لقاء الشباب... النهج الخاطئ والتصرف الخاطئ " رأي حر "
الأحد, 23 مارس 2014 15:55

الأستاذ محمد عبد الله لحبيب الأستاذ محمد عبد الله لحبيب عندما سئل الدكتور عزمي بشارة عن الأخطاء التي أدت إلى سقوط جماعة الإخوان المسلمين من حكم مصر قال إنها "سلكت نهجا خاطئا". لا تعنيني هنا وجهة النظر التي صدر عنها عالم الاجتماع العربي، وإنما يعنيني منهجه في النظر إلى القضية. إن المنظومات التي تتأسس على نهج خاطئ لا يغني عنها إتيانها صوابات تترجمها الإنجازات، الآنية أو الإستراتيجية، المحدودة. كما أن الأنظمة التي تعتمد نهجا صحيحا لا تسقطها الهزات الجزئية.

لا تبني مشاريع الصرف الصحي والطرق، ولا مبادرات خفض الأسعار نظاما وطنيا. هذه خدمات تقدمها الإدارات جزءا من فيضها الذاتي. أي بما هي إدارات. ينطبق اسم المدير على الشخص عندما يسمى لوظيفة من مقتضياتها الحضور وقتا معينا إلى مكان معين. شرب الشاي بطريقة المديرين، عدم استقبال المكالمات على الهاتف الخاص، وربما تغيير الرقم، وارتداء ربطات العنق ذات اللون الأحمر. هذا لا يجعل منه قائدا. إنه مدير. لدينا منذ سنوات رئيسٌ ما، هو كذلك على أرض الواقع. محمد ولد عبد العزيز رئيس لموريتانيا، بمسماها وتشريفاتها، وحساباتها البنكية، بعمولات الصفقات، بالبساط الأحمر والطائرة الخاصة. بالتعيينات، والتجريد والإقالة، والرصاص والمراسيم، ولقاءات الشعب، شيبا وشبابا، وسماع الشعر الهندي، والابتسام عند تسديد اللكمات لصغار المصفقة. لن يكون قائدا. رغم محاولاته الدائبة تركيب لقطة 2008 بعد لقطة 1978 من غير فاصل. أو بفاصل مشوش. لن يكون قائدا، لن يلحق بالمختار، ولا حتى بسيدي واعل رغم أنه جاء بهما، ولا بمعاوية وهو كان أحد حراسه. السبب واحد وهو أن القيادة شيء والرئاسة أشياء أخرى. هو رئيس، بل رؤساء. ليس قائدا. الرئيس يتعدد والقائد واحد دائما، متفرد. المافيات لا تبني الأنظمة الوطنية، ليس إلى ذلك من سبيل. يمكن أن تبني  مجتمعا للورشات. ستلاحظون تركيزا على العمل الفني والتكويون الفني. اختزال البشر إلى آلات تدور، تديرها آلات، أو بشر "متأليون" . أمنية المافيا أن يبقى لديها وحدها حظ من البشرية قليل، تتذكر به أن الشعب يجب أن يصير آلة.  تتذكرون لقاء الرئيس بحملة الشهادات العليا العاطلين عن العمل على بوابة القصر؟ كان يمارس الرياضة البدنية. الرئيس ليس لاعب شطرنج، ربما تكون لعبته المفضلة هي "أطيعوز  أو الدز". قال إن الشهادات العليا في الاقتصاد والقانون والشريعة، والأدب لا يمكن أن تقدم شيئا. لا يمكن أن توفر وظيفة، لأنها غير منتجة. اقترح عليهم التكوين الفني. أجزم أنه ابتسم عندما سمع أن من بينهم من يحمل شهادة عليا في اللغة أو الأدب.  لم يكن بينهم دكتور في ميكانيكا السيارات. لو كان لربما لامه الرئيس على تضييع وقت أكثر في التحصيل. التحصيل طبعا كلمة حمالة أوجه. الرئيس بالضرورة يكره كل المحصلين، إما كره منافسة، وإما كره نفور.  البغض قرين الاشتراك، وغياب العلم. تتذكرون كلمته عن الشعراء؟ الرئيس يكره ما يمكن أن نحافظ به على إنسانيتنا. إن في هذا ذكاء. المحافظة على الإنسانية تعني عدم قبول استمرار تحطيمها، أي عدم مواصلة حكم غير إنساني. غير وطني بالنتيجة. عندما تُبنى الأنظمة بناء مافيويا، تتحول الدولة، أو النظام، (الذي يصعب اعتباره سياسيا) إلى  عصابة. إن العصابات لا تبني أوطانا وإنما تؤمن ملاجئ. قد يكون من المفيد أن يكون الملجأ مستشفى كبيرا يتعالج فيه الناس، أو منشأة تجارية يرتادها خلق من الأطفال والنساء للتبضع. هذه تؤمن مظهرا ناعما للعصابة، وتفيد في إحراج متمردين يتحينون فرصة للانقضاض، إنها "درع  خيرية" لمن يشيدها. سيبكي البسطاء عندما يفجر أحد أجنحة العصابة المركز التجاري أو المستشفى، ويتحول قائد العصابة، أو قائد جناحها المستهدف إلى بطل خير، وربما شهيد. لا يدري المتعاطفون أن المركز أو المشفى دُمر لأن طرفا من العصابة ظُلم في عمولة وخبأت الشحنة في الملجأ المحصن بعواطف الفقراء. أو المتسوقين الذين يضمون عائلات من فريقي الاقتتال جمعتهم أيام الصفاء المافيوي، وظلوا بعيدين عن أدخنة الحريق، قريبين من لهب النار. لذا يكون من السفه دخول المخبأ لإجراء حوار إنساني مع قائد العصابة، حول بناء مخبأ جديد، أو التحصن بمنشأة ثقافية. الشباب ليس حزبا سياسيا ولا مجموعة معارضين يرغبون في الاستفادة من تحسين شروط انتخابات، أو الإقدام على مغالبة لإقامة الحجة. إنهم روح الوطن. معارضتهم مبدئية قائمة على الرفض الجذري للمقولات الجزئية وحلول التلفيق. الصرف الصحي وخفض الأسعار وبناء الطرق مطالب نواب منتخبين وعمد. زيادة الرواتب وتحسين ظروف التأمين الصحي مطالب النقابات العمالية. وتوسيع دائرة الحقوق والحريات، مطالب حقوقيين. هذه أمور يساهم فيها الشباب من مواقعهم في المنظمات، والأحزاب، ومن منابرهم في مؤسسات الرأي والصحافة. الشباب عندما يجتمع بهذه الصفة فمطلبه هو التغيير. بناء وطن وإنسان، وإنشاء منظومة جديدة مرتكزة على القيم الكبرى. لا إتاحة الفرصة لاستعراض المهارات في الابتسام الأصفر. إن لعب دور الوسطاء في عمليات الاختطاف وظيفة مقيمين على هوامش المافيا يتَّجِرُون في الفراغ الذي تحت الطاولة. أما الجيوش فتتولى عمليات التحرير، بالتدخل الحازم. قوات الأمن تتعقب الخاطفين وتجمع المعلومات. أما الجيوش فمهمتها التدخل الخشن. إن من يقبل المجيء إلى مأدبة بشروط مضيفين من أمثال محمد ولد عبد العزيز  يجب أن يكون سياسيا يبحث عن تحسين شرط، أو إحراج في منازلة.  يواصل المشاركة في اللعبة من غير شروط، أو يقاطع منتظرا تغيرا في موازين القوة. هذه أفكار للانتخابات. "نظام" عزيز يتبنى نهجا خاطئا في التعامل مع الوطن، وحوار الشباب معه من داخل المربع تصرف خاطئ. هل يمكن أن نساوم بمجلس للشباب، أو مجلس للثقافة أو مشروع سكة حديد، أو  شبكة صرف صحي؟ في حساب من ستعد هذه الإنجازات؟ هل بإمكان أحد شبابنا الأخيار أن يفخر بأنه كان وراء تشييد شارع من إنجازات ولد عبد العزيز؟ هذه ليست عدمية. إنها وعي بالدور. لعل أحدا من المشاركين لم يطرح على نفسه سؤالا: هل ما سأقوله جديد بالكلية على المضيف؟ ما الذي يجعله يدعوني ليسمع مني كلاما؟. إن كان نقدا فهو يسمعه إن كان يسمع. وإن كان مدحا فهو يسمعه إن كان يرى. وإن كان فكرة لإصلاح فأولويات البلد شمسُ صحْوٍ. القاعدة التي تقول إن ما يصدر عن صاحب الدعوة هو  المهم تغني عن عنت محاولات الإجابة. تحدث عن إنجازاته، وطالب أبناؤه بمحاكمته إذا لم يترشح. دعوكم من غير هذا. هذا ما قيل. هذا ما نظم اللقاء ليقال. هذا كان موضوع الحلقة. لقد كان أصدقاؤنا الأكارم، مع فائق الاحترام والتقدير، أزرارا في صفحة وجه لبيانو. لاعبتهم أصابع الفنان تحت بهرج مصابيحه، فصدحوا بحروف النوتة، وانتشوا بما يصدرون من أصوات ظنوها من إبداعهم. أسِفْتُ لبعضهم، وأثار بعض شفقتي. ضحكت من بعض. وأصابني بعض بالغثيان. متابعة لقاء الشباب أقصر الطرق نحو ضغط الدم المزمن، والانهيار العصبي، والاستمتاع بدروس مجانية في الكوميديا السوداء. الطيبوبة، والطمع، والتغفيل، وتحليق الأحلام، والمكر، إذا جازتِ الحدَّ جمعت الشباب بالرئيس في مدرج الجامعة، وعلى العَشاء، والتلفزيون الرسمي.

الأستاذ : محمد عبد الله ولد احبيب ( ديدي )

لقاء الشباب... النهج الخاطئ والتصرف الخاطئ

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox