نقاط الالتقاء بين الإصلاحيين والرئيس محمد ولد عبد العزيز
الأربعاء, 21 مايو 2014 20:52

 altaltتشهد المنطقة العربية منذ العقود الثلاثة الأخيرة تزايدا ملحوظا في المد الإسلامي الجارف وخاصة من تيار الإسلام السياسي المعتدل  ( الإخوان المسلمون ) يأتي ذلك بعيد تراجع التيارات القومية والليبرالية التي كانت مسيطرة قبل ذلك .

     وفي ظل موجة الثورات وما اتفق على تسميته في الإعلام بالربيع العربي برز بشكل جلي وواضح ما للتيارات الإسلامية من حضور قوي كاسح بشكل عام ولحركة الإخوان المسلمين بشكل خاص , حيث فازت الحركة بكل الاستحقاقات التي أجريت في مصر.  وفي تونس كان تسيدها للمشهد السياسي أكثر رسوخا وثباتا , وفي ليبيا والمغرب والجزائر ... لا يقل تواجدهم عن ما هو في البلدان الأخرى .

      والقارئ لهذا المشهد بكل تجرد وموضوعية وصدق مع الذات وبغض النظر عن اتفاقه مع الإسلاميين أو اختلافه معهم لا يمكن إلا أن يقر بأن التيار الإسلامي الوسطي ( حركة الإخوان المسلمين ) قد استطاع أن يصل بخطابه إلى فئات واسعة من الشعب العربي في مختلف أقطاره وأن تلك الشعبية في ازدياد مضطرد بغض النظر عن بعض الأخطاء التي وقع فيها الإسلاميون هنا وهناك والتي كانت ضرورية في بعض الأحيان لمراجعة بعض المنطلقات الفكرية والسياسية للحركة .

 ولم تكن موريتانيا رغم خصوصيتها بمعزل عن الظهور القوي للتيار الإسلامي فيها وذلك ما تجلى في الانتخابات النيابية والبلدية الأخيرة .

وما أعنيه بخصوصية موريتانيا – خوفا من التباس المعنى- هو أن جميع المنشغلين بالشأن السياسي ليسوا ضد الإسلام رغم أن فيهم العلمانيين والليبراليين الذين لا يستطيعون المجاهرة بالتصدي لظاهرة الإسلام السياسي الشيء الذي لا يوجد في البلدان الأخرى حيث توجد أحزاب سياسية لا تخفي ولا تنكر عداءها ومحاربتها للإسلام رغم أنها تشترك نفس المرجعية الفكرية مع نظراءها في موريتانيا . ونظرا لكون الصراع يتخذ من الشعب مادة فإن من يريد الشعب الموريتاني لا مكن أن يفصح عن مكنونات نفسه التي لا تريد للإسلام أن يتسيد المشهد السياسي في موريتانيا .

وهنا مربط الفرس , والتساؤلات التي ما زالت تبحث عن إجابات من الإسلاميين أنفسهم .

أولا يعلم الإسلاميون أن حلفاءهم السياسيين إذا ما نظرنا إلى خلفياتهم الفكرية والعقائدية سنجدهم بين الشيوعيين الماركسيين والليبراليين الغربيين والقوميين الناصريين ؟.

وعند التأمل في التجربتين المصرية والتونسية نجد أن من تآمروا على الإسلاميين في هاتين التجربتين هم في الأساس موزعون بين هذه التيارات الثلاثة التي تدعي الإيمان بالديمقراطية وتدعو إليها لكن في حالة فوز الإسلاميين فإن النكوص عن ذلك الإيمان  يصبح .      !أمرا واردا بل وواجبا تفرضه المصلحة القومية والأمنية  ؟

   قد يظن البعض أن هذه دعوة إلى فك الشراكة بين الإصلاحيين وحلفاءهم السياسيين في المعارضة الموريتانية , لكن الأمر ليس كذلك بل هو تنبيه إلى أخذ أسباب الحيطة والحذر والاستفادة من أخطاء التجارب المجاورة .

    أقول ذلك من منطلق أنني أرى أن المستقبل السياسي في موريتانيا على المديين المتوسط والبعيد هو للإسلاميين بلا منازع ’ ثم إنني أتفهم خلافهم السياسي مع النظام القائم وهو أمر مشروع بل وضروري لمصلحة الشعب الموريتاني. ولكن هل ينبغي أن تكون تلك المعارضة لا تنطلق من رؤية واضحة ومن خلفية فكرية وسياسية لما يريده ويتبناه التيار الإسلامي نفسه ؟. أولا يمكن أن توجد قواسم مشتركة بين الإسلاميين والنظام القائم أكثر منها بينهم وحلفاءهم السياسيين الحاليين ؟

ولكي ننصف الرئيس محمد ولد عبد العزيز الذي لا نعرف له خلفية فكرية أو سياسية إلا أنه قام بالأمور التالية :

-  فتح حوار مع السلفيين في السجون قاده جمع من العلماء الكبار دعا من خلاله إلى النقاش بالحجة والدليل .

-  استقباله للدعاة بعد فاجعة مالي ووصفهم بأنهم رسل محبة وسلام .  فأين الزعيم العربي الذي أطلق مثل هذا الوصف على الإسلاميين ؟

- قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني البغيض وقد كان مطلبا من أهم مطالب الإسلاميين والشعب الموريتاني عموما .

- قوله بأن موريتانيا دولة إسلامية وليست علمانية ولن تكون كذلك .

-  إنشاء إذاعة القرآن و تلفزيون المحظرة وطباعة المصحف ... في الوقت الذي يشتد فيه الخناق على مثل هذه الأعمال الإسلامية في الكثير من البلدان الأخرى .

-  اكتتاب كثير من أئمة المساجد وشيوخ المحاظر ومنهم العديد من المنتسبين للتيار الإسلامي .

فعل الرجل ذلك وكما أسلفنا لا نعلم له خلفية فكرية ولا سياسية إلا أنه كالكثير من أبناء قطره يتمثل الإسلام بالفطرة .

أولا يمكن أن تشكل تلك الإنجازات أرضية للتلاقي .؟

   أنا لا أدعو بالمطلق الإسلاميين إلى الانضمام إلى الأغلبية ولا إلى الرئيس محمد ولد عبد العزيز بل أريدهم أن يظلوا المرتكز الأساس في معارضة مسؤولة ناصحة تسمح لنفسها بالتلاقي أحينا وبالتجافي أحيانا أخرى حسب ما تقتضيه المصلحة الوطنية التي يجب أن تظل فوق كل الاعتبارات.

محمد عبد الرحمن ولد سيداتي ولد اجيه  

نقاط الالتقاء بين الإصلاحيين والرئيس محمد ولد عبد العزيز

إعلان

السراج TV

تابعونا على الفيس بوك


Face FanBox or LikeBox