عمال تازيازت: بين الفصل التعسفي والإهمال الرسمي
الجمعة, 10 يناير 2014 18:11

بقلم: أحمد ولد أمم

باحث موريتاني مهتم بالشأن القانوني

لقد كانت رغبة المشرع الموريتاني أكيدة في حماية وصيانة حقوق الأفراد وخاصة الحق في استقرار الشغل، لذلك نجده قد وضع ضوابط تشريعية، تقنن هذه الحماية التي رسمها القانون بتبنيه لردع كل تعسف من شأنه الإخلال بهذا الاستقرار.

وقد عملت مدونة الشغل علي تكريس قواعد قانونية تهدف من خلالها لحماية الطرف الضعيف، والتدخل لإعادة التوازن في العلاقات التشغيلية، وتقرير الحماية الواجبة للأجراء، وذلك بوضع مجموعة من الضوابط التشريعية تمنع المشغل من التعسف أثناء ممارسة سلطته التأديبية، وتفرض عليه القيام بإجراءات شكلية يلتزم باحترامها قبل أن يتخذ أي قرار بفصل الأجير.

 

ولما كانت الطبقة العاملة تمثل الطرف الضعيف في مواجهة رب العمل، أوجد المشرع حماية لها من شأنها أن تساعد في خلق توازن بين طرفي العلاقة الشغلية، وهذا التوازن لا يتحقق إلا بفعل تطبيق القانون، الشيء الذي لم تحترمه " شركة تازيازت" في حق العمال المفصولين بذريعة أن مسؤولية تسيير المخبر تحولت من شركة "S.G.S" الي شركة "A.L.S" بموجب انتهاء العقد الأول مع تازيازت القاضي بإشراف "A.L.S" علي إدارة المخبر، مما يحق لها التخلص من أي عامل سابق، لكن وللأسف يبدوا أن الجهات المعنية لم تتخذ ولا خطوة لردع هذه الشركة وتحميلها عدم تطبيق القانون وخصوصا المواد 26 - 45 - 50 - 56 - 57 - 60 - 61  من مدونة الشغل.

 

وبقراءة للمادة 26 من م،ش، نجدها جاءت بما يلي " إذا حدث تغيير علي الوضع القانوني لصاحب العمل أو تغيير قانوني في شكل أو ملكية أو استغلال المؤسسة، لاسيما في حالة الإرث أو البيع أو الإدماج أو تغيير رأس المال، أو تحويل الشركة أو أي نوع آخر من التغيير، تبقي جميع عقود العمل القائمة في تاريخ التغيير سارية بين صاحب العمل الجديد وعمال المؤسسة".

 

إذا النص واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ولا يجوز القيام بمراجعته إلا طبقا للتأويل الصحيح له، مما يخول لنا القول أن الفسخ كان تعسفيا، وبالتالي يجب تطبيق المواد السابقة الذكر التي لا تعطي للشركة أي حق في الفصل إلا لسبب واحد، وهو السبب الاقتصادي، أو وجود قوة قاهرة، وهو أمر غير واقعي والحمد لله، الشركة طيلة السنوات الماضية وحتى الآن لم تتراجع أرباحها، بل تتزايد وتزيد اليد العاملة، فلا مجال للحديث عن السبب الفيصل في القضية.

 

كما أن الشركة لم تقم بالمسطرة الواجب اتباعها بعد العملية التي قامت بها، - والمخلة بمبدأ التعامل القانوني في ظل دولة الحق والقانون - التي تبدأ بإخبار العامل كتابة قبل عملية الفصل مع ذكر سبب الفسخ والدعوة الي النقاش في القضية مدة 48 ساعة مع ضرورة الإعلام بفترة الإخطار، علي أن لا يعلق هذا الأخير علي أي شرط واقف أو فاسخ يسري من تاريخ التبليغ (المادة 45 ) و(المادة 46) من م،ش، مع ضرورة إبلاغ السلطة الإدارية، كما يجب علي صاحب العمل احترام كافة الالتزامات المتبادلة التي تقع علي عاتقه طيلة مدة الإخطار، وحق العامل في التغيب عن العمل في هذه الفترة للبحث عن عمل آخر طبقا للمادة (49 من م،ش) مع احتفاظه بجميع الحقوق، وإلا فله المطالبة بالتعويض المساوي لمقدار الأجر والامتيازات العينية حسب المادة (50) كما يلزم صاحب المؤسسة طبقا للمادة (56) إذا كان الفصل للسبب السابق والغير متوفر في هذه الحالة، والذي راح ضحيته العمال أن تبدأ المؤسسة بفصل الأقل مقدرة تبعا لأخذ اعتبار الكفاءات المهنية والأقدمية والأعباء العائلية للعمال بعين الاعتبار مع حقهم في التدرج المهني، ومع استشارة مندوب العمال عند الفصل، المادة (57)، وفي غياب هذه الإثباتات السابقة والتي توصلني بأن الفصل أو الفسخ كان تعسفيا، تجب الإشارة - وذلك أضعف الإيمان - إلي التعويضات التي علي الشركة الالتزام  بها بعد قدومها علي العملية اللا قانونية في ظل التلاعب بحقوق طبقة مهمشة تحت غطاء عدم الرحمة، للتنويه إلي ما يلي حسب المواد 60 و61 من مدونة الشغل الموريتانية:

1 ـ قيام المحكمة بإثبات تعسف الفصل وإجراء تحقيق عند الاقتضاء

2 ـ المشرع لم يكلف العامل عناء الإثبات وإنما جعله علي عاتق رب المؤسسة مع تعليل الأسباب

3 ـ عند تحقيق المسؤولية يجب مراعات الأقدمية، وسن العامل، والحقوق المكتسبة، مع عدم خلط تلك الحقوق بالتعويضات "الإخطار والفصل"

4 ـ لا يعفي توقف المؤسسة النهائي، صاحب العمل من احترام القواعد المتعلقة بفسخ عقد العمل

5 ـ لا تعتبر هذه الحالة ( تحويل المؤسسة أو تجديد العقد ) سببا لعدم قدرة الدفع حتى ولو ثبت بموجب حكم قضائي.

 

وفي الأخير بعد سرد جميع الحجج القانونية الواضحة، لا يجوز بل يمنع قانونا فصل الطبقة العاملة في مثل هذه الظروف الغامضة التي لا تستند لأي مبرر، ويجب علي جميع الفاعلين أن يساعدوهم لاستعادة حقوقهم المشروعة من الشركة ، والوقوف معهم لمؤازرتهم علنا حتي يستعيدوها، ومن هذا المقام أعلن تضامني معهم.

عمال تازيازت: بين الفصل التعسفي والإهمال الرسمي

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox