وزارة الشئون الإسلامية والحظ المتعثر في الحصول على وزير |
الثلاثاء, 21 سبتمبر 2010 13:43 |
حين أنشئت وزارة الشئون الإسلامية أراد لها الأطر الإسلاميون أن تكون وزارة ذات طابع إسلامي بحت بحيث يكون وزيرها فقيها ومديرها فقيها وتسير على أقدام دينية ودم ديني وهكذا تجاوبت المراسيم الرئاسية مع تطلعات النخبة المثقفة الإسلامية وكان لهم ما أرادو ا فأصبحت الوزارة وزارة إسلامية بلحمها وشحمها حتى أن مجلس الوزراء لم يبخل هو الآخر بجانبه من المودة فعين أمينا عما للوزارة إماما وشيخا بالتسمية إتماما للنعمة. إلا أن ما لم ينتبه له كون الإسلاميون الطامحون للمراكز السياسة يتفرقون إلى مدرستين دينيتين وتيار حركي فالمدارس الدينية تنقسم إلى قسمين ـ مدرسة سنية خليلية ـ ومدرسة خليلية متصوفة وكان بين هاتين المدرستين صراع تشتد حدته في منطقة وتخف في منطقة إخرى إلا أن جوهر الخلاف مصيري و يكاد يكون موحدا إلا في مسائل طفيفة جدا أما التيارالحركي فهو تيار أنجبته السياسة وربته الديمقراطية وتجاهلته الطائفتين ويناصبهما العداوة بل يعتبر الجل من علماء البلد وانتمائهم بضاعة منتهية الصلاحية يحب مصادرتها من سوق المعاملات الدينية والسياسية وكان من الطبيعي أن أي وزير للشئون الإسلامية بمواصفات الطبقة السياسية لا بد أن يكون منتم الأحد ى هذه الطوائف تلقائيا لكونهم هم الموجودون في الساحة السياسية فأول من وصل لهذه الوزارة حسب المعايير المطروحة الإمام أحمد فال أبن صالح . دخل أحمد فال عالم الشهرة إثر خطبه الجياشة عرف عنه اعتزاله للشئون السياسية ودخل الوزارة بحظوته كما يقال ولما استلم زمام السلطة ظهرت عليه أراض انتماء إصلاحي سرعان ما خرج به من دائرة التلميح إلى التصريح باستراتيجة خلع بها عمامة تواصلية على الوزارة وكان أول ما بدأبه بسط النفوذ على قطع الأئمة كجهاز فاعل فاستقرار الوزارة فقام بمؤتمر لرابطة الأئمة على إثره احتل الأمة الإصلاحيون أهم المناصب في رابطة الأئمة وبدأ الأطر الإصلاحيون يسيطرون على المراكزالحساسة وصناعة القرار في الوزارة في خطوة كان ينوي فيها كما يشاع إقصاء غير الإصلاحين بالنظرة التواصلية المعتزة بالذات الرافضة الآخر. وجاء دور الشيخ عثمان ابن الشيخ احمد أبوا المعالي وهو رجل تنطبق عليه المواصفات تماما .دخل الشيخ عالم الشهر من باب علمه الغزير ودخل عالم السياسة من بابها الأوسع من رئاسة أحزاب إلى ترشحات لمنصب رئس الجمهورية عين وزيرا لهذه الوزارة في ظروف استثنائية ولاشك أنه غلبت عليه تربيته التصوفية فالبس الوزارة جبة صوفية بلا تشاور ولا ترد وضع استراتيجة حدد فيها موقفه من خصمه التقليدي (المدرسة السنية ) وغريمه السياسي (التيار الإسلامي ) ففضل إشراك الأول وإن كان ذلك تحت مظلة حزبه إلا أن تعييناته كانت هادفة و تنم عن موقف صريح اتجاه خصومه التقليدين وحلفاءه السياسيين فعين سيد محمد بن الشواف وهو من المدرسة الخليلة الأقل تشددا مع المدرسة الصوفية وعين أحمد بن الباه وهو من المدرسة السنية المتشددة الشيء الذي سمح له بالتحرك بالوزارة في جبتها الصوفية بصباغة علم الدولة في جميع أنحاء الوطن ومكن من تدريس المراجع الصوفية في المساجد السنية كمنهج ترعاه الدولة دون اعتراض ولا مقاومة من الخص التقليدي . وصوب مدافعه شطر مراكز الإصلاحيين فأنشأ رابطة للأئمة تهدف إلى ما يلي : 1 : تجفيف منابع الربطة المحسوبة للإصلاحيين بتحويل التمويلات إلى رابطته الجديدة : 2 جعل الرابطة الوليد ة لواء ابيضا يأوي كل من يعتزل الحرب مع الزير انسحب إليه فيما بعد الجل من الأئمة غير الحركيين 3: حشر المنتمين للفكر الإصلاح في الرابطة القديمة وإحكام طوق الحصار عليهم إلى حين تجريمهم أو إخراجهم من دائر ة الطموحات الوظيفة وإلى الأبد وجاء دور احمد ابن النيني وهو حامل المواصفات بإجماع دخل عالم الشهرة من باب الشاشات الصغيرة وكان معتزلا للسياسة عين وزرا للوزارة كرجل غير منتم لحزب إلا أن للرجل له انتماؤه الفطري فهو من المدرسة الخليلية المتمسكة بتعاليمه على الأقل وصل الوزارة وغبار المعركة فيها الم ينقشع بعد بين المدرسة الصوفية بقيادة الشيخ عثمان وقادة مراكزة حساسة للإصلاحيين لم يخفي السيد أحمد خلع رداء الإمامة الخليلية على الوزارة معلنا بذلك نهاية المعركة من داخل وزارته . وكعادة كل وزير قبله أن التغيير يبدأ من الأئمة أراد أن يصهر الروابط في بوتقة واحدة فوق نار الوعد والوعيد ليصيغ منهم شيئا لم تتحد للوزير معالمه وبما أن الوزير ليس كسابقيه يفتقر إلى أعوان من مدرسته المفقودين في سوق العمالة الموجودون في ذهنه لجئ إلى المخبر القبلي والجهوي ليحدد له صلا حية أفراد من طاقم الوزارة بغض النظر عن انتمائهم فلكل من هذه الفئات خيطه الموصل الألفة والثقة ...الشئ الذي أغضب الأطر في الوزارة ومما زاد الأمر سخونة لهيب بوتقة الأئمة التي بلغت ما تستطيع أن تبلغ من انصهار دون أن يلقي الوزير لذلك نظرا أضف إلى ذلك تذمرات عارمة في صفوف المستفيدين من أشطة الوزارة بسبب عدم العدالة وغير المستفيدين بسبب حجة الإقصاء وهكذا وصل أحمد بن النيني بنفسه إلى الصعيد الزلق الذي سقط فيه من قبله من الوزراء وهنا ندرك أن وزارة الشئون الإسلامية مازالت متعثرة الحظ في الحصول على وزير يتفهم قيمة هذا القطاع الضارب في أعماق التاريخ والمنتشر الجذور في جسم الدولة فنري أن تعين وزير حسب مواصفات الأطر الإسلامية لم يعد إلى مجرد تأجيج لنار الفتنة بين مكونات الجهات المحسوبة على الإسلام وخلق حلبة صراع تتبارى فيها أطراف الصراع دون متفرج ولا مشجع فوزارة الشئون الإسلامية ليست مشكلة فقهية تبحث عن متضلع من العلم ينزل عليها حكما شرعيا ولا هي مباحث علمية تستدعي حشر علماء البلد للنظر فيها بل هي قطاع ينبض بالحيوية والنشاط بحيث يوازي نشاط امتدادها التعليمي نشاط وزاراتي التعليم وتزيد بتصدير مثقفين إسلاميين من الوزن الثقيل إلى العالم و تحتوي على مخزون احتياطي من العلماء قادرا على تغطية حاجيات العالم من المادة العلمية غير الملوثة بالأفكار المتطرف والنظرة التدميرية لمكتسبات العالم التقنية والتكنلوجية الذي يعتبرها الإسلام ملكا إنسانيا مشتركا وبرهانا على قدرت الإنسان على تعمير الأرض وحل مشاكل حياته عليها وتوفير أسباب الراحة لنفسه ذلك هو إنتاج المحظرة التي تتطلب وزيرا قادرا على فهم استغلال قدرات امتداد قطاعه من تكوين أئمة يقومون بدورهم في بث روح الوحدة ويسهرون على تحصين المجتمع من الأفكار الشاذة التي يتجرد الإسلام لمحاربتها كدعاة التفرقة والعقائد الشاذة والعنصرية وغير ذلك من المسلكيات الشاذة التي لا يقبل الإسلام التعايش معها وإعداد علماء يأخذون بدورهم التاريخي في رفع علم البلد في المحافل الدولية والأخذ به إلى دور الريادة في مصاف الدول المتقدمة واسترجاع مكانتنا التاريخية في إفريقيا والعالم العرب والأوربي الذي مازالت معالمه شواهد حاضرة تنم عن مدا قدرتنا على التعايش مع الآخرين وإيصال رسالتنا إليهم بدبلوماسية فائقة . ففي فشل الوزارة هذه السنة في استقبال إفريقيا لدعاتها صفعة قوية في وجه دبلوماسيتنا الدينية التي هي القوي الإحتياطية لدبلوماسيتنا السياسية . ومن الطريف قول أحد اطر الوزارة لأحد رجال الإعلام الرسمي لم لا تذكر صنائع بعثاتنا هذه السنة إلى إفريقيا فسكت الصحفي ولوا كنت مكانه إلا أجبته بما أجاب به أحد الموريتانيين زوجته قالت له : لم لا تغني على أولا تحسن الغناء ؟ فأجابه بقوله: يكفي ما تفعله الرياح . فلوا عرفت وزارة الشئون الإسلامية دورها و أعدنا الثقة إلى أنفسنا وقومنا عبقريتنا وذكائنا الخارق لكنا جدارا مرصوصا في وجه عاديات الزمن ولا ستعدنا ما سلب من حضارتنا دون أن يبتل قدم احد منا ولأعدنا لبلادنا هيبتها العلمية فلا يتجرأ أحد أن تطأ قدمه بلادنا إلا طالب علم |