المحامي ولد أكاه : أحمل رؤية للإصلاح (كلمة) |
الأربعاء, 18 يونيو 2014 18:47 |
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين سيدنا محمد و على آله صحبه و سلم تسليما كثيرا
عمدائي الأفاضل زملائي الأعزاء زميلاتي الكريمات أرحب بكم في هذا اللقاء المبارك الذي يضم أفراد هيئتنا الموقرة ، أمل المجتمع و سند الضعيف و لسان الصدق في نشر العدل و إقامة القسط و إحقاق الحق . أرحب بكم ترحيبا يليق بمكانتكم الأثيرة عندنا، ترحيبا كما يقول الشاعر : لو تعلم الدار من قد زارها فرحت و استبشرت ثم حيت موضع القدم و أعلنت بلسان الحال قائلـــة أهلا و سهلا بأهل العز و الكـرم
أيها الحضور الكريم؛ أنتهز هذه السانحة لأنوه برجال هذه المهنة الذين سهروا على تطبيق العدالة في هذا المجتمع مستهينين بما يلاقون من عناء و تثبيط، مترحما على موتاهم و داعيا الله للأحياء بالعافية و الفوز و السلامة، و أسأل الله لرجالها أن يكونوا كما قال تعالى : "رجالا صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا " صدق الله العظيم . أيها الحضور الكريم ، عمداء و زملاء و زميلات . منذ ثلاثة عقود و نصف و هيئتنا هذه تنوء بمسؤوليتها النبيلة ، فما هو الحصاد الذي نجنيه نحن الآن منذ خمس و ثلاثين سنة؟ خمس و ثلاثون سنة من غياب البناء المؤسسي رغم تعاقب تسعة نقباء و أربعة عشر مجلسا خلال أربع عشرة مأمورية . خمس و ثلاثون سنة من غياب البناء الاجتماعي . خمس و ثلاثون سنة و لا و جود لمقر خاص للهيئة حتى الآن . خمس و ثلاثون سنة و لا و جود لتأمين صحي ولا آخر للمعاش. خمس و ثلاثون سنة و دور المحامي محصور في وكالة الخصومة لا مشاركة له و لا حضور على مستوى المصالحة و الوساطة و المفاوضة و التحكيم. خمس و ثلاثون سنة و الجهود المبذولة في الوعي بخصوصيات الهيئة و مثالياتها و نضج عقليتها دون المطلوب . خمس و ثلاثون سنة و لا نشر و لا إصدار من الهيئة يخدم مقاصدها و ينير مسالكها. خمس و ثلاثون سنة و الهيئة محرومة من الحصول على أي امتياز فمازالت في ذيل البروتوكول رغم أنها عون للقضاء و ساهرة على العدل الذي تعد و زارته من وزارات السيادة. ما زالت محرومة من حق السكن الذي يجب لكل مواطن ما زالت محرومة من فرص حج بيت الله الحرام التي توزع سنويا على هيئات المجتمع المدني. خمس و ثلاثون سنة دون أن تمتلك الهيئة موارد مالية ذاتية فمازالت رهينة استجداء المنح و الهبات. خمس و ثلاثون سنة من غياب التخصص و التكوين المستمر. خمس و ثلاثون سنة و المحامي غائب عن دائرة التصنيف لدى المصارف محروما - بالتالي – من فرص التمويل . خمس و ثلاثون سنة و مكانة المحامي عند المجتمع و السلطة منبعها شخصي خارج عن دائرة اللقب. خمس و ثلاثون سنة و اليد صفر من أي مكسب اجتماعي . إذن ، واقع قاتم ليس فيه من بصيص أمل إلا بقدر ما تمثله العذبة النحرية البيضاء في بذلتنا السوداء.
أيها الحضور الكريم ،
آن الأوان أن نضع معالم على الطريق آن الأوان أن نستشرف مستقبلا أكثر وضاءة و إشراقا آن الأوان أن نزرع لكي نحصد مستلهمين قول المناضل المصري مصطفى كامل : " إذا لم نجن ثمرة عملنا و جهادنا في حياتنا فإننا على الأقل نضع الحجر الأول لمن يأتي بعدنا" . آن الأوان أن نكشف عن ساعد الجد لسد على الأقل هذه الثغرات.
زملائي الأعزاء ؛
اليوم أخاطبكم مستشعرا حجم المسؤولية و مدركا كل الإدراك أن الخلل لابد من معالجته و المسيرة لا بد من إكمالها ، و ذلك لا يتم إلا بدعمكم لهذا البرنامج الذي أهلني من بينكم عمداء و زملاء لتقديمه و عرضه أمامكم ،والسعي على تحقيقه، فلهم مني كل التقدير و الإكبار .
عمدائي و زملائي الأفاضل ؛
لقد لاكت الألسن كثيرا موضوع السن كمعيار للترشح لمنصب نقيب المحامين رغم حسمه قانونيا . و لكم في التاريخ أمثلة و عبر ، فكثير من أصحاب المنجزات الضخمة شباب . و لا غرو فتلك فترة القوة و النشاط و الحيوية ، و هي فترة الجسارة و التضحية و البذل أحرى إذا اعتمدت الآن على تجاربكم و خبراتكم و توجيهاتكم ، أيها العمداء و الزملاء . و لا غرو فالمرء بأصغريه " قلبه و لسانه " لسان الفتى نصف و نصف فؤاده فلم يبق إلا صورة اللحم و الدم
و لا تتجلى هذه الحقيقة في أي مجال من المجالات بقدر ما تتجلى في مجال مهنتنا. فكم كان عمر النقيب المرحوم محمد شين عند ما تولى مأمورية قيادة الهيئة ؟ و كم كان عمر النقيب يعقوب جلو حفظه الله عند ما تولى مأمورية قيادة الهيئة ؟ و كم كان عمر النقيب محفوظ ولد بتاح حفظه الله عند ما تولى مأمورية قيادة الهيئة ؟ لقد كانوا شبابا في مثل سني الآن بالضبط و كانت التحديات أعظم و أجل . فهل ضيعوا المهنة ؟ لا ، بل صانوها و حفظوها .
فلهم كل الثناء الذي يستحقون ، و لهم و لكم الوعد بالسعي و العمل للإصلاح من شأن المهنة برسم طموحات لها أبعد عموديا و أشمل أفقيا و الحصول لها على مكاسب تتعلق بتوسيع صلاحياتها و تفعيل شراكتها و توطيد دعائم و مرتكزات و جودها و زيادة امتيازاتها. إن الواقع يقتضي التجديد و التطوير و تغيير الأساليب و الأشكال انسجاما مع الواقع و استلهاما لمنطق حركة التاريخ التي تفرض الارتقاء بالمحامي من دور الوكيل إلى الوسيط و المفاوض و الحكم حتى لا يبقى محصورا في دائرة ضيقة تحجم دوره و تقزم شخصه و حتى يكون مرجعا يلجأ إليه استشاريا قبل مرحلة التقاضي ومنافسا بخبرته شركات المحامين العابرة للقارات التي ستهيمن على السوق في أفق 2015 بدخول اتفاقية الكات للخدمات حيز التنفيذ .
إن هذا البرنامج الذي بين أيديكم يتيح لنا فرصا استثمارية و يرسم لنا مستقبلا واعدا .
إنه ليس برنامجا حالما بل واقعيا مبرر الطموح .
إنه لا شك ينقل من ذلك الطور ذا النواقص التي استعرضنا -منذ حين- و يحقق طورا آخر طالما نشدناه و تمنيناه ، وذلك -كما مر سابقا - مالا يتحقق إلا بتضافر الجهود و اتحاد الكلمة . فهيا أيها العمداء و الزملاء و الزميلات لإنقاذ مهنتنا من واقعها الأليم و إحلالها المكانة المنشودة بتصويتكم لي لتحقيق هذا البرنامج الذي أعدكم بأنني لن آلو أي جهد في سبيل تجسيده واقعا ملموسا، و الذي و إن كان غير سهل فإنه غير ممتنع .
عاشت المحاماة حرة مستقلة عاش الصدق و الوفاء و الشفافية عاشت التضحية و البذل و الإخلاص دمتم ذخرا و عونا للحق
و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب. و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته |