لعيون الكــــاميرا/ محمد ولد اجريفين |
الجمعة, 10 يناير 2014 19:19 |
تبدو الإستفادة من العقل البشرى و إبداعاتته التكنلوجية، لا حدود لها، خصوصا فى عالم ينتقل رويدا رويدا، من الإنسانى إلى الآلى، و من الواقعية إلى الإفتراضية، و من يدرى فربما تملك الريبوتات يومــا مشاعر و أحاسيس أصدق و أقوى من تلك التى يتخلى الإنسان المعاصر عنها، بمحض إرادته، شيئا فشيئا، وهو يتصنّع ابتسامته عند التقاط الصور الحية أو التذكارية، و يبش فى وجه الكاميرا لتخرج صورته المشعة بجمال أكبر، أو ليرى الآخرون ما هوّ عليه، فيزيدونه نجمة على نجوميته المتوهمة، لا غير...ربما تبتسم الآلةُ يوما بصدق، و تضحك بجد، وتبكى بحرقة.. لكن المؤكد أنها لن تجامل أو تنافق ـ إلا بمشيئة هذا الإنسان ـ كما يفعل كثير من سكان هذه الأرض المعمورةِ بالزيف و النفاق و التواكل. قبل أيام قليلة، كانت الإبتسامات الصفراء ترتسم على وجوه المسؤولين من الرجال و النساء والمغرر بهم من الأطفال "المختطفين ذهنيا" وهم يدفعون ـ لعيون الكاميرا ـ بأموال كثير منها حٌصّل على ظهور شعب أكله الفقر، و أستبد به الجهل، و رمته الحياة بسهام النوائب فردا فردا، فيما تذرع سيارات حكامه و مسؤوليه و نوابه الفارهة ما تبقى من ألسنة الإسفلت جيئة و ذهابا، كأنها فى سباق "رالى" حميم إلى حرق مصادر الطاقة، سواء ما تعلق منها بخيرات هذا الشعب، أو بالسعرات الحرارية التى نبتت من الحرام فى أجسام المسؤولين. إن هذا الكرم المصطنع، و هذه الوطنية المغشوشة، تثبت فقط أن عقول القطط السمان لا تفكر إلا فى صيد مزيد من فئران "الحانوت" و التغرير بها، وهي و إن كانت مملوءة البطن، قريرة العين، إلا أنها تتلذذ بالتسلى بفريستها المسكينة دائمـا، و إلاّ فما فى هذا الوطن المسروق موضع أصبع إلاّ و فيه فقير يكدح، أو مريض يئن، أو جائع يتضور، و مشرد تتخطفه الطرقات، و تنفث سيارات المترفين بسمومها فى مناخيره، كأنها تقول له، مت بغيظك، مت ببطء. أفلا يحق لنا أن نتسائل أين كانت ضمائر المترفين، و فى أي برج عاجى كانوا يحتفظون بتلك الإبتسامات التى كشفوا عنها يوم العرض الكبير. يبدو ـ دون مبالغة ـ أن أكبر إنجاز يمكن أن يساعد فى بناء نهضة مدنية و أخلاقية بأكبر سرعة ممكنة، سهل ممتنع، إذ يكفى أن يعطى الرئيس تعليماته للحكومة لتعمل على نصب كاميرات مراقبة فى كل شبر من هذا الوطن، ثم تربطها بشاشات عرض مباشر، حتى يشعر الجميع أن تصرفاتهم قيد المراقبة من قبل الكل بالدقيقة و الثانية.. عندها ستعلوا الإبتسامات الصفراء الوجوه، و سيزدهر فن التمثيل ـ بدون مقابل ـ لدرجة أن تخطف انواكشوط أضواء هوليود، فى ثلاثة أيام بدون مُعلّم.. فالذين لا يخافون الله، يخافون كاميرات المراقبة
|