دور الوسواس الخناس في كتاب " لمعلمين و الإحساس ببطر الحق و غمط الناس" |
الثلاثاء, 03 يونيو 2014 10:02 |
2/ الشرط الثاني أن تكون موافقة لشرع الله لأن الله لا يعبد إلا بما شرع و ذلك للحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد " متفق عليه ، و في رواية علقها البخاري و أسندها مسلم : [ من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " ، 3/ و الشرط الثالث : أن تكون هذه العبادة خالصة لوجه الله تعالى خالية من أمراض القلوب من عجب و كبر و رياء و تسميع و مراءاة و حسد ، الخ ... فأين أنتم أيها الكرام مؤلفو كتاب " لمعلمين و الإحساس ببطر الحق و غمط الناس " من هذه الشروط ؟ علما بأنكم أئمة في الإمارات العربية . كما أن فقه تغيير المنكر أن المنكر يزال انطلاقا من قاعدة " الضرر يزال " لقوله صلى الله عليه و سلم : [ لا ضرر و لا ضرار ] المخصصة بقاعدة " الضرر يزال بما هو مثله أو بما هو دونه لا بما هو أعظم منه " و ذلك لقوله صلى الله عليه و سلم للصحابة رضوان الله عليهم : [ لا تزرموه لا تقطعوا عليه بولته ، و اجعلوا عليها سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء ] فقال الأعرابي : " اللهم ارحمني أنا و محمدا و لا ترحم معنا أحدا " فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " لقد حرجت على واسع ] " قلت و ذلك لأن رحمة الله وسعت كل شيء . و قد قيل للآخر لماذا لا تعظنا ؟ فقال : لأنني أخشى ثلاث آيات من كتاب الله يوم أعمل بها سأكون من الواعظين ، الأولى منها { أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم و أنتم تتلون كتاب الله } و الثانية { و ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت } و الثالثة { لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } ألا ترون أيها الإخوة الكرام أن كتابكم كان أشد حدة من خطاب الصحابة رضوان الله عليهم مع أن الأعرابي بال في خير بقعة في العالم لما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم عن جبريل عن ربه أنه قال جل و علا : [ فخبره أن خير البقاع المساجد و شر البقاع الأسواق ] أحمد و مسلم و ذلك لأن الأسواق يفرخ فيها الشيطان و ينسي عن ذكر الله و يحرش بين الناس و قد أخرج أبو داود من مرسل سعيد بن المسيب ـ ختن أبي هريرة و كان يكثر الإرسال عنه ـ أن النبي صلى الله عليه و سلم كان جالسا مع أبي بكر الصديق و غيره فجاء رجل فوقع في أبي بكر ، فصبر أبو بكر فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم وقع فيه ثانية فصبر أبو بكر فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم ، ثم وقع فيه ثالثة فانتصر أبو بكر الصديق لنفسه فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال أبو بكر الصديق : يا رسول الله ، هل وجدت علي ؟ فقال : لا ، و لكنك كنت كلما صبرت نزل ملك يدافع عنك فلما انتصرت لنفسك نزل الشيطان ليحرش بينكما و أنا لا أجلس في مكان فيه الشيطان ] و يشهد له من كتم غيظا قادرا على أن ينفذه ، الحديث ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى فإن الفتيا تحتاج إلى أشياء بيناها في كتابنا " المجالس العليا للفتوى و أثرها على الفتوى أو الحكم الشرعي المعاصر بين تحديات العصر و معيقات الإفتاء " فلا بد للفتوى أولا من معرفة حيثيات الوقائع لأن الحكم على الشيء جزء تصوره ، ثم لا بد من الفتوى من التجرد من الذات و الانتماء حتى يتمكن المرء من التوقيع عن الله أو إظهار حكم الله بعيدا عن الأنا و الذات ، و هذا ما سقطتم في فخه إذ جعلتم شريحة لمعلمين لا عيب فيها البتة و إنما العيب كل العيب في مجتمع البيظان الذي يعيبهم بكثير من الأمور ، و قد ذكرتم كثيرا من تلك المعيبات و تركتم الترهيب من نكاحهم و إنكاحهم ، فالبعض يزعم أنه من تزوج بقينية يأتي يوم القيامة و أصبعها في دبره ، الخ ... و هذا مما يستحق الشجب و الإنكار مع أن ذلك لم يمنع الكثير من التزاوج مع لمعلمين ، و أما قولهم " لا خير في الحداد و إن كان عالما " و قول الآخر : " شهادة القيني ترد أبدا ** و المقتدي يعيد أبدا " فرد شهادته و أبطل إمامته ، فينبغي البحث عن سبب ذلك حتى يكون الرد منطلقا من حيثية المسألة ، قال ابن عاصم : " العدل من يجتنب الكبائرا ** و يتقي في الأغلب الصغائرا ** و ما أبيح و هو في العيان ** يقدح في مروءة الإنسان " فكل من ثبتت عدالته قبلت شهادته و صحت إمامته إذا كان رجلا مكلفا يأتي بالأركان و حكما يعرف . فحسب رأيي و قراءتي لكم أعتبركم قد قصرتم في تقديم المسألة بحياد و موضوعية ، فأخطأتم في العلاج فجاء ذاتيا في شكل تحامل و شجب و غضب بعيدا من الدربة و الارتياض اللذين تتطلبهما الفتيا الشرعية ، بل و لم تراعوا مآلات الفتيا أو ما تؤول إليه و هو من أهم اعتبارات الفتيا بعد تخريج المناط و تنقيحه و تحقيقه ، فقصرتم في ذلك تقصيرا شديدا ، فجاءت رسالتكم عبارة عن صب الزيت على النار ، و قد قرأتها في وقت نطالب فيه بتطبيق شرع الله فيمن سب سيد بني آدم ، نبي الهدى و التقى الحبيب المصطفى ، فكانت رسالة عبارة عن تزكية لشريحة لمعلمين و صب جام الغضب على مجتمع البيظان و كأن لمعلمين ليسوا جزئية من هذا المجتمع ، فدعاني ذلك إلى التنبيه على أن لمعلمين لهم عيوبهم قد يكون بعضها ما دفع صاحب النظم إلى نظم زلته ، نذكر من ذلك أعمالا مشينة و أخلاقا مهينة ، منها : 1/ الغش و التزييف و التزوير في المعاملات و قد تحقق إجماع الأمة على تحريم ذلك المستند على الكتاب و السنة المتواترة . 2/ الربا في الذهب و الفضة أثناء الصياغة و المعاملات و قد وقع الإجماع على تحريم ذلك المستند على الكتاب و السنة ، و كل من اتصف بهذه الصفات يرد الشرع شهادته لأنه لم يعد عدلا حتى يتوب من ذلك . هذا مع أن الغش و الربا و الغرر لم يعد خاصا بهذه الشريحة اليوم و إن كانت قد عرفت به من قبل . فهل إذا ردت شهادة أصحاب البنوك الربوية و عمالها و كذلك أصحاب التأمين القائم على الغرر و كل المجاهرين بالكبائر يقال بأنهم مضطهدين أم أن الشرع هو الذي رد شهادتهم صيانة لمقاصده . 3/ هناك ما هو أخطر من كل هذه الكبائر و هو الذي أدى ـ في نظري ـ إلى الإزدراء و الاحتقار بهذه الشريحة و هو أن الكثير من هذه الشريحة ـ رجالا و نساء ـ ارتضى لنفسه امتهان سفاسف الأعمال كالدلالة أو الوساطة بين الشباب و الشابات ، فكان مذاء ، و أحيانا ديوثا ، فأهان هؤلاء من امتهن هذه المهنة القذرة ، بل و أهانوا أنفسهم قبل أن يهانوا ، و هكذا تولد عن هذه الوضعية كثير من الأخلاق السافلة التي لا داعي إلى ذكرها بالتفصيل . مع أنك تجد الكثير من هذه الشريحة تركت المهن الحرفية و اشتغلت بالعلم فكان بعضها يصيبهم الهوان بسبب هوان أبناء عمومتهم و بعضهم استطاع أن يرتقي إلى الإفتاء و التزاوج مع الزوايا و الأشراف ، فنحن نعرف في جميع القبائل أسرا في أعلى هرم المجتمع و يقال إنهم في الأصل من شريحة لمعلمين ، و مجتمع البيظان يقول و يردد : كن ابن من شئت و اكتسب أدبا ** يغنيك مضمونه عن النسب إن الفتى من يقول هاأنذا ** ليس الفتى من يقول كان أبي و قد قال جل من قائل { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } أما غوصكم في الأصول و طعنكم في الأنساب فهو غوص في فخ نتن أربأ بكم عنه و إلا كنت واهما في تقييمكم ، فجانبكم العقائدي الطيب كان منفصما انفصاما تاما عن النزعة الشعوبية المتمردة على المجتمع و التي تذكرنا بالنزعة الشعوبية التي بينها بشار بن برد حين افتخر علينا بقوله : ألا هل من مخبر عني جميع العرب *** من كان حيا منهم أو قد ثوى في الترب بأنني ذو حسب عال على ذي الحسب *** جدي الذي أسمو به كسرى و ساسان أبي فإنني أربأ بكم أن تسخروا الدعوة السلفية للدعوة لأتون الحروب الطائفية ، فالدعوة لها حكمتها ، قال تعالى { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي أحسن } أي بالحسنى و بأمثل ما عندك ، و قد جاءت كل الشرائع لدرء المفاسد و جلب المصالح و نشر مكارم الأخلاق و محاسنها بغية حفظ الدين ثم النفس ثم العقل و المال و النسب و العرض ، و قد وقعتم في أعراض الناس و عرضتم أعراضكم و أعراض الشريحة التي تدافعون عنها إلى ما هو أخطر ، و بما لا يخدم شرع الله في نظري ، فهذه نصيحة مني لكم بوصفي أسن منكم و أقدم منكم في الدعوة ، أيها الأحبة الكرام ، و ذلك انطلاقا من قوله صلى الله عليه و سلم " الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة " قلنا لمن يا رسول الله ؟ قال : " لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم " فمجتمعنا ما زالت النزعة الجاهلية تنفح من أصحابها ـ عند التنازع و التباغض ـ روائح نتنة منتنة حيث تطعن كل قبيلة في أصل الأخرى و تنفي عنها نسبها الذي تدعي و تلصق بها بدله نسب زنوج أو يهود أو نصارى أو بربر ، الخ ... قلوا لي بالله عليكم ما ينفع الشريف عندما يوضع في القبر ، فإنه يتبعه أهله و ماله و عمله ، فيرجع منهما أهله و ماله ، و يبقى عمله " و من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " و قد قال جل و علا { فلا أنساب بينهم يومئذ و لا يتساءلون } ، و قد صح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ انصر أخاك ظالما أو مظلوما ] " و انطلاقا من هذا الحديث أقول للحسن ولد الشيخ سليمان أنني آخر عهد به كان لما زارني سنة 2006 م و عنده شجرة آل صالح آخر أمراء امبراطورية غانا حيث تسمت عاصمتها باسمهم " كومبي صالح " أي دار صالح أو كوخ صالح ، و كان آنذاك متحمسا لشرفها و نصحته بالتريث ، و الآن أنصحه ، هو و الإخوة الذين معه ، بما يلي : 1/ المراجع التاريخية التي انطلقتم منها و جعلتموها مطيتكم المفضلة محل نقاط استفهام و تشكيك لما يطبعها من الذاتية تجعلها قليلة المصداقية ، و أولهم الأخ الحسين ولد محنض فإنه ميال إلى نشر الغرائب و كل ما يدعو إلى التشويق و ما يثير الدهشة ، كما أن د/ حماه الله ولد سالم أخبرني في جلسات معه حيث صرح لي بأنه يخاف علي من النوادي الماسونية في وقت كنت أحذر فيه من تغلغل الماسونية و التنصير ، و قد بينت له أن قضية الأوقاف فخ قد يعاب عليه ، و أما إسلم ولد محمد الهادي فحافز كتابه أصلا هو الرد على المختار ولد حامدو ، و لقد جمعت قبل هؤلاء الثلاثة الأول ما فيه كفاية من المراجع لكتابة تاريخ موريتانيا و إشعاعها العلمي ، فلما سمع بي نقيب شرفاء تيشيت الشيخ محمد الأمين ولد الشريف المختار ـ رحمه الله و إيانا ـ كان يعرض علي كل سنة مرافقته إلى تيشيت فلما سألته ما السبب في ذلك و أنا من أكثر الناس نخيلا في تجكجة و نعتبر تمور تيشيت كثيرة الملح ، فضحك و أخبرني بأنه يريد أن يزودني بما عندهم من المعلومات حتى لا ننساهم ، فأجبته بأنني لما جمعت جميع المعلومات و لم يبق سوى التحرير فكرت في عقوبة ما سأكتبه فإذا بي أمام تدوين الكذب أو تعريض نفسي للتعذيب و الإهانة ، فضحك حتى بدت أنيابه ثم قال لي : هذا ما قاله لي الأستاذ محمد ولد مولود ولد داداه ، و كان الشيخ عبد الرحمن ولد داداه حاضرا فشهد له . 2/ فيما يخص بردكم على الشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيدي المختار الكنتي أقول لك أيها الكريم هداني الله و إياك إلى أسلوب الدعوة الصحيحة الصادقة ، لو كان تحاملك عليه بسبب ما ادعاه " من كرامات " و ناقشته فيها و فندتها انطلاقا من عقيدة أهل السنة علما بأن عقيدة أهل السنة تؤمن بالكرامات ، بل الكرامات ركن منها كما بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في رسالته " الفرقان بين أولياء الرحمن و أولياء الشيطان " حيث بين أن الكرامات كانت أكثر في التابعين منها في الصحابة ، بل لو اتهمته أنه أضفى صفات الخالق على المخلوق لوجدنا لك مخرجا ، و سكتنا منصفين لك ، أما و قد نفيت أن عقبة بن نافع وصل حدود نيجريا أو النيجر ، فإن صديقك حمدي ولد حيده سألني مرة ـ و لعلك كنت حاضرا ، لا أستحضر الحضور ـ عن قبيلة البري بري لأنها رأى ذكرها في كتب التعديل و التجريح و أنها أكذب قبائل الزنوج و أن عكرمة ، مولى ابن عباس ينحدر منها . و قد أجبته بأن هذه القبيلة موجودة مع التوبو في حدود نيجريا و النيجر و اتشاد و ليبيا و لكنها يغلب على أهلها التقوى و الاستقامة ، و الله أعلم . ثم قرأ علي الأستاذ القاسم البيهقي ، أستاذ التاريخ و الفكر الإسلامي ، في الجامعة الإسلامية بالنبيجر بساي مداخلة له في مؤتمر حضره بالجزائر حيث أكد فيه أن إقليم غاوار أو كاوار ، في الجنوب الشرقي من النيجر ، قد فتحه جيش الفاتحين بقيادة عمرو بن العاصي رضي الله عنه صحبة عقبة بن نافع و غيره و ذلك بعد فتح مملكة طبرق بليبيا حيث أرقتهم الملكة الساحرة ، و القاسم البيهقي هذا من قبيلة كلقلال تسكن في أبلغ مع إكدالن . و يؤيد ما أكده القاسم البيهقي هذا أن الجيش قد جاءته الأوامر لقائده عمرو رضي الله عنه أن يتوجه إلى الأسكندرية و مصر ، و أن يترك قيادة ما تبقى من الجيش لعقبة بن نافع حتى يتابع الفتوحات كما في كتاب " زعماء الإسلام " ، كما يؤيد ذلك أيضا أن عكرمة ، مولى ابن عباس ، من هذا الإقليم و أنه من البربري ما كتبه عمر بن حسن فلاته في كتابه " الوضع في الحديث " ، المجلد الثالث ، حيث سرد أسماء من اتهم بالكذب من رجال الكتب الستة ، و منهم عكرمة البربري و قد بينت حقيقة عكرمة البربري في المجلد الثاني من كتابي " تنبيه المقلد الساري على حديث من جرح من رجال مسلم و البخاري " ، فتحاملك على هذا العلامة أو المؤرخ و تكذيبك إياه لا يليق بك كداعية إلى الحق ، لأن الحق أحق أن يتبع ، هداك الله و إيانا إلى الحق و السداد و الرشاد . 3/ أخبر هؤلاء الإخوة الغيورين على دينهم أن أكثر ما نواجهه و يهدننا حقيقة المد الشيعي الصفوي الفارسي عن طريق تيارين هما : التيار الأول يتزعمه أحد العاملين في المحاسبة و يزعم أنه تتلمذ على السستاني ، و من وراء السستاني روحاني و مشروع نشر المد الشيعي الفارسي ، و يدعي هذا الشيعي ما تدعيه أنت هنا يا حسن أنه من أصل جعفري هاشمي لأنه من بني حسان ، و التيار الثاني أمينه العام أحد عناصر فالات كنار من تكماطين ، يعني أنه ابن عمك ، و لما كان الخلاف في شرفهم معروف معلوم حاولوا تحقيقه من خلال المد الشيعي الفارسي الصفوي على ضرار دعوة بشار بن برد و التعالي بالأحساب و الطعن في أنساب الآخرين و الازدراء بهم ، و ما ذهب إليه د م حماه الله في نسب بني حسان هو المشهور عند المؤرخين ثم إن بني حسان ليسوا هم الذين نشروا الدين الإسلامي و لا اللغة العربية و لم يأتوا بمشروع يستحق الذكر ، بل المؤرخون لا يحمدون سيرتهم التي دفعتهم إلى الهجرات حتى وصلوا بلادنا ـ بلاد شنقيط ـ التي قامت بنشر العلم النافع حتى شهد لها بذلك القاصي و الداني حتى قال أهل النيجر و اتشاد و السودان " إذا رأيت الشنقيطي يفعل شيئا فافعله " لأنهم تعودوا على رجال علم أخلصوا العمل لله في طريقهم إلى الديار المقدسة فكانوا قدوة يحتذى بها . فكان ينبغي أن تكونوا أحسن خلف لهذا السلف الصالح بدل أن تصبوا الزيت على النار بإشعال الفتن و بطر الحق و غمط الناس ، فهؤلاء الزوايا كانت لهم حضارة أخرجت من مثلهم في الغرب و الشرق حتى أصبح مصطلح الشنقيطي رمزا للعلم و الورع و التقوى فديوان الشعر عندنا لا يكاد يذكر إنسانا منحدرا من بني حسان ، و كذلك من ألف في الفقه و الأصول و الحديث و النحو و البلاغة و اللغة ، فانتبهوا حتى لا توصفوا بأنكم كديك يناطح صخرة ، و لكن كتب التاريخ تذكر بل تتباهى بحضارة المرابطين حيث نشروا الحضارة العربية الإسلامية و أعادوا افتتاح ما وصل إليه التابعي الجليل عبد الرحمن الغافقي حيث دفن في مدينة ابواتيا حوالي 65 كم من باريس ، عاصمة فرنسا الآن ، فراجع حياته يا حسن من كتاب " صور من حياة التابعين " كما ينبغي أن تراجع معركة زلاقة التاريخية تعرف جهود المرابطين و أنهم أصحاب حضارة شعشعت بفخر و إكبار على ربوع الغرب و شمال افريقيا ، و كانت عقيدتهم صحيحة ، فالتاريخ يشهد لهم بذلك و قد أقدموا على إحراق كتاب " إحياء علوم الدين " للغزالي لما فيه من مواد فاسدة بينها علماؤهم فراجع كتاب الونشريسي و كتاب " الأسباب الحقيقية لحرق إحياء علوم الدين في عهد علي بن يوسف بن تاشفين " تعرف أين الحق يا حسن و بقية الإخوة الكرام . كما أنكم قد خلطتم و غيرتم و زيفتم عندما جعلتم أن الموحدين من الباطنيين العبيديين انطلاقا مما كتبه الإمام الذهبي عن محمد بن تومرت ، فمحمد هذا مات قبل إرساء دولة الموحدين ، و إن الموحدين ليسوا عبيديين و لا باطنيين بل مالوا إلى تحكيم كتاب الله و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم و سأكتفي بتقديم الحافظ أبي الحسن بن القطان الفاسي المتوفى سنة 628 هـ بسجلماسة ، فقد نصب الموحدون هذا الحافظ الجهبذ في علوم الحديث رئيسا للطلاب ـ و هي عبارة تعني المفتي العام اليوم ـ و له كتابان من خيرة الكتب : الأول منهما كتاب " بيان الوهم و الإيهام الواقعين في كتاب الأحكام " حيث تتبع أوهام و إيهامات الحافظ عبد الحق الإشبيلي في كتابه " الأحكام الوسطى " و قد صدر من الذهبي كثير من الأوهام المتعلقة بالكتاب و صاحبه بينها د/ إبراهيم بن الصديق الغماري في تحقيقه لهذا الكتاب لنيل الدكتوراه في الحديث من دار الحديث الحسني بالرباط ، و كان هذا الكتاب مرجعا نفيسا لكل من اشتغل على تخريج أحاديث الحلال و الحرام كالزيلعي في " نصب الراية تخريج أحديث الهداية " و ابن حجر في " تلخيص الحبير تخريج أحاديث الرافعي الكبير " و كذلك في كتب التعديل و التجريح كالذهبي في " ميزان الاعتدال " ، و ابن حجر في " لسان الميزان " و قد يتحامل عليه بعض المتعصبة كالدكتور عبد الفتاح أبو غدة في تحقيقه " للرفع و التكميل في الجرح و التعديل " و قد بينا أوهام من تحامل عليه في كتابنا " إنارة المصابيح على قواعد التعديل و التجريح و قواعد التعليل و التصحيح " و الكتاب الثاني " كتاب الإقناع في مسائل الإجماع " و قد جمعه من 23 كتابا و قد اشتغلت عليه تحقيقا و تخريجا في كتابي " الإشعاع و الإقناع بمسائل الإجماع " و عقيدته من أصح العقائد و قد أغنيتها بالتأصيل و الأدلة من الكتاب و السنة حيث يمكنني أن أقول بأن شيخ الإسلام ابن تيمية انتقى عقيدته منه و من كتب ابن عبد البر و قد نقل منها ابن القطان ، مع أن الموحدين نفوه إلى سجلماسة بعد ذلك و بقي بها حتى توفي سنة 628 هـ حوالي أقل من أربعين سنة قبل ميلاد ابن تيمية . و أخيرا أوصيكم و أوصي نفسي بتقوى الله و بالصدق مع الله و مع رسوله صلى الله عليه و سلم و مع الذات ، قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا اتقوا و كونوا مع الصادقين } فمن أين نفيكم لوجود العنصر العربي في غير امبراطورية غانا و بني حسان ، فنحن نذكركم بأن الهجرات ازدادت مع تجارة القوافل التي سهلت التنقلات بعد أمر عبد الرحمن بن حباب بحفر آبار طيلة الصحراء حتى يتمكن التواصل بين الشمال و الجنوب و المؤرخون يذكرون بأن هذه القوافل كانت تسوق سنويا حوالي 20.000 عبدا مع الكثير من كميات الذهب حيث توطن تجار من جميع فصائل الشعوب المغاربية العربية لتسهيلها حتى اليهود و النصارى كانت عندهم حوانيت في وادان و ولاتة و تيشيت ، فكيف تنفون هذه الحقائق التاريخية . بل و مؤرخو مالي يشهدون أن جيوشا غزت تمبوكتو في عهد السعديين لتعيد طريق القوافل إلى طريقها الطبيعي ، بل و جاءت هذه الجيوش إلى شنقيط و تيشيت و ولاتة و تمبوكتو و ادجنين ، فراجعوا الوقائع التاريخية . بل ساعدت تجارة القوافل على انتصارات جيوش المرابطين ، بل في مخطوط كتاب ابن القطان الفاسي " الإفناع في مسائل الإجماع " أسئلة حول التركة موجهة إليه من تمبوكتو ، فكان حريا بكم أن تتقيدوا بقوله جل و علا { و لا تقف ما ليس لك به علم إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا } فتذكورا قوله جل و علا { هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون } و قد قال جل و علا { و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } . و سأتوسع في الرد لأضيفه إلى الفصل الأول من كتابي " الحكم الإسلامي المعاصر بين تحديات العصر و معيقات الإفتاء " كما أطلب منكم أن تراجعوا مقالي : " شذا البيطار لقتل من سب سيد الأخيار " و " السيف المسلول لقتل ممزق القرآن و شاتم الرسول " على غوغل . و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين . كتبه العبد الفقير إلى الله : المصطفى ولد إدوم داعية مستقل و باحث في العلوم الشرعية و مؤسس الدعوة من بلاد شنقيط الجوال : 46727242 / 22318137 E- mail : almourabitoune@yahoo.fr |