إغلاق جمعية المستقبل الخلفيات و الدوافع |
الاثنين, 10 مارس 2014 16:38 |
شهدت بلادنا خلال الفترة الأخيرة تسلسل مجموعة من الأحداث المأساوية ؛ أحداث أقل ما يقال فيها أنها غريبة على ساكنة شنقيط منارة العلم و العلماء . فمن حرق الكتب الفقهية إلى الإساءة إلى نبي الرحمة إلى تمزيق المصحف الشريف صعق الجميع و كانت الدهشة كبيرة و الأسئلة كثيرة ؛ و لم توفق سلطاتنا الموقرة ــ حامية الإسلام و فاتحة قناة المحظرة ــ في التعامل مع الحدث الجلل ؛ فقررت و بمفاجأة لا تقل هي الأخرى غرابة أن تدير ظهرها للجناة الملحدين أو ترهق نفسها في البحث عنهم و تنتفض بأجهزتها الأمنية ـ زوار الليل ـ لتغلق مقرات العلم أماكن تدريس الإسلام الوسطي و مكافحة الإلحاد و التطرف . و توسعت الحملة لتشمل المقرات الصحية الخيرية و لم نعرف و لم نتلق إجابة من وزير الاتصال هل أطباؤها هي الأخرى شاركوا في العنف أو التحريض عليه ؛ حكومة لسان حالها مع العلماء أسد علي و على الملحدين نعامة. و أمام حدث جلل و قرار شديد الخطورة كهذا لا بد للمواطن العادي و القارئ المحايد أن يطرح السؤال ما هي الدوافع و الخلفيات الإستراتيجية لهكذا قرار ؟؟ لا يحتاج الإنسان إلى كثير انتباه أو طول مراقبة ليكتشف أن جزء كبيرا من الموضوع يقع على خلفية المعركة الإستراتيجية شديدة الأهمية الدائرة رحاها هناك على ضفاف الأطلسي في قاهرة الكنانة معركة يزج الجميع فيها بكل أوراقه الأخيرة . فمنذو أن تقرر تسليم رئاسة الإتحاد الإفريقي لبلدنا و الاهتمام المبالغ فيه و الزيارات المتبادلة بين حكومتنا و سلطات الانقلاب و الأنظمة الداعمة له أنظمة الدم آل نهيان و آل سعود لا تخفى على أحد في محاولة يائسة لشرعنة الانقلاب إفريقيا ؛ ظهر ذالك جليا من خلال حجم الوفود المتبادلة و التمويلات السخية و ما خفي كان أعظم . لقد تآمرت الإمارات عاصمة الثورة المضادة و السعودية عاصمة المؤامرات الخبيثة في كل الإجرام الذي حدث في مصر منذو الإنقلاب و مثلتا الدعامة الاقتصادية له . و بعد كل ذالك الدعم و بعد أن رقصوا على آلاف الجثث في رابعة و النهضة و بعد أن يئسوا من توقف أو الحد من المظاهرات المناهضة للانقلاب في بلد توقفت فيه كل مصادر الإنتاج الرئيسية من سياحة و استثمار و أوشك اقتصاده على الإفلاس ؛ بلد أكثر من نصف نقاباته مضربة و اغلب شعبه في الشارع . الآن و بعد أن تأكدت تلك الدولتين أن الضريبة باهضة و أن المسكنات لن تجد نفعا مع شعب تعداده تسعين مليون و أن الانقلاب دخل بالفعل مرحلة الموت السريري ؛ فقدت أعصابهما و بدأت رقصة المذبوح فقررتا بغرابة شديدة سحب سفيريهما من قطر في سابقة هي الأولى من نوعها و بحجج واهية أقل ما يقال عنها أنها مضحكة ؛ و صنفت السعودية و هي المعروفة بدبلوماسيتها الهادئة ملايين المسلمين المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين كإرها بين مع العلم أن هؤلاء الإرهابيين شاركوا في وضع المناهج التعليمية لتلك الدول ؛ و لم تسلم المقاومة الوحيدة المتبقية في المنطقة حماس من جور تلك القرارات و في نفس السياق و نفس التوقيت صدرت الأوامر لحكومتنا بتجفيف كل منابع الدعوة وغلق جمعية المستقبل وكل المراكز التعليمية التي تمت بصلة قريبة أو بعيدة لإخوان موريتانيا أما الخلفية الثانية لذالك القرار فترجع إلى نتائج الانتخابات الأخيرة و ما حققه حزب تواصل ذو المرجعية الإسلامية من نتائج يبدو أنها أزعجت القوم ؛ فقد ظهر جليا مدى قوة شخصية ذالك الحزب و الشعبية الجارفة له في الأوساط الشبابية و الأهم من كل ذالك حجم الانتشار و التزايد الصاروخي له . و كانت الرسالة شديد الوضوح من ولاية الحوض الشرقي و التي طالما مثلت خزانا انتخابيا للأنظمة المتعاقبة فبدأت ساكنتها تخرج عن الطوع و سقطت بلدية عاصمتها المركزية في مفاجأة أذهلت المراقبين . و جاءت الضربة الثانية من مقطعتي الطينطان و كرو حيث تجرع حزب الدولة أشر هزيمة بعد أن حشدت الدولة خيلها و بعيرها و استخدمت كل الوسائل المشروعة و الغير مشروعة ؛ و لم يكن الوضع أقل سوء في واد الناقه ؛ و في نواكشوط جاءت النتائج متقاربة جدا في تراجع واضح لشعبية الرئيس أو على الأقل حزبه مقارنة بالانتخابات الرئاسية الأخيرة لا شك أن تلك النتائج قضت مضاجع النظام و أرقته فهل يترك الحزب ينمو بهذه السرعة ؟ أم تقصقص أجنحته ؟و بما أن القوم عاجزون عن تقديم أي شيء و أن ينافسوا الآخرين في مجال الخير و بمشاركة جلساء السوء و المتلونين مع كل نظام أتخد القرار الأمني بحل الجمعية اعتقادا منهم أنها تمثل القاعدة الخلفية لكل تلك النجاحات وكانت الضحية الأولى أماكن تحفيظ القرآن و مقرات العلم و المقرات الصحية الخيرية أما الإدعاء بممارسة العنف و التحريض عليه فهو من باب رمتني بدائها و انسلت و هروب إلى الإمام وإخراج سخيف للمسرحية فهل يعقل أن علماء المجتمع وفخره و أفضل ما فيه يحرضون على العنف سيدي الرئيس لا تكن ضعيف الذاكرة فأحداث 2003 ليست من ببعيد و المواجهة مع العلماء و طلاب العلم ليست نزهة و دعوات المظلومين و أنات المرضى لن تجلب لك و لحكمك الاستقرار ؛ سيدي الرئيس لا تستمع لمستشاري السوء و فقهاء السلطان ـ فقهاء اضرب في المليان ـ فقد أوصلوا ول الطايع لما هو عليه الآن ؛ سيدي الرئيس لو دامت لغيرك لما وصلت إليك ؛لا تضع رأسك في الرمال فالحق أبلج و الباطل لجلج ؛ صحح البوصلة و اقبض على الجناة الملحدين و قدمهم لعدالة ناجزه تنل رضي الله و ثقة الشعب ؛ فالحق أحق أن يتبع و الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.. |