمكن من قياس حجمه إلا أن المعلومات المتداولة بين المهتمين الآن تشير إلي امكان استفادته من ارتخاء الخط الجنوبي في المدينة المناوئ تقليديا لساكنة الشمال , يضاف إلي ذلك توفره علي مجموعة شبابية حسنة التأطير يمكن أن تشكل شبكة غير مرغوبة قادرة علي التواصل بسرعة مع أغلب شباب المدينة عن طريق وسائل الاتصال الأكثر حداثة , كذلك يستطيع التواصليون باندفاعيتهم المعهودة والمرفقة بإمكانات حزبية لوجستية مريحة أن يطرقوا علي الركن الأوسط للجدار الذي كانت ثقافة موالاة السلطة قد شيدته خلال عهود خلت , ومجمل هذه المسارات المتعددة ستخلق عدة نتوءات فوق القمة المفترضة للسفير خصوصا أن شريكه في الترشيحات البرلمانية الرجل التقليدي المترد عدة مرات علي قرارات حزبه يبدو أحسن وضعا علي مستوي واحته التي خرجت بلائحة بلدية واحدة وذلك ربما بسبب الفارق في الحداثة بين المدينة وريفها , فالمجتمعات الأهلية تفضل دائما الحركة في الظلام . أما البارون الثالث الملتحف منذ فترة علي أغلب أصوات جنوب المقاطعة , والمحروم من الكعكة العزيزية فقد اختار أن ينازل الحزب الحاكم من أقرب نوافذه الحالية المتمثلة في حزب الوئام , مقيما في السر – وهو رجل أمن الأنظمة السالفة – حلفا مع صديقه وصهره بارون الشمال النافذ والمتحكم في بعض رعاياه المقيمين في الجنوب في عملية تبادل للمنافع الانتخابية تبرهن علي أن حركة البارونات كسيول الأودية تنساب بسهولة بين الجنوب والشمال وتخضع للعبة المصالح أكثر مما تخضع لألوان المقاعد . صحيح أن نفوذ رجل الجنوب القوي والوزير السابق الداه ولد عبد الجليل قد بدأ في التقلص منذ غياب الأبهة الطائعية التي ظللت الرجل عدة عقود , لكن خبرته الانتخابية الطويلة وقدرته علي نسج التحالفات ستجعله قادرا علي هزيمة لائحة الاتحاد من أجل الجمهورية في بلدية القدية خصوصا أن باروني الشمال مستعدان للتضحية بلائحة حزبهم مقابل الثقل الانتخابي الذي يمثله الرجل الجنوبي في الانتخابات النيابية . ذلك بعض من ملامح المشهد السياسي المتوقع في الأطراف الأكثر حيوية سياسية في مقاطعة تجكجة , وتبقي مواقف من تخلف عن هذه الانتخابات من بارونات المال والجاه هي العامل الحاسم في تحديد نهايات اللعبة وقديما أسس اليونان أغلب تفكيرهم الطبيعي علي قاعدة أن الشبيه يحن إلي الشبيه بقلم سييدي ولد سيدي أحمد |