الطريق الى الحرية/ محمد مولود اباه
الاثنين, 12 مايو 2014 13:51

altalt بدأت مسيرة التحرر من براثين العبودية وظلم الإنسان لأخيه الإنسان منذ جاء الإسلام بالعدل وقيم المساواة نصرةً للمستضعفين بل بدأت قبل ذلك حين أرسل الله موسى عليه السلام وكانت أول مهمة له تحرير بني إسرائيل من استعباد الفراعنة لهم قال تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ. الأية الكريمة.

لم يقف الإسلام عند تحرير العبيد وحصر أسباب الاستعباد في واحد هو الجهاد  بل رفعهم إلى صحابةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبقاهم على هوياتهم فظل بلال حبشيا وصهيب روميا وسلمان فارسيا وزوجهم من الأشراف حتى ذكر القرآن أحدهم باسمه وتوفي صلى الله عليه وسلم يوم توفي وقد عقد اللواء لأسامة بن زيد المذكور في القرآن وكان أبناؤهم من كبار العلماء.  لكن ممارسات بعض المسلمين فيما بعد ذلك، انحرفت عن نهج سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم خلفائه الراشدين .

ومن ذلك ما حصل من استرقاق في موريتانيا على أساس اللون من دون جهاد يذكر فكانت النتيجة وجود مئات الآلاف من السود المستعبدين داخل فئة العرب ـ البربر.

ظلم ذوي القربى

 

وحين بدأ الوعي يدبّ في عقول هؤلاء اكتشفوا بكل مرارة أن إخوتهم في الدين سلبوهم حريتهم وسخروهم لخدمتهم وتم بناء المجتمع على ظلمهم وهضم حقوقهم في التملك والتعليم والتزوج...إلخ وكل ذلك باسم الدين وللأسف لم تعرف حركة الحراطين النضالية في مرحلة تأسيسها تنظيما سريا ولم يكن بمقدور المناضلين الأوائل التنظير فكان لكل تيار سياسي نصيبه من القطيع  وإنما بنوا على ملاحظات بادية للعيان من واقع المجتمع الذي يعيشون فيه. لقد كانت صرخة غريق تنبيها على خطر محدق بالجميع.

وبدأ المثقفون والساسة في عملية تشخيص لا تكاد تنتهي.و لم يتمكنوا حتى الآن من وصف الدواء المناسب .فما يزال كلّ يرى قضية الحراطين العادلة من زاوية: فمنهم من ينكر وجود العبودية جملة وتفصيلا ويتخذ مؤامرات اليهود شماعة، ومنهم من يرى أنها مخلفات على وزن ومعنى تراكمات تراكمات، ومنهم من يراها واقعا لا يزال معاشا... لتظل القضية في تدافع بين أقدام اللاعبين... فكل الإجراءات المتخذة حتى الآن لم تتجاوز حد التهدئة  وليس بإمكانها استئصال الداء والقضاء كليا على إقصاء وتهميش شريحة تمثل قرابة نصف المجتمع

الحصيلة

إن سنّ ترسانة من القوانين التي تجرّم  ممارسة استعباد الناس وإنشاء  وكالة لمكافحة أثار الاسترقاق بل ومحكمة لمعاقبة الاستعباديّين كل ذلك جاء ثمرة لنضال ُيذكر لأصحابه فيُشكر ولكنّه قليل مما يجب فعله لوضع قطار النضال على سكة التاريخ...

وتبقى التطبيقات رهينة إرادة النظام السياسي المختطف من طرف ضباط لا يهتمون بالتعليم ولا والعدالة ولا بالتنمية ولا بالصحة   فلا القوانين ولا الزمن كفيل بإحداث إصلاحات في مجتمع مؤسس على الظلم جاهل ومريض وتعيش قرابة نصفه تحت خط الفقر. مجتمع قبلي تتجذ ر فيه الطبقية على أساس العمل(مثل حال لمعلمين ) والاسترقاق على أساس اللون في أغلب الأحيان كحالة الحراطين لكنه يظل مجتمعا مسلما يتقبل كل ما هو ثابت من شرع الله بمعنى أنه  لا يزال سليم الفطرة.

ضوابط حول الحلول

 

إن أي حل لا يتضمّن بين أهدافه القضاء على ثلاثي الفقر والجهل والمرض في البلاد عموما ولدى  الحراطين خصوصا هو ذرّ للرماد في عيون هؤلاء الذين يرزحون تحت نير العبودية منذ أربعة قرون وإن أي حل لا يعيد صياغة العلاقة من جديد بين الأسياد السابقين وأبناء العبيد هو من باب التهدئة لا أكثر ولا أقل وبعبارة أخرى يجب إعادة النظر في العلاقة بين القبائل والحراطين التابعين لها ليتمكنوا من الولوج الي  الثروات والامتيازات والخدمات وإن المصير المشترك يحتم على الجميع تأسيس عقد جديد للمساكنة على أساس الشراكة. هي إذا ضرورة إعادة تأسيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية من جديد على أسس من العدل و الأخوة الإسلامية الحقيقة واحترام حقوق الإنسان ومنها حق الاختلاف.

حول هوية الحراطين

 

إن أي حديث عن الوحدة الوطنية لا يأخذ في الحسبان أن الحراطين فئة مستقلة تمثل كما تمثل موريتانيا همزة وصل بين الزنوج والعرب، وبرزخا اجتماعيا يلتقي فيه الطرفان وليست فريسة سياسية  تتصارع كل من الفئتين على ضمّها من أجل تشكيل أغلبية ديمغرافية تضفي الشرعية على نظام الحكم الذي يتشبث به البعض ويريد البعض  الوصول إليه ... والواقع أن الحراطين يمثلون فئة وسطا بين الفئتين : فهم ينتمون بأصولهم إلى فئة الزنوج وبحضارتهم إلى العرب ولهم خصوصياتهم التي تميّزهم . فمتى يدرك مثقفو الحراطين ان  هذه الحقيقة توظيفها  كأداة لإصلاح ذات البين واستغلالها  كمصدر ثراء يمكنهم من الوقوف كشوكة الميزان على قدمين وعلى نفس المسافة من الخصوم من الفئتين ذواتي الشحنتين الكهربيتين مختلفتي الإشارة و بذلك  يتسنّى لهم لعب دور الإصلاح المنوط بهم, بعيدا عن تغذية صراع المصالح الدائر بين فئتي العرب والزنوج, منذ تأسيس الدولة في غياب الحراطين.                 

  عامل الوحدة في خطر

أما عامل  الوحدة الأقوى بين فئات المجتمع الثلاثة (العرب ـ الحراطين ـ الزنوج) فهو الدين الإسلامي الذي بدأ يتأثر هو الآخر بالصراع وذلك بسبب استخدامه كسلاح من طرف من نصّبوا أنفسهم حماة للدين في وجه البقية قديما: من أجل السيطرة عليهم، وحديثا بهدف الإبقاء على الوضعية الراهنة لأنها في صالحهم على الأقل في الوقت الراهن ...

مما جعل البعض يتوهّم أنه  مصدر شقاء ما دام يسلّط عليه سوط العبودية الجائر فيحاول نقل المعركة من ميدان السياسة وحقوق الإنسان إلى ميدان الدين  والله المستعان , لكن الله أراد تجديد هذا الدين ونشره بالدعوة.

إن الصحوة الإسلامية كفيلة بالقيام بالإصلاحات اللازمة في الجزء المتغير من الدين كالفقه لملائمته مع أحوال المسلمين المتغيرة مثلاً وجديرة بصقل وتنظيف الجزء الخالد  من الرسالة (العقيدة) من الخرافات والبِدع والفهم السقيم .

طريق الحل

لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ولقد(كنتم خير امّة اخرجت للناس تأمرون بالمعرف وتنهون عن النكر و تؤمنون بالله ,)  إن رجوع الجميع إلى الإسلام الصحيح هو السبيل إلى استرجاع الحقوق و إزالة الضرر وتأمين سفينة المجتمع من الغرق. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثَل القائم في حدود الله والواقِع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم في أسفلها فكان الذين في الأسفل إذا استقوا مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذِ مَن فوقنا فلو تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا ولو اخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا.البخاري إن الصحوة الحالية وإن كانت ترافقها  صفعات موجعة وابتلاءات عظيمة للأمة الإسلامية عموما، قد تشكل بداية الحل المنشود الذي يرضى به الجميع.

حول مسيرة الحراطين

أما مسيرة المطالبة بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي جرت يوم الثلاثاء 29.ابريل 2014 فهي خطوة في الاتجاه الصحيح وإعادة للقطار على السكة وطرح القضية بصيغة جديدة ,هذا إن كان الهدف منها هو الخروج من طور التشخيص إلى مرحلة توصيف الحلول.وهي خطوة أساسية في دفع عجلة النضال نحو تحقيق تقدم ملموس.

وقد شارك فيها الجميع لكن الشيطان يكمن في تفاصيل الإجابة عن أسئلة تفرض نفسها ولا بد من الإجابة عنها لنمضي قدُما في الاتجاه الصحيح وهو كالتالي: ما هي التغييرات و الإصلاحات اللازمة لاسترجاع حقوق مسلوبة من طرف من هو خصم وحكم في آن واحد؟ وهل الحقوق تُمنح أو تُنتزع؟  وكيف يتم ذلك؟ .... لقد ظهر تباين جلي في التشخيص والتقدير تجسد ذلك في تغيّب بيرام ومقاطعة مسعود لأن كلاهما في كفة من الكفتين المتقابلتين أي في الموقع الخطأ. أما راكبي الموج فكان الأجدر بهم تنظيف منازلهم قبل النزول إلى الشارع مرة أخرى. و ما دامت القضية في مرحلة التشخيص  الذي لم يكتمل فيما يبدو أو تنقصه الدقة، فالبيظان والحراطين يعانون من نفس المرض ، كمثل زوجين مصابين بمرض .ج.... 

وكل منهما يدفعه الشعور بالذنب إلى رفض الدواء ومحاولة إلصاق تهمة المرض بزوجه، في حين يظل الطبيب لحاجة في نفسه , مهادِنا لا يريد مصارحة المرضى. ولا هم مستعدون لتجرّع أدوية يرون أنهم في غنى عنها.هل يعقل ان نقدّم العلاج لأحد الزوجين دون الآخر ونضمن الشفاء وبعبارة اخرى يجب علاج الجميع من عقدة الاستعلاء وعقدة الدونية وهما وجهان لمرض واحد . فإلى أين نحن نسير يا ترى ؟؟؟  وعلى أية حال من خاف أد لج ومن سار على الدرب وصل. 

الطريق الى الحرية/ محمد مولود اباه

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox