أولويات المشروع الإسلامي (الإخوان وأردوغان والسودان نموذجا)
الأحد, 02 فبراير 2014 15:57

بقلم يحي عياش ولد محمد يسلم

استمعت إلى محاضرة ألقاها المفكر والداعية الإسلامي الأستاذ اكناتة ولد النقرة حول أولويات المشروع الإسلامي ونظرا لأهمية الموضوع وحساسيته وكونه يتعلق بأولويات المشروع الإسلامي فإن الكتابة عنه من الأولويات في الكتابة الإسلامية والتفكير الإسلامي وكثيرا مامايركز الكتاب في الساحة الإسلامية على المسائل الجزئية في العمل الإسلامي مع إهمال الحديث عن الأولويات في هذا المشروع والتي تشكل الحجر الأساس في هذا المشروع إذ لانجاح لمشروع إلا بتحديد الأولويات .

ومع أنه من السهل تحديد الأولويات في أي مشروع فكري أودعوي فإنه في المشاريع السياسية يكون صعبا على أي حركة أو تيار أن ينجح في تحديد أولوياته وغالبا ماتلعب التجارب السياسية دورها في تصحيح مسار الحركة وتوضيح أولوياتها . وقد مر الإسلاميون بكثير من التجارب فشل بعضها في الإستمرار ونجح بعَضها نجاحا جزئيا وتذبدب بعضها بين النجاح والفشل فلاهو فشل ولاهو نجح . ومن الجدير أن نتأمل هذه التجارب ونكتشف كيف كان تحديد الأولويات في كل تجربة . والذي يلقي نظرة على التجارب الإسلامية يدرك أن الإسلاميين انقسموا في تحديد الأولويات انقساما أملته المرحلة إلى فريقين : فريق ركز على المبادئ السياسية (الهوية ) وفريق ركز على الوجود السياسي (القوة السياسية) . ويمثل الرئيس الراحل نجم الدين أربكان رحمه الله الفريق الأول حيث ركز عندما وصل للحكم على تطبيق الشريعة وطرد السفير الصهيوني على الفور ليمهد للإنقلاب الذي حدث بعد أسبوع من تلك القرارات والذي كان سببه أن أربكان ونظامه لم يراعوا الظروف الدولية والإقليمية والتي لم تكن تقتضي من الإسلاميين أن يركزوا على مبادئهم بقدر ماتقتضي منهم أن يركزوا على وجودهم. بيد أن الإسلاميين استفادوا من تلك التجربة مما جعل تفكيرهم يتطور من المبدئية إلى الواقعية ومن الحماسة إلى السياسة وهو ماجعلهم يركزون في هذه المرحلة على الوجود السياسي أكثر من المبادئ . وأعتقد أن جميع الإسلاميين بمافيهم الإخوان نحوا هذا المنحى ولايتناقض هذا مع ماذكره الأستاذ اكناتة من أن الإخوان في مصر دخلوا في جدل فكري جرهم إليه السلفيون أوحزب النور فقد يكونون دخلوا في ذالك مضطرين نتيجة لإكراهات سياسية تتعلق باستيعاب طرف معين لاكن الخط الذي انتهجه الإخوان كان أقرب إلى الواقعية منه إلى المبدئية وإلا لأعلنوا عن مبادئهم جهرا . وهو مانتهجته سائر الحركات الإسلامية في تونس والمغرب والسودان حيث لم يركز الإسلاميون على مبادئهم السياسية بقدر كاركزوا على وجودهم السياسي . غير أنهم انقسموا في ذالك إلى أقسام فركز فريق على التغلغل في أجهزة الدولة ونجح فريق ثان في التغلغل في المجتمعات بينما نجح ثالث في مجال القوة الدولية والعلاقة مع الغرب. والفريق الأول يمثله الإسلاميون في السودان حيث ركزت الحركة الإسلامية في السودان على التغلغل في أجهزة الدولة أكثر من التركيز على العمل الإجتماعي والعلاقات الدولية بينما ركز الإخوان المسلمون في مصر أكثر ماركزوا على العمل الإجتماعي والدعوي ولم ينجحوا في التغلغل في أجهزة الدولة و بينما ركز أردوغان أكثر ماركز على الدبلوماسية ومراعاة الواقع الدولي . ولذالك سار كل مشروع على قدم واحدة فسار المشروع السوداني على قدم السلطة والنفوذ واستطاع أن يخترق أجهزة الدولة وأن يصل إلى الحكم عبر انقلاب عسكري ليستمر فيه إلى الآن لاكنه بقي دون سند اجتماعي ودولي وحتى بعد وصوله للسلطة كان تركيزه على المجتمع محدودا ناهيك عن علاقته بالمجتمع الدولي بينما سار المشروع المصري على قدم الجماهيرية ونجح في التغلغل في المجتمع لاكن افتقاره للقوة والنفوذ والتغلغل في أجهزة الدولة فضلا عن علاقته بالغرب جعله يعيش في الشارع ويعجز عن الإستمرار في الحكم . فكانت نقطة الضعف في المشروع الإسلامي السوداني تتمثل في تغليبة للجانب السياسي على الإجتماعي والدولي فركز على ترسيخ قدم الإسلاميين في الحكم على حساب الجانب الإجتماعي والدولي وهذا أمر رغم أنه أعطى للإسلاميين قوة لايستهان بها في أجهزة الدولة إلا في المقابل ساهم في إضعافهم على المستوى الإجتماعي والشعبي حيث جعلهم يفقدون بعض شعبيتهم كماجعل مشاريعهم عرضة للإفشال من لدن الغرب . بينما كانت نقطة الضعف في المشروع الإسلامي في مصر أنه ركز على العمل الإجتماعي قبل الثورة على حساب التغلغل الإداري والدبوماسية الدولية فنجح في الوصول للشعب لاكنه لم ينجح في الوصول للدولة ومثلت الثورة المصرية أكبر دليل على قوة الوجود الإسلامي في الشارع حيث كان الإخوان هم العمود الفقري للثورة كما مثل الإنقلاب العسكري الأخير أكبر دليل على ضعف الوجود الإسلاميين في الدولة وضعف علاقتهم بالغرب . بينما استطاع المشروع الإسلامي في تركيا من خلال دبلوماسيته الخارجية وحنكته الداخلية أن يأمن المؤامرات الغربية من الخارج وأن يلقم أظافر العسكر وهو ماجعله ينجح في إدارة الدولة وتطوير الإقتصاد بعيدا عن أي ضغوط أومعوقات من هنا وهناك لاكنه مع ذالك كان تركيزه على الجانب الإجتماعي أكثر من تركيزه على التلغلغل في أجهزة الدولة وهو أمر إن كان لم يؤثر على التجربة ولم يتسبب في نهايتها في ظل دبلوماسية أردوغان وعلاقته مع الدول الكبرى حيث أن المؤامرات تأتي من الخارج قبل أن تصنع من الداخل إلا أنه في أي وقت تتوتر صلة أردوغان بالغرب ستكون التجربة مهددة بالزوال لأنها تعاملت مع القوة الدولية من الخارج لاكنها أهملت القوة الذاتية من الداخل والتي يمكن أن تحصن المشروع عندما تتوتر علاقته مع الخارج. ومن هنا يتضح أن الإسلاميين لكي تكون قوتهم السياسية متوازنة عليهم أن يجمعوا بين التغلغل في أجهزة الدولة والدبلوماسية في العلاقة مع الدول الكبرى وبين التغلغل في المجتمع فلايركزون على المجتمع على حساب الدولة فيخسروا مناصبهم في حالة وصولهم للحكم ولايركزوا على الدولة على حساب المجتمع فيخسروا شعبيتهم. وإن كان ترتيب الأولويات يقتضي أن نقول إن الإسلاميين الآن يمتلكون قوة شعبية في كثير من البلاد العربية والإسلامية وأن القوة التي تنقصهم هي النفوذ والتغلغل في الأجهزة الحكومية والتطوير من دبلوماسيتهم في علاقتهم مع الغرب مع ضرورة الحفاظ على القاعدة الإجتماعية لديهم. و دبلوماسية الإسلاميين في المغرب تجعلني لاأخشى عليهم من الغرب وإنما أخشى علىهم في وسط انشغالهم بالعمل الإجتماعي أن يغفلوا عن التغلغل في الإدارة فيعرضوا مناصبهم للإختطاف في أي لحظة شاء الملك . أما الإسلاميون في تونس فيبدوا أنهم يأخذون من الدبلوماسية بطرف كما أعتقد أنهم يضعون الجانب الإجتماعي نصب أعينهم وأرجو أن لايهملوا جانبا آخر هو التلغلغل في أجهزة الدولة لأن علاقة الإسلاميين بالغرب سرعان ماتتبدل في أول اختبار يختبر به الغربيون ولاء الأنظمة فيتأكدون من حقيقة مواقف مواقف الإسلاميين كماحدث في مصر . ومن هنا فإن القوة الحقيقية هي التغلغل في الإدارة والجيش مع مراعاة قوة الغرب في هذه المرحلة ومن دون الإبتعاد عن الجانب الإجتماعي فالشعوب هي القوة الحقيقية للإسلاميين ولولاها ماوصلوا للحكم . ثلاثة أبعاد إذا ينبغي يتركز عليهما المشروع الإسلامي وهي: البعد السياسي والبعد الإجتماعي والبعد الدولي .

أولويات المشروع الإسلامي (الإخوان وأردوغان والسودان نموذجا)

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox