تحليل الجنون!!/ مولاي عبد الله ولد مولاي عثمان |
السبت, 08 مارس 2014 16:35 |
ورغم صعوبة تحليل الجنون أو دراسة قرارات المجانين في ضوء العقل، فإن تحليل قرار الجنرال بإعلان حـربه الجديدة يعطينا سبباً للقول إن أمـر الرجل لا يخلو من حالات: الأولى : أن القرار هو فعل مقبوض الثمن العاجل، متزامن مع أفعال وقرارات لدول خارجية تستهدف الإسلاميين الوسطيين، والغاية منه دعائية إعلامية توحي بأن هؤلاء أصبحوا محاصرين في كل بقاع العالم العربي بدءا من مصـر ومرورا بقـطر وانتهاء بموريتانيا.. وإذا صحّت هذه القراءة فإن هذه القرارات ستكون محدودة الأمد خصوصاً إذا ظهر أنها قد تثير زعزعة في استقرار النظام. ولعلّ في احتفاء صحف الانقلابيين المصريين بالأمر ما يغري بهذا الاحتمال، خصوصا أن التعاطي مع الخبر في هذه الصحف كان الهدف الواضح منه رفع معنويات أنصار الانقلاب الذين صدمهم تعثر مشروعهم الدموي أمام الانتفاضة غير المتوقفة في شوارع مصر، فبات رفع معنوياتهم نوعا من أنواع الضرورة. الثانية: أن القرار بالفعل هو بداية حرب متصاعدة ومستمرة، وحينئذ فلن يصح في الأذهان شيء سوى أن الجنرال يبتغي تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى كما أجّل الانتخابات البرلمانية من قبل.. ودعواه هذه المرّة ستكون أن البلد في حالة عدم استقرار لا تسمح بتنظيم انتخابات لأن الإسلاميين والطيف الواسع من المعارضة السياسية والمستقلين الأحرار لن يقبلوا للدكتاتور قيادة الدولة والمجتمع إلى انهيار سيكون مدوّياً في ظل الشروخ الاجتماعية التي أوجدها هذا الجنرال الجاهل منذ اغتصب السلطة في انقلاب 2008م . الثالثة : أن القرار مجرد "ردة فعل" مؤقتة ؛ هدفها شغل الشعب عن تدنيس المصحف وانتهاك المقدسات بعد أن انفضحت ألاعيب الجنرال في هذا الأمر وظهر أن له يداً في حرق كتب الفقه المالكي والاعتداء على العلماء وتحريض السفهاء على قيم المجتمع ومقدساته.. ومن المهم أن نذكر هنا بأن الغضب الشعبي بعد تدنيس المصحف هو الأول من نوعه الذي كان خارجا عن تأطير القـصر وتوجيهه السياسي، وهو ما أثار رعباً شديدا و"فزعاً" عارما في القصر وخدّامه تشهد عليه تصريحاتهم وتصرفاتهم. الرابعة: أن الجنرال يريد إرسال رسالة أكثر صلفاً إلى الشيخ محمد الحسن ولد الددو خاصة، مفادها أن رفضه الدخول في زمرة المبرّرين وعلماء السلطان وإصراره على الاستقلالية سيجعل جهوده الخيّـرة عرضة للإفساد والعبث الرسميّ بغض النظر عن فائدتها للمجتمع.. وفي كل الأحوال فإن هذه الرسالة محمولة في كل هدف من الأهداف السابقة. مع ذلك، فليس هذا هو الوقت الأنسب للجنرال لفتح صراع لا تضمن عواقبه مع الإسلاميين وليس وقتاً مناسبا أيضا للإسلاميين، وهو بالتأكيد ليس وقتاً "مختارا" عند بعض القوى السياسية التي ستكون مضطرّة إلى الاختيار بين مبادئها التي تحدثت عنها كثيرا و"شوفاتها" التي بدأت تتحدث عنها. وعلى كل حال، فإن كل الدلائل تقول إن الإسلاميين خاصة وبعض القوى المعارضة عامة مقبلون - ولو بعد حين - على صدام سياسي ستتخلله استهدافات أمنية واسعة مع الجنرال الجاهل ومصفّقته النفعيّة وبطانة السوء التي تشير عليه بما يشير عليها به إبليس في أقوى لحظات إنتاجه العقلي! لقد اعتاد الجنرال بيع حروبه لمن يشتري ؛ ولذلك هو يشنّها بلا تمهيد ويخوضها بلا خبرة، واعتاد الإسلاميون خوض الحروب بمنطق "لا تتمنوا لقاء العدو ، وسلوا الله العافية ، فإذا لقيتموه فاصبروا" .. وإنما النصر صبر ساعة، فهل يفهم الجنرال؟! |